أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان المغربي - نحو الأناركية















المزيد.....

نحو الأناركية


غسان المغربي

الحوار المتمدن-العدد: 2196 - 2008 / 2 / 19 - 06:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




هناك رأي عام أننا ، لأننا نسمي أنفسنا ثوريين ، نتوقع أن تتحقق الأناركية بضربة واحدة – كنتيجة مباشرة لثورة مسلحة تهاجم بعنف كل ما يوجد و تستبدله جميعا بمؤسسات جديدة حقا . و لنكن صريحين فإن هذه الفكرة لا تفتقر إلى من يؤيدها بين بعض الرفاق الذين يفهمون الثورة بنفس الطريقة . هذه الفكرة المسبقة تفسر لماذا يعتقد الكثير من الخصوم المخلصين أن الأناركية هي شيء مستحيل الحدوث ، كما تفسر لماذا نرى بعض الرفاق ، و هم يشعرون بالاشمئزاز من الوضع الحالي الأخلاقي للشعب و يرون أنه لا يمكن تحقيق الأناركية في القريب ، يتذبذبون بين دوغمائية متطرفة تعميهم عن حقائق الحياة و بين انتهازية تجعلهم ينسون عمليا أنهم أناركيون و أنهم يناضلون في سبيل الأناركية .

من المؤكد أن انتصار الأناركية لن يكون نتيجة لمعجزة ، إنها لن تتحقق على الضد من قوانين التطور ( جوهر التطور أنه لا شيء يحدث بدون سبب ) ، و أنه لا يمكن إنجاز أي شيء بدون الوسائل المناسبة .

إذا أردنا أن نستبدل حكومة بأخرى ، أي أن نقوم بفرض رغباتنا على الآخرين ، فسيكون من الضروري أن نجمع القوى المادية المطلوبة لمقاومة المضطهدين الحاليين و أن نأخذ مكانهم .

لكننا لا نريد ذلك ، فنحن نريد الأناركية التي هي مجتمع يقوم على العقد الحر و الطوعي – مجتمع لا يمكن لأي كان فيه أن يفرض رغباته على الآخرين و حيث يفعل كل فرد ما يريد و يساهم الجميع طوعا في رخاء المجتمع . لكن لأن هذه الأناركية لن تنتصر حتما و على نطاق عالمي حتى يصبح كل البشر ليسوا فقط غير راغبين بأن يُحكموا بل أيضا غير راغبين بأن يَحكموا ، و لن تنجح الأناركية حتى يتفهم الجميع فائدة التضامن و يتعلموا كيف ينظموا طريقة للحياة الاجتماعية بحيث يمكن من خلالها إلغاء أي وجود للعنف و الإكراه . و مع تطور الضمير و التصميم و الجدارة عند البشر و الذي يجد وسائل للتعبير في التغير التدريجي في البيئة الجديدة و في تحقيق الرغبات بشكل يتناسب مع حقيقة أن هؤلاء البشر قد تم تشكيلهم و تحولوا بحيث لا يمكن تجاهلهم ، إن الأمر كذلك مع الأناركية ، لا يمكن للأناركية أن تتحقق إلا شيئا فشيئا ببطء لكن بثبات و هي تزداد قوة و اتساعا . لذلك فإن القضية ليست في أن ننجز الأناركية اليوم أو غدا أو بعد عشرة قرون ، لكن أن نتقدم باتجاه الأناركية اليوم و غدا و على الدوام .

إن الأناركية هي إلغاء استغلال و اضطهاد الإنسان للإنسان ، أي إلغاء الملكية الخاصة و الحكومة ، الأناركية هي هدم البؤس و الخرافة و الكراهية . لذلك فإن أي ضربة تتعرض لها مؤسسات الملكية الخاصة و الحكومة ، كل إعلاء لضمير الإنسان ، كل ضربة توجه للظروف الراهنة ، كل كذبة تكشف ، أي جزء من النشاط الإنساني ينتزع من سيطرة السلطات ، أية زيادة في روح التضامن و المبادرة ، هي خطوة نحو الأناركية . تكمن المشكلة في معرفة كيف نختار الطريق الذي يقربنا بالفعل من تحقيق المثل الأعلى و ألا نخلط بين التطور الحقيقي و بين الإصلاحات الزائفة . لأنه و بذريعة الحصول على تحسينات مباشرة تؤدي هذه الإصلاحات الزائفة إلى صرف الجماهير عن النضال ضد السلطة و رأس المال ، إنها تؤدي إلى شل أفعالهم و تدفعهم نحو الأمل بأن يتحقق شيء ما اعتمادا على طيبة المستغلين و الحكومات . القضية هي في كيف نستخدم القوة القليلة التي نملكها – أن نستمر في التحقيق بواسطة أفضل طريقة اقتصادية ممكنة ، مكانة أعلى لهدفنا .

هناك في كل بلد حكومة تقوم ، بواسطة القوة الوحشية ، بفرض قوانينها على الجميع ، تكره الجميع على أن يكونوا مادة للاستغلال و تحافظ على المؤسسات القائمة ، سواء رغب هؤلاء أم لا . إنها تمنع مجموعات الأقليات من أن تمارس أفكارها ، و تمنع المنظمات الاجتماعية عموما من تكييف أنفسها طبقا ل و حسب التغيرات في الرأي العام . إن مسار التطور الطبيعي السلمي يجري إيقافه بواسطة العنف ، و لذلك فإن العنف ضروري لإعادة فتح هذا الطريق . و لهذا السبب فإننا نريد اليوم ثورة عنيفة ، و سنريدها دوما – طالما بقي الإنسان موضوعا لفرض الأمور على الضد من رغباته الطبيعية . إذا ما تمت إزالة العنف الحكومي فإن عنفنا لن يجد أي مبرر ليوجد .

لا يمكننا حتى اليوم أن نطيح بالحكومة السائدة ، ربما في الغد لن يمكننا أن نمنع ظهور حكومة مشابهة من أنقاض الحكومة الحالية . لكن هذا لم يمنعنا ، و لن يمنعنا في الغد ، من مقاومة أي شكل للسلطة – رافضين دائما أن نخضع لقوانينها حيثما كان ذلك ممكنا ، و أن نستخدم القوة دوما لمقاومة القوة .

إن كل إضعاف لأي شكل من السلطة ، كل اقتراب من الحرية سيكون تطورا نحو الأناركية ، دائما يجب أن ننتزعها – و أبدا ألا نستجديها ، يجب دائما أن تساعد على إعطائنا قوة أكبر في الصراع ، دائما يجب أن تدفعنا لاعتبار الدولة كعدو لا يمكن عقد أي صلح معه أبدا ، أن تدفعنا لنتذكر دوما أن الحد من الأمراض التي تنتج عن الدولة يعني التقليل من سلطاتها و قواها ، و أن الشروط الناتجة يجب ألا يقررها أولئك الذين يَحكمون بل أولئك الذين يُحكمون . ما نقصده بالدولة أي شخص أو مجموعة أشخاص في الدولة أو البلد أو جمعية يملك أو يملكون الحق في وضع القوانين و فرضها على من لا يريدها . لا نستطيع حتى الآن إلغاء الملكية الخاصة ، و لا يمكننا أن ننظم وسائل الإنتاج على النحو الضروري لكي نعمل بحرية ، ربما لا يمكننا أيضا أن نفعل ذلك أيضا في الموجة الثورية القادمة . لكن هذا لن يمنعنا اليوم أو في المستقبل من مواصلة معارضة الرأسمالية و أي شكل من أشكال الاستبداد . و إن كل نصر مهما كان صغيرا يحققه العمال ضد مستغليهم ، كل تقليل للأرباح ، كل جزء صغير من الثروة يؤخذ من الملاك الفرديين و يوضع بتصرف الجميع ، يشكل تطورا – خطوة إلى الأمام نحو الأناركية . دائما يجب أن تخدم قضية دعم مطالب العمال و أن تقوي النضال ، يجب دائما أن تقبل على أنها نصر على عدو و ليس كتنازل يجب أن نقابله بالشكر ، يجب علينا أن نبقى دوما ثابتين في تصميمنا على أن نأخذ بالقوة ، حالما يصبح ذلك ممكنا ، تلك الوسائل التي سرقها أصحاب الأملاك الخاصة من العمال بحماية الحكومة . مع اختفاء حق استخدام القوة و وضع وسائل الإنتاج تحت إدارة كل راغب بالإنتاج ، فإن هذه النتيجة ستكون ثمرة تطور سلمي . لا يمكن للأناركية أن تكون ، و لن تكون أبدا لولا تلك القلة التي تطالب بها و تريدها فقط في تلك الأشياء التي يمكن أن تنجزها من دون دعم غير الأناركيين . هذا لا يعني بالضرورة أن مثال الأناركية لن يحقق أي تقدم أو القليل من التقدم ، لأن أفكارها سوف تمتد شيئا فشيئا إلى بشر أكثر و أشياء أكثر حتى تكسب كل البشرية و كل مظاهر الحياة .

بالإطاحة بالحكومة و كل المؤسسات الموجودة الخطيرة التي تقاوم بالقوة ، بالحصول على الحرية للجميع و معها وسائل تنظيم العمل التي بدونها تكون هذه الحرية مجرد كذبة ، و فيم نناضل نحن للوصول إلى تلك النقطة فإننا لا نعتزم تدمير هذه الأشياء التي سنقوم بإعادة بنائها شيئا فشيئا . على سبيل المثال ، من هذه الوظائف في المجتمع المعاصر خدمة الإمداد بالطعام ، التي تتم اليوم على نحو سيء و عشوائي و مع هدر كبير في الطاقة و المواد و بالاعتماد أساسا على مصالح الرأسمالية ، لكن في نهاية المطاف ، علينا أن نأكل بطريقة أو أخرى . من العبث أن نعمل على تشويش نظام إنتاج و توزيع الطعام الحالي ما لم يمكننا أن نستبدله بواحد أفضل و أكثر عدالة . هناك مثلا خدمة البريد . يمكننا أن نوجه لها آلاف الانتقادات ، لكن في الوقت الراهن فإننا نستخدمها لنرسل رسائلنا ، و سنستمر باستخدامها ، و نحن نعاني من كل نواقصها ، حتى يكون بإمكاننا أن نصلحها أو نستبدلها . هناك المدارس ، و لكن كم تعمل على نحو رديء . و لكننا لا نترك أطفالنا فريسة للجهل بسبب ذلك – رافضين أن تقوم هذه المدارس بالذات بتدريسهم الكتابة و القراءة .

في الوقت الحاضر فإننا ننتظر و نناضل من أجل اللحظة التي سيكون فيها بإمكاننا أن ننظم نظاما من المدارس النموذجية لكي يستوعب الجميع .

من هنا يمكننا أن نرى أنه كي نبلغ الأناركية فإن القوة المادية ليست هي الشيء الوحيد التي تصنع الثورة ، من الضروري أن يقوم العمال ، مجتمعين حسب الفروع المختلفة للإنتاج ، بأن يكونوا في وضع يسمح لهم بضمان استمرار العمل اللائق لحياتهم الاجتماعية – بدون الحاجة أو بدون مساعدة الرأسماليين أو الحكومات . كما نرى أيضا أن مثال الأناركية أبعد من أن يكون في تناقض كما يدعي "الاشتراكيون العلميون" لقوانين التطور كما يثبتها العلم ، إنها مفهوم تناسب هذه القوانين تماما ، إنها النظام التجريبي القادم من حقل البحث إلى حقل التحقق الاجتماعي .

ترجمة مازن كم الماز

ملاحظة
* إيريكو مالاتيستا ( 1853 – 1932 ) أناركي إيطالي ثوري



#غسان_المغربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن النظام الأناركي
- المرأة النمودج : الشهيدتان جانان وزهره قولاق سيز تركيا
- كتابات حول الحدث المهزلة : محاكمة فتاة القطيف السعودية
- غسان كنفاني حارس الحلم الفلسطيني
- غسان كنفاني (ملف شامل)
- لا تحرر للمرأة الا بتحرر المجتمع ولا تحرر للمجتمع الا بتحرر ...
- مسالة قيادة النساء في الحرب الشعبية بالنيبال
- الى كل الزهور اشعار
- الميثاق الوطني للتربية والتكوين
- استخلاصات من كتاب- فلسفة المواجهة وراء القضبان-
- نداء ثوري في سوق البطالة
- الحجاب .. قراءة عقلانية نقدية
- حرية الاعتقاد الديني
- قصيدة مهداة الى الشهيد البطل أرنستو تشي غيفارا
- الانتخابات الراسمالية
- الذكرى السادسةلاستشهاد الرفيق القائد أبو علي مصطفى
- بمناسبة الذكرى 23 لاستشهاد المناضلين بوبكر الدريدي ومصطفى بل ...
- في الذكرى ال 13 لرحيل القائد توفيق زياد


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان المغربي - نحو الأناركية