لعل المبدع، وعلي مر العصور، اكثر من يستطيع تلمس الوجدان الاجتماعي من حوله بحكم حساسيته العالية، وذلك من اجل الذود عن القيم العليا، والدفاع عن انسانية الانسان، عبر ابداعه: سواء اكان شعراً ام نثراً ام لوحة وسوي ذلك ايضاً، ولم تمنعه من ذلك اية اسلاك شائكة، حيث ان تتبع تاريخ الكلمة النظيفة يؤكد لنا، ان هذه الكلمة استطاعت علي الدوام ان توجد لنفسها معابر، كي تصل الي متلقيها، متوارية خلف الرمز حيناً، ومجاهرة حيناً آخر بحسب ما يتطلبه الواقع.
ويعد اللجوء الي عالم الحيوان، واستنطاقه، عبر انسنته ــ بلغة اليوم ــ احد اشكال الالتفاف علي آلة الرقابة، بغرض ايصال المبدع خطابه، اوموقفه الي متلقيه، بل الي السلطان ايضاً، من خلال التعامل مع اطراف حساسة في معادلة شديدة الخطورة ، تفرض عليه الحنكة، كاول ادوات المواجهة، مادام انه لايطيق الصمت ازاء الممارسات الخاطئة جملة وتفصيلا. كما ان العودة الي الموروث الشعبي للشعوب بعامة ، تضعنا وجهاً لوجه امام نماذج بدائية من الامثال، والقصص، والحكايات، والاساطير، التي تنضح دلالات، ولا تتلكأ في قول كلمة الحق، فاسماء حيوانات مثل طاووس ــ ثعلب ــ ذئب ــ كلب ــ عقرب ــ الخ.... تكاد تخرج من دوائر دلالتها الاولي، عبر انزياحات لانهاية لها، حيث تستدعي الي اذهاننا صورا كثيرة من واقعنا كي نتذكر علي الفور: المتغطرس ــ الداهية المفترس ــ الخائن الخ... وعلي التوالي من عالمنا نحن، عالمنا الانساني بعيداً عن هاتيك الدلالات التي ترمي اليها /اسماء الحيوانات السابقة/ لاول وهلة والكاتبة: فاطمة عابدين ــ عبر كتابها المهم برايي ــ تستحضر عوالم اسماء مثل: برزويه ــ بزرجمهر ــ ابن المقفع ــ من خلال عملها المقارني لتتبع تطور مفهوم استنطاق الحيوان، حتي يكون صورة فوتوغرافية، واقعاً، وحلماً، ورؤي، وكان عالم الحيوان هو الاخر هو مرآة عن عالمنا وهو غني ولا نهائي فلا تستنفد رموزه. بل كان مفهوما (كبش الفداء) يتجدد بدوره يوماًُ بعد آخر، ليكون الحيوان اضحيتنا اليومية، دون ان يستنفد البتة، خارجاً عن دوره كمحض عنصر مكمل من حولنا ، ليدخل لجة حياتنا، ويقول كلمته هو الآخر في ما يخصنا شاهداً وشهيداً في آن واحد. وساحاول عبر هذه المراجعة النقدية ــ ما استطعت ــ كما هي علي امتداد الشريط اللغوي التالي وفي كل مايتعلق بمحتويات الكتاب، من اجل تقديم صورة مقاربة من عالم الكتاب لئلا اقوله ما لم يقل، وبعيداً عن البسترة التي قد تعتور مثل هذه الوقفة.
ظهور بيدبا: تورد الكاتبة حرفياً حول ما قاله علي بن الشاه الفارسي: ان الاسكندر ذا القرنين الرومي غزا كل الملوك الذين كانوا في ناحية المغرب، وعندما انتهي منهم اتجه نحو الشرق يريد ملوكه من الفرس وغيرهم، حتي ظهرعليهم، وقهر، وتغلب علي كل من حاربه، وتوجه نحو الصين، فبدا في طريقه بملك الهند وكان للهند ملك ذو سطوة يقال له/فورك/ فاشتبك الجمعان وتبارز القائدان وكانت الغلبة للاسكندر ، فاستخلف علي الهند احد رجاله، واتجه الاسكندر نحو غايته، ويذهب النص إلي ان الشعب ابي ان يملك عليه رجل ليس من اهل دينه، فخلعوا الملك الذي استخلفه الاسكندر، وولوا عليهم رجلاً منهم يقال له /دبشليم/ ولما استوثق الامر لدي دبشليم هذا، طغي، وبغي، وتجبر، وساد الناس بالظلم ــ كذاــ واستمر علي هذا برهة من الزمن إلا ان فيلسوف البراهمة، الفاضل الحكيم، وبعد مشاورة تلامذته قرر مصارحة الملك بالحديث عن واقع مطالبه، وبعد الالتقاء به اوغر حديثه صدر الملك عليه، فاغلظ في الجواب عليه وقال:
ــ لقد تكلمت بكلام ما اظن احداً بمملكتي يمكن ان يستقبلني بمثله، ثم امر ان يقتل ويصلب، ولكنه احجم عما امر به، وامر بحبسه وتقييده ص 5ــ 6ــ
ثم يعدل فيما بعد عما قرره، بعد ليلة من الارق الشديد، ليشعر انه قد اخطا في حقه، كي يستوزره و امر ان يصعد علي راسه تاج، ويركب، ويطاف به في المدينة، ثم جلس بمجلس العدل والانصاف، وجعل من ذلك اليوم عيداً وطنياً لاتزال الهند تحتفل به حتي اليوم ثم يطلب اليه الملك تاليف كتاب (مشروع ينسب اليه وتذكر فيه ايامه فيستمهله بيدبا عاماً، ليؤلف كتاباً من اربعة عشر باباً، من بينها باب بعنوان: كلية ود منه ــ جعل كلامه علي ألسنة البهائم والسباع والطير ليكون ظاهره تسلية للخواص والعوام وباطنه رياضة لعقول الخاصة ونادي الملك الناس في اقاصي البلاد، ليحضروا قراءة الكتاب وفي ذلك اليوم امر ان ينصب لبيدبا سرير مثل سريره وكراسي لابناء الذوات ولبس بيدبا الثياب التي يلبسها اذا دخل علي الملوك.
وساله الملك:
ما عدوت الذي في نفسي يا / بيدبا/ وهذا الذي كنت اطلب، فاطلب، فحوائجك مقضية: فقال بيد با:
ــ ان يامر الملك ان يدون كتابي هذا كما دون اباؤه واجداده كتبهم، وان يامر عليه، فاني اخاف ان يخرج من بلاد الهند، فيتناوله اهل فارس، وامرالملك الا يخرج من بيت الحكمة ابداً.
فارس وسرقة كليلة ودمنة:
تبين المؤلفة ان كسري انو شروان كان مهتماً بامور التاريخ والعلم وسمع بنبا هذا المؤلف، فاستشار وزيره بزرجمهرحول كيفية الحصول علي هذا المؤلف، فدله/ برزويه الاديب المعروف بصناعة الطب، الذي استطاع الذهاب الي بلاد الهند فتعرف علي خازن الملك الذي يحمل مفاتيح خزائنه فاطلعه علي الكتاب، فقراه برزويه ونقله من اللسان الهندي الي الفارسي، وقفل عائداً الي بلاده ليعلم انو شروان الذي اراد ان يكافئه بان تفتح له ابواب الخزائن ويأخذ ما يريد من اللؤلؤ والزبرجد والياقوت والذهب والفضة فقال برزوية: لاحاجة لي با لمال.. لكن طلبت من الملك حاجة يسيرة، وفي قضائها فائدة كبيرة وهي ان يامر الملك وزيره بزرجمهر ان ينظم تاليف كلام محكم متقن يجعل لي فيه باباً يذكرفيه امري، ويصف حالي، ويجعله اول باب من ابواب الكتاب قبل باب الاسد والثور، فلبي له الملك مطلبه ، فكتب بزرجمهر في وصف برزويه منذ ان دفعه ابوه الي العلم حتي ذهابه الي الهند، وحصوله علي الكتاب.
ابن المقفع:
اسمه روزبه بن داذويه، تولي والده خراج فارس من قبل خالد بن عبدالله القسري اميرالعراقين واتهم بالاختلاس من اموال الدولة فامر به يوسف بن عمر الثقفي الذي تولي امارة العراقين بعد خالد، فاعتقل وضرب علي يده، حتي تقضعت اي تشنجت، فقيل لعبد الله ابن المقفع والمقفع هذا فارسي الاصل نشا في الاهواز، ومات علي دين قومه، وولد ابنه في / جور/ ونشا علي مجوسية ابيه مثقفاً بثقافة الخاصة من بني قومه، مستعرباً متضلعاً في اللغة العربية، وادابها وقد تبع الولد سنة ابيه، واتخذ صناعته قواماً لمعيشته فكتب لكثيرين، منهم عيسي بن علي حيث اسلم علي يديه و كان ابن المقفع قد نقل مؤلفات كثيرة من الفهلوية الي العربية الا انه لم يسبق منها غير كتابه كليلة و دمنة، ما يغير اسلوب ابن المقفع انه كان فصيح اللسان كما تري المؤلفة ضليعاً في ادب العرب و الفرس مقدماً في بلاغة اللسان والكلام و الترجمة واختراع المعاني وابتداع السير وقد استخلص من الاسلوب الفارسي العربي طريقة في الكتابة عرفت به، واخذت عنه وكان ابن المقفع معروفاً ـ باخلاقه الرفيعة وكرمه، وسجاياه الكريمة من مروءة وحكمة، ورصانه، واباء وتذكر المؤلفة ذلك موقفه النبيل والجرئ مع عبدالحميد الكاتب بعد ان دالت دولة بني امية، وقتل مروان بن محر آخر خلفائهم، حيث ضبطته الشرطة مع عبد الحميد الكاتب في منزل واحد، فسالت ايهما هو الكاتب.فاجاب ابن المقفع: انه هو ــ خوفاً علي صاحبه، لكن عبد الحميدالكاتب ابي ان يقتل صاحبه فداء له، فأبان حقيقة شخصيته فاعتقل، ثم قتل، ولكن نهاية ابن المقفع لم تكن بافضل من نهاية صديقه، ورغم تعدد الروايات حول قصة مقتله، الا انه قُتل نتيجة موقف سياسي علي يد سفيان بن معاوية المهلبي بايعاز من المنصور نفسه.
كليلة ودمنة:
تبين المؤلف ان هذا الكتاب من اقدم كتب الادب واكثرها تداولا وانتشاراً علي اختلاف النزعات واللغات لما فيه من فوائد مما يحتاج اليه الناس في معاملاتهم كوجوب الامتناع عن سماع كلام الساعي، والنمام، ووخاصة خاتمة الاشرار الخ....
وتبين ان هناك ترجمات كثيرة للكتاب منها: الترجمة التبيتية والفهلوية عام 560م، والسريانية عام570م والعربية في العام نفسه، وهي اهم ترجمة للكتاب اذ نقل عنها العديد من الترجمات منها: السريانية الثانية، الفارسية الحديثة، والتركية، والعبرانية وتؤكد المؤلفة قضايا عديدة علي من يريد قراءة هذا الكتاب:
1 ــ ان لاتكون الغاية التصفح بل يشرف ويتمعن في كل ما يتضمن من امثال.
2 ــ ان لا يضجر، ويلتمس جواهر معانيه.
3 ــ ان يعرف ان للكتاب اهدافاً منها انه وُضع علي السنة الحيوان وكي يسارع اهل الهزل والشبان لقرائته كي تستمال به قلوبهم، ولتلوين خيالات الحيوانات بالالوان والاصباغ ليكون آنساً ونزهة في هذه الصورة وان تقراه العامة والخاصة فيكثر انتساخه فلا يبطل ولا يخلق، وان يقراه العلماء والفلاسفة.
يعتبر جان دولافونتين وهو من الشعراءالمتميزين في القرن السابع عشر (1621ــ 1699) وواسع الخيال رشيق الجمل والعبارات عذب الموسيقا، احس باكراً بجمال الشعر الطبيعي، تتلمذ علي هوراس ــ فيرجيل ــ وعلي عدد من الشعراء الريفيين وقدم اعمالاً تنتمي الي مواضيع مختلفة منها ادب الرحلات الروايات النثرية.
وقد لجا لافونتين الي عالم الاسطورة واستنطاق الحيوان علي خطا ايزوب من خلال تلوين الحيوان بالطبيعة البشرية، فالثعلب علي سبيل المثال: ممالق ــ خطم رفيع متطاول، عينان براقتان وتدلان علي انه محتال كبير، غزير الفرو،رائع الذيل، لكنه لا يمتلك موهبة الشجاعة، يفضل الحيلة علي العنف، ويناي عن الخطر، فالممالق يحب ان يكون ذكياًولطيفاًَ،وهلمجرابالنسبة الي الاسد ــ الهر ــ الضفادع ــ الحمار الخ....
صحيح كما انه تري المؤلفة انه احياناً لايعرف بعض الحيوانات التي يتبادلها، اذيطلق علي الافعي اسم حشرة، وهي تردف بالقول: انّا لا نريد منه ان يكون عالم حيوان، انه اذ يركز علي عالم الحيوان، فهذا الحيوان يمثل الانسان الذي يضعه في ا لمشهد بشكل خفي، فهو بذلك يلون اخلاقاً بلونها، وهو متشائم بهذا التلوين للقيم الانسانية، فهو يصّور انانية الانسان، خبثه في الصغر وخوفه من الموت عند الكبر، وتقول المؤلفة حرفياً ايضاً: اذا اردنا ان نتعمق ونذهب بعيداً نري فيه كما يري الشاعر(تين) سان سيمون جديراً اراد ان يرمز للويس السادس عشر بالاسد والامراء والحاشية ببقية الحيوانات.
بين ابن المقفع ولافونتين:
ضمن هذا الفصل الاخير تقول المؤلفة حرفياً: لو امعنّا النظر فيما جاء فيه ابن القفع ولافونتين، لوجدنا ان الكاتبين عالجا مواضيع سادت في عصر كلٍ منهما، وواقع حياته الاجتماعية، مواضيع عبّرت عن روح العصر، وحملت اهدافاً نبيلة في رفع الحيف عن المظلومين وتحذير الحكام المستبدين، وغرس القيم والاخلاق النبيلة والتربية الاجتماعية.
ثم تقول: ورغم الخلاف بين العصرين من حيث البعد الزمني، فان هناك ميّزات خاصة لزمت كل واحد منهما، فابن المقفع ترجم كتابه، وترجم عنه في حوالي القرن العاشر الميلادي الترجمة اليونانية للكتاب في عام (1080) م بينما عاش لافونتين الفترة بين (1621ــ 1695) م وبين الزمنين حوالي (600) عام، فقد كانت الترجمة اليونانية لكتاب ابن المقفع عام (1080)م الي اللاتينية واول ترجمة فرنسية كانت من قبل جبرائيل كوتيه وطبعت في لندن عام (1556)م اما من اقدم علي نشرها كاملةً فهو البارون سيلفيستر دوساسي، فطبعها في باريس سنة (1816)م وارفقها بفصل عن اصل الكتاب، وكان ذلك بعد عصر لافونتين اي في القرن التاسع عشر، كما يدل علي ان لافونتين لم يتاثر مباشرةً بكتاب ابن القفع بل بمن سبقه من الكّتاب الاغريق، كذلك كان اسلوب لافونتين من صميم اللغة الفرنسية اصالة وعراقة حتي انه التزم ببعض المصطلحات والتعابير (القديمة) ورغم اعتماده علي السلف في قصصه فانه كما قال عن نفسه فقد ظهرت فيه شخصيته بشكلٍ واضح.
وتري المؤلفة :ان كلا المؤلفين جعل حكمته علي السنة الحيوانات والناس، اتخذها نموذجاً لانماط البشر، فجمع بين طبيعة الانسان ومزاياه مع طبيعة الحيوان وغرائزه، فاسقط كل منهما بعضاً من الصفات الانسانية علي الحيوانات (ابطال اساطيره).
وكان ابن المقفع هو الاسبق في هذا المضمار فقد انتشرت ترجمات كتابه ــ كليلة ودمنة ــ في كل اصقاع الارض فلا بد ان يكون لافونتين قد وصلت اليه، او اطلع علي ترجمتها، واذا كان ابن القفع اعتمد النثر كاقصر الطرق للوصول الي بغيته، الا ان لافونتين قد التزم الشعر، فالشعر ينبجس صافياً من قلب الشاعر مهيئاً للبيان، فينهض له الشاعر بنشاط يجرده من الاوراق التي تمازجه، ويهديه للقارئ انشودة رائعة.
وتري المؤلفة في الختام: ان ابن القفع ولافونتين قد قدما للانسانية تراثاً زاخراً، ثراً غنياً، يفيض عبِراً واخلاقاً ومبادئ قدمت فوائد للعامة والخاصة، لا تزال المجتمعات تحتاج اليها حتي يومنا هذا مما اكسبها صفة الخلود والاستمرار سواء اصيغت نثراً او شعراً، افادنا مغزاها يتضمن الكتاب ملحقاً بالهوامش والشروح والحواشي حيث تقوم بشرحها سواء اكانت اسماء اعلام وشخصيات ام مذاهب تفيد القارئ، وتغنيه عن العودة الي العديد من الكتب المختصة.
كما انه يفرد لاسماء الحيوانات الواردة في الكتاب ملحقاً آخر، يسهب بالحديث عن اشكالها، وسلوكها، اما الملحق الاخير فتخصصه المؤلفة لشرح معاني المفردات والتعابير في كليلة ودمنة.
ان قارئ الكتاب سيشعر لا محالة، انه امام جهد واضح، بذلته المؤلفة، حيث نقبت بطون بعض الكتب، من اجل تقديم مادتها، وهذا ما يغني الدارس في هذا المجال عن العودة الي الكثير من المراجع، وهذه نقطة مضيئة تسجل في صالح الكتاب والكاتبة.
بيد ان كل هذا لايمنع من تسجيل عدد من الملاحظات علي هذا الكتاب:
1 ــ غياب المنهج النقدي المقنع في هذا الكتاب.
2 ــ علي الرغم من ان العنوان يوحي بمقارنيه مابين ابن المقفع ولافونتين، الا اننا لا نجد ان المادة المخصصة لهذا المجال لا تتعدي ثلاث صفحات في احسن الاحوال
3 ــ كان من الممكن ان تستزيد الدراسة في المراجع والمصادر بغرض اغناء مؤلفها باكثر، لان المراجع المثبتة في نهاية الكتاب لا تتعدي ثلاثة مصادر فحسب، اثنان منهما عن لافونتين، ولا يعني الكلام من قبلنا اننا ندعو الي التوليف، او استعراض آراء الآخرين، وتغييب صوت المؤلفة.
4 ــ لم توفق المؤلفة في عنونات الكتاب، حيث هناك بعض العناوين كان من الممكن ان تختصر في محض عنوان واحد: كما في: بين ابن القفع ولافونتين الذي يتكرر وان كان الثاني منها يخصص بالتقليد في الادب.
5 ــ غياب التحليل في بعض المواقع، بل ان القارئ ليجد قفزاًواضحاً احياناً، فعلي سبيل المثال ان ما جاء بخصوص حياة لافونتين وعصره ودواعي تخيّره لهذا المجال من الكتابة لم يكن كافياً، ناهيك عن اغفال دوافع ابن قتيبة للتوجه الي عالم الحيوان وهي نقطة رئيسة لا يمكن تجاهلها لمجرد ذكر اسم هذا العلم البارز، ناهيك عن ضرورة الربط بين مواقف ابن المقفع الحياتية ونهايته كشهيد للموقف، والكلمة، والراي ازاء السلطة السياسية اذ كان يمكن ان يبرز علي نحو اوضح بما يخدم مضمون هذا الكتاب ويعطيه الآفاق التي اختارت موضوعاً في غاية الحساسية والاهمية وهذا كله لا ينفي اعترافنا بتمكن المؤلفة من تشكيل مقاربة مهمة من عوالم ابن المقفع علي وجه الخصوص وبكثير من الجدية والفهم.