أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - اختلاف مفردات اللغة وآليات الحوار بين السياسي والمثقف!!.















المزيد.....

اختلاف مفردات اللغة وآليات الحوار بين السياسي والمثقف!!.


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 679 - 2003 / 12 / 11 - 05:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اللغة أداة للتعبير وسمة من سمات تكون القوميات وهي أداة التفاهم بين أبناء القومية الواحدة، وتجد هناك اختلافاً بأداة التعبير بين طبقات وفئات المجتمع. وكذلك فأن المهنة تفرض حضورها كأداة استخدام عند المحادثة، فمثلاً هناك (لغة خاصة) للسائقين؛ والحلاقين؛ والسياسيين؛ والمثقفين..الخ تستخدم فيها مفردات خاصة لا يمكن أن يجيدها من هو خارج عن محيط المهنة.
ويمكن للمرء بسهولة أن يميز بين حديث الإنسان العادي وحديث ممتهن السياسة أو الثقافة، ومن الصعوبة بمكان أن يجيد المرء كامل المفردات في (لغة ) أصحاب المهن.
وعليه فالأجواء المهنية تفرض (لغتها ومفرداتها) على المحيط، فمثلاً عند مجتمع السائقين على المثقف أن يصمت أو أن يجيد استخدام لغتهم. وفي حال استخدام المثقف لغته المهنية في ذاك المحيط فأنه يعرض نفسه لشتى أنواع الاستهزاء والتعلق والعكس هو الصحيح.
ويختلف الأمر بالنسبة للمثقف مع السياسي، لأن المثقف يجيد السياسة ويمتهن الثقافة لأن مهامه هو الانحياز إلى مطاليب المجتمع التي في معظمها مطاليب ذات منحاً سياسي وبالتالي فإنه يجيد لغة السياسة. وبالضد من ذلك نجد السياسي ممتهن السياسة ولغتها لكنه يعاني (في الأغلب الأعم) من تدني ثقافته وبالتالي فإنه لا يجيد لغة المثقف.
ولم يسجل التاريخ اتفاقاً حدث بين السياسي والمثقف، بسبب اختلاف اللغة واختلاف استخدام المفردات وأدوات التعبير. فأداة التعبير  عن اختلاف الرأي لدى المثقف هو القلم، وأداة التعبير لدى السياسي هو السوط!! وعلى مر العصور كان السوط يُخضع القلم لسطوته، ولكن بالنتيجة لم يحقق انتصاراً للسياسي بل العكس كان الانتصار في النهاية من نصيب المثقف.
وعندما نبحث في أورقة التاريخ عن السياسي سنجده هو وسوطه في مزبلة التاريخ، ونجد هناك أمجاداً سطرت للمثقف على صفحات التاريخ.
مفردات لغة السياسي وآليات حواره:
تعتبر لغة السياسي بحكم المهنة لغة أمر؛ وقهر؛ وقسر؛ وفرض؛ ومؤامرة؛ واغتيال؛ وتصفية؛ وقتل؛ وتدمير؛ وإرهاب، وكل تلك المفردات بحاجة إلى أدوات لتطبيقها والتي يسعى السياسي (بكل جهده) عبر السلطة لاقتنائها وهي: السوط؛ والشرطة؛ والمخابرات؛ والسلاح؛ والسجن؛ وأعواد المشانق؛ وحثالات تجيد استخدام تلك الآليات، وكل تلك الآليات والأدوات يستخدمها السياسي لأجل إخضاع النخبة الأساس في المجتمع.      
ويعبر ((عبد السلام العالي)) عن لغة السياسة بقوله: أنها لغة فاشية بمعنى مزدوج، فهي ككل لغة تتسم بالحزم والتقرير وتبعية التكرار والاجترار. ثم أنها إضافة إلى ذلك تتميز بترديد نماذج متحجرة وشعارات مكررة وعبارات جاهزة، وبرغبة ملحة في التوجيه والحث والإرغام. لغة السياسة بالضبط لغة الأمر: أي لغة النظام والإرغام. أنها لغة عسكرية في جوهرها.
ويسعى السياسي إلى تحقيق مجده الشخصي من خلال استغلال جهود الآخرين وإخضاعهم بشكل قسري إلى أرادته من أجل تحقيق ذاته الهشة. وأغلب الطغاة في العالم من السياسيين، ومجمل الحروب التي دفعت ثمنها الإنسانية قررها السياسيون. ويتفاخر معظمهم بالنصر، وفي كسب المعارك وقهر (الأعداء) والمناوئين.
ويجد ((فالتر بنيامين)) أن من خرج منتصراً (كائنا من كان) يشارك في موكب النصر، يخطو كأحكام اليوم على أجساد من سقطو في الميدان.
وإذا لم يجد السياسي أسباباً لشن الحروب، يعمل على خلق (أعداء وهميين) ليمارس سلطته. وتلك السلطة قد تستخدم آليات أخرى للإطاحة بالمناوئين وذلك من خلال تشريع قوانين (صورية) لإرهاب المناوئين.
لذا فأن السياسي يجب أن يخضع للمراقبة المستمرة شأنه شأن (المجرم الخطر) بغية المحافظة على الاستقرار وتأمين حياة كريمة للمواطنين، وهذه الرقابة المفترضة يجب أن تكون صارمة، وتفرضها سلطة أعلى وهي سلطة المثقف.
 مفردات لغة المثقف وآليات حواره:
تتسم هذه اللغة بالإنسانية ومفرداتها هي: الحب؛ والجمال؛ والسعادة؛ والحرية؛ والمساواة؛ والتضحية..وغيرها، وهذه المفردات تتناقض مع مفردات السياسي. وآليات المثقف هي: القلم؛ والصحافة؛ والأعلام؛ والتظاهر؛ والاحتجاج..وغيرها. وهي آليات يخشاها السياسي ويتعامل معها بعنف كونها تعري سلوكه وتفضح استغلاله للبسطاء من الناس.
وقد يعمل السياسي على مهادنة المثقف عندما لا تكون الأجواء العامة لصالحه، ولكن حين تتهيأ له الفرصة ويشعر بتهاون وضعف المثقفين يمارس أبشع الأساليب للانتقام منهم.
 لذا يتوجب على المثقف اليقظة والحذر بشكل مستمر ومراقبة السياسي وسلوكه، ولا يأمن لمساحة الحرية المتوفرة، وعليه العمل بشكل مستمر على توسيع هذه المساحة بغية تحجيم المساحة التي يناور من خلالها السياسي وعدم فسح المجال له للانفراد بالسلطة.
ويجد ((سوف عبيد)) علينا أن لا نهادن النعيم في الجنة، وأن نفضح زبانية التعذيب في جهنم.
فالمثقف يجب أن يعزز سلطته الرابعة من خلال الاحتفاظ باستقلاليته الفكرية، لأن السياسة ( التحزب) تفسد المثقف وتلغي إبداعه وتجعل منه إنساناً تابعاً للسياسي ومروجاً لسقطاته.
ويعتقد ((عبد السلام العالي)) أنه تبين للمثقفين أن ممارسة السياسة غالباً ما تجمد الفكر وتفقر الواقع وتضعف النقد وتعطل العمل.
فكلما كان ولاء المثقف للثقافة، كلما تعزز موقعه في المجتمع وأصبح صوته أكثر طغياناً من صوت السياسي. ففي البلدان المتقدمة نجد هناك سطوة للمثقف على السياسي، ويتحاشى السياسي الاحتكاك بالمثقف بل يعمد إلى التقرب والتودد إليه وإلى أهدافه وتلبية مطالبه.
وفي مقابلة أجرها التلفزيون السويدي في أواسط التسعينيات من القرن المنصرم مع عدد من السياسيين والمثقفين من أجل مناقشة كيفية العمل على تقليل نفقات الدولة بغية تغطية عجز الموازنة. وقُدمت في هذه الندوة التلفزيونية عدة مقترحات، ولكن المقترح المثير للجدل قدمه أحد السياسيين وهو عضواً في البرلمان السويدي وممثلاً عن حزب المحافظين ( وعمره لا يتجاوز 23 سنة آنذاك).
 ويتلخص الاقتراح: أنه يوجد في السويد عشرات من المكتبات العامة، وأن الرواد من الناس لهذه المكتبات ليس كبيراً. وهذه المكتبات تكلف الدولة السويدية ما قدره 2.5 مليار كرونه سويدية سنوياً، وعليه يمكن إغلاق نصف هذه المكتبات العامة وتسريح موظفيها لتوفير ما قدره 1-1.5 مليار كرونة سويدية سنوياً لتغطية جزءً من عجز الموازنة العامة.
وبعد أن أنهى السياسي اقتراحه، تصدت له في الندوة إحدى المثقفات السويديات بقولها: أنا لا اعرف لماذا لا تربط  الحكومة السويدية الكلاب السائبة وتتركها تنهش الناس دون أي مبرر؟ وأضافت أنها منسحبة من هذه الندوة التلفزيونية لأنها لا يمكنها الجلوس مع أحد الكلاب السائبة!!.
وقد احتج السياسي (بشدة) على هذه اللهجة القاسية وقال أنه مجرد اقتراحاً ولا يتطلب رد الفعل القاسي هذا، وكذلك تصدى له الآخرين في الندوة التلفزيونية. ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد، بل أن الصحافة في اليوم التالي شنت هجوماً عنيفاً على هذا السياسي ووصفته (بالغبي) وطالبت حزبه بالاعتذار.
وعقد رئيس الحزب ( وهو نفسه رئيساً للوزراء) لقاءاً صحفياً، أعلن فيه اعتذاره للثقافة والمثقفين السويديين عن ما ورد على لسان زميله في الحزب. وأضاف إلى أن زمليه عبر عن وجهة نظره الخاصة، وأن زميله مازال صغير السن وليس لديه خبرة كبيرة، لذا سيعمل الحزب على إدخاله عدة دورات تأهيلية كي يكتسب الخبرة اللازمة. 
وبالرغم من اعتذار السياسي ذاته وإعلانه عن سحب الاقتراح، فقد واصلت الصحافة وعلى مدى عدة أسابيع في مهاجمته ووصفه (بالغبي).
ونطالب بأن يكون للمثقف العربي (والعراقي خاصة) ذات السطوة والشجاعة في مواجهة السياسي، ويجب على المثقف أن يستعيد المبادرة وأن يكون له صوتاً أعلى من صوت السياسي.
وهذا الأمر ، لا يتحقق سوى بسلطة قوية وموازية لسلطة السياسي ألا وهي السلطة الرابعة التي تعتبر الآلية والأداة التي يمكن يستخدمها المثقف بشكل فعال ضد هيمنة السياسي على مرافق ومؤسسات الدولة والمجتمع.
ولا تُعزز السلطة الرابعة إلا بالمثقفين الحقيقيين اللذين يشعرون من أعماقهم أنه لا عودة لسياسة القهر والاضطهاد التي مارسها السياسي ضد المجتمع بشكل عام والمثقف بشكل خاص.    
ستوكهولم بتاريخ 9/12/ 2003.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مساهمة موقع الحوار المتمدن من وإلى أين خلال عام من التجربة!!
- رؤية في الأدب الملتزم وغير الملتزم
- مقتطفات من مسيرة المثقف العراقي في الساحة السياسية!!
- الحكام العرب وديناصورات الأحزاب السياسية بين الحقيقة والواقع ...
- المثقف والسلطة
- الناقد والنقد الأدبي
- المنظومات الشمولية وصراعها مع المثقفين
- المرجعيات السياسية والثقافية في الوطن العربي بين الحقيقة وال ...
- إشكالية المثقف والسياسي
- الأدب الإنساني وموقف الأديب
- حرية الإبداع في النظامين الشمولي والديمقراطي
- موقف المثقفون العرب من خطاب السلطة والمجتمع
- مناقشة وتحليل لنظام الشرق الأوسط الجديد(*)4-4
- مناقشة وتحليل لنظام الشرق الأوسط الجديد 3-4
- مناقشة وتحليل لنظام الشرق الأوسط الجديد2 -4
- مناقشة وتحليل لنظام الشرق الأوسط الجديد1-4
- الوجهان المتناقضان للولايات المتحدة الأمريكية في العالم!!
- الإنجازات والاخفاقات لمجلس الحكم الانتقالي في العراق
- تنويه- مجلس الحكم الانتقالي يحث الأحزاب على عدم استغلال مواق ...
- المستقلون من المثقفين وخيارات المواجهة مع قيادات الأحزاب الع ...


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - اختلاف مفردات اللغة وآليات الحوار بين السياسي والمثقف!!.