أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أحمد الخمسي - قراءتين في -كتاب الأمير-















المزيد.....

قراءتين في -كتاب الأمير-


أحمد الخمسي

الحوار المتمدن-العدد: 2189 - 2008 / 2 / 12 - 10:09
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


1. بصيغة نيكولا ماكيافيللي

ينزل عدد الأيام إلى السوق، وقد ازدحم الناس في أروقة معرض الكتاب بالدار البيضاء. أتذكر أن الودود صلاح الوديع وعدني في الدورة السابقة أن يسلمني نصا إبداعيا شرط عدم نشره، ولم تمر أياما إلا وقد فعل. فقرأت متأثرا بحمولته الإنسانية. والتزمت بعدم إفشاء توصلي به. وأصدقائي يعلمون أنهم يجهلون أنني بعد عام لم أبح لهم بذلك التزاما بالوعد الذي قطعت لصلاح.

واليوم، وأنا على بعد يومين من العودة من الحسيمة حيث حضرت توقيع كتاب محمد النضراني حول "ابن عبد الكريم"، هتفت حكيمة في المحمول لتلفت نظري لبرنامج زاوية كبرى في قناة الدوزيم، لعرضه أربعة وزراء سابقين في الحكومة المنتهية ولايتها مباشرة بعد انتخابات 7شتنبر الأخير. ولما انتهى البرنامج، كتبت "إيسيميس" إلى الصديق رشيد الطالبي بعبارة موجزة أخبره أنني شاهدت الدوزيم. وكعادته، لم يتأخر رشيد عن المهاتفة. تبادلنا التعليق حول تفاصيل البرنامج. ثم انتقل ضمن الاحترام المتبادل إلى التعليق على دور الناس في العمل ضمن الشأن العام. ولربما يشعر بقلة مردودية العمود الصحفي مقارنة مع خدمة الناس من موقع المنتخب والتعبئة لرفع مستوى العمل السياسي لمواجهة ما أصبح بمثابة "قميص عثمان" أو "لحية العثماني" بالصيغة المغربية. ولربما من باب التقدير والحرص، اعتبر أن أحمد له طاقة أفضل من العمود الصحفي ولو أنه لم يستصغر دور العمود الصحفي. لقد شرحت لرشيد العقلاني عزة النفس التي تشترط الانتقال عبر الطاكسي إلى الحسيمة وكل المواقع المهمشة في صمت وبعيدا عن المواكب الرسمية أفضل من ركوب عربات القطار الموسمي. وقد أتت المقاربة التحليلية بين كتاب الأمير الطالياني وبين كتاب الأمير المغربي مناسبة لإعادة رسم مربعات الاشتغال. وكما يعلم رشيد فالصداقات التي احتفظ بها تمتد من العدل والإحسان إلى رفاقي كل أطياف اليسار إلى كل الطيبين في الصفوف الليبرالية والوطنية والأصولية والبيروقراطية.

أنا أميز بين طيبوبة الأفراد ومودتهم ونبل أخلاقهم وبين النظام السياسي والاقتصادي. ففي الوقت الذي أكن فيه المحبة لشخص محمد بن الحسن بن محمد بن يوسف بن الحسن ولإخيه وأخواته ولعمته المزدادة بمدغشقر، الأميرة الغريبة، أتخذ من النظام مسافة ضمن هذا المغرب الساشع. فالجبال الشامخة والصحاري الوسعة والشطآن الطويلة محل حسد من أنظمة سياسية مجاورة وبعيدة وموضوع مناورات واستراتيجيات. ويكفيني أن أحصل من المغرب "قد العمر قد الصحة". لقد صرحت في الحسيمة أنني مستعد أن أجد نفسي في تازمامارت أو درب الشريف مرة أخرى من أجل مغرب فيدرالي يوزع السلط بين مناطقه التاريخية التي دافعت بالتناوب عن استقلاله وترابه وشرعيته. فإذا كان السيد فؤاد على الهمة محتاجا لرد الاعتبار للرحامنة عن فترة مولاي عبد العزيز فلست سوى فجد بناتي من السراغنة، ولو أن القبلية ليست منطلقا سليما لخدمة الشأن العام الحديث. ولكي يحتفظ المغرب بقوته من المفروض أن يحتفظ بتوازن عطاءاته. كل مرحلة مرحلة. لكن التذكير بهذه "العقود الراشية" من الأهمية ليعرف الناس أن الحداثة تقتضي الالتزام بالأسس العصرية ما دامت الدولة ترفع فوق رأسها سقف الحداثة والديمقراطية. كما أن الحداثيين ليسوا مقطوعي الجذور التقليدية. لكن المشتغلين على الأسس التقليدية من الناحية الديمغرافية وحدهم المسؤولون عن التجديد غير المتوقف للأسس التقليدية للفكر والعمل السياسي الأصولي المسيس للدين والمستثمر للتدين مع ما تعرفه سوق الإيديولوجيا من ارتفاع في أسعار الشعارات العاطفية للناس. وكما لا يحق إقحام المؤسسة الدينية في الحلبة السياسية كذلك لا يحق إقحام المؤسسة الملكية لتغليب ميزان القوى الانتخابي أو الاقتصادي ولا المؤسسة القبلية. وإلا ما المانع من تأجيج المشاعر الدينية قصد اكتساب الشرعية للمشاريع السياسية.

2. بصيغة ابن عبد الكريم

بين الثاني والثامن من الشهر الثاني من العام الثامن من الألفية الثالثة مسافة أسبوع، وهي المدة الزمنية التي كان يقطعها الرقاص والزطاط ليصل البريد ما بين الساحل المتوسطي أو بحر الروم وبين سهل الشاوية حيث الدار البيضاء.

ومثلما اعتقد عبد الكريم الخطابي من كونه سبق عصره ولعب دوره قبل زمانه السياسي الفعلي، فكذلك كان النضراني عندما عرض كتابه حول الأمير ابن عبد الكريم قبل افتتاح الدورة الرابعة عشرة لمعرض الكتاب بالدار البيضاء مدة أسبوع قبل مبادرة وزارة الثقافة برمتها.

والمفارقة في الوضع العام، هي ثقل البيروقراطية في المؤسسات الرسمية، مقارنة مع انطلاق الفعل الثقافي في المجتمع وتدفق الطاقات التي تفوق قوتها لتستجيب لمتطلبات التنمية الإنسانية بكل مقوماتها الرمزية والمادية على خط سواء. مقابل التنمية البشرية ذات المعنى الاستيلابي الوظيفي العبودي الذي يستعمل الكائن البشري وسيلة للآلة التكنولوجية والميكيافيلية السياسية الاستغلالية. وهذا التمييز النقدي في تبيان التفاوت بين وصفي البشري والانساني في التنمية الثقافية والحضارية من صلب المنتجين لتقارير الأمم المتحدة نفسها، من طرف نادر الفرجاني، أحد المساهمين في تقارير التنمية البشرية على صعيد العالم العربي.

كان المركز الثقافي والاجتماعي في الحسيمة يوم الثاني من فبراير الحالي على موعد من تقديم كتاب محمد النضراني، الكاريكاتوريست بجريدة الأيام. اعتقدت منذ البداية وقد انتدبت من طرف أسبوعية الأيام لقراءة كتاب الأمير أنني سأجد نفسي وجها لوجه مع الحضور. فاخترت أن ألتقط الرسوم والنصوص من الكتاب وأعرضها على الشاشة الجدارية ) داطاشو( قصد اقتسام الملاحظات البصرية مع كل عيون القاعة، لتوفير فرصة التمتع المباشر داخل القاعة بهدد بلورة قراءة جماعية للكتاب.

توجهت إلى الحسيمة وقد انتابني تغيير جوهري في نظرتي إلى لفظة الأمير الملصقة بالقائد العسكري والسياسي لمغرب العشرينات من القرن الماضي. والذين اشتركوا معي في النقاش من قبل حول عبد الكريم الخطابي يعرفون رأيي فيما اعتقده تناقضا جوهريا بين الطابع الجديد فيما يشاع حول تجربة المقاومة الريفية المغربية للاحتلال الاستعماري. ولأول مرة أراجع نفسي وقليلا ما يصدع المغاربة وهم ضمن ثقافة الشرق المثالية الذاتية، يعجزون عن البوح بالنقد الذاتي كحلقة جوهرية في كيمياء التغيير النوعي.

إن ما صعقني ودفعني نحو الخلف دون المنصة في القاعة المعدة لقراءة الكتاب، هي تلك الصدمة الكهربائية الجميلة التي صنعها النضراني، عندما جاء إلى الحسيمة ضمن الترسانية الإنسانية التي خرجت من صلب الورد والحب في قلعة امكونة واكدز، ضمن شرنقة الألم والدم تحت اسم غير مستعار "مجموعة بنوهاشم". كان عبدالناصر بصمته وبسمته واعتداله وتواضعه وجلوسه العادي بين الحضور بلا بطولة ولا زعامة، اكبر من أتقدم أمامه إلى المنصة وأقرأ تفاصيل ميلاد عرف القونصي كيف يحلل كيميائها النضالية عبر المعاناة، بوصفه الدقيق لميلاد النضراني الفنان من داخل المعتقلات.

عندما ألقى القونصي كلمته التحليلية للمسار الفني الفريد للنضراني التقطت الخلاصة التالية: لقد أبدع الإيطاليون بطريقتهم فكرا سياسيا حديثا على طريقة شخصية ميكيافيللي المحترف للقاموس وللسلوك السياسي المدافع عن جمهورية فلورنسا من داخل نظام محافظ، ولكن ضد الكنسية بما يلفها من نفاق وايديولوجيا. وبقي للإيطاليين كتاب الأمير يساهمون به في التراث السياسي للعالم الحديث. وهو تمرين عقلاني بالمعنى الميكانيكي الذي يفضل آلة الدولة على سيادة المجتمع.

لم يذكر القونصي سوى تجربة النضراني في المعتقل وهو يحول الخيوط والقهوة إلى ريشة ومداد للتعبير الفني عن مشاعره الإنسانية. وبالتالي كان الإنسان في النضراني يهضم مخالب الآلة الجهنمية للسلطة ويخمرها في مخيلته ليستوعب بذكاء ذي صبغة جماعية عقلا سياسيا سيتحول فيما بعد إلى صيغة مغايرة جديدة من "كتاب الأمير".

أما الجرموني مسؤول جريدة الريف فقد تلاقى معي في صورة التشبيه بين أحمد بوكماخ الماضي الذي رسم في أذهاننا عناوين مشتركة عبر التراب الوطني مثل الدب المغرور بنفسه وفرفر يعلق الجرس وسعاد في المكتبة ومدينة النحاس، وبين النضراني الذي يملك احتياط النسخة المستقبلية لبوكماخ في حالة ما إذا راكم عملا بنفس النفس الطويل بمنظوره الجديد.

الآن فهم القارئ كيف راجعت نفسي في القبول بتوصيف ابن عبد الكريم بالأمير. لكن التغيير الآخر لتجربة مقاومة الريف ضمن الكيان المغربي، حصل عندما وجدت عند الأستاذ علي الادريسي صيغة للتوافق بين تجربة الجمهورية الريفية تحت سقف السلطة الملكية على كامل التراب المغربي.. فالقياس الميكانيكي المنقول عن الأنظمة في صيغة القانون العام المعمول به في الوضع العالمي لم يسعفني على الانتباه إلى حالات قائمة بذاتها في العالم. منها حالتان: حالة ماليزيا، حيث يسمح النظام السياسي بتغيير شخص الملك كل خمس سنوات بتبدل التناوب الإثني على العرش الماليزي، في الوقت الذي يتمكن رئيس الوزراء من المكوث في السلطة ربع قرن/ محمد مهاتير. كما سمح كيان جنوب افريقيا من قيام سلطنات في الأقاليم تسمى باندوستات وراثية السلطة، تحت سقف جمهوري أعم.

ألم تر الدولة بعد انتخابات 2003 المحلية بعين القبول، مجلسا بلديا في الحسيمة رئيسه يحمل اسم بودرة وبعض مستشاري المجلس يسمى أزرقان، والاسمان من حفدة حكومة جمهورية ابن عبد الكريم، تلك الجمهورية التي لم تكن شيئا آخر غير أوليغارشية قبلية مقاومة؟!!!!


* * *

تلك كانت قراءة في صيغتين من "كتاب الأمير" الصيغة الإيطالية القديمة المنقولة مع التكنولوجيا الرأسمالية. والصيغة المغربية الريفية التي تحمل بين جوانحها آمال المستقبل للشعب والدولة معا. فوق ما تبقى من التراب الوطني، وهو الثلث فقط مما كان يتشكل منه التراب الوطني قبل 150 سنة، بدل مليون ونصف كلم مربع، بقيت للمغاربة 710 ألف كلم مربع متنازع حول ثلثها.

هذا الكلام مجرد عمود. لكنني أضع حياتي وما تبقى من العمر مقابل تحقيقه في المستقبل. بلا وهم خيالي ولا طمع "واقعي"






#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سطحية السياسة المغربية في الصحراء وفي السياحة سواء
- حديث الروح
- هل يدشن التقرير الإصلاح الشامل في الاتحاد الاشتراكي؟
- شروط الانتقال من الزوبعة في الفنجان إلى التغيير
- حتى لا نصب الغاز على نار زيارة خوان كارلوس للمدن المغربية ال ...
- موقع النقد الذاتي في بنية العقل السياسي المغربي
- الدرس من مكناس أو العقد الاجتماعي المرتقب
- مسؤولية المفكرين في ثقب طبقة الأوزون الإيديولوجي
- عندما سحقت الدولة المعنى النبيل للسياسة
- تشكيل الحكومة وزيت العزوف المسمومة
- وداعا أيتها السنونو
- من المسؤول عن ملوحة الماء في النهر الانتخابي
- حسب توقيت الرماد
- -غير بالتاويل- مع نتائج الانتخابات
- لموت الصري وموعد الانتخابات هل دقت ساعة القطيعة مع سياسوية ا ...
- بمناسبة عيد ميلادك أيتها الجميلة
- سيف الصيف
- الجسد الذي تحول إلى طائرة مروحية
- بعض قواعد البرشمان لتشكيل البرلمان
- في غفوة قرب معرض الجزائر


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أحمد الخمسي - قراءتين في -كتاب الأمير-