سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 2189 - 2008 / 2 / 12 - 10:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
((مابين السطور))
كل يوم تتضح نوايا الكيان الإسرائيلي, ويجدد قادتها العهد القديم الجديد, متجاوزين الأسباب الكامنة خلف اشتعال المقاومة بكل أشكالها , محاولين طمس حقيقة الاحتلال البغيض والعدوان المتواصل على كل شبر وإنسان فلسطيني,مقدمين أنفسهم كحمامة سلام رغم الجرائم التي ترتكب يوميا على أيدي قواتهم الغاشمة, ولا عجب أن يبلغ العدوان ذروته مع قبول القيادة الفلسطينية تحدي السلام, والاستجابة لدعوات المجتمع الدولي بالعمل على إرساء قواعد السلام في منطقتنا, وأصبح المشهد جليا بمحاولات صهيونية مستميتة للتهرب من استحقاقات السلام, ومن دولة فلسطينية مستقلة باتت تلوح في الأفق, وحقيقة التسوية والسلام في العرف والفقه الصهيوني, بعد تفتيت أوصال الوطن الفلسطيني, وعزل غزة عن باقي الجسد الفلسطيني, لتكريس نظرية صهيونية ضاربة في القدم, تتمحور حول الخيار المصري والخيار الأردني, ورغم أن ذلك الفقه الصهيوني الهابط والحالم قد سقط على مدار أكثر من نصف قرن, وشطب إلى الأبد بعربون عشرات آلاف الشهداء الفلسطينيين, إلا أن القيادة الصهيونية, كلما يئست من شعاراتها, عادت لتعلنها من جديد معتقدة انه بالإمكان أن يتحقق لها ذلك الحلم والهدف البربري, وسط منعطف الحالة الفلسطينية الراهنة, والتي تسبب بها الانقلاب على الشرعية, وطعن بها صمام أمان الوحدة الفلسطينية.
لكن يبقى الهدف الأساسي جراء إعلان خزعبلاتهم الصهيونية بتلك الخيارات وعلى رأسها التشتيت والتوطين, هو الهروب من زخم العملية السلمية, الهروب من وجه هجوم السلام الفلسطيني الذي يعلن به التحدي القيادة الشرعية الفلسطينية وعلى رأسها الأخ الرئيس- محمود عباس, فلا يملكون كدولة عاجزة لاتعرف للسلام ثقافة في أيدلوجيتها, إلا إذكاء روح الوقيعة والفتنة والمؤامرة, ليس على الفلسطينيين فحسب بل على الدول الشقيقة المجاورة, التي تحض على قبول ذلك التحدي السلمي , فتشتاط تلك القيادة الصهيونية غضبا, وتصعد من أعمالها العدوانية اللا إنسانية واللا أخلاقية, من حصار واغتيالات وعقوبات جماعية لشعب بكاملة, ومن ثم تتباكى دولة الكيان الإسرائيلي على تصعيد المقاومة, وحتى تلك التي تأتي كردة فعل على عدوانها, وكان مقياس السلام لديهم هو اختبار يجب أن ننجح به, إلا وهو إثبات تبني ثقافة "خراف العيد" التي تذبح بلا حول ولا قوة, والحقيقة الأخرى في ذلك هو ثقافة " المبادرة بالعدوان" الصهيونية, وذلك من اجل إحراج القيادة السياسية الفلسطينية, ومحاولة إظهارها بمظهر المستسلم والمنبطح, فأصبحت ألاعيبهم مفضوحة ومكشوفة, عنوانها لا سلام مع ثوابت فلسطينية, لا سلام ينجب دولة فلسطينية مستقلة متواصلة الأوصال وعاصمتها القدس الشريف, لا سلام يبيض المعتقلات النازية من أسرى الحرية, الذين تتنكر القيادة الصهيونية لأدنى حقوقهم" كأسرى حرب ضاربة عرض الحائط, بكل القوانين والأعراف والشرائع الدولية.
للأسف كانت أم مقالاتي منذ خمس سنوات بعنوان" وهم التسوية السلمية في ظل الثوابت الصهيونية, وكلما طلت علينا المؤامرة الصهيونية التي لم يغفل لها عين, رددنا مؤامراتهم إلى نحورهم بفضحها, فعندما تحدى الرئيس الفلسطيني - أبو مازن العالم كي يتيح المجال "لحركة حماس" بمشاركة سياسية حرة في الانتخابات التشريعية, فقفز إلى المشهد السياسي مهددا وزير خارجية الكيان الصهيوني السابق" سلفان شالوم" ليهدد بمنع وإفشال تلك الانتخابات إذا ماتم منع حماس من المشاركة فيها, فقمنا باستلال أقلامنا من غمدها كمناضلي ومثقفي " فتح" قبل غيرهم, لنتصدى لرأس المؤامرة الصهيونية, وكتبنا باستخفاف في تهديد ذلك المغمور الصهيوني, ودعوته لان يغير جنسيته إلى الفلسطينية ويأتي ليرشح نفسه للانتخابات التشريعية الفلسطينية, حتى يحق له الاعتراض على من يشارك ومن لايشارك, وقد انتصر ت الإرادة الفلسطينية, وتصدينا للكثير من إشاعاتهم بمقالات نارية أحيانا استفزت العديد من الدول العربية, ورد علينا بغضب قادتها ومثقفيها ورؤسائها, حين أردنا جس نبض إشاعة " الكونفدرالية بين الضفة الغربية والمملكة الأردنية الهاشمية دون غزة" وقد أزاح حينها الملك- عبد الله بن الحسين الضبابية , وصرح بوضوح عن رفض النوايا الصهيونية , وربما ناقشت في هذا في حوار الكتروني في صحيفة العرب اليوم الأردنية, رئيس الديوان الملكي الأردني السابق , وقد أكد على نوايا الكيان الصهيوني من الخيار الأردني ورفض الأردن قيادة وشعبا لذلك الثابت في الفقه الصهيوني الحالم, وعمل القيادة الأردنية بوضوح من اجل ميلاد الدولة الفلسطينية المستقلة, وان عملية فك الارتباط مع الضفة الغربية في العام 1988 بعد إعلان الدولة الفلسطينية, لهو خير دليل على السلوك الأردني, بل وآخر تلك المؤامرات البربرية الحالمة, هو الصمت الصهيونية وترقب البشرى السارة بعد حصار دام قرابة العامين وتحول إلى حصار شامل وخانق منذ عدة أشهر, ثم الدفع بالانفجار صوب الجبهة الفلسطينية المصرية الشقيقة, في محاولة جديدة بائسة لتجسيد الحلم المعتوه بالخيار المصري, على أمل قبول مصر تولي مسئولية قطاع غزة أو حتى ضمها إلى السيادة المصرية, وهذا حلم ومؤامرة قديمة حديثة, تساوقت في حداثتها مع مؤامرات إقليمية ومشاريع مشبوهة تتجاوز حدود القضية الفلسطينية وإذابتها في إطار آخر اشمل من اجل تصفيتها, فردت القيادة المصرية بما لايحمل مجالا للتأويل والتقويل, " لا للتوطين" " لا لمساعدة الكيان الصهيوني بالتحلل من مسئولياته كسلطة احتلال" " نعم للدولة الفلسطينية المستقلة".
واليوم تطل علينا من جديد مغمورة جديدة, تتبع نفس نهج سلفها الطالح حيث تناقلت بعض وسائل الإعلام المحلية, تصريح لوزيرة خارجية الكيان الإسرائيلي (( تسيبي ليفني)) قولها: بان لا أمل في قيام دولة فلسطينية تظم قطاع غزة, نقول لتلك المغمورة نعلم جيدا انك تجددين العهد لأسلافك الصهاينة من هرتسل مرورا بجابوتنسكي وحتى بيجن وشارون, ولافرق في تلك الثوابت بين حمائم وصقور, إلا لمن أراد أن يعتقد بأوهام المصداقية الصهيونية العبثية, نعلم ياسيدة كيان الاحتلال, الحالمة برئاسة دولة الكيان , نعلم انك تحاولي بكل تلك الألاعيب لخلق رأي عام صهيوني يساهم في إسقاط رئيسك الحالي" اولمرت" والانقضاض على موقعه, وذلك بالتناغم مع اشد الأحزاب الصهيونية تطرفا, والتي ترفض في العلن مسيرة سلام ينتج عنها دولة فلسطينية تكون القدس عاصمة لها, نقول لها ياسيدة" ليفني" وما الجديد في ذلك ونكشف لها مكنونات عقيدتها دفعة واحدة وعدم الادعاء بمشروطية الدولة الفلسطينية, نعلم انك وكل من سبقك وكل من تبعك لاتؤمنون أصلا بقيام دولة فلسطينية بالمطلق, وليس دولة فلسطينية لاتظم غزة, أو دولة فلسطينية لاتظم الضفة الغربية تارة أخرى, نعلم أنكم تسعون منذ مائة عام في صراعنا مع صهيونيتكم المتعجرفة, إلى طمس الهوية الفلسطينية, وتهويد القدس, وتهجير الشعب الفلسطيني, تؤمنون وتعملون ليل نهار من اجل " مصرنة القطاع" و" اردنة الضفة", تؤمنون بان المملكة الأردنية الهاشمية هي" الوطن البديل" للفلسطينيين " وحديثا تنكشف ألاعيبكم وألاعيب أعوانكم من بربر العرب والمستعربين, بتوطين الفلسطينيين في سيناء, لتغيروا شعار " رابين" من تمنيه أن يصحوا ليجد غزة غارقة في البحر,رغم أنكم اغتلتموه لمجرد شروعه في عملية سلام !!! ويهدد حاليا رواد العدوان الصهيوني, بدفع الملايين لمن يقتل " اولمرت"!!! وتحول شعاركم إلى أمنية أكثر انحطاطا وبشاعة كي تصحو القيادة الصهيونية وتجد " غزة غارقة وقد ابتلعتها رمال سيناء" فخسئتم وخسئت مؤامراتكم المستحيلة التحقيق, فغزة ياسيدة قومها عربية الانتماء,فلسطينية الهوية, حتى لو تطلب الأمر مائة عام أخرى من الجهاد والنضال وتقديم مئات آلاف الشهداء, ستكون غزة رأس وقلب الدولة الفلسطينية, جزء لايقبل القسمة على غير دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف, دولة فلسطينية مستقلة نظيفة من كل ألوان التبعية ومستقلة.
أما شرطك سيدة قومك الصهاينة, أن لاتظم الدولة الفلسطينية غزة طالما بقيت الصواريخ الفلسطينية تنطلق منها, فأوقفي عدوان دولتك السرطانية المارقة, أوقفي سفك الدماء بطائراتكم النازية, أوقفي الحصار الذي يحصد يوميا أرواح عشرات من مرضانا الأحباء, أوقفوا سياستكم الممنهجة لتجويع وقتل جموع المدنيين الفلسطينيين بواسطة منع إدخال الدواء والغذاء والماء والكهرباء, ولست وحدك ياسيدة قومك العدوانيين من يرغب بوقف سفك الدماء, لكن شرط أن لايكون ذلك الوقف من طرف واحد, وتذكري ياسيدة قومك" لفني" ان القيادة الفلسطينية تعمل على مدار الساعة من اجل احتواء المقاومة وتقنينها أو حتى بعض الأوقات لجمها من اجل كشف خداعكم بأنكم طلاب سلام, ومن اجل المساهمة في توفير مناخات لسلام يدعي العالم انه ممكنا وفي غضون عام, فيزيد غضبكم وتزداد وتيرة عدوانكم ليس في غزة فحسب بل في الضفة الغربية التي لايطلق منها صواريخ, وذلك من اجل وضع العصي في دواليب الحراك السياسي للقيادة الفلسطينية, وخلق الاحباطات بما يدفع أن تبرر التعثرات في العملية السلمية إلى مايسمى" بخلق ذرائع العدوان" وفي حقيقة الأمر إن دولتكم المارقة ياسيدة قومك, هي من تستميت في إضاعة فرصة السلام, وطرح الشعارات الجنونية المستحيلة , مثل الحكم الذاتي, أو الخيار الأردني والخيار المصري, أو حتى تصريحك قبل أيام ياسيدة قومك تناغما مع متطرفيكم العلنيين, بعدم جدوى الولوج إلى الحلول النهائية وتفضيل الحلول المؤقتة, وبهذا كله تقطعون الطريق بنجاح على إقبال القيادة الفلسطينية بمصداقية ووضوح على عملية سلام عادل وشامل, على غير رغبتكم وعلى غير عقيدتكم, فخسئتم وخسئت شعاراتكم, فغزة والضفة الغربية جزء واحد لايتجزأ ولن تفلح كل مؤامراتكم الصهيونية, ودعمكم للمؤامرات والفتنة الوطنية, أن تجردوا غزة ولا الضفة الغربية من هويتها ومن تواصلها, وان دلت تصريحاتكم إنما تدل على أنكم لا تتعايشون مع سلام بل العدوان أرضية خصبة لتعايشكم مع المحيط العربي والإسلامي والمسيحي الذي يحيط بكم, وتصريحكم هذا إنما يخلق المعيقات أمام القيادة الفلسطينية والمجتمع الدولي في أي أمل لتحقيق أي سلام ,, ولا سلام إلا على من اتبع الهدى,, واثبت بالعمل لا بالقول نيته وسلوكه العملي للتخلص من ثقافة الاحتلال, والتخلي عن سياسة المؤامرة ودعم الخلاف الفلسطيني الفلسطيني, وربما لا تعلمون أن الوقائع ربما تتغير في غير صالحكم وان إضاعة فرصة السلام والتي لا نؤمن حقيقة بجديتها هي كذلك في غير صالحكم, والمشاريع السياسية والعسكرية القادمة محليا وإقليميا ودوليا ستقلب طاولة ثوابتكم ومؤامراتكم.
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟