أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فلاح أمين الرهيمي - حديث الروح(2)















المزيد.....

حديث الروح(2)


فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 2188 - 2008 / 2 / 11 - 11:24
المحور: سيرة ذاتية
    


لقب العائلة ونسبها
عندما يكتب المرء ذكرياته،عليه ألغوص بأعماق السنين،يستعرض ما اختزنته الذاكرة من أحداث،وما قام به في حياته من أعمال،وما كان له من فعل مسيرته الدائبة ،على أن يراعي المصداقية فيما يكتب أو يستذكر،ليستعرض دقائقها ولحظاتها بحلوها ومرها،ويستعين على التوثيق بما سمع من مأثور تداوله الألسن ومكتوب سجلته الكتب،فقد لقبت الأسرة ب(آل الرهيمي)نسبة الى مدينة (الرهيمة)التي نزحت منها الى لواء الحلة،والرهيمة تقع غربي النجف وتبعد عنها بحدود 20 كم،وفيها عيون الماء،ويؤمها الكثير من البدو والأعراب،الذين يشكلون امتدادا عشائريا في نجد والحجاز،وكانت العائلة تمتلك الأراضي وتعمل في الزراعة،وتشكل مدينة الرهيمة واحة كبيرة مليئة بالنخيل والمزروعات في صحراء النجف،وكان أقراد العائلة يسوقون أنتاجهم الزراعي الى المدن القريبة ومنها مدينة الحلة،وتشتهر الرهيمة بإنتاج الرقي ذي الحجم الكبير ويزن بعضه من 20-25 كغم إضافة للحنطة والشعير وغيره من المحاصيل،فاستأجروا خان لموادهم الزراعية في منطقة"المنتجب" في محلة الجامعين أو جبران التي تعتبر من أقدم محلات الحلة،وبها كانت تسمى الحلة عندما أطلق عليها الجامعين في العصور القديمة،وقد أصبحت الآن من ضمن شارع الأمام علي،ومع مرور الزمن تطور الخان الصغير الى علوة كبيرة لبيع الفواكه والخضر،وأنتقل من مكان الى آخر،وقد رأيته بعد ولادتي في محلة السنية بالقرب من سوق الهرج،وتسمى تلك المنطقة بالحشاشة لأنها خاصة ببيع حشيش الحيوانات وأعلافها،وبقربها ساحة بيع الخيول والمطايا التي تستعمل للركوب والحمل،ثم انتقلت العلوة الى منطقة الجديدة في الجامعين مقابل مستشفى الولادة حاليا،انتقلت بعدها الى محلها الحالي طريق حلة – نجف،وقد تركنا مهنة بيع الفواكه والخضر سنة 1974 بعد وفاة والدي وانصراف أخي الأكبر للعمل في المقاولات وعملي موظفا في مصرف الرافدين،وأتذكر وأنا طفل صغير أن بعض أقاربنا يفدون ألينا من السماوة والشنافية والحيدرية وناحية الرجيبة التابعة لقضاء الهندية،وحدثني أحد أقاربي الذي يسكن الرجيبة،إن بعض البدو الرحل ممن يكتالون منه بضائعهم ويقيمون في منزله لأيام كانوا يرتبطون معه بصلة قرابه على ما لديهم من مشجرات النسب،وهم من قبيلة خفاجة التي تنتقل بين العراق والسعودية.
وحدثني عم والدي الملا عباس الرهيمي أن احد أجدادنا جلب معه من بلدة الرهيمة بذور (شجر)وكان أسمه ملا أحمد الرهيمي فسمي ذلك الشجر باسمه(شجر ملا أحمد) وكان لقب الملا يطلق على كل من يجيد القراءة والكتابة،ولا يزال اسم هذا الشجر شائعا حتى اليوم.
وحدثني المرحوم الحاج سعيد الهيتي،أن المرحوم الحاج عبد الجليل الهيتي،عندما يأتي لزيارتهم قادما من الرمادي التي كان مفتيا فيها ،كان صديقه الملا عباس الرهيمي يرافقه لزيارة مدينة النجف،ويأخذه الى بيت أحد أقاربه فيقيمون في داره الذي فيه سرداب بطول خمسة أمتار وعرض ثلاثة أمتار وكان منحوتا في صخرة كبيرة وبعمق أكثر من عشرة أمتار تحت الأرض،وبينه وبين السراديب الأخرى ممرات وأنفاق يأتي منها الهواء البارد،ويجلب لهم صاحب الدار الكباب المعمول من لحم الإبل الذي يفضله أهالي النجف على اللحوم الأخرى،وكان المرحوم الهيتي يحب هذا اللحم كثيرا لسكنه في الصحراء التي لا تختلف عن صحراء النجف وما تحمل الصحراء من عادات وطبائع تختلف عن عادات سكان الحواضر والريف،ويذهبان معا لزيارة الضريح المقدس،مما يدل على عدم وجود تعارض بين المذاهب كما هو سائد هذه الأيام.
وحدثني ملا كاظم جواد الرهيمي وكان قد تجاوز التسعين عاما وكان أديبا مثقفا وهو والد المرحوم جواد الرهيمي الذي انتمى للحزب الشيوعي في أربعينيات القرن الماضي قال:هاجرت عائلتنا من بلدة الرهيمة وسكنت الحلة التي ينتشر فيها القصب والأعشاب حسب ما سمع من والده وسمعه من آبائه،وسكنت العائلة في منطقة يطلق عليها مقبرة النظام الذي كان واليا للحلة في العهد العثماني ودفن فيها، وكانت بيوتهم على ارض مرتفعة أصبحت تسمى محلة الجباويين لأن معظم سكانها من المهاجرين من مدينة "جبة"وهي مدينة تقع غرب العراق بالقرب من مدينة عانة،وأطلق فيما بعد على الزقاق الذي نسكن فيه"عكد بيت الرهيمي" وبالقرب منه بستان فيه مرقد العلامة ابن النما ويوجد سياج طويل يحيط بالمقبرة والبساتين القريبة يفصل بين مدينة الحلة وخارجها وتوجد باب كبيرة تفتح صباحا وتغلق ليلا كما هو الحال في المدن العراقية قديما التي تسور بسور يمنع دخول الأغراب أليها ويساعدها عند التعرض لهجوم,وكانت عائلة الرهيمي مسئولة عن حراستها وكانوا يعلقون فانوس للإضاءة ليلا،كما يعلقون الفوانيس في الأزقة والشوارع لتضيء الدرب للسالكين،،ويربطون في المساء مداخل الطرق التي تؤدي للباب الكبيرة خيوطا من الصوف تفحص بين ساعة وأخرى للتأكد من عدم مرور شخص أو دخول غريب،ومع مرور الزمن تهدم السور وامتدت الدور والمنازل الى أماكن أخرى بعد التوسع الكبير الذي حدث في المدينة بفعل الهجرة إليها من المدن الأخرى والريف.
وكانت الاحتفالات الدينية للطائفة اليهودية تجري في المدينة في يوم معين من السنة يسمى"يوم السبوتة" يتجمع فيه اليهود ويعملون الأطعمة ويخرجون الى البساتين القريبة من السور وقد شاهدت احتفالاتهم في الأربعينيات وكنا نشاركهم أفراحهم ومسراتهم ويقدمون لنا خبزهم المعروف بخبز ركاك وهو خبز خفيف ذو حجم كبير يعمل على الصاج ويوضع في صحن كبير مملوء بدهن الشيرج،وكان اليهود المحتفلين من أبناء المنطقة الذين نشاركهم في كل شؤون الحياة ولم نشعر يوما بشيء يفصلنا عنهم أو يميزهم عنا كإخوة لنا في المواطنة والإنسانية رغم اختلاف الدين والطائفة،وأتذكر امرأة منهم اسمها "غزالة" كانت تشاركنا المأتم الحسيني الذي كنا نقيمه في أيام المحرم من كل عام،وكانت تجلب معها قدحا لشرب الماء لاعتبارات اجتماعية ودينية معروفة،وكانت تمتلك حشرتين كبيرتين تضعهما في مكان بارد قرب حب الماء،وعندما يصاب طفل بالرمد تأخذه والدته الى بيت غزالة وتأتي بالحشرتين وتضعهما على خد الطفل فيسيران الى جفنيه ويبدءان بامتصاص أجفان العين السفلى وبعد أيام يشفى الطفل من رمد العين،وقد حدث معي ذلك وشفيت من مرضي،وما هو جدير بالإشارة إنها لا تتقاضى أجرا على عملها،وتجعله خالصا للعلاقات التي تربط أبناء المجتمع،واعتبار الطب مهنة إنسانية ليس هدفها المال فقط.
وقد اندثرت مقبرة النظام وشيدت عليها الدور والمدرسة الغربية للبنات أما مقبرة نظام الدين فقد أصبحت في احد البيوت وصارت مزارا يؤمه الناس لطلب الثواب متصورين إن هذا القبر لأحد أبناء الرسول وقد أطلق على الزقاق الذي شيدت فيه البيوت في مقبرة النظام "عكد الكرعين" لان أكثر ساكنيه من المصابين بمرض القرع وتخلوا رؤوسهم من الشعر،إما المدرسة الغربية الابتدائية للبنات فقد تغير اسمها ثلاث مرات،وعندما زارها الملك فيصل الثاني مع خاله الوصي عبد الإله في الأربعينيات وكنت طالبا فيها أصبح اسمها مدرسة فيصل الثاني تيمنا بزيارته،وبعد ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة أصبح اسمها مدرسة الوثبة الابتدائية للبنين،وقد تهدمت الآن وأصبحت موقفا للسيارات،وكان الشارع المحاذي للمدرسة يسمى الشارع الطويل، وكان الجانب الثاني بساتين سميت بذات الاسم لأنه كان أطول شارع في مدينة الحلة حيث يربط باب المشهد بباب الحسين،وقد بلط الآن وأصبحت البساتين دورا وعمارات ومحلات وفيه متنزه الشعب،وهكذا طبيعة الحياة فإنها في ديناميكية وتطور الى إمام وليس الى الخلف ولا تقف في مكانها ثابتة وجامدة لان ذلك خارج طبيعتها "ثم انتهت تلك السنون وأهلها فكأنها وكأنهم أحلام.



#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث الروح(3)
- حديث الروح(4)
- حديث الروح(5)
- العراق الجديد و الإنسان المهمش
- الديمقراطية و التنمية البشرية
- من يحسم جدل نهاية التاريخ ... الاشتراكية أم صدام الحضارات ؟
- الديمقراطية والتجديد ركنان أساسيان في النظرية الماركسية
- خاتمة المطاف
- التطور اللارأسمالي والتحول إلى الاشتراكية(1)
- التطور اللارأسمالي والتحول إلى الاشتراكية(2)
- الماركسية اللينينية
- وفاة لينين
- مفهوم الليبرالية
- هل انتهى الصراع والنزاع في المجتمع حتى ينتهي التاريخ ؟
- المصالح البورجوازية وأساليبها في الاستغلال والتجديد والتغير
- هل ينتهي التاريخ بصدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي ؟
- الصعود والتطور السلمي في الوصول للسلطة للسلطة(2)
- لمحات مضيئة في رحاب الاشتراكية الخلاّقة
- الديالكتيك منطق الحركة
- لمحات مضيئة من كتاب ( رأس المال )


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فلاح أمين الرهيمي - حديث الروح(2)