أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فلاح أمين الرهيمي - حديث الروح(3)















المزيد.....

حديث الروح(3)


فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 2189 - 2008 / 2 / 12 - 11:15
المحور: سيرة ذاتية
    


نشأتي
ولدت في الشهر الرابع سنة 1937 في أسرة ميسورة الحال ،وجاءت ولادتي بعد وفاة اثنان من أشقائي،وكنت آخر مولود في العائلة فأحاطوني بالرعاية الفائقة وخصوصا بعد مرض والدتي وأنا في الشهر السادس من العمر لإصابتها بمرض في معدتها عجز أطباء الحلة يوسف جبور وأمين الرفاعي وحميد شلاش عن شفائه ،فذهبوا بها الى بغداد وأدخلت مستشفى العلمين الألماني للعلاج،وكان أطباء المستشفى من الألمان،ولبعد والدتي عني كنت ابكي كثيرا لفراقها وانقطعت عن تناول الحليب الصناعي "الممية" ولم أتناول الحليب من ثدي امرأة أخرى فساءت صحتي فأخذني أخي معه الى بغداد لزيارتها في المستشفى،وكانت تحملني شقيقتي الكبرى ،وحينما وصلت إليها رميت نفسي عليها وأنا ابكي وكانت تبكي معي وبعد انتهاء وقت الزيارة سحبوني منها بالقوة وعاودت البكاء حتى غفوت في حضن شقيقتي،ولم استيقظ الا بعد وصولنا البيت،فذهبوا بي الى خالتي أم عباس حسين محمد العمشاوي الذي كان عمره مقاربا لعمري،فرفضت الرضاعة،فعادت بي شقيقتي الى البيت،ونمت في سريري،وعندما غفوت أخذوني الى المرحومة والدة حبيب الرهيمي فأرضعتني مع ابنتها المرحومة ليلى،كذلك أرضعتني المرحومة والدة الحاج جليل علي شناوة وهو الآن حي يرزق محله مقابل محل الحاج محمود أبو زرة ،كذلك أرضعتني المرحومة والدة جواد كاظم الدهش،وكانت ترضعني مع ولدها جواد،وكانت والدتي عندما تأتي لزيارتنا في الحلة بحالة مأساوية،ضعيفة منهكة لا تستطيع أرضاعي،وكان والدي يجلب لي النستلة والفواكه لتعويضي عن الحليب،فعشت ضعيف الجسم هزيل البدن،وكانت والدتي تبقى أياما لدينا ثم تعود الى مستشفى العلمين في بغداد،وكان يعالجها الدكتور الألماني "ماكس"،و تسافر بالقطار لأن رائحة البنزين تسبب لها أضرار صحية،وعندما تذهب الى محطة القطار تركب عربة تجرها الخيول"ربل" بدلا من السيارة،ويرافقها شقيقها الحاج عبد الرزاق الرهيمي،وكانت توصي شقيقاتي قبل سفرها بالعناية بي والاهتمام برعايتي،فكان والدي يجلب لي الألعاب المسلية،وجلب لي أقاربنا من الشنافية غزال لألهو به،وتجمعت في بيتنا الكثير من الحيوانات التي يجلبها أقارب وأصدقاء والدي لتسليتي كالخرفان والماعز والببغاوات والبلابل والطيور المختلفة،وجلب لي والدي سيارة صغيرة ودراجة هوائية،في وقت لم تكن مثل هذه الألعاب متوفرة للصبية الآخرين،فكان أبناء المنطقة ممن هم بسني أو أكبر مني بقليل يلعبون معي بهذه الألعاب منهم عباس وهاشم ونوري وكان أقربهم وأحبهم لي هاشم وكنت اعطف عليه لأنه يتيم الأم،وهاشم هذا هو شقيق الفنان الموهوب سعدي الحلي،وبقيت علاقتي به حتى أيامه الأخيرة،وبعد ثورة الرابع عشر من تموز أصبح شيوعيا،وكنت أرافقه الى مكتب اتحاد الشعب،وكلفنا ببيع جريدة اتحاد الشعب في الحلة،وبعد انتكاسة الثورة وتراجع الزعيم تعرض للضرب والاعتقال لأنه يبيع اتحاد الشعب،وفي احد الأيام كاد أن يموت من الضرب المبرح الذي وجهه إليه الحاقدين من رجعيين وبعثيين وقوميين،وذلك في اليوم الذي نشرت فيه الجريدة الأنباء الخاصة بخروج الزعيم من المستشفى بعد تعرضه لمحاولة الاعتداء التي قام بها وهاب الغريري وجماعته ،فكتبت مانشيت عريض على صفحتها الأولى( لا يموت الزعيم ووراءه شعب عظيم)،فأخذ هاشم يسير في الشوارع وأمام مقهى سيد شاكر التي كان روادها من العناصر البعثية والرجعية الحاقدة وهو ينادي بأعلى صوته(لا يموت الزعيم ووراءه شعب عظيم)فخرجت تلك القوى من المقهى ومزقوا الصحف التي يحملها وانهالوا عليه بالضرب المبرح،وكان رئيس عرفاء الشرطة عبود من العناصر المعادية للثورة،فسلموا له هاشم وسيق الى المركز بتهمة سب الزعيم،فأعتقل وعذب وبعد إطلاق سراحه انتقل الى بغداد وهو الآن وحيدا فريدا مصاب بالتهاب المفاصل ويرقد في دار العجزة بكربلاء لأنه غير متزوج وليس له عائلة ترعاه،وللقارئ الكريم تصور عظمة الزعيم الذي يعذب أنصاره بأيدي موظفيه الذين يحملون له الكره والبغض،ويحاولون إسقاطه،في الوقت الذي قام بمحاربة الوطنيين الذين يدافعون عن الثورة،وهذا الارتداد والتذبذب هو الذي أودى بالثورة في شباط الأسود.
وعلاقتي بالأطفال امتدت الى سن مبكرة ففي عام 1948 شيدنا دار مجاورة لبيتنا السابق لزواج أخي لعدم استيعاب الدار السابقة لنا،وكانت بابه تشرف على الطريق الذي يربط المنطقة بالسوق الكبير،فتوسعت علاقاتي بأطفال المنطقة وهم من الطبقة الفقيرة ،وكان بيتنا الجديد يرتفع عن الشارع كثيرا ويصعد إليه بواسطة السلم ،فكنت اجلس عليها وهم معي وعندما يغيب احدهم عني يوم أو يومان اسأل عنه فيقال إن والده توفي أو مريض او خرج ليعمل من اجل إعالة عائلته لأنه يتيم،وكنت اتالم واحزن كثيرا عندما أرى طفل يتيم إلام،فانغرس في قلبي العطف والحنان ولا زلت غزير الدمعة رقيق القلب،ولا أتذكر في يوم ما قلت لإنسان لا إذا جاء طالب لحاجة،وكان بيتنا مملوء بالرقي والبطيخ والفواكه بحسب الموسم،فكنت أحمل الفواكه والخضروات الى باب البيت لنأكل سوية،وإذا أصيب احدهم بمرض أرافقه لزيارة الطبيب واشتري له الدواء من الصيدلية،وفي الأعياد والمناسبات أزور العوائل وأعطي لأطفالهم العيدية وهذه العادة لا زالت جارية حتى اليوم،وكنت أشارك أبناء المنطقة أفراحهم وإحزانهم وأساعدهم بما استطيع عليه،وأتدخل بعض الأحيان لحل مشاكلهم ومساعدتهم ماديا،وأرافقهم لمراجعة دوائر الدولة لتمشية معاملاتهم لما لوالدي وأعمامي من علاقات برجال الإدارة،فأصبح الجميع يحترمني ويبادلني الحب ويثقون بي،وعندما أصبحت شيوعيا كنت احفزهم وادفعهم للمشاركة في النضال والعمل الجماهيري وتشكيل الوفود لمراجعة الدوائر لانجاز ما يتعلق بخدمات المنطقة والنواقص الموجودة فيها،كإنارة الشوارع ونقل النفايات أو تصليح أنبوب الماء وغير ذلك من الأمور،وبعد ثورة تموز انجذب أكثر أهالي المنطقة الى الحزب الشيوعي،وأتذكر قول احد أبناء المنطقة (حمزة عبد احمد):( لازال أنت إنسان طيب ويملا قلبك حب الناس والعطف على الفقراء فان الحزب الذي تنتمي أليه يعطف على الفقراء أيضا)وكان أبناء تلك المنطقة والكثيرون منهم لا زالوا أحياء مثل محمد نجم وأبو آسيا وغيرهم يتذكرون كيف كانوا بعد ثورة تموز يشاركون معي في المناسبات بلصق البيانات ورفع اللافتات ووضع الصور في أماكن متفرقة من شارع أبو القاسم وملئه بوسائل الزينة وكانت القوى الحاقدة والرجعية تخشى الدخول الى المنطقة لشجاعة وشراسة أهلها وانحيازهم الكامل للحزب الشيوعي،ولا زالت دارنا في تلك المنطقة تسكنها شقيقتي،وعندما أزورها بين الحين والحين التقي بأولئك المناضلين المخلصين الشجعان استفسر عن أمورهم وازور مريضهم وأشاركهم أفراحهم وإحزانهم،ولا زالوا يقابلوني بالاحترام والتقدير.
كان بيتنا الذي نشأت وترعرعت فيه يتكون من طابقين،توجد في الطابق الأرضي منه ثلاث غرف ومطبخ منافع صحية،وتحته سردابين كبيرين،ومزود بالكهرباء والماء النقي وتلفون،وفي الطابق العلوي خمسة غرف،وتتكون عائلتي من والدي ووالدتي وثلاث أخوات وأخ واحد ويسكن معنا جدي شقيق عم والدي الملا عباس الرهيمي،وفي البيت غرفة كبيرة لاستقبال الضيوف وأخرى للطعام،وفي غرفة الضيوف راديو كبير نوع فيلبس،وكان أقاربنا الذين يسكنون جوارنا يجتمعون في منزلنا كل ليلة لسماع إخبار الحرب العالمية الثانية،وخاصة ما تذيعه إذاعة لندن،وكانوا يستعينون بي لسماع الأخبار عندما تذيعها امرأة ،وإذا كان مذيعا كانوا يستمعون له لأتهم كانوا محافظين يعتقدون إن سماع صوت المرأة حرام،لما في صوتها من نعومة وطراوة قد تجعل الشيطان يوسوس في عقولهم الخاوية،في الوقت الذي لا يحرم علي سماع صوت المرأة لأني لم أصل سن البلوغ،وفي احد الأيام حضر الراحل الأستاذ محمد عبد اللطيف مطلب مع أقاربي لسماع الأخبار،فشاهدني جالسا بجانب الراديو وقد وضعت إذني لصق السماعة والصوت منخفض جدا لا يسمعه اقرب الجالسين،وانقل له ما يتفوه به المذيع من أخبار،فاستغرب الأمر وسألهم عن السبب فأجابه احدهم وكان خطيبا من خطباء المنبر الحسيني عن سبب ذلك،وكيف يوسوس الشيطان في العقول والقلوب ويخلق الرغبة والشهوة في نفس الإنسان عند سماعه لصوت المرأة لأنه عورة نهى الشرع عن سماعه،فناقشه الراحل في ذلك ولم يصلوا الى نتيجة لإصرار كل طرف على رأيه،وكل قوم بما لديهم فرحون.



#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث الروح(4)
- حديث الروح(5)
- العراق الجديد و الإنسان المهمش
- الديمقراطية و التنمية البشرية
- من يحسم جدل نهاية التاريخ ... الاشتراكية أم صدام الحضارات ؟
- الديمقراطية والتجديد ركنان أساسيان في النظرية الماركسية
- خاتمة المطاف
- التطور اللارأسمالي والتحول إلى الاشتراكية(1)
- التطور اللارأسمالي والتحول إلى الاشتراكية(2)
- الماركسية اللينينية
- وفاة لينين
- مفهوم الليبرالية
- هل انتهى الصراع والنزاع في المجتمع حتى ينتهي التاريخ ؟
- المصالح البورجوازية وأساليبها في الاستغلال والتجديد والتغير
- هل ينتهي التاريخ بصدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي ؟
- الصعود والتطور السلمي في الوصول للسلطة للسلطة(2)
- لمحات مضيئة في رحاب الاشتراكية الخلاّقة
- الديالكتيك منطق الحركة
- لمحات مضيئة من كتاب ( رأس المال )
- دور الحزب الشيوعي في أنجاز المرحلة الوطنية الديمقراطية والوص ...


المزيد.....




- مصادر لـCNN: إدارة بايدن تتجه نحو السماح للمتعاقدين العسكريي ...
- مكالمة بين وزيري الدفاع الروسي والأمريكي حول التصعيد في أوكر ...
- القضاء الأميركي يعلن أسانج -رجلا حرا- بعد اتفاق الإقرار بالذ ...
- في خضم الحملة الانتخابية... 4 أشخاص يقتحمون حديقة منزل سوناك ...
- راهول غاندي زعيما للمعارضة البرلمانية في الهند
- مؤسس ويكيليكس أقر بذنبه أمام محكمة أميركية مقابل حريته
- فقد الذاكرة تحت التعذيب.. الاحتلال يفرج عن أسير مجهول الهوية ...
- القضاء الأميركي يعلن أسانج -رجلا حرا- بعد اتفاق الإقرار بالذ ...
- تحذير صحي في الولايات المتحدة بسبب انتشار حمى الضنك
- هيئة بريطانية: سقوط صاروخ بالقرب من سفينة جنوبي عدن


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فلاح أمين الرهيمي - حديث الروح(3)