أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - المهدي أمكور - الديمقراطية المشبوهة















المزيد.....

الديمقراطية المشبوهة


المهدي أمكور

الحوار المتمدن-العدد: 2187 - 2008 / 2 / 10 - 08:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



بافلوف طبيب وعالم نفس روسي , كان يملك كلبا جميلا , وكان الكلب يسكن في حجرة بأعلى المنزل,وفي كل يوم يصعد إليه بافلوف بالطعام عبر درج خشبي إحدى درجاته مكسورة, وكلما وطأت عليها قدمه كلما أحدثت صوتا (زززز),كما أن لعاب الكلب يسيل كلما رأى الطعام , إلا أنه حدثت واقعة غيرت مجرى الأحداث بحيث صعد بافلوف في يوم إلى حجرة كلبه دون أن يحمل معه الطعام , وبالصدفة ضغط على الدرجة المكسورة فأحدثت صوتها المعتاد (زززز), فسال لعاب الكلب , ومن يومها صارت لعبة لطبيبنا يتلهى بها , يضغط على الدرجة فتحدث صوتا فيسيل لعاب الكلب , وهكذا نجح بافلوف في الحصول على استجابة الكلب بناءا على ما سماه لاحقا "مثيرا شرطيا" والذي هو صوت الدرجة المكسورة , بعد أن كان يحصل عليها بواسطة ما سماه "مثيرا طبيعيا" والمتمثل في الطعام.
لقد اعتاد العرب, طوال القرن الماضي, الاتكال على الدول الغربية في توفير كل ما يمكن أن يساعد على استمرار حياتهم من مأكل ومشرب وملبس...أو حتى على إنهائها من سلاح وجنود وقواعد عسكرية...,تماما كما تعود الكلب الحصول على طعامه من بافلوف , فبلاد الكنانة وموطن الفراعنة لايستطيع الشعب فيها أن يستغني عن قمح العم سام , حتى في ظل الارتفاع الصاروخي لأسعاره بعد أن أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تستعمله كمصدر من مصادر الطاقة , كما أن الخبراء في كل الدول العربية تقريبا , وفي شتى المجالات , أصبحوا عاجزين عن الإستغناء على برامج ومخططات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومن لف لفهما , رغم أن التاريخ والواقع أثبتا عدم جدواها , ويمكن أن نلتمس للعرب عذرا لهذه العادة , باعتبار أن المنتوجات والخدمات العربية , إن وجدت , تكون أقل جودة واتقانا من مثيلاتها الغربية , إما بسبب غياب أوشح أو اهتراء وسائل وأدوات الإنتاج أو بسبب العقلية العربية الفاسدة التي تهدف إلى تحقيق أكبر قدر من الربح على حساب صحة وأمن ورفاهية المواطن المغلوب على أمره والمسلوب الإرادة , إلا أن ما يصعب أن نجد له عذرا وتفسيرا لدى بعض العرب هو استجابتهم الواسعة والحماسية للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها بعد أن أثارتهم بمثير وهمي (المثير الشرطي) ألا وهو" الديمقراطية الأمريكية المزعومة" , تماما كما توهم الكلب أن بافلوف سيحظر معه الطعام عندما سمع صوت الدرجة المكسورة , مع فرق أن الأول إنسان والثاني حيوان وسأبين ما يعنيه هذا فيما سيأتي.

الديمقراطية كلمة رنانة طنانة لها وقعها على الآذان كما على الأبدان و العقول: لها وقعها على الآذان لأننا نعجز عن صم آذاننا كلما سمعناها وخاصة أننا نسمعها في كل زمان ومكان حتى غذت سيمفونية العصر, ولها وقعها على الأبدان لأنها كانت ولازالت سببا في قتل وحرق وتهجير وتعذيب الإنسان سواء في العراق أو أفغانستان أو أي مكان أخر يعاني فيه الإنسان باسم الديمقراطية, ولها وقعها –وهو الأشد خطرا-على العقول لأنها تسللت إلى عقول مثقفينا فخربتها كما تخرب السوسة الضرس وتشوه مظهره , فمن قبل كانت خطوات العالم الثالث نحو التقدم والتحرر والحداثة تصطدم بالجدران الصلبة المشكلة لبناتها من مثقفي البلاط وغيرهم من المحسوبين على الأنظمة القمعية والاستبدادية الجاثمة على صدور الشعوب و الكاتمة لأصواتها,واليوم أصبحت ترتطم بجبل جليد تشكل من مثقفين يمكن تسميتهم ب > هؤلاء الذين استباحوا وأحلو ما حرم الله وما رفضه الضمير الإنساني والقوانين الوضعية ألا وهو القتل والقمع والحصار لا لشيء إلا لأنهم اعتنقوا بقلب خاشع ما يسمى بالديمقراطية الأمريكية مدعين أن ذلك هو ما تستدعيه منهم "ليبراليتهم":
كيف يدافعون عن جرائم أمريكا الأب الروحي للامبريالية العالمية الجديدة في العراق و أفغانستان والصومال...بحجة أنها تفعل ذلك بهدف نشر الديمقراطية في حين أنها لا تنشر سوى الرعب والدمار كما أتبث الواقع؟
كيف يسكتون ويتكتمون بل يتواطؤون كلما تعلق الأمر بسجن أو تعذيب أو قمع ثلة من معتقلي ومعتنقي السلفية الجهادية أو كثير من الإخوان بذريعة أنهم أعداء للديمقراطية؟
أليس هؤلاء بشرا تضخ عروقهم دماء مفعمة بالحياة وبالتالي لهم الحق كل الحق في التمتع بكل حق نص عليه الميثاق العالمي لحقوق الإنسان وكل العهود و المواثيق الدولية في هذا المجال وأبسطها حق التعبير وحق المحاكمة العادلة في ظل شروط ملائمة؟
إن ما يميز الإنسان عن الحيوان هو افتقاد هذا الأخير لآلية التفكير التي يمكنها أن تساعده على التحكم في سلوكياته وتهذيبها حتى لا تبقى مجرد ردود فعل تحركها الغريزة بمعزل عن العقل, وكلما فقد هذا الإنسان القدرة والرغبة في استعمال تلك الآلية كلما انحدر بمستواه إلى مستوى الحيوان ليتعطل عنده العقل , ومن يدري فربما تتشكل عنده , مع مرور الزمن, جينات تحمل صفات حيوانية يتوارثها أبا عن جد حتى ينتهي به الأمر في هيئة كلب بافلوف , وهذا ما يسير في اتجاهه بعض العرب ,لا سامحهم الله,بعد أن هللوا وطبلوا وسال لعابهم لقدوم المستعمر الصهيوني إلى كل من العراق وأفغانستان , والطابور أمامه في انتظار, بعد أن أتقن إخفاء ملامحه في عباءة العم سام , تماما كما سال لعاب كلب بافلوف , والفرق هنا هو أن الكلب كان يظن أن بافلوف سيأتي بالطعام كلما صعد الدرج بينما أولائك العرب ظنوا أن أمريكا وحلفائها سيأتيان بالديمقراطية كلما احتلا بلدا من بلدانهم , ورغم تكرار الخدعة لم تنطفئ استجابة الكلب , تماما كما لم تنطفئ استجابة بعض العرب حتى بعد فشل الغرب في إحلال الديمقراطية المزعومة في كل من أفغانستان والعراق.
هناك عبارة تقول "عندما تتوقف حياتك على شيء ما ...عليك صنعه بيدك" وأنا أقول بأن الأوان قد آن لنصنع ديمقراطية لأنفسنا وعلى مقاسنا , أولا لأن أمريكا لا تمطر ديمقراطية بقدر ما تمطر صواريخا وقنابل عنقودية, وثانيا لأن الديمقراطية ليست قرارا أو منحة بقد رما هي صيرورة ينخرط الكل في مسلسل بنائها, وهنا أشيد بالتجربة الموريتانية وأحيي بإجلال كل من ساهم في ولادتها وأتمنى أن تكون الشرارة الأولى التي ستشعل النار في عروش الأنظمة الاستبدادية و القطرة الأولى التي ستروي ظمأ الشعوب المقهورة إلى ديمقراطية حقيقية وفعلية لا إلى ديمقراطية مشبوهة.



#المهدي_أمكور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحريم ليس كافيا في زماننا
- حكم الأكثرية... أم إقصاء الأقلية...


المزيد.....




- مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل ...
- متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م ...
- السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
- مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
- فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي ...
- الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار ...
- لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك- ...
- -الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
- بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - المهدي أمكور - الديمقراطية المشبوهة