|
لاتسأل صديقك من أي طائفة أنت ؟
مؤيد الشيباني
الحوار المتمدن-العدد: 2187 - 2008 / 2 / 10 - 08:59
المحور:
المجتمع المدني
تغير الوقت ولم يعد يحتمل خلافا بائسا حول أوراق ٍ صفراءَ مهترئة. خذ طائرتك الانسانية أيها الصديق واصعد عاليا.. سوف ترى التوصيفات الطائفية من فوق أصغر من نملة! اصعد ولا تبق تحت، فانك أجمل بكثير من أن تبقى في الحضيض، وربما ستقول لماذا أصعد أنا؟ عليهم هم أن يصعدوا! لكنك إن صعدت سوف يتبعونك حتما، الجميع سوف يتبعك لكي لا يشعروا أنهم في الاسفل
إن الانسان لايحب الأسفل، إنه محب دائما للأعلى، لكن لا أحد يشجعه ويأخذ بيده، إن المستفيدين من البقاء تحت هم القتلة الحقيقيون، وهم الذين لا يملكون أي معنى لأنفسهم فكيف يؤسسون معنى للإنسانية؟ ترفــّع ولا تبق رهن البحث عن فريستك الميتة، فإنك إن ترفعت ستطير خفيفا معطرا بفضاء النور، مزهوا بملائكة الخير، مسكونا برضا الرحمة.. وثق أيها الصديق بأن الطائفية مرض! هل أنت مريض؟ هل تريد أن تمرض؟ هل تحب العودة إلى زمن الجاهلية؟ الانتماء الطائفي ضربٌ من القبلية العمياء، إنه لايعنيك في شيء ٍ أبدا، ولست مسؤولا عن أخطاء التاريخ ومؤامراته الوسخة، ولست مسؤولا عن ناقة ٍ ضاعت في دهاليز الماضي.. ولست معنيا بمعاقبة التاريخ، وحتى لوعاقبته فإن عصاك سوف تضرب عائلتك ومصيرك والأجيال التي ستأتي بعدك.. إن الثأر لايحل مشكلات الحاضر، والفرز الطائفي لايؤسس مجتمعا متماسكا أنت اليوم في حاجة إليه لمواجهة تحديات الكتل البشرية الهائلة.. لاتنظر في حدود شبر واحد أمامك.. لقد تغير كثيرا، وكثيرا جدا! لا تسأل صديقك من أي طائفة ٍ أنت.. فإنك إن فعلت ذلك سوف تحيزهُ خارجك، سوف تضعه في منطقة سوداء خلف وعيك ـ حين يكون من غير طائفتك ـ سوف تخرجه من وعيك بالحياة وتحرم نفسك قبل أن تحرمه، من متعة المحبة في فضائها الانساني الجميل، وسوف تدخل معه في نفق مسموم، مليء بالغازات السامة، وقد يحدث ذلك في صالة سينما فلا تعرف بعدئذ أي عالم إبداعي يطرحه الفيلم، أو قد يحدث في مطار فلا تعرف من صنع هذه الطائرات العملاقة التي تقلع وتهبط، أو قد يحدث على مقاعد الدراسة في الجامعة فلا يعود أي معنى لدورك المستقبلي الذي ينتظره المجتمع! إنك سوف تفقد متعة التأمل بالمستقبل والناس والمنجز الانساني الهائل الذي من أسف ٍ ليس لك فيه مكان أكثر من كونك مستهلكا..مثلا، إذا كان ثمة شخصٌ شرير، ماالذي ينفع أن يكون من هنا أو هناك؟ وإذا كان طيبا، فماذا يهم إذا كان من هنا أو هناك؟ إن الانسان بتربيته أولا، وبطبيعة فكره، وضميره الحقيقي بغض النظر عن أية اعتبارات طائفية.. إعطه حرية الحركة في مسافتك وسوف يخجل أن يطأها، سوف يحترمها جدا ولو كان في داخله غرس إجرامي، أو تراكم جاهل، إنك سوف تنقذه من فقده لنفسه ووعيه ونظرته، إنك لست الغالب حين تدخل في صدام معه من أجل لا شيء، سوى ذلك الوهم البعيد الذي ورثته عن محيطك الضيق، وربما عائلتك البسيطة الطيبة التي لم يكن أفرادها على ما أنت عليه اليوم من وعي وحركة وتعليم وحداثة.. إنك سوف تخسر وتجبره معك على الخسارة، ويصبح لدينا خاسران، يتكاثران في المحيط المكاني الأول ثم الأوسع.. فيصبح الخاسران ألفا، ويصبح الألف مليونا. بادر أنت أولا، ولاتترك له شرف المبادرة، بالفهم أن لكل إنسان حق المعتقد في حدوده الخاصة، وأن البشر ليسوا سواسية ً فذلك ضرب من المستحيل، خذ هذه الفكرة من المدرسة وانظر لماذا تختلف درجات التلاميذ في الصف الواحد؟ المعلم ذاته يقوم بالتفريق بين مستويات التلاميذ، بين مجتهد وكسول، بين ناجح بامتياز وناجح بدرجة عادية، بين من ينتقل الى الصف التالي ومن يبقى يعيد صفه لسنة أخرى.. مع أنه هو الذي يدرّس ويتعب.. هي هكذا الحياة! لاتستسلم للنعرات الطائفية، هل تعلم مامعنى ( النعرة )؟ يقال في الأمثال ( فلان فيه نعرة ) أي لايهدأ ويتصرف كالمجنون... والنعرة هي حشرة تدخل في أنف الدابة وتستقر في منطقة حرجة وتبقى الدابة تشخر وترفس وتحرك رأسها وتنام وتنهض وتبقى هكذا حتى تموت ( تنفق )!!! هكذا يراد لنا أن ( ننفق ) مثل الدابة، أن ننتحر بفعل كلمة وسخة من هنا ورأي مغرض من هناك، أن نتقاتل ونظلم وننسى العدل والمحبة فنتحول إلى... قل أنت إلى ماذا نتحول؟ أكيد ستقول نتحول إلى أصغر من نملة ينظر إليها الأعداء من فوق ويسهل سحقها بأقل التكاليف! هاأنك عرفت النتيجة فماذا أنت فاعل؟ ذات صدفة غير جميلة، شهدت حوارا بين ( شابين عربيين مسلمين فنانين فقيرين وجميلين ) قال الأول بلغة احتجاجية وكأنه يتهم صديقه : هل يعقل أن يكون في إيران قبرٌ يزار ويقدس للمدعو ( أبو لؤلؤة ) قاتل الخليفة عمر بن الخطاب؟ فرد عليه الثاني بنفس الاحتجاجية : وهل يعقل أن يقدس البعض يزيد بن معاوية ويحتفلون فرحا في يوم العاشر من محرم بقتل الحسين؟ ياألله.. من حمــّل هؤلاء الشباب كل هذا الإرث، وكيف وصلت إلى موائدهم قشور القشور وضاع اللب في طريق ٍ طولــُه نحو ألف وخمسمائة سنة؟ وبعد قليل ساد المكان صمت، وبدا الحاضرون من فوق أصغر من نملة... قلت لهما : حسنا، فماذا أنتما فاعلان؟
#مؤيد_الشيباني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
-
أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
-
معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد
...
-
منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية
...
-
البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني
...
-
الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات
...
-
الإطار التنسيقي العراقي يرحب بقرار الجنائية الدولية اعتقال ن
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وغالانت لأ
...
-
قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟
...
-
أول تعليق للبنتاغون على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتانياه
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|