|
الكاتب العراقي و صناعة المستقبل
محمد الجوراني
الحوار المتمدن-العدد: 2187 - 2008 / 2 / 10 - 09:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لزمن غير قصير تواصل صخب السياسيين العرب الهادر بعبارات النضال المفرغ من محتواه غالبا، و ساهمت ظروف كثيرة باكتضاض منافذ الاعلام بمذكيي روح التطرف والكراهية. حتى ما عاد للكتاب المؤمنين بالسلم و الديمقراطية من العرب – و العراقيين تحديدا – منفذا للارتقاء بجموع المنهكين من الاصطراع العبثي باسم الامة.. تلك الامة التي أدمت نفسها و أقلياتها بحثا عن محاكاة لماض مشرق- مشكوك أصلا بمدى اشراقه - . دون أن يهدها هاد الى ضرورة التأسيس لمستقبلها بالاستفادة من التجارب الانسانية المعاصرة التي أثبتت نجاحها – بغض النظر عن الدين و القومية - . و بعد زمن من الصراع العربي الاسرائيلي الذي استثمرته المؤسسات الدينية و السياسية في البلدان العربية و منها العراق لقيادة الجموع اليائسة نحو الاحتراب و التطرف و الكراهية المبررة باسم الرجولة و النخوة و الشهادة .. تلك الكراهية التي وصلت حد الانفجار الشديد غير الموجه الذي طال و هدد الجميع . مما استدعى السياسيين و الباحثين في دول المؤسسات الديمقراطية للبحث عن مخرج لمحاصرة ذلك الانفجار و تقليل خسائره على كل المستويات .اضافة لدخول القوات الامريكية ، و لجوئها للحل العسكري لفرض واقع سياسي تبنته السياسة الامريكية للعراق. كل ذلك كان له الدور الكبير في جمع شتات الهاربين من خسائر دنياهم الى مكاسب آخرتهم، فكان العراق و على مدى السنوات الاربع الماضية قبلة الارهابيين بعد أفول نجم قبلتهم السابقة في أفغانستان . لقد ضيع السياسيون العراقيون الكثير من فرص الاستفادة من الوجود الحضاري العسكري للقوات الامريكية، لأسباب كثيرة منها افتقادهم للخبرة السياسية. و التي نتجت عن طول عهد دكتاتورية الحزب الواحد – المفتقد اساسا للحكمة السياسية و مؤهلات الايمان الحزبي - .. و لعل أوضح صور ذلك التخبط تتضح من خلال تبني غالبية الاحزاب لضرورة اخراج القوات الامريكية و عدم شرعية وجودها ، و سعي قادة تلك الاحزاب بذات الوقت لاستمالة الرئيس الأمريكي لمنحهم حصة أكبر من كعكة السلطة العراقية.. و لقد مارس الكثيرون من الكتاب العراقيين في الداخل و الخارج أخطاء مماثلة، منها لجؤهم للطريق الأسهل باستمالة وسائل الاعلام العربية و العراقية المتبنية لنفس المهام المريضة التي ربيت عليها الجموع لسنين طويلة. فربط هؤلاء كل النتائج السيئة بمسبب واحد هو الوجود الامريكي، كما أخضعوا كل التحليلات لنظرية المؤامرة – ايدز العرب و المسلمين - . و رغم ان الكتاب العراقيين يحتاجون لزمن غير قصير شأنهم شأن السياسيين العراقيين ، للوصول الى فعل ايجابي يرتقي بالناس لصناعة مستقبل أفضل يستند الى مفاهيم الديمقراطية و التعايش السلمي على الصعيدين الداخلي و الخارجي. الا ان طول هذا الزمن يظل مرهونا الى حد كبير بقدرة هؤلاء الكتاب على التنازل عن اغراءات الشهرة و الكسب المادي الذين توفرهما لهم نسبيا بعض وسائل الاعلام العربي الغنية الممولة من نفط الخليج - المقادة من قبل ثلة من المتطرفين و محدودي الثقافة -. اضافة الى تحمل تبعات عدم ممالاة الجموع بتبني الخطاب الانفعالي الذي لا يقود لسوى المزيد من المآسي .. و ربما لا نكون مغالين ان قلنا بأن دور الكتاب العراقيين في المرحلة الراهنة – عكس المراحل السابقة – أكبر من دور السياسيين . و ذلك لوجود حيز ديمقراطي اعلامي حقيقي ، يرتقي بالكثير من القياسات على الموجود في الساحة العربية على الأقل. غير متناسين ما يفرزه التحسن الأمني خلال الفترة الأخيرة. ان الكاتب العراقي يمتلك الكثير من المؤهلات اللازمة لتبني هذه المسؤولية ، لكن تعوزه في كثير من الاحيان الثقة الكافية بالنفس و بالشهرة و الكسب المادي الذين يمكن الوصول اليهما عن هذه الطريق – و لكن بزمن أطول - . و لعل الكتاب المقيمين في الخارج هم أوفر حظا من المقيمين في الداخل، بسبب الأمان و ما توفره لهم تلك البلدان من فرصة لمعاينة و معايشة فضائل الديمقراطية.. حيث لا يتصيد كتاب المعارضة أخطاء الحكومة، كما لا يطبل المؤيدون لنجاحات الحكومة كسبا للعطايا.. و حيث يسمي الكتاب الاقتتال حتى ضد الاحتلال بالمأساة و ليس البطولة .. حيث يدرك الجميع ان السياسة الحاكمة ليست الافضل ، لكنها الأحق ما دامت منتخبة، فلا يحاربونها بل يتركونها تعمل حتى يقيمونها فيصوتون لها لفترة حكم محدودة أخرى أو يصوتون لغيرها و يجربوا .
#محمد_الجوراني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(( الكبرياء تليق بالمبدعين العراقيين ))
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|