|
حين يستهدف (الإصلاح) حاشد..!
أحمد شوقي أحمد المقطري
الحوار المتمدن-العدد: 2186 - 2008 / 2 / 9 - 10:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليس المقصود بالطبع قواعد حزب الإصلاح، إنما تلك الغالبية من القيادات والروافد المحركة للعمل الإصلاحي السائد، ولو أنّ أسباب التنشئة في أغلبها لدى الإصلاح تنوء بالكثير من الاختلالات الباطنة والمؤسفة بذات الوقت. لقد برعَ محمد قحطان كثيراً في "تزويق" صورة الإصلاح، فبدا "الإصلاح الديموقراطي والسياسي الجديد" يمارس فنّ الفهلوة واللعب بالألفاظ والتصريحات، ولو أنّ هذا لم يعدو برأيي دائرة اللف والدوران، بل والتناقضُ أيضاً.. حيثُ أننا لم نخلص إلى نتيجة سوى ممارسة التذاكي السياسي الغبي في أصله حسب تصوّري واعتقادي.. ومع ذلك لم ينجع هذا الأسلوب الذي يختلف مع "يمين المصحف والمسدس" (الأصيل) في الموروث الإخواني، أقول لم ينجع سوى في رسم مخطط كاروكي مشوَّه لما يمكن اعتباره الصورة الكاملة والملوَّنة لحالة النضوج السياسي "الإصلاحي" والذي لم يتجاوز نفسه وتخثراته الذاتية بعد. لقد اجتمعت خلال الفترة الماضية الكثير من أسباب الضحك على تفكيرنا الساذج، أو ربما الكثير من أسباب درء الظنّ الحسن الذي كلناهُ "زرافات ووحدانا" من أجل العظمَة الإصلاحية الجديدة التي قد تشارك القوى التقدمية في قيادة التغيير الجديد.. لكن لم يكن من الطيب كيل هذا الظنّ الجزاف الذي لم يجد أيّ مبشرات تساعد نموَّهُ السقيم أصلاً في الكينونة والنضوج لنجد أنفسنا – غلابى – ومحاصرين بقمقم الإصلاح الذي لم يستطع الصبر على صوت العقل الذي أحرجهُ وضايقهُ كثيراً خلال الفترة السابقة، هذا العقل الذي قبل به – مؤقتاً – بداعي الطمع السياسي. وكم بدا الإصلاح الجديد، يبدو مضطرباً جداً وفاقدَ التركيز.. فمن لم يشهد برطعة الإصلاح في القضية الجنوبية، من كلمتي غزل خجولتين في قضية الجنوب، إلى خطبة رنانة لليدومي في الاتجاه المعاكس. مؤخراً برزت تلك الأصوات التي لطالما غابت عن القضايا الوطنية الهامة.. خمسون نائباً يوقعون فتوى حسبة ضدّ صحيفة "المستقلة"، مع أنّ من كان ينبغي عليه أن يحشد هكذا حشد.. ويبتغي هكذا مبغى هم نواب السلطة أصحاب خطّ الضرب الأول للقضايا التي تطرحها المستقلة والتي تحتوي في مجملها نقداً شرساً لهذه السلطة.. لكن ما معنى تُرى أن تصمت السلطة ويتحرك نواب الإصلاح؟! هذا يذكر بما كان يتحدث عنه "إبراهيم عيسى" الصحفي المصري عن "انتهازية الإخوان" مع الفرق الشاسع بين إخوان مصر الذين يمتازون بنضج أكبر ربما بما أورثته تجربتهم التنظيمية والسياسية التي بدأت قبل سبعين عاماً أو ما يربو. الأكثر من هذا أولئك النواب "الإحدى عشر" "الإصلاحيين" الذين طالبوا بإسقاط الحصانة عن حاشد.. لتتكالب فتاوى الحسبة الدينية والسياسية على بعضها.. نعم لم تقم الفتاوى ضدّ وزراء الفساد، بل ونظام الحكم الفاسد، لم تقم فتاوى الحسبة هذه ضدّ ناهبي أموال الفقراء واليتامى في باكرة التسعينيات من القرن الفائت من "بتوع ربنا".. لم تقم الفتاوى ضد من قتل وسرق ونهب، لا ضدّ ذلك الشيخ "المسلم" الذي ضاجع امرأة الشاب الجامعي المسكين وقتله وأحرق سيارته.. ولا ضدّ الذي هجر الناس من بيوتهم، ولا ضدّ ذلك الذي أحرق وهدم قريةً بأكملها في الضباب..! لم يقل أحدٌ لهؤلاء أنهم كفار.. ولم تقم عليهم الحسبة، ولم يجتمع خمسة نواب فضلاً عن خمسين نائباً.. من حقّ بعض نواب الإصلاح وقياداته أن تشعر بالغيرة من حاشد، فقد أصبح حاشد في عيون الناس أكبر من حزب، وأجمل من حلم.. حمَل حاشد قضايا الناس على كتفيه، وكابر وهو يتعدّى الحواجز ويدوس على الجمر بفضلها، رفضَ حاشد أن يأتي يومٌ واحد ليشعر بحقه في الغرور والنرجسية، بل طيلة العهد والجَهد، كانَ منكراً لذاته ولما يقدمه، يفعلُ ما أمكنه، ويصرِف مقدرات الصحيفة وعائداتها في سبيل الآخرين ومن أجلهم.. لا يعرف الآخر هذا أن حاشد – القاضي- البرلماني – والحقوقي البارز.. وصاحب الصحيفة الأوسع انتشاراً في الجمهورية يسكنُ في بيتٍ مستأجر في إحدى حواري العاصمة، لم يعرفوا أن مقر صحيفة مقسومٌ نصفين.. نصف لهيئة التحرير، ونصف للناس.. لم يعرفوا أنه كم من غريب دخل إلى مجلسه وضيّفه وأكرمه، وهو لم يسأله من هو وما الذي جاء به.. حتى لكان مجاوروه يستغربون حينما يعرفون أن (القاضي) لا يعرف من هذا الضيف الغريب..! إنَّ حاشد الذي عاشَ معاناة خاصة لم يتحدث عنها يوماً، وسمعتها من بعض مقرّبيه، حملَ ما لم تستطع أحزاب أن تحمله.. فأي حزبٍ على الساحة امتلَكَ مثابرة حاشد، وأيّ حزب لديهِ تواضع حاشد، وأي مؤسسة لديها نظافة يد حاشد، وأيّ جمعية لديها تضحية حاشد.. ما أجدهُ في مستوى نظري أنّ حاشد كائنٌ لم يقرر أن يجعل قضايا البلد ملء مزاد. إن البيان الذي وقع عليه نواب الإصلاح المذكورين هو بيان محاولة انتحار سياسي، وتعميد لجملة المحاولات التي استكثر منها حزب الإصلاح تحت داعي الطبع الغالب للتطبُّع الذي أثبتَ هِنَتهُ وضعفه.. سيبقى احترامنا لحاشد كبيراً.. أما الإصلاح فآمل أن تسبق فئة المتنورين فيه عقولاً بحاجة للكثير من إعادة البناء.. فقد أثبت الترميم فشله.
#أحمد_شوقي_أحمد_المقطري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|