|
ابنة مارجريت تاتشر ربعها عربي ، و توماس جفرسون فينيقي ، فماذا عنكم ؟
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2191 - 2008 / 2 / 14 - 02:15
المحور:
الطب , والعلوم
كأنها العنصرية الحلال ، أو القانونية ، في هذا العصر ، و أعني الهجوم على العرب و المسلمين ، الذين أُختصوا وحدهم هذه الأيام بالهجوم . فمن يكيل الإتهامات هذه الأيام للعرب و المسلمين ، و يلصق بهم كل نقيصة عنصرية بغيضة ، لا تواتيه الشجاعة لينطق بواحد على عشرة ، أو حتى واحد على مائة ، مما يقول ، بحق أبناء أي عرق ، أو دين أخر ، و هو برغم تلك النعرة العنصرية ، يدعي إنه من التقدميين ، و من أنصار الحداثة ، و الحرية .
لا أريد في هذا المقال أن أدخل في جدال حول قيم الحداثة ، و الحرية ، و التقدم ، و إنما أريد أن أعرض شيئاً جاء به العلم الحديث ، علم لا يعرف المجاملة ، و المداورة ، و الكذب ، و لا يعرف قيمة المال فينحاز لمن يملكه ، و لا يسير مع الرائجة ، و لا يتأثر بالجو الإعلامي الذي يلُف العالم .
و هذا العلم ، هو علم الوراثة الجينية ، علم الحامض النووي ، الدي إن إيه ، و الذي تقدم كثيراً ، في الآونة الأخيرة ، و جعل بالمقدور الكشف التفصيلي عن التركيب الجيني للفرد منا ، و معرفة ما دخله من جينات وراثية ، و الكشف عن أصول تلك الجينات ، فتُعرف بالتالي الأصول السلالية لكل فرد .
في عدد الثلاثين من أكتوبر ، من عام 2006 ، نشرت جريدة التايمز ، البريطانية ، و التي تحظى بالإحترام و التقدير ، حتى لمن يختلف معها في خطها السياسي ، مقالاً بعنوان :
Maggie, the born queen of the desert
المقال مستمد من المادة العلمية التي تمخض عنها تحليل المادة الوراثية لعدة أشخاص يعتقدون بإنهم إنجليز خلص ، و جاءت النتائج مفاجأة ، فقد تم إكتشاف أن أحد الصحفيين البريطانيين المعروفين ، به نسبة من الجينات ذات الأصل الأفريقي ، جنوب الصحراء ، أما الإكتشاف الأكبر ، هو ان ابنة مارجريت تاتشر ، أو مارجريت ثاتشر ، كارول تاتشر ، ربع جيناتها الوراثية تقريباً ، أربعة و عشرين بالمائة ، من أصل عربي ، أو بتعبير أدق ، فإن ربعها ينحدر من أصول السكان الذين كانوا يحيون في السهول الخصيبة بميزوبوتاميا - أو العراق اليوم - حسبما ذكرت التايمز في المقال المذكور ، و أن تلك الجينات تنتشر في القبائل المتجولة بين العراق و سوريا ، و في الشرق الأوسط ، و شمال أفريقيا .
وفي رأي العلماء ، و الذين إطلعوا على نتائج التحليل ، و إطلعوا على شجرة عائلة كارول ، من ناحية أبيها دنيس تاتشر ، و ناحية والدتها ، مارجريت تاتشر ، رئيسة الوزراء البريطانية السابقة ، و التي تعود من الناحيتين إلى الريف البريطاني ، لأصول حرفية و زراعية ، و لا صلة لها بأصول ملكية أو بطبقة النبلاء ، و الذين عرف عنهم إختلاطهم بعائلات ملكية ، و نبيلة ، غير بريطانية ، أي ان كارول ، من ناحية أبويها ، بريطانية أصيلة ، أو هكذا تبدو ظاهرياً .
و قد تعددت التفسيرات في كيفية وصول تلك الجينات العربية لكارول تاتشر ، و لكن الرأي الغالب ، إن تلك الجينات دخلت بريطانيا في العصر الروماني ، حيث أن التقديرات تشير إلى أن ثمانية ملايين بريطاني تدخل فيهم جينات تنحدر من جيش الإحتلال الروماني ، و الذي كان يضم جنوداً ، و ضباطاً ، و قادة ، و إداريين ، من كافة أنحاء الإمبراطورية الرومانية ، بل إن أحد حكام بريطانيا الرومانية المشهورين ، من أصل شمال أفريقي ، كما خدم الفرسان العرب في الجيش الروماني ، مثل الخيالة الثمودية ، التي تنتسب لقبائل ثمود ، أما أشهر فرق الخيالة في الجيش الروماني ، و أكثرها إنجازات ، فهي الخيالة الشمال أفريقية ، و التي خرج منها القائد الشهير كيتوس ، و الذي لعب دوراً كبيراً في فتح الرومان لداتشيا ، و التي تعرف برومانيا اليوم ، في عهد الإمبراطور الروماني ذو الأصل الأسباني تراجان . مثلما خدم المصريون في الجيش الروماني ، و أذكر هنا الفرقة الطيبية بقيادة موريس ، التي لها قصة معروفة في ألمانيا و سويسرا .
مثال أخر شهير ، خرج به علينا علم الوراثة الجينية ، و هو الكشف الذي قام به البروفيسور Mark JOBLING من جامعة ليستر ، عن الأصول الجينية الذكرية للرئيس الأمريكي الشهير ، توماس جفرسون ، صاحب أحد أشهر وثيقتين في التاريخ الأمريكي ، إعلان الإستقلال .
فقد كشف العالم المذكور ، و فريقه ، منذ أكثر من عام بقليل ، عن معلومات جديدة تتعلق بالأصل الجيني لجفرسون ، من خط الذكور ، أي من الإبن إلى الأب إلى الجد ، و هلم جر ، و الذي ثبت إنه يرجع إلى أصل شرق أوسطي ، و لكن الجديد إنه أصل بعيد الجذور ، ربما دخل أوروبا منذ أكثر من أربعين ألف عام ، أو حسب نظرية أخرى دخل بريطانيا ، عن طريق الفينيقيين ، خاصة إن الهابلوجروب الذكري للرئيس جفرسون ، قريب في تركيبه ، للهابلوجروب الذكري لمواطن مصري ، مثلما يكثر هذا الهابلوجروب في لبنان ، الموطن الأول للفينيقيين ، و من الثابت ان الفينيقيين وصلوا إلى بريطانيا .
أخيراً أكتفي في عجالة بذكر ، ما ذكره موقع البي بي سي ، عن إكتشاف ثلاثة بريطانيين بيض ، من أصول أفريقية ، و يعود زمن دخول أجدادهم لبريطانيا ، للقرن الثامن عشر الميلادي .
هذه أمثلة ، أقدمها من مصادر متعددة ، و لم أستعن فيها بموسوعة ويكيبيديا ، النسخة الإنجليزية ، و التي إن كنت أقدر فكرتها و مجهوداتها ، إلا إنها لم تصل بعد للحيادية المطلوبة ، لمعالجة الكثير من الأمور ، خاصة الحساسة منها ، و إن كان هذا لا يمنع أن بعض تلك المعلومات ذكرت بسطحية في الموسوعة المذكورة .
الحقائق المذكورة في المقال يقدمها لنا علم ، لا يعرف النظريات السياسية ، و لا يفهم النعرات الطائفية ، و يقول لنا من خلال تلك الأمثلة إن البشر مختلطين ، فها هي ابنة مارجريت تاتشر ، أو ثاتشر ، ربعها عربي ، و توماس جفرسون شرق أوسطي الأصل ، و ربما تحديداً فينيقي ، و ثمانية ملايين بريطاني بهم جينات دخلت عن طريق جيش الإحتلال الروماني المتعدد الأعراق ، و ثلاثة بريطانيين بيض من أصل أفريقي نادر الوجود .
فماذا عنكم أيها المصريين العنصريين ، سواء المسلمين أو المسيحيين ؟
هل تعتقدون بأنكم سلالة نقية ، و مصر منذ أقدم العصور كانت مفتوحة الحدود ، مشرعة الأبواب ، لا تعرف تأشيرات الدخول ، و يفد عليها البشر من شرقها ، و غربها ، و جنوبها ، و شمالها ؟
هل تناسيتم ان الشعب المصري لم يتكون إلا من خلال إختلاط الشعوب التي جاءت من كل حدب وصوب ، لتكون الشعب المصري الفرعوني ، و ان عملية الإستيطان هذه لم تتوقف أبان العصر الفرعوني ، و إستمرت بعده ؟
لهذا أتمنى أن يُجرى تحليل للمادة الوراثية لبعض أشهر أولئك النازيين المصريين ، سواء من المسلمين ، أو المسيحيين ، أو غير ذلك ، لنعرف أصلهم و فصلهم ، فلعلهم يكفون عن عنصريتهم ، بعد أن تُعرف علانية أصولهم .
لعلهم يعرفون ، و يعرف أتباعهم ، أنه لا يوجد شيء إسمه سلالة بشرية نقية ، و ان البشر جميعاً ، في النهاية من أصل واحد ، و الذي تشعب إلى فروع ، و إنه كثيراً ما عادت تلك الفروع لتتصل بالفروع الأخرى .
لستم أيها النازيين أنقياء ، إنني واثق من ذلك
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طفل واحد لا يكفي
-
على آل سعود الإعتذار لنا ، نحن أهل السنة
-
لا لحصانة ديرتي وتر و المارينز في مصر
-
علينا ألا ننغلق ، علينا ألا نكرر خطأنا زمن الإمبراطورية الرو
...
-
الركلات و الهروات للضعفاء ، و للأقوياء ما أرادوا
-
حان وقت إسقاط أسرة أبو جيمي ، و بدون ضوء أخضر من أمريكا
-
هل من المحظور على المسلمين الترشيح لرئاسة الولايات المتحدة ا
...
-
هل يعد ج. د. بوش الإيرانيين برئيس مثل أبو جيمي ؟
-
لقد حطموا الذكاء المصري ، إنهم يريدونا عبيد
-
لن نقف أمام تكايا آل مبارك
-
مخاوفنا مبررة ، فالحرية الإقتصادية ليست مطلقة
-
هكذا يجب التعامل مع آل مبارك
-
نصب تذكاري لضحايا مذبحة المهندسين
-
يعقوب صنوع أديب الحرية
-
الأغنياء و المساتير أيضاً يثورون
-
هم الذين كفروا و صدوكم عن المسجد الحرام
-
لا يا بلد شامبليون، الحضارة المصرية لم تبن بالسحر
-
يا راكب القارب، تعال نصنع أوروبا في مصر
-
حتى لا يساء للقرآن، إبحثوا عن بديل لكلمة إرهاب
-
مبارك و بوتين، الفارق بين من فرط و من إسترد
المزيد.....
-
الإمارات تمنح مساعد الرئيس الروسي وسام -زايد الثاني- من الطب
...
-
لماذا نتثاءب أكثر عندما نشعر بالتعب أو الملل؟
-
مركز-غاماليا- الروسي: من المتوقع اعتماد لقاحات السرطان الروس
...
-
الإفراط في شرب القهوة سريعة التحضير ضارة لصحتك.. كيف تقلل ال
...
-
حرب على قراصنة التكنولوجيا.. عملية -الإطاحة- تقلص مداخيل الم
...
-
عالم الطب 2024.. ابتكار نهج جديد لإذابة الجلطات الدموية فى ا
...
-
أوهايو تعتمد تشريعا ينظم استخدام المتحولين جنسيا لدورات المي
...
-
شو صار عند الدكتور يا لولو .. استقبل بسهولة تردد قناة وناسة
...
-
متى يكون احمرار الجلد مؤشر خطر.. 5 نصائح مهمة
-
تعرف على دور الخضراوات فى خفض ضغط الدم وأفضل الأنواع
المزيد.....
-
هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟
/ جواد بشارة
-
المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
-
-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط
...
/ هيثم الفقى
-
بعض الحقائق العلمية الحديثة
/ جواد بشارة
-
هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟
/ مصعب قاسم عزاوي
-
المادة البيضاء والمرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت
...
/ عاهد جمعة الخطيب
-
المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين
/ عاهد جمعة الخطيب
-
دور المايكروبات في المناعة الذاتية
/ عاهد جمعة الخطيب
المزيد.....
|