حميد الحلاوي
الحوار المتمدن-العدد: 2187 - 2008 / 2 / 10 - 10:58
المحور:
الغاء عقوبة الاعدام
عصر يوم أمس السـابع من شـباط أسـتوقفني أحـدهم في شـارع السـعدون بتحية لطيفـة جدا ً وأدب بالغ معلنأ ً عن هويتـه قائـلا ً :
مرحبــاً أســتاذ .. نحـن من فضائية ...... ونحتاج للقاء قصير تعبر فيه عن رأيك كمواطن عراقي في الدعوة الموجهة من قبل الأمم المتحدة للحكومة العراقية ..ومحاولة الضغط عليها من أجل تعليق أحكام الإعـدام الصادرة .....إلخ . مضيفا ً وموضحا بأن أحكام الإعدام ما زالت مطبقة في أكثر دول العالم ( تقدما ً وديمقراطية ) مثل الكرسي الكهربائي والحقن بالأبر السامة .
هنا قاطعته بلطف ممازحـا ً :
يبدو إنك معبأ ضد الحملة .. إذا كنت تريدني أن أردد ما قلته أنت الآن أمام الكاميرا .. فأنت واهم .. أنا لي رأي مخالف لما تفضلت به إذا لا ترغب بسماعه ..فالسلام عليكم .
أبتسـم الرجل بكل أدب قائـلا ً :
ابـداً والله أنت حر في قول ما تريد .. وستجدني في قمة السـعادة لسماع رأيك .
قلـت هل أنتم جاهزين ... تلقيت الإشـارة وبدأت الكـلام :
" أنا أسال بدوري .. وأنت تتحدث عن وجود هذه الأحكام في أكثر دول العالم تقدماً وديمقراطية ً كما اسميتها
.. ضد من تصدر مثل هذه الأحكام .. ضد المجرمين والقتلة أم ضد السـياسين .. بالتأكيد ضد المجرمين والقتلة .... ثم تعال وأجبني بوصفها أقسـى عقوبة تصدر ضد إنسـان بأنهاء حياته مهما كانت درجة الجريمة التي أرتكبها .. هل ساعدت بدورها في تخفيف نسبة الجرائم المرتكبة يومياً في تلك المجتمعات .. أنظر الى الأرقام والإحصائيات المنشورة .. يتزايد معدل الجريمة هناك بالثواني وليس بالدقائق .. بإعتقادي إن الأقســى من عقوبة الإعدام هو السـجن مدى الحيـاة رغم إني مبدئياً لا أقره ايضا لكنه أهون شـرين لابد منهما .. مع إقراري بحق ذلك الإنسـان المسلوب الحرية بقرار قضائي , على مجتمعه ( ومهما كانت درجة إنحراف ذلك الإنسان ) بإعادة التأهيل , فلو درست أسباب الإنحراف لأتضح حتى للأعمى أن ( وبدون مبالغة ) 99 % منها هي من صنع المجتمع , هذا إذا كنا نتحدث عن الحضارة والتقدم , وبناء دولة مدنية و ديمقراطية قائمة على أسس سيادة القانون , أما بصدد الأحكام ونوع المحكمة ( موضوع الحملة ) التي عرض لها أركان النظام السابق ورئيسه , فهي محاكمة سـياسية مهما بولغ في إختيار الأزياء لها لأخراجها بصورة متقنة , لتكون كمحاكمة عادية تتعلق بالحق العام والحق الشخصي لذوي الضحايا .. وأنا أرفضها جملة وتفصيلا ً .. رغم إني كنت ولا أزال معارضا ً لذلك النظام الفاشي وسياساته وبقيت هنا في ساحة الوطن أقارعه وأناصبه العداء الدائم .. ودفعت ثمنا ً كبيرا ً لقاء ذلك منها تدمير مستقبلي الدراسي والمهني , وإعدام النظام لأعز إنسان على قلبي ,إبن خالتي وخال أولادي , بسبب من هذه المعارضة ... ولإنك اليوم لو أردت تطبيق معاييـر المحكمة أياهـا بشـكل عادل ومنصف ..فأن كل ما موجود على السأحة السياسية من تيارات من أقصى اليمين الى أقصى اليسار سيقع تحت طائلة أحكامها ويصبحون معرضين لنيل تلك العقوبة القاسية . إن بناء دولة ديمقراطية مدنية يستوجب منا أن نتعلق بأستار الحضارة .. كتعلق أجدادنا سابقا ً بأستار الكعبة . "
ودعته .. ورحت أسـتعرض في مخيلتي .. عدد جريدة " طريق الشعب " .. 74 للسـنة 73 الصادر يوم الأحـد 25 / 11 / 2007 .. الذي ما زلت محتفظا به في حقيبتي منذ يوم صدوره .. محاولا ً الكتابة حول الموضوع المنشور في صدر صفحته الأولى وعلى اليسأر مزينا ً بصورة رائعة للسيد " حمبد مجيد موسى " .. والذي تضمن حديثا ً أدلى به لوكالة أنباء " أكي " الإيطالية بشأن النزاع الدائـر فيما يختص بتنفيذ حكم الإعـدام بحق مداني الأنفـال الثلاثة .. لا يهمني كل ما ورد فيه .. لأني خبرت جيداً طريقة الأجابة .. المتسمة بالزوغان والذهاب بعيدا من أجل ما يسمى باللهجة الدارجة " لغمطة " الموضوع .. التي تفصح عن الشـخصية الحقيقية للسيد " موسى " .. التي أتخذت من التوفيقية إماما ً لها .. إلا أن ما أسـتوقفني فيه وبشكل إسـتفزازي .. وصارخ يدلل على إنصياع السيد " موسى "الدائم لرأي الأغلبية .. تطبيقا ً لمبادئ " الديمقراطية والتجديد " التي جاء بها مرســلاً ... ومؤمنا ً .. ومريدا ً وتابعا ً .. أي إنـه جاء بها أمـة لوحـده .. وسيبعث بها أمة لوحـده في القيامة كبعثة إبراهيم ..قوله الآتي :
" من خـلال الظرف الراهـن .. يصعب الحصول على قرار تعليق العقوبة لأن الكثير من القوى الدينية .. تعتبرإن هذا القرار منصوص عليه بالقرآن .. فلذلك يسـتصعبون إلغاء الإعدام .. رغم إن هناك محاولات لتقليص حالات تطبيق العقوبة الى أدنى الحدو الممكنة .. لكن المجتمع العراقي يعتبر الظروف الحالية غير مؤاتية . "
هنا فقط أود سـؤال السيد " موسى " ... هل أن هذه القوى الدينية .. خارج اللعبة السياسية ..أم داخلها ..إذا كانت داخلها .. هلا تكرم وشـرح لنا بأي طريقة دخلت وفازت هذه القوى الدينية .. وهل إن فوزها كان مطابقا ً لنصوص القرآن التي تدعو الى الأمانة والنزاهة والشرف .. هل كانت هذه القوى الدينية قريبة من هذه المفاهيم أثناء الحملات الإنتخابية أو في يوم الأنتخابات وما بعده .. وأعني بذلك ايام كتابة الدستور الذي أجبر السيد " موسى " مؤيديه ومناصري حزبه على التصويت عليه بـ " نعم " رغم علمـه المسـبق بأن عدم شـرف الأغلبية في اللجنة الدستورية وعدم وطنيتها هي التي وضعت الفقرات التي تؤسس لبناء الدولة الدينية الفاشية .... وأعود فأسأل السيد " موسى " .. ماذا لو كانت صورة الواقع السياسي بالمقلوب الآن .. لو كانت هناك سـيادة لديمقراطية على شأكلة ما موجود الان في أميركا , والسويد وأخيرا في جمهورية الجيـك , ويوجد هناك نص دسـتوري هو بالنسبة لسكانها بمثابة قدسية النص القرآني عندنا , يبيح زواج مثيلي الجنس .. والدعارة والمخدرات .. هل كنا سـننصاع للأغلبية .. وفق مفاهيم السـيد " موسـى " الديمقراطية , أم نقف بالضـد منها والذي تمليه علينا أخلاقنا ومثلنا الشـيوعية ..
يؤسـفني أن أقول هنا أن الأنهزامية والتبعية السياسية .. التي جـبل عليها السـيد " موسى " كما يبدو جعلت منه قانعا ً مقتنعا ً بدوره كأليكترون ضعيف غير ممتلك للطاقة التي تتيح له الإنتقال الى مدار بعيد عن النواة التي تشـده دائما ً اليها .. تلك النواة المتمثلة بالقوى الكردية القومية أولياء نعمته المادية , والأحزاب الإسلامية الفاشية أوليـاء نعمته المذهبية .... التي تشـده كما يبدو شــدا ً أنســاه إنســانية الفكر الذي يدعي إعتناقه , وريادته في التجديد لهذا الفكر ولو على مسـتوى السـاحة العراقية , فظهر على هويته الحقيقية سمكة في الماء وأنت تريد إمساكها بيديك المجردتين .. منزلق وتوفيقي دائمـا ً ..بلا موقف ثابت ورأي سـديد .. تميـز به الشــيوعين دائما ً .
#حميد_الحلاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟