|
عراق ما بعد الحرب : مثال حي عن الخصخصة ؟
مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 2185 - 2008 / 2 / 8 - 12:01
المحور:
الادارة و الاقتصاد
بقلم : فيليب ماتيرا في وقت مبكر هذا الأسبوع ابتكر الموظفون العسكريون الأمريكيون حلا للاضطراب الذي يتعلق بتوزيع الماء إلى المدنيين في الميناء العراقي أم قصر : أن يوفروا الماء مجانا للسكان المحليين بشاحنات صهريج و أن يسمحوا لهم ببيع هذا السائل الثمين في مقابل "معقول" . "زودهم هذا بدافع للعمل و الجد" كما أبلغ قائد عسكري مراسل جريدة نيو يورك تايمز اليومية . هذا التحويل لسلعة عامة إلى أيدي خاصة قد يكون خطوة أولى صغيرة فيما قد يمكن أن يكون خصخصة واسعة في العراق بعد انتهاء الحرب . مجموعة من المفكرين المحافظين و محللين آخرين كانوا يرددون طوال شهور أن اقتصاد ما بعد صدام حسين يجب أن يعاد بناءه وفق مبادئ ميلتون فريدمان . فقط في الأسبوع الماضي نشر روبرت ماكفرلن , مستشار الأمن القومي في إدارة ريغان , و ميكايل بليرزر , المدير التنفيذي لشركة إدارة أسهم , في صفحة التحرير في صحيفة وول ستريت جورنال بعنوان "تحويل العراق خاصا" . دافع الرجلان عن أن "الولايات المتحدة و حلفاءها قد تلقوا النصائح بدرجة جيدة لكي ينظموا فريقا من قادة عمل القطاع الخاص "كلجنة قيادية" لتوجيه و مراقبة" إعادة بناء الاقتصاد . دعوة صريحة للخصخصة عوضا عن أن تكون مجرد استثمار خاص , أطلقت في مؤتمر عقد برعاية مؤسسة هيريتج اليمينية . في ورقة قدمت إلى المؤتمر ( و نقحت في الشهر الماضي ) كتب أريل كوهين و جيرالد أودريسكول :"لإعادة تأهيل و تحديث اقتصادها ستحتاج حكومة ما بعد صدام للتحرك في نفس الوقت في عدد من جبهات السياسة الاقتصادية , الاستفادة من تجربة حملات الخصخصة و الإصلاح الهيكلي في بقية الدول" . ذهب الكاتبان إلى التأكيد على ما يعتبرانه الدرس رقم 1 : "الخصخصة تفيد في كل مكان " . بالعودة إلى سبتمبر أيلول قدم الموقع الالكتروني لوزارة الخارجية الأمريكية عرضا كاملا للنقاش في اجتماع مؤسسة هيرتيج , مقتبسا قول كوهين بأنه في رأس قائمة توصياته "بيئة قانونية معاصرة تعترف بحقوق الملكية , التي لا توجد اليوم في العراق , و التي تؤدي إلى الخصخصة " . كما في بقية أمور العراق , فإن دعوة الولايات المتحدة إلى الخصخصة تردد صداها في بريطانيا . في الشهر المنصرم أصدر معهد آدم سميث المحب للسوق الحرة ورقة بعنوان "نحو أجندة اقتصادية و سياسية للعراق الجديد" . يبدأ أحد أقسام الوثيقة بالإعلان :"إن الخصخصة شرط لا بد منه للإصلاح الناجح في العراق" . و وصل الكتاب إلى أن قالوا :"في العراق هناك الكثير مما يمكن خصخصته , حيث أن قسما كبيرا من الاقتصاد تملكه الدولة" . من بين القطاعات التي يجب انتزاعها كما اقترحوا التعدين و الكيمياويات و البناء . تخطيط مصلحة أصحاب العمل منذ بدأت الحرب , تجنبت إدارة بوش الحديث عن فرص العمل التي جرى خلقها في العراق للشركات الأمريكية و الأجنبية الأخرى . لكنها اتخذت خطوات مثل منح عقد لتشغيل الميناء في أم قصر لشركة خاصة , شركة خدمات تحميل السفن في أمريكا . منح عقد آخر للمساعدة التقنية لجهود إعادة البناء لمجموعة المصادر الدولية و التي ستتقاسم العمل مع المقاول الفرعي كراون إيجنتز البريطانية , و التي هي نفسها نتاج خصخصة وكالة مساعدة تطوير بريطانية . الوكالة الأمريكية للتطوير الدولي و التي تنسق خطط إعادة الإعمار منحت حوالي نصف دزينة من شركات الهندسة الكبرى الموجودة في أمريكا حقا حصريا للمشاركة في المناقصة على العقد الرئيسي لأعمال البنية التحتية . وفقا لعدة تقارير إعلامية فإن المتنافسين الأبرز على هذا العقد هم شركة بيكتيل و شركة بارسونز . يقال أن الأخيرة قد اختارت وحدة كيلوغ براون و روت من هاليبرتون كمقاول من الباطن بعد أن تم استبعاد هاليبرتون كمنافس رئيسي ظاهريا بسبب الجدل الذي أثير عن علاقات الشركة بنائب الرئيس تشيني . ما يهم عن بيكتيل و بارسونز هو أن كلتا الشركتين , بالإضافة إلى وحدات البناء الرئيسية فيهما , تمتلكان مشاريع متداخلة في نشاطات خصخصة في الولايات المتحدة و في أماكن أخرى . بيكتيل هي اللاعب الأساسي في خصخصة شبكة المياه , و تأتي مباشرة بعد الثلاثة الأوائل – سويز , فينيدي يونفرسال و ر.و.إي. ماء التيمز – في هذا العمل المثير للجدل . أجبرت شركة تابعة لبيكتيل على التخلي عن مشاريعها في كوتشوباما في بوليفيا نتيجة لانتفاضة شعبية جراء الارتفاع الشديد في أسعار المياه . تقاضي اليوم بيكتيل بوليفيا مطالبة ب 25 مليون دولار على سبيل التعويض أمام محكمة سرية تابعة للبنك الدولي . تقوم بارسونز بدراسات الجدوى الاقتصادية للخصخصة و في بعض الأحيان تتولى إدارة المشاريع نفسها . الشاهد الأردأ سمعة عن هذه الأخيرة هي دور الشركة في خصخصة نظام فحص السيارات في نيو جيرسي . هذا المشروع الذي يساوي أكثر من 500 مليون دولار وجهت إليه تهم بعدم الكفاءة و ارتفاع التكاليف . كانت بارسونز المتنافس الوحيد على الفوز بهذا العقد الذي منحته إياها في أواخر التسعينيات إدارة الحاكم كريستي وايتمان , الذي يخدم اليوم كرئيس للوكالة الأمريكية لحماية البيئة . من الواضح أنه هناك الكثير من فرص العمل التي يمكن الحصول عليها في العراق . نقلت التقارير أن إدارة بوش منعقدة حول مجموعات العمل العشرة للتخطيط لتحويل كل شيء من الزراعة إلى البنوك . تتوقع الشركات الأمريكية أن تحصل على عقود لإعادة بناء و إدارة مرافق مثل المطارات و المدارس و المستشفيات . الجائزة الكبرى الجائزة الكبرى بالطبع هي النفط . لا يوجد أي شك في أنه ستتم دعوة الشركات الأجنبية أيضا لإدارة شبكة نفط العراق بعد الحرب , السؤال هو فيما إذا كانت ستبقى في مكانها إلى أجل غير مسمى و حتى ربما أن تمتلك نصيبا في الملكية . يبدو أن بعض الناس يعتقدون أن الوضع يجب أن يكون كذلك . في ديسمبر كانون الأول نشر كتاب تقرير مؤسسة هيريتج مقالة في النسخة المنشورة على الانترنيت من الناشيونال ريفيو المحافظة بعنوان "خصصوا نفط العراق" . نقلت لوس أنجلوس تايمز في شباط فبراير أن الهيئة الاستشارية لوزارة الخارجية من مختصي النفط العراقي المنفيين قد أوصت بخصخصة مصادر النفط في البلد , لكن فقط بعد أن يجري استبدال الإدارة العسكرية الأمريكية بحكومة جديدة ذات سيادة . اتجهت إدارة بوش للحديث عبر ملاحظات صغيرة عن استخدام إيرادات النفط لفائدة الشعب العراقي , لكن مما يجب أخذه بعين الاعتبار أن الشخص الذي نقلت التقارير أنه قد اختير ليشرف على إنتاج النفط بعد الحرب هو الموظف التنفيذي الرئيسي السابق لشركة نفط شل . عمل فيليب كارول أيضا كمدير تنفيذي لشركة فلور , إحدى شركات الهندسة الكبرى التي دعيت للتنافس على عقد إعادة الإعمار الرئيسي . النزاعات المحتملة بين المصالح بالنسبة لكارول ليست هي المشكلة الأكبر لإدارة بوش في خططها لاستغلال النفط بعد الحرب . نقلت الواشنطن بوست اليوم أن الأمم المتحدة و الموظفين البريطانيين قد طالبوا ألا تملك الولايات المتحدة السلطة القانونية للسيطرة على عمليات النفط العراقي حتى على أساس مؤقت من دون الحصول على تفويض جديد من مجلس الأمن , اعتمادا على واقع أن هذه العمليات كانت تحت إشراف نظام الأمم المتحدة النفط مقابل الغذاء . في يناير كانون الثاني نقلت بلات أويلغرام أنه في تقرير وزارة الخارجية عن القانون , الذي كتب بعد أن استولت إسرائيل على حقول النفط في سيناء التي طورتها مصر أصلا , توصل إلى أن القانون الدولي لا يدعم حق القوة المحتلة في الحصول على امتياز تطوير حقول النفط . ليس من المستغرب أن نعرف أن وزارة الخارجية تبحث اليوم عن رأي قانوني جديد . تذهب الغنائم إلى المنتصر كما يقال . في حالة هذه الحرب ستذهب الغنائم إلى أصحاب العمل حلفاء المنتصر حيث يجلبون شكل يقوم على كبرى الشركات بكل وضوح لتحرير شعب العراق .
ترجمة : مازن كم الماز نقلا عن http://www.corp-research.org/extra_040303.htm#Top
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا بد من التصدي لقمع النظام الهمجي , من أجل إطلاق سراح رياض
...
-
الحضارة الغربية : فكرة حان وقتها .
-
نحو استعادة الشوارع , من أجل كل الحرية للجماهير , نحو بناء ا
...
-
انقطاع الكهرباء و الغلاء و الطائفية و البشر....
-
على أي حال , و في كل الأحوال ! السيد محسن بلال , الشعب ما زا
...
-
من أجل كل ضحية و إنسان , أطلب منك أن تعتذر لأهل غزة , رد على
...
-
مسؤولية الكتاب و المثقفين لنعوم تشومسكي
-
في رفض الديمقراطية الأمريكية و حرية الأنظمة في قمعنا , دفاعا
...
-
بين ساركوزي و بوش و المطاوعة , النفط هو السر
-
هذا هو الرد على الحصار ! تحية للرجال !
-
فبراير 1928 , التصريح الأخير لفانزيتي
-
في فضائل مقاومة الأنظمة القمعية و الإمبراطورية
-
الأناركية ضد الاشتراكية
-
ما هي النيو ليبرالية ؟
-
التشويش النيو ليبرالي
-
أين أقف ؟ لميخائيل باكونين
-
لماذا الانتفاضة الشعبية هي مدخل التغيير
-
بين الوطني و العالمي , أفكار و حوارات من الحركة المناهضة للع
...
-
مساهمة في الجدل الدائر
-
نحو دمقرطة الموقف من أمريكا و الإمبريالية
المزيد.....
-
مسؤول إسرائيلي: وضع اقتصادي -صعب- في حيفا جراء صواريخ حزب ال
...
-
مونشنغلادباخ وماينز يتألقان في البوندسليغا ويشعلان المنافسة
...
-
وزير الخارجية: التصعيد بالبحر الأحمر سبب ضررا بالغا للاقتصاد
...
-
الشعب السويسري يرفض توسيع الطرق السريعة وزيادة حقوق أصحاب ال
...
-
العراق: توقف إمدادات الغاز الإيراني وفقدان 5.5 غيغاوات من ال
...
-
تبون يصدّق على أكبر موازنة في تاريخ الجزائر
-
لماذا تحقق التجارة بين تركيا والدول العربية أرقاما قياسية؟
-
أردوغان: نرغب في زيادة حجم التبادل التجاري مع روسيا
-
قطر للطاقة تستحوذ على حصتي استكشاف جديدتين قبالة سواحل ناميب
...
-
انتعاش صناعة الفخار في غزة لتعويض نقص الأواني جراء حرب إسرائ
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|