في البداية أستهل مناسبة الذكرى السنوية الثانية لفتح صفحة الحوار المتمدن على شبكة الأنترنيت، لأقدم أجمل التهاني لكل الذين ساهموا في بناء هذا الصرح الإعلامي والثقافي العملاق، كما واقدم تهنئة قلبية حارة إلى صديقي ورفيقي رزكار عقراوي، حيث كان له حصة الأسد في تحمل كل الأعباء الشاقة والمشاكل المترتبة على عملية بناء هذا المشروع الإعلامي الضخم، ولذلك فإن هذا المشروع يعتبر ثمرة" لتضحيته بأوقات راحته الشخصية بعد ايام العمل الشاقة، ولاشك أنه قد أنفق الكثير من الجهد الشخصي حتى وصل الحوار المتمدن إلى هذا المستوى الراقي من الكفائة والعطاء والتألق. وكلي أمل وثقة بأن يستمر هذا الصرح في العلو ويزداد عطائه وتألقه يوما" بعد يوم، وكل عام وأنتم بخير..
أما الجانب الفني لهذا الموقع، فعلى الرغم من إنني لا أفهم كثيرا" في طبيعة الآليات التي تتحكم بالعمل الفني للموقع واسلوب إدارته، ولكن يبدو واضحا" أن تصميم هذه الصفحة هي في غاية الروعة، حيث أن اسلوب العمل فيها سهل وبسيط وإن الوصول إلى الغاية التي يبتغيها زوار الموقع، عند دخولهم في أي باب من أبواب الحوار المتمدن، يتم بسلاسة ودون مشاكل كما وأن تصنيف مختلف الموضوعات وفرزها على ابواب خاصة تضم تسميات دالة لتلك الموضوعات، قد ساعد كثيرا" على سهولة استخدام الصفحة والسباحة في كل روافدها والغوص في اعماقها للتمتع بطيب عصارة الفكر فيها.. كما وأن هذا الموقع يعتبر بمثابة مخزن لأفضل واحدث برامج الكمبيوتر الذي يقدم أحسن الخدمات وأفضل الحلول لمشاكل الكمبيوتر الفنية.. أما تحرير الصفحة فهي في غاية الأتقان والدقة، حيث أن الصفحة يتجدد يوميا" على الشبكة بشكل منظم وهي غنية بمختلف المواد والموضوعات السياسية والثقافية والأدبية الذي يتم اختيارها بمنتهى الذكاء كما وإن باب الموقع مفتوح بمصراعيها أمام كل الجهود الخيرة التي تسعى وتناضل من أجل الأهداف الإنسانية النبيلة.. نعم هذه الصفحة الالكترونية هي كذلك.. ولكن!
ولكن لنرى ماهو مضمون التوجه الفكري والسياسي لهذا الموقع.. سأبد وجهة نظري حول هذا الموضوع بإحدى المقولات الفلسفية لماركس والتي تقول " بأن الوعي الأجتماعي هو انعكاس للوجود الاجتماعي وليس العكس "، نعم! لقد صدق ماركس، إن الوعي الاجتماعي هو لكذلك، وبناء" على هذه المقولة الفلسفية الشهيرة لماركس لا يمكن أن تكون ثقافة المجتمع وفكره منفصلتان عن المصالح المادية للمجتمع وبالتالي فإن المؤسسات الثقافية والأدوات والوسائل التي يتم بها الترويج لتلك الثقافة والفكر يدخل في نفس الإطار، أي أن تلك المؤسسات والأدوات والوسائل هي معدة سلفا" لإنجاز بعض الوظائف والمهمات السياسية والاجتماعية ذات الطابع الطبقي الصرف.. وإذا علمنا بأن الوجود الاجتماعي هو كل متناقض، فهل يمكن أن تكون الثقافة الاجتماعية على عكس ذلك؟ على الإطلاق لا يمكن، بل يجب أن تكون الثقافة الاجتماعية متناقضة هي الاخرى بالضرورة وفق تناقض قطبي ذلك الوجود بالضبط. وعليه نؤكد ثانية باستحالة انفصال الفكر والثقافة عن العلاقات الطبقية داخل المجتمع وعن المصالح المادية والاقتصادية المتناقضة للواقع الطبقي في المجتمع الراسمالي، وبما أن الثقافة والفكر اسوة بباقي عناصر البنية الفوقية للمجتمع تقوم على أساس الركائز المادية للمجتمع فأنها بالضرورة تؤدي نفس الوظائف السياسية والاجتماعية التي تسعى إليها مختلف المكونات الاجتماعية في ذلك الواقع المادي.. وبما ان الرأسمالية بوصفها تشكيلة اقتصادية اجتماعية قائمة على أساس السيادة الاقتصادية للبرجوازية كطبقة اجتماعية فبالضرورة فإن المكونات البرجوازية في إطار البناء الفوقي القائم في إطار تلك التشكيلة الاقتصادية والاجتماعية تحمل نفس الخصائص الطبقية ومن ضمنها بطبيعة الحال الثقافة والفكر الذي يتمثل وظيفتهما من بين تلك المكونات بتعزيز وتقوية السيطرة الروحية للطبقة السائدة أي البرجوازي على المجتمع، ونستنتج من ذلك بأن المؤسسات الثقافية هي التي تنجز مثل تلك الوظيفة الاجتماعية وبطبيعة الحال إن وسائل الإعلام تعتبر أدوات ووسائل بيد تلك المؤسسات لتنجز بها تلك الوظائف الطبقية ولا أظن بأن الانترنيت باعتبارها إحدى تلك الأدوات يستثنى من تلك القاعدة، خلاصة القول إن الأنترنيت بوصفها إحدى الوسائل والأدوات التي تستخدم لتعزيز السيطرة الفكرية والثقافية للطبقة السائدة، هل يمكن استخدامها من قبل القطب المضاد؟ بطبيعة الحال يمكن استخدامها بشكل فعال فليس هناك أسوار تعزل الطبقات الاجتماعية عن بعضها البعض، وإذا علمنا بأن المادة الاجتماعية للقطب المضاد هم جماهير العمال ويشكلون طبقة اجتماعية أيضا"، ويناضلون في نفس الوقت للتحرر من عبودية العمل المأجور بوصفهم القطب المضاد للبرجوازية، فبالضرورة إن لهذه الطبقة تقاليدها النضالية الخاصة بها وثقافتها ونظامها الفكري والسياسي الخاص بها، والذي يتجسد في النظرية الماركسية الذي يعتبر علما" لتحرير الطبقة العاملة.. وعلى هذا الأساس فهل بإمكان موقع الحوار المتمدن أن توضح لنا أنها أدة بيد اية طبقة اجتماعية وترويج فكر وثقافة أية من هذين القطبين المتضادين وتقف في الخندق النضالي لأي من هذين المعسكرين المتصارعين، فإذا كان موقع الحوار المتمدن يرى نفسه في الخندق النضالي مع المناضلين الشيوعيين الذين يقفون في الصف الأمامي لجبهة العمال العالمية ضد النظام الرأسمالي، فعليها أن تعلم بأن صراع الطيقة العاملة مع البرجوازية هو صراع شامل في كل ميادين الحياة الاجتماعية ولا يمكن أن يستثنى منها الميدان الفكري والثقافي لأنه يستحيل وجود فكر أو ثقافة فوق الطبقات، ولذلك يجب أن تكون وسائل الإعلام التي تعتبر الانترنيت إحدى أهمها، سلاحا" حادا" بيد المناضلين الشيوعيين لمحاربة الفكر والثقافة البرجوازيتين اللذان يسعيان إلى ترسيخ القيم الاجتماعية البرجوازية الفاسدة داخل المجتمع الإنساني وإلى تخليد المجتمع الرأسمالي وزرع الأنانية والفردية في النفوس الإنسانية.. أقول صراحة بأن ما تفعله صفحة الحوار المتمدن لا يصب في أي حال من الأحوال في قناة تحرير الإنسان من العبودية المأجورة وهي في أحسن الأحوال صفحة ليبرالية التوجه تقدم الخدمات الإعلامية مجانا" لمختلف المشارب والتلاوين السياسية.. ربما تقولون بأن عهد العولمة والقفزة العملاقة لتكنولوجيا الاتصالات وعالم الانترنيت يتطلب الانفتاح على الجميع وإن الإعلام البرجوازي يفعل المثل، ولكن طرح الفكرة على هذه الصورة يعبر عن السذاجة وفقدان البصيرة، فإن أغلب المؤسسات الإعلامية لا وبل حتى أكبر الامبراطوريات الإعلامية لا تخرج من إطار قوانين السوق والعمليات التجارية المرافقة لها، لذا يجب أن نعلم حتى عندما يعلنون عن خبر يضر بالرأسمالية أو يناهض التوجه الرأسمالي فأنها لا تخرج من قواعد لعبة التجارة الإعلامية ومن اصول بيع وشراء الخبر، لأن الراسمالية بكل تطورها وإمكانياتها العسكرية المدمرة أقوى من أن يهزها بعض المناوشات أو حتى بعض المواجهات الاجتماعية العرضية، ومع كل ذلك فإذا تفضلتم بمعيتي لاستعادة ذاكرتكم إلى أيام الحرب الأمريكية الأخيرة في العراق فستجدون كيف أن امريكا قد وضع قيودا" قاسية حتى على وسائل الإعلام العميلة المرافقة لها اثناء العمليات الحربية، وكيف إن إعلان الخبر، عندما يمس حسم القضايا المصيرية أو عندما يمس الأمن الاجتماعي للنظام الرأسمالي، يبقى حبيسا" في صندوق فولاذي ولا يخرج منه إلا ما هو مفيد للأهداف الدنيئة التي تسعى إليها البرجوازية وكان ذلك واضحا" بشكل جيد أثناء العمليات العسكرية الأمريكية في العراق قبل تسعة اشهر من الآن تقريبا" ويمكنكم إيجاد تلال من الأدلة التي تثبت ذلك في تاريخ الحروب الراسمالية وأثناء العواصف الثورية التي اجتاحت العالم في عهد الرأسمالية وكذلك اثناء فترات الأزمات السياسية والحروب الأهلية في ظل النظام الاجتماعي البرجوازي. أنا لا أدري ما الذي يجنيه اليسار والتمدن والعلمانية عندما يصبح الحوار المتمدن منبرا" حرا" لأنصار الفكر القومي والإسلامي لتمجيد نزعاتهم السياسية الرجعية ومدح أشخاص مثل جلال الطالباني أوغيره من الرموز الرجعية الذين تلطخ أيديهم بدماء دعاة الحرية والمساواة.. أيها الإخوان! يجب أن تعلموا بأن البرجوازية لم يتوقف ولو لحظة واحدة عن صراعها من أجل تعزيز وتقوية سيطرتها الطبقية وكلما يواجه مازقا" حرجا" من المناهضين لهم ولنظامهم المنخور فإنهم يتحولون إلى وحوش كاسرة كما وإن عقبهم الحديدية جاهزة لسحقهم بغية إزالة التهديد وإخراجهم من المأزق، واثناء ذلك يصبح مقولة الإعلام الحرة وحتى مبدأ الحرية بحد ذاتها بالنسبة إليهم كفقاعات الصابون ولا ينجو من حراب العقب الحديدية أيضا"، فلاأدري ما سر هذا الكرم والسخاء الذي يبديه الحوار المتمدن مع أعداء الحرية والمساواة.. والله إن ما يفعله الحوار المتمدن شبيه تماما" بحالة المعركة عندما يكون القوى الثورية مشتبكة مع أعدائها وفي ذروة احتدام المعارك تقوم تلك القوى بتوزع الأسلحة على أعدائها وتناديهم للقتال ضدها!.
إذن ما العمل؟ إذا كانت الأحوال على هذه الصورة، يا اخواني! إن العمل سهل وفي غاية البساطة، فإنني انادي من هذا المنبر ومن هذا الصرح الإعلامي العظيم، كل الذين يشاطرونني الرأي من الاخوة العراقيين للانضمام إلى الحزب الشيوعي العمالي العراقي، وغير العراقيين للمبادرة في تشكيل أحزابهم الشيوعية العمالية، وعندها سيكون كل شيء على ما يرام وإذا إنضم هذا الموقع إلى موقع الحزب الشيوعي العمالي العراقي على شبكة الانترنيت فسيكون لها مآثر عظيمة وستبقى حية في ذاكرة الإنسان العراقي وفي ذاكرة كل دعاة الحرية والمساواة.