طارق الحارس
الحوار المتمدن-العدد: 2185 - 2008 / 2 / 8 - 07:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا تربطني علاقة وطيدة بسوق الغزل الذي يقع في وسط مدينة بغداد بسبب عدم اهتمامي بتربية الطيور والحيوانات الأليفة التي تباع وتشترى في هذا السوق ، لكن نوعيات الطيور النادرة التي كان يحدثني عنها أحد أصدقائي والتي تتوافر في سوق الغزل جعلتني أزور هذا السوق بين حين وآخر أيام كنت أعيش في بغداد .
لم يكن استمتاعي ينحصر في نوعية الطيور النادرة حسب ، بل بنوعية الناس الذين أراهم كل مرة من باعة ، ومشترين ، ومتجولين مثلي ، إذ أن الميزة التي يشترك فيها الجميع هي الطيبة والبساطة والفقر .
أيضا كان يشدني في هذا السوق رؤية جميع الطوائف والقوميات العراقية فهناك تسمع حوارات بين البائع والمشتري باللهجة الجنوبية ، واللهجة الغربية ، واللهجة البغدادية ، واللغة الكردية ، واللغة الآشورية .
لقد تعرض هذا السوق مرة أخرى الى هجوم ارهابي جديد ذهب ضحيته العشرات من العراقيين الأبرياء ، وهو ليس الأمر الذي فاجأني فقد تعودنا وأهل سوق الغزل بالذات على الانفجارات بالرغم من الحالة الأمنية التي شهدت استقرارا ملحوظا في الآونة الأخيرة ، بل أن المفاجأة تكمن في أن الأخبار تناقلت ، وكذلك التصريحات الرسمية أن الامرأة التي فجرت نفسها بالسوق " مختلة عقليا " !.
أما لماذا تفاجأت فلأنني على قناعة كاملة أن جميع الذين يقومون بالعمليات الانتحارية هم مختلون عقليا ، إذ من غير الممكن أن يقدم الانسان العاقل على قتل نفسه ، وقتل العشرات من الناس الأبرياء فلماذا تذكر التصريحات أن الامرأة التي فجرت نفسها مختلة عقليا .
المختل عقليا هو الذي لا يدرك ما يفعل ، وليس بالضرورة أن يكون قد فقد عقله كليا ، إذ أن هناك العديد من الأشخاص الذين تلوثت عقولهم بأفكار سوداوية أدت الى اختلال عقولهم وهم الأشخاص الذين يستخدمهم تنظيم القاعدة الارهابي في جميع عملياته الانتحارية .
على هذا الأساس فان الامرأة التي فجرت نفسها في سوق الغزل لا تختلف عن أي انتحاري فجر نفسه في العمليات الانتحارية السابقة .
الانتحاري الذي يفجر نفسه لأنه صدق رواية ذهابه الى الجنة بعد تفجير نفسه مباشرة ، وتناول وجبة العشاء أو الغداء مع النبي محمد ، وممارسة الجنس مع عدد من الحوريات هو مختل عقليا فما الفرق بينه وبين الانتحارية التي فجرت نفسها !.
* مدير تحرير جريدة الفرات في استراليا
#طارق_الحارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟