ضياء فلاح فاضل الانصاري
الحوار المتمدن-العدد: 2184 - 2008 / 2 / 7 - 11:17
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
سطور من تاريخ ماشاهدته في شباط الدامي 1963
كان هذا في الكرادة الشرقية
في صيف2007 رويت لكم عن ما جري لبائع البلبي الصغيرفي صبيحة الرابع عشر من تموز 1958 * كان قد مرت اكثر من اربعة سنوات علي ذالك الحدث الذي غير من المعالم الكثيرة في بلادنا نحو الاحسن . استطاعت عائلتنا وبالدور المضني والجهود المثابرة لوالدينا وللسياسة الرؤومة لحكومة ثورة 14 تموز لمساعدة المئات من فقراء بلادي، ان تتمكن عائلتنا من تدبير امورها المعيشية يعض الشىء وحصلت علي قطعة ارض سكنية في مدينة الثورة وبتكريم من الخالد عبد الكريم قاسم وحكومته، هذه الارض التى كنا ننتظر تشيدها على مضض لااسباب مالية بحته،وكنا فرحين جدا بذالك خاصة والداي، كيف لا ونحن العائلة الكبيرة ذو12 فردا اذ سيكون لنا بيتنا الخاص بنا،عندها سوف لم ندفع الايجار الشهري الى عائلة بيت ابو اليخني الذي كان مقداره بمثابة زلازالا اقصاديا هائلا يعصف بالقوت اليومي لعالئتنا .كان اخونا الكبيرمريضا وهو المصاب بمرض التراخوما المزمن حيث يعمل احيانا عاملا عند احد القصابين وعاطلا اياما اخرى ، اما الاخر،فكان اخي حسين العامل الماهر ** في معمل باتا لصناعة اللاجذية وهو الذي لايبعد عن بيتنا سوى 400متراتقريبا حيث كنت احمل له السفرطاس*** ايام العمل، عندها تعرفت انذاك علي العشرات من اصدقاءه ومعارفه وهم يخرجون وقت الغذاء يوميا، والتقي واتعرف عليهم وانا الصبي اليافع المليء بعنفوان الحياة وبماهجهاوحلاوتها رغم وضعنا المعاشي البسيط جدا. كانت الطبقة العاملة، والاجرة والمطعم والربح، ووقت العمل والاجازة والاضراب....وامور عمالية اخرى مفردات الحديث اليومي لااخي وأصدقائه. كنت اجد صورا لينين وماركس واجلز وفالنتينا تيروشكوفا في غرفة نومنا الصغيرة التي تجمعنا نحن الاخوة السته ، فلم يكن في بيتنا غير افكار الحزب الشيوعي و رجالاته ورموزه.في دربونتنا الطويلة والتي تربط الكرادة خارجها بداخلها حيث كن نسكنها مع العشرات ممن يشبهوننا في المعيشة وبتفاصيل الحياة الرتيبة المثقلة بالهموم اليومية سارحين في أمال عريظة متواضعة دون نهاية، لتضفي عليها زيارات زعيمنا المحبوب المتكررة لمنطقة الكرادة الشرقية نشوة وقناعة واعدة بغد افضل . استيقظت صباحا يومها في8شباط وبشكل مكروه وسقيم واقفا عند باب بيتنا لكى اجد واشاهد بعض الشباب العاملين في محل الخضروات في البوليسخانة*** وهم يسحبون ويجرون خالهم الشيوعي ابو قيس لسيارة بيكب ويصرخون به اصعد شيوعي عميل موسكو..!!!. ويضربونه بأيديهم علي رأسه . لقد اعتقلوا والد صديقي قيس ،حيث رأيته وأمه يصرخانه ويبكيانه. بعد اقل من نصف ساعة جاء رجال أخرين مسلحين و بسيارة ليأخذوا اخي حسين لمكان غير معروف تاركين والداي يذرفان دموعهما المذرارة قلقا وخوفاعلى ابنهما.، بعدها بزمن قصير انتشروا رجالا غرباء هنا وهناك ممتشقين اسلحتهم الرشاشة، وسمعت ورأيت سيارات واشياء غير مألوفة من قبل. ورغم منع التجول جائتنا وهي جيراننا في الشارع الاخر خالتي الكبيرة باكية لتخبرنا ياعتقال ابنها اسماعيل وهو الضابط في الجيش ثم رأيت ابواب بيوت مجاورة تكسر ويدخلوها أزلام مسلحين يسلبون منها رجالاتها وفتياتها اليافعات ،واطفال يهرعون خارج بيوتهم وامهات تبكي وتولول .لم يسلم حتي فؤاد المريض من ضربهم .ان امور واخبار مبهمة ومخيفة تجري و تغطي على كل مارسمناه من أحلام متواضعة مقرونة بزيارت وأحاديث زعبم الثورة لمنطقتنا، انه انقلاب ضد الزعيم..ضد الثورة.انهم يحاصرونهوه، ناس في المعتقلات، واخرين يقتلون في الحال ، لفد قصفوا وزارة الدفاع هكذا يقول الراديو. اخي موقوف في نادي النهضة الرياضي بجانب شارع عباس الديج،ها هي الاخبار تتوالى متسارعة الينا من كل مكان..،سكنة الدربونة الطويلة واقفين في مداخل بيوتهم في ،قلق وهلع وخوف عن ما جرى و يجري و من قادم الامور.كان حمزة صاحب الدكان قد قفل دكانه الواقع في مقدمة الدربونة منذ ساعة ورجع مذعورا الى بيته .اشياء كثيرة وكبيرة توحي بالكراهية ، انه الحرس البعثي الانقلابي في دربونتنا، انهم مخيفين يضربون ويقتلون الناس ، بعد ساعات مرت بسرعة قال التلفزيون وبالصورة ان الزعيم ورفاقه يعدمون .لقد رأيت ذالك بكت امي وكان ابي مثلها و فعلنا جميعا. اطلق سراح اخي بعد ساعات حيث تمكن من اللافلات من تحقيقهم ليهرب بعدها الي الريف حيث هناك اقرباء ابي. بعد شهور انتقلنا الي مدينة الثورة .. مدينة الفقراء مدينة ثورة 14 من تموز انتقلنا الى الدار الذى شيدناه علي الارض الذي اهداها لنا الزعيم الخالد عبد اكريم قاسم وحكومته ناقمين وكارهين قتلته وسفاكي دماء ابناء شعبنا المخلصين عن كل ما جرى في 8 شباط الاسود. 1963 علي مر السنين.
.
*ثورة 14 تموز وبائع اللبلبي الصغير..موفع الناس وموقع الحوار المتمدن في 30حزيران2007
**استشهد اخي حسين في الحادث الارهابي علي جسر ديالى من العام الماضى
***السفرطاس..وهوعدد من القدور الصغيرة يقبع احدهم فوق الاخر احمل فيها الاكل الي اخي
****البوليسخانة..هي منطقةمن مناطق الكرادة الشرقية وتعتبر مركز الكرادة التجاري انذاك
ضياء فلاح فاضل الانصاري
20080206..
#ضياء_فلاح_فاضل_الانصاري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟