|
العراق الجديد و الإنسان المهمش
فلاح أمين الرهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 2184 - 2008 / 2 / 7 - 11:20
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
أربعة عقود من الزمن من الحكم الدكتاتوري الشمولي عاش الشعب العراقي بها و تشبع فكره بفلسفتها و انعكست مكوناتها و انغرست أثارها و سلبياتها على نفسية الإنسان العراقي و حياته بشكل عام ليس من البساطة التخلي عنها و رفضها بهذه السرعة و إنما يجب على القوى التقدمية التي تحمل راية التقدم و التطور و المُعَولْ عليها بذل جهود مضنية في معالجتها و التخلص منها عن طريق نشر الوعي الفكري الخلاق و الثقافة و المعرفة بين أفراد المجتمع و بشكل خاص منظمات المجتمع المدني و مؤسسات حقوق الإنسان و ذلك يستدعي فترة طويلة لا يستهان بها لان ما يغرس في نفس الإنسان لا يتغير أو يتجدد بنفس السرعة التي تتغير فيها الحياة المعاشية أو الاقتصادية . إن المرحلة القادمة تستوجب و تعني إعادة و تقويم و تحفيز كل شيء بالنسبة إلى الإنسان لان الإنسان هو بالذات القوة التي تحرك و تبني و إن البشر هم الذين يصنعون التاريخ بأنفسهم باعتبار الإنسان يمتلك العقل الذي يميزه عن الكائنات الحية لأنه يمتلك ( العقل ) المدرك و المدبر و الخلاق لجميع المستلزمات الإنسانية المادية و المعنوية و انه سيد الأشياء كلها و هو الذي يقرر كل شيء و بهذا المجال و الإمكانيات يتبين بجلاء ووضوح أهمية الإنسان و دوره الأساسي بوصفه صانع التقدم و التطور السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و دوره الإبداعي في التقدم و التطور و البناء و هو الذي يحول الطبيعة و المجتمع و يصنع التاريخ و لذلك يجب أن يكون الإنسان مستقلاً ذا قوة ذاتيه لكي يتخذ الإبداع طريقة للتغير و البناء إن الحقيقة الطويلة من الجمود الفكري و الشمولية السياسية تركت أثار سلبية و نواقص في الوعي الفكري و السياسي و الإيديولوجي لدى الإنسان العراقي . إن ضعف الثقافة الإيديولوجية يؤدي إلى خلل في العلاقات الحزبية بين الأعضاء كما يؤدي إلى عدم التجانس الاجتماعي و إلى خلق و إيجاد اختلاف في الأمزجة و النزوات و العواطف و الآمال و الأفكار و إن ضعف الرابطة الأيديولوجية يغرز و يعزز و ينمي الأنانية و حب الذات و المصلحة الخاصة و التكتل و التجمع حول الأشخاص ذوي النفوذ الواسع إضافة إلى الجمود الفكري و التأثير على انجاز الأعمال و التقدم و التطور . قبل كل شيء على الدولة أن توفر الاستقرار النفسي للشعب عن طريق الحياة الحرة الكريمة و العيش الرغيد بكافة مكوناته و جوانبه ُ الروحية و المعنوية و المادية و هذا الشرط واجب ضروري و أساسي من أجل بناء علاقة متينة تقوم على الاهتمام و الطاعة و الثقة المتبادلة و حينما يشعر الشعب بالاستقرار المادي و الاجتماعي و رعاية الدولة له يصبح من السهولة أن يستوعب الشعب و جماهيره الوعي الفكري الخلاق و الثقافة و تصبح الوسيلة المؤدية لتقد و تطور المجتمع سياسياً و اقتصادياً و اجتماعياً لان الجوع و الخوف و القلق و عدم الاستقرار يجعل من الإنسان كيان مشتت الأوصال مضطرب الفكر شارد الذهن و العقل . إن تفسير أي شيء في الوجود لا يكون مجدياً إلا إذا تعاملنا معه من خلال الواقع الموضوعي الملموس و التجربة و الممارسة و دراستها كمشكلة لها ظروفها الموضوعية و الإقليمية و ما يحيط بها من أسباب و عوامل أدت إلى ظهورها و استمراريتها ديمومتها و دراستها و تحليلها بعين ثاقبة و فكر ناضج و متفتح من خلال واقعها القائم على أدلة ثابتة و الخاضعة للتدليل و الأقوال و بما إن أي وطن يسكنه و يعيش فيه شعب تحكمه و مسئولة عنه ممثلاً له و مدافعاً عنه و عن طريق القوانين و الشرائع السماوية و الوضعية و القيم ، يعيش الشعب و يمارس نشاطه السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي و لذلك فأن الدولة تقع عليها مسؤولية أدبية و قانونية و تاريخية برعاية الشعب و السهر عليه و سعادته و رفاهيته و حمايته . أما الأحزاب و الحركات السياسية و منظمات المجتمع المدني و الجمعيات الإنسانية فأنها تعتبر الطليعة الواعية و المثقفة للشعب و حاملة صولجان الفكر و المعرفة فمسئولة عن نشر الوعي الفكري و الثقافة بين جماهير الشعب عن طريق عقد الندوات و مكافحة الأمية و توعية الشعب بمخاطر الجهل و المرض و الدفاع عن حقوقهم و توعيتهم . أما مسؤولية الإنسان في العراق من أجل تجاوز هذه المرحلة و العبور إلى شاطئ الديمقراطية و التعددية و الفدرالية في عراق موحد يرفل بالأمان و الأعمار و السعادة و المستقبل المشرق السعيد باعتباره نشأ و ترعرع في أحضان هذا الوطن و عاش في بيئته و تقاليد و عادات مجتمعه حينما يدرك الواقع المؤلم و الحقيقة المرة التي تجثم على صدور أبناء الشعب عليه أن يستيقظ من واقعة المؤلم و أن يتجاوز ذلك الواقع المؤلم وعليه الانحياز إلى جانب الحقيقة و التقدم و العبور إلى الضفة الأخرى فينخرط في غمرة النضال و العمل مع رفاقه الآخرين الذين سلكوا الطريق من أجل تغير واقعهم . إن الواقع الموضوعي الملموس يستوجب على الأحزاب التقدمية و اليسارية و الديمقراطية و الوطنية و الحركات السياسية و منظمات المجتمع المدني و الجمعيات الإنسانية السعي لإنجاح عملية العبور بالعراق العظيم إلى شاطئ التقدم و التطور و نشر الوعي و الثقافة بين جماهير الشعب و التغلغل و إقامة علاقة حميمة مع جماهير الشعب الواسعة و ذلك لا يتم و لا يمكن له النجاح إلا بتوفر شرطين أساسين :- 1. وجود عناصر و قوى واعية و مدركة لواقعها تقود هذا العمل الشريف . 2. بناء قوى اجتماعية متطوعة و متفانية و واعية و مدركة لهذا العمل الشريف و مهيأة للقيام به و التضحية من أجله. إن الواقع الموضوعي الملموس للمجتمع العراقي يفرض على كل إنسان الذي لم يكن هو ملك نفسه فقط و إنما هو ملك عائلته و مجتمعه و شعبه و وطنه لذلك يجب عليه أن يفهم وجوده الذي من خلاله يفهم ذاته و الذي من خلاله يفهم و يعرف مجتمعه الذي يلتزم به التزاماً أخلاقياً و الذي من خلاله تكونت شخصيته في عملية الصيرورة و الوعي و الإدراك لفهم وضع و مأساة مجتمعه المرزي و المؤلم . إن الإنسان الواعي و المدرك لواقع شعبه يعيش في حالة من الإرهاصات النفسية و التألم و التأثير و في صراع و انفعالات و جدل مع الذات الإنسانية الذي يفرزه و يتحكم بمعطياته العقل الذي يكون له القرار الأخير في تغير الذات الإنسانية و يدفعها و يحفزها إلى التقدم و التعبير و التطور نحو المجتمع الجديد و المستقبل الأفضل الذي تسوده السعادة و الرفاهية و عندما تتشبع و تكتمل شخصية الإنسان بالأمل و الرجاء و الطموح تبلغ مرحلة السمو و الكمال و يصبح نموذجاً محفوراً بحروف من نور في ذاكرة الإنسان و في بطون الكتب و على منصة التاريخ التي تستعرض من أمامها الأجيال القادمة .
#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطية و التنمية البشرية
-
من يحسم جدل نهاية التاريخ ... الاشتراكية أم صدام الحضارات ؟
-
الديمقراطية والتجديد ركنان أساسيان في النظرية الماركسية
-
خاتمة المطاف
-
التطور اللارأسمالي والتحول إلى الاشتراكية(1)
-
التطور اللارأسمالي والتحول إلى الاشتراكية(2)
-
الماركسية اللينينية
-
وفاة لينين
-
مفهوم الليبرالية
-
هل انتهى الصراع والنزاع في المجتمع حتى ينتهي التاريخ ؟
-
المصالح البورجوازية وأساليبها في الاستغلال والتجديد والتغير
-
هل ينتهي التاريخ بصدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي ؟
-
الصعود والتطور السلمي في الوصول للسلطة للسلطة(2)
-
لمحات مضيئة في رحاب الاشتراكية الخلاّقة
-
الديالكتيك منطق الحركة
-
لمحات مضيئة من كتاب ( رأس المال )
-
دور الحزب الشيوعي في أنجاز المرحلة الوطنية الديمقراطية والوص
...
-
الصعود والتطور السلمي في الوصول للسلطة(1)
-
وحدة القوى الوطنية ضمانة أكيدة لمستقبل سعيد
-
النظرية الماركسية والعصر الراهن
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|