|
دور الشباب في الاصلاح الوطني
ياسر عبد الحسين
الحوار المتمدن-العدد: 2183 - 2008 / 2 / 6 - 11:07
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
معالجات قطيعة الشباب لثنائية (السياسة- المجتمع )
لست مستغربا حينما قرات ان الحملة الاخيرة للمرشح الامريكي ابوما حينما يقول انه ركز حملته الدعائية على الشباب في الثانويات والجامعات وتجمع الحلاقين لانه أصبح العمل الشبابي واحداً من الاتجاهات الرئيسية التي بدأت تشق طريقها في غالبية البلدان والمجتمعات المتقدمة او تلك التي تمارس اطوار التنمية ، والتي تستهدف بناء الشخصية الشبابية، وإكسابها المهارات، وتأهيلها لضمان تكيفها السليم مع المستجدات، وتدريب القادة الشباب في مختلف الميادين المجتمعية. لكن ما زالت هوة واسعة قائمة بين الشباب في البلدان المتقدمة والشباب في البلدان النامية لأسباب تتعلق بالقدرات المالية وعدم توفر الخطط والبرامج الكافية للتأهيل والتنشئة والتربية، إضافة إلى أسباب داخلية تتعلق بالموروث الاجتماعي وطبيعة القيم والعادات والتقاليد، وتركيبة المجتمع والعائلة وطبيعة النظم السياسية القائمة، حيث تظافرت كل تلك العوامل لتحد من دور الشباب كما ساهم تفاقم الأزمات المستشرية في أوساط الشباب كالبطالة، وسوء العناية الصحية، وتدني المستوى المعيشي، ونقص المؤسسات الراعية له . وفي العراق وعلى الرغم من التقدم الحاصل في العمل الشبابي بالمعنى النسبي، فما زالت تعاني من نقاط حرجة تمنع الشباب من انخراطه في المجتمع، تضمن تكيفه الإيجابي مع ما يحصل من تطورات اجتماعية وسياسية ، وتحميه من التقوقع والانكفاء أو الانسحاب من خلال التواصل باليات ديمقراطية، وصقل الشخصية الشبابية بالممارسة واكتساب الخبرة وبناء الشخصية القيادية مدخلا منهجيا لبناء شخصية متوازنة وفاعلة، قادرة على تحمل الأعباء ومواجهة الصعاب بما يحقق الآمال العريضة والكبيرة على الشباب. حيث تعتبر مرحلة الشباب من أهم المراحل التي يمر فيها الفرد، حيث تبدأ شخصيته بالتبلور، وتنضج معالم هذه الشخصية من خلال ما يكتسبه الفرد من مهارات ومعارف، ومن خلال النضوج الجسماني والعقلي، والعلاقات الاجتماعية التي يستطيع الفرد صياغتها ضمن اختياره الحر. ومازال الشباب العراقي يعاني من عزلة عن ثنائية السياسة والمجتمع وعموما سببها هو ابتعاد اهداف السيا سية والاصلاحات الاجتماعية هو جهلهم للحس الشبابي وتكمن في معرفة استعدادات الشباب وانخراطهم في العمل المجتمعي سواء أكان نشاطاً اجتماعياً أو سياسياً أو تنموياً، فإن المطلوب معرفة الاحتياجات الأساسية للشباب، والعمل على تلبيتها أو أخذها بعين الاعتبار لدى صياغة الخطط والبرامج، باعتبارها متطلبات ضرورية يجب إدراكها من قبل الجميع : 1- الحاجة إلى توزيع طاقاته في نشاط يميل إليه، وخصوصاً أن الشباب لديه طاقات هائلة وعدم تفريغها في أنشطة بناءة يزيد من حالة الاضطراب والملل والتوتر لديه وازيادة نسبة البطالة تسهم في ذلك التراجع . 2.الحاجة إلى تحقيق الذات، بما يعنيه من اختيار حر وواعٍ لدوره ومشاركته المجتمعية وشعوره بالانتماء لفكره أو مجموعة اجتماعية لها أهداف عامة. 3.الحاجة إلى المعرفة والتعليم، لما لهما من دور مفتاحي وأساسي في حياة الفرد، ولكونها توسع الأفاق والمدارك العقلية. 4.الحاجة إلى بناء الشخصية القيادية الشابة من خلال تنمية القدرات القيادية وصقلها للمواهب الواعدة، وهذه العملية لا تتم بقرار أجرائي بقدر ما تحتاج إلى سياسات تربوية مدروسة مقرونة بخبرة عمل ميداني تعزز ثقة الشباب القياديين بقدراتهم وتضعهم أمام الاختيار الجدي. وتبرز الاهمية السياسية للشباب من خلال حق المشاركة بكافة أشكالها ومجالاتها ، وهو أداة للتنمية الفعالة وأسلوبا للممارسة السياسية والمسؤولية الاجتماعية والتربوية لأفراد المجتمع، وهي تعطي الإنسان الحق في إخضاع كافة القضايا التي تؤثر عليه وعلى جماعته للمناقشة وإبداء الرأي وتنمي الشعور القومي لديه. والأهمية السياسية للشباب تكمن في أن للسن دور كبير في تحديد درجة الاهتمام السياسي، وضمن هذا المفهوم فالشباب هم القوة السياسية المتحررة والمنفتحة ، والتيار الذي يحوز على ثقتهم ويمتلك عقولهم وسواعدهم فانه يتقدم بثبات لتحقيق أهدافه سواء أكانت وطنية أم اجتماعية. أهم ما يميز الشباب كقوة تغيير مجتمعية واصلاحية هي : 1. الشباب هم الأكثر طموحاً في المجتمع، وهذا يعني أن عملية التغيير والتقدم لديهم لا تقف عند حدود، والتيار أو أية مجموعة اجتماعية تسعى للتغيير السياسي أو الاجتماعي يجب أن تضع في سلم أولوياتها استقطاب طاقات الشباب وتوظيف هذه الطاقات باتجاه أهدافها المحددة. 2. الشباب الأكثر تقبلاً للتغييرهذه الحقيقة تعتبر ميزة رئيسية في عالم السياسة الذي هو عالم متحرك ومتغير ويحمل دائما الجديد. 3. التمتع بالحماس والحيوية فكراً وحركة، وبما يشكل طاقة جبارة نحو التقدم، فالشباب المتقد حماسة وحيوية في تفاعله مع معطيات السياسية ومتغيراتها ومع معطيات المجتمع . 4. العطاء دون حدود حين يكون مقتنعاً وواعياً لما يقوم به، وهنا تبدو المعادلة بسيطة لمن يريد أن يدرك معطياتها حيث لا تعمل إلا وفق اشتراطين رئيسيين: الاشتراط الأول الاقتناع بمعنى احترام العقل والتعامل مع الشباب بمفهوم كياني وليس مجرد أدوات تنفيذ. والاشتراط الثاني الإدراك لما يقوم به الشباب، أي الإلمام بالأهداف والاقتناع بالوسائل والطرق الموصلة إلى تحقيق الهدف، وفي حال تحقق هذين الاشتراطين الضروريين فإن عطاء الشباب سيكون بدون حدود وسيدفع بمسارات العمل بكل الاصلاحي بكل إخلاص وتفاني. 5. الشباب قوة اجتماعية هامة بصفته قطاعا اجتماعيا رئيسيا في المجتمع، وكسب هذا القطاع من قبل صانعي القرار والسياسيين يعني كسب معركة التغيير، وهنالك الكثير من الأمثلة الدالة على هذه المعادلة، والمثال في إيران، حيث استطاع الرئيس الايراني محمد خاتمي (مرشح الشباب) أن يسحق معارضيه نتيجة تأييد الشباب المنقطع النظير وخصوصا الشباب الجامعي . وهو ما يصح عمله من قبل اي تيار اجتماعي او سياسي يسعى الى بناء متين هو بناء مرتكزات التربية السياسية، اي إعطاء وإكساب الشباب الوعي، وتعزيز المواطنة لدى الشباب من خلال بث الروح الوطنية وتعميق روح الانتماء لقضايا الوطن واحتياجاته والحفاظ على كينونته، والاستعداد للدفاع عنه في حالة تعرضه للخطر سواء أكان خطراً داخلياً (فتنة طائفية أو دينية أو عرقية) أو خطراً خارجياً يستهدف استقلاله وسيادته. واستحضار بناء الذاكرة لدى جيل الشباب، بما يؤكد التواصل الثقافي والحضاري بين الأجيال، ومعرفة حقائق التاريخ والجغرافيا السياسية وكل ما يتعلق بالقضية الوطنية واستجماع طاقات الشباب وتوحيدها نحو الأهداف والأولويات الوطنية والاجتماعية في كل مرحلة من مراحل تطور المجتمع، وتوظيف هذه الطاقات بأفضل السبل نحو هذه الأهداف والأولويات. ومن خلال التركيز على رفع حس المسؤولية والانضباط لدى الشباب من خلال عملية التربية والتهذيب الخلقي والقيمي، ولكي لا يتحول المسار الشبابي نحو الجماعات المنحرفة او العنفية فيجب عقلنة التمرد العفوي لدى الشباب، من خلال ربط قيم رفض الظلم والتمسك بالقيم الإنسانية السامية . والملفت للنظر ابتعاد الشباب واستنكافهم عن النشاط السياسي جاء نتيجة السياسات السابقة للنظام البائد لكن سلوك بعض الاحزاب بعد 2003 كان عاملا معززا لاثباط الشباب وهذا بدون شك له أسبابه المرتبطة بطبيعة هذه الأحزاب وبرامجها الموجهة للشباب والتي أما أنها لا تعطي الاهتمام المطلوب للشباب، أو أن خطابها السياسي لا يشكل عامل جذب لهم، بسبب تقادمها وعدم مواكبتها لمتطلبات الشباب العصرية واحتياجاتها الراهنة، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر فيها لجهة دراسة كيفية تفعيل طاقات الشباب وإعادة جذبها ليس الى الاحزاب بل العمل السياسي بمجمله . ويجب التركيز هنا على دور الشباب الجامعي الذي يعتبر البنية الحقيقة لاي مشروعا تغييرا او اصلاحيا فقد أكد الباحث الاجتماعي الألماني (كاس) أن هناك فروقاً بين الشباب الطلبة وغير الطلبة، وخاصة فيما يتعلق بالاهتمامات السياسية، والآراء السياسية والايديولوجيات ، وأشار كاس الى أن المظاهرات التي حدثت في فرنسا عام 1968 واشترك فيها 95% من الطلاب تقريباً، ونسبة 5% من هم ليسوا بطلبة، أكدت على ان الطلاب أكثر اهتماماً وتأثراً بالقضايا السياسية والايديولوجية من غيرهم من الشباب، ومن باقي أفراد المجتمع . واليوم اصبحت هنا جدلية واضحة بل ازمة في تأخر الشباب بنضوجهم السياسي والتحاقهم متأخر بالسياسة ودهاليزها، والنتيجة بقاء فئة الشباب مشلولة لفترة طويلة من الزمن، ستؤثر بدروها على مستقبل الوطن او اي مشروع اصلاحي سياسي كان او اجتماعي هدفه البناء والقضاء على الفساد .
#ياسر_عبد_الحسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأمن الروسي يعلن اعتقال منفذ عملية اغتيال كيريلوف
-
دراسة: إعادة اللاجئين السوريين قد تضر باقتصاد ألمانيا
-
إطلاق سراح سجين كيني من معتقل غوانتانامو الأميركي
-
إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و
...
-
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال
...
-
مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
المزيد.....
-
نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة
/ اسراء حميد عبد الشهيد
-
حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب
...
/ قائد محمد طربوش ردمان
-
أطفال الشوارع في اليمن
/ محمد النعماني
-
الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة
/ شمخي جبر
-
أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية
/ دنيا الأمل إسماعيل
-
دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال
/ محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
-
ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا
...
/ غازي مسعود
-
بحث في بعض إشكاليات الشباب
/ معتز حيسو
المزيد.....
|