بداية بودي ان اتوجه الى القائمين على هذا موقع الحوار المتمدن وقرائه ونحن جميعا بالتهنئة الحارة بمناسبة الذكرى الثانية لانطلاقة هذا الموقع الذي جاء كضرورة ملحة، في واحدة من احلك الفترات التي تمر بها الحركات اليسارية في العالم. ولولا الجهود التي يبذلها، تطوعا، القائمون على هذا الموقع وعلى رأسهم الرفيق رزكار عقراوي، لما كان بالامكان الاستمرار بهذا العمل الجريء والضروري، الذي لا شك في اننا نحتاجه جميعا، ولهذا فإن مسؤوليتنا جميعا دعمه ليس فقط معنويا وقلميا وانما ماديا وبشكل كبير.
إن تاريخ التاسع من كانون الاول/ ديسمبر، هو تاريخ عزيز على قلوب الشيوعيين واليساريين في مدينة الناصرة والاقلية الفلسطينية في اسرائيل، ففي مثل هذا التاريخ وفي العام 1975، جرى لاول مرة انتخاب الشاعر الوطني الفلسطيني الكبير والشيوعي الراحل توفيق زياد رئيسا لبلدية الناصرة، اكبر المدن الفلسطينية في اسرائيل، وكان هذا لاول مرة يتم فيها دحر اذناب السلطة الاسرائيلية والعملاء عن احد اهم مراكز الجماهير الفلسطينية عندنا، ويؤكد المحللون ان هذا الانتصار كان بمثابة الشرارة الاولى ليوم الارض الخالد الذي كان لاول مرة في شهر آذار/ مارس العام 1976، وانطلق في جميع القرى والمدن الفلسطينية في داخل اسرائيل. كما اعقب هذا الانتصار سلسلة من الانتصارات في قرى ومدن أخرى بحيث اصبحت غالبية القرى والمدن العربية يديرها الوطنيون الشرفاء.
ولهذا فإن التاسع من ديسمبر العزيز على قلوبنا هنا في الناصرة والجوار اصبح عزيزا مرتين مع ظهور موقع الحوار المتمدن.
بالنسبة لشكل الموقع، فهذا مربوط بالتطور الدائم للموقع، وشكله الحالي يسد الحاجة، خاصة وان هدف الموقع ورسالته اليومية محددة، ولهذا فلا حاجة لبذل جهد أكثر في هذا الاطار، ومع هذا فأنا اقترح اضافة خانات جانبية لروابط مهمة او دليل اوضح للمواقع الفرعية في الموقع.
وبالنسبة للمضامين فهذا مجال يقع في خانة حرية التعبير، ولكن برأيي هناك حاجة لمقالات تعددية يشارك فيها كل من يرغب تناقش مفهوم اليسار في هذه الفترة، ومقالات أخرى تتركز في مفاهيم الماركسية اللينينية في هذه الفترة. وبصراحة اقول اننا بحاجة ماسة لتعريف من هو اليساري. خاصة وانه يسأل السؤال هل كل من هاجم الامبريالية والصهيونية والرجعية اصبح يساريا؟!. إن اليسارية السياسية والعلمانية دون اليسارية الاقتصادية الاجتماعية ليست يسارا.
إن موقع الحوار المتمدن هو فرصة رائعة وهامة جدا لتجنيد الرأي العام في الدول العربية والناطقين بالعربية في العالم لصالح الفكر اليساري، ولهذا فإن من حق الرأي العام علينا ان نكون على قدر المسؤولية وان نضع مشاكل المجتمع والسياسة بالشكل الصحيح الذي عرف بالاساس الشيوعيون طرحه، وبرؤية بعيدة المدى.
كما ان على كتاب اليسار، إذا حقا هم يسار، ان لا يخدشوا مشاعر الناس في عواطفهم، فالناس بمعظمها بسيطة وطيبة يتم استغلالها من قوى الاحتكار الاقتصادي بأبشع استغلال، وكثير من هذا الاستغلال يتم تحت يافطة الدين، ولكن من قال ان معركتنا الآن هي مع الدين، وهل نهج الحركات الاصولية في جميع الاديان وعلى مختلف اشكالها في الشرق والغرب والشمال والجنوب يجعلنا ان نضع الدين هدفا. لم يحارب الشيوعيون في تاريخهم الدين ابدا، وانما هاجموا من استغل الدين لتعميق نهج الاستغلال والظلم وترهيب الناس البسيطة لكي تسكت على ضيمها وجوعها وآلامها. ولهذا فإن اول رايات الشيوعيين كانت فصل الدين عن الدولة وعن السياسة، ولكن ليست محاربة الدين.
لقد ورد في موقع الحوار المتمدن عدة مقالات لاكثر من كاتب وضعت الدين كدين هدفا لها وهاجمته، وفطنت الآن ان الالحاد هو "طريق الخلاص" وهذا طرح لم نشهده حتى في اكبر الدول الاشتراكية.
وفي هذا الاطار بودي ان اذكر حكاية قيلت عن قائد الثورة الاشتراكية الرفيق فلاديمير لينين، فيقال انه بعد انتصار ثورة اكتوبر في روسيا بعث لينين مجموعة من الشيوعيين الى احد ارياف موسكو لنشر الفكر الشيوعي، وبعد فترة قصيرة عادوا منكوبين، محطمي المعنويات، لان الناس رفضوهم. وحين سألهم لينين عما تحدثوا عنه هناك قالوا له بدأنا الحديث عن المادية وعن عدم وجود الله، وكان هذا الحديث لمجتمع زراعي فقير ملتصق بالدين، فقال لهم إن معركتنا الآن ليست ضد الدين وانما ضد كبار الملاكين وبقايا الاقطاعيين، وضد استغلال القلة للغالبية الساحقة من الناس.
واخيرا وليس آخرا اتمنى لموقعنا جميعا الحوار المتدن دوام التقدم والنجاح، ودوام الحوار المتمدن وبشكل حضاري لما فيه خير شعوبنا والانسانية جمعاء.
مع التحية والتقدير
برهوم جرايسي- الناصرة