|
هل نصمت ...؟ إذن نستحق ..!!
هادي فريد التكريتي
الحوار المتمدن-العدد: 2182 - 2008 / 2 / 5 - 10:18
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
لقد هال إحدى زميلاتنا في اتحاد الكتاب العراقيين في السويد ، ما تداولته وسائل الإعلام السويدية عن واقع الطفولة في العراق ، فكتبت رسالة إلى الهيئة الإدارية ، بهذا العنوان " هل نصمت ..إذن نستحق "...؟ مستغيثة ومستحثة زملاء الاتحاد للقيام بما يمليه عليهم الضمير والواجب ،لمعالجة هذا الواقع الخطير ، والحد من تدهور الأوضاع المعاشية والصحية لحياة للعائلة العراقية ، والوقوف موقفا جادا من المأساة التي تعاني منها الطفولة ، سوء رعاية ، وعدم اهتمام من نظام الحكم ، وهي تباع بالمزاد العلني ، من أجل لقمة عيش أو حبة دواء ، وما قالته في بعض فقرات الرسالة " هل نستحق أن نأكل من ثمن بيع بناتنا لأجسادهن على الأرصفة... ؟ " الحقيقة أن هذا الواقع المزري الذي استفز الزميلة ، وما اشتكت منه ، هو التدهور الأخلاقي والأمني والصحي والمعاشي ، لمئات ، بل لآلاف العائلات العراقية ، وكأنه أصبح قدرا نتعايش معه..
من المعلوم إن هذا الواقع لم يكن وليد اليوم ، كما لم يكن أمرا غير مألوف أو غير معروف ، في عراق الأمس واليوم ، وليس مجهولا عن أنظار العالم ووسائل إعلامه ، فالنظام البعثي الساقط ، قد أسس وأرسى قواعد التدهور لقيم الشعب العراقي ، منذ تسلمه السلطة في العام 1968، وعمق المأساة وزاد عليها ، الاحتلال بما يملك من خبرة ونفوذ في التعامل مع شعوب الأرض ، ومع شعبنا يخوض تجربته الآن ، من خلال حكام طائفيين وعنصريين ، خلقهم وهيأهم ، لتنفيذ ما جاء بهم من أجله إلى السلطة ، باسم الطائفية والعنصرية، أكلوا منذ احتلال العراق وسقوط البعث في العام 2003، ولازالوا يأكلون ليس " من ثمن بيع بناتنا لأجسادهن على الأرصفة " ، بل من إباحة حرية وكرامة الشعب العراقي بأجمعه ، إلا أن هذا الواقع وحتى اللحظة ، لم يتح للحكام فرصة تحقيق كامل أهداف الاحتلال الأمريكي بعد ، فالمعركة بكامل أسلحتها لا زالت قائمة ، والشعب لم يستسلم بعد ، لا للاحتلال ولا لحكم المحاصصة الغير وطني ، رغم كل خسائر ، وفشل القوى الوطنية والديموقراطية ، التي منيت بها قبل الاحتلال وبعده ..
الكثير من الكتاب العراقيين ، من داخل وخارج العراق ، أسهموا بمعالجة هذا الواقع المأساوي ، كما عالجه كثرة كاثرة من كتاب عرب آخرين ، ومن غيرهم ..والفضائيات المختلفة قد نقلت أفلاما مصورة عن فضائح وجرائم الأمريكان والحكم ،في العراق ، فالكل يتذكر فضائح جيش الاحتلال في " سجن أبو غريب " وغيره ، كما فضيحة " دار الأيتام " ببغداد ، عندما سرق ممثلو الحكم الطائفي ، أرزاق وتخصيصات، اليتامى والمشردين ، رغم قلتها ، ورداءة نوعيتها ، ولم يتركوهم جياعا فقط ، بل وعرايا ، مقيدين بسلاسل وحبال ،تعيقهم حتى عن استخدام دورات المياه ، ناهيك عن المعاملة السيئة والمفرطة في اللا إنسانيتها ، أرتنا إياها عدسات الإعلام ، ولم نجد من " نوابنا " الصناديد و"الغيارى" على الشعب وحقوقه ، في مجلس النواب ،غير السكوت المطبق عن هذه الجريمة ، كما لم تتحرك " شَعْيرَة " واحدة من شعائر الإيمان ـ الطائفي ، التي يتمشدق بها حكامنا المؤمنون ، أزاء " أحباء الله " الأطفال ، ولم تَهُز الجريمة المرتكبة " شَعْرَة" " من شوارب أهل النخوة ، عربا ومسلمين كانوا ، أم من غيرهم ، من رجال الحكم القابضين على مصيرنا ، والمتحكين برقابنا ، والسارقين لثرواتنا.. وهناك جرائم أخرى ، وغيرها الكثير، أُسدل الستار عليها وعلى مرتكبيها ، كالتي ارتكبت في أقبية جيوش ومليشيات الحكم ، ولم يجد الحكام والناطقون باسمهم ، على كافة درجاتهم ،ومستوياتهم ، ما يستوجب التحقيق والإدانة ، رغم وعودهم التي بذلوها ، وتهديد بعض الساسة بالكشف عنها ، دون مصداقية لتهديداتهم ، لأنهم جميعا في حالة اللاوعي ،" صم بكم عمي " فهم لا يبصرون ، مبهورين وغير مصدقين بما أغدقه عليهم الاحتلال ، من جاه زائف ، ومناصب تافهة ، وثروات مسروقة ، فالشعب ومصير الوطن لا يساوي عندهم ، أكثر مما نثره عليهم الاحتلال من رشاوى ، للتستر على كل الجرائم التي حدثت ، وتحدث اليوم ، حتى وإن كانت في محيط منطقتهم " الخضراء " التي يتحصنون بها ...!!
ما يجب أن نفعله تضامنا مع شعبنا وأطفالنا في العراق ، ليس الإعتصام فقط ، وليس التنديد بالأمم المتحدة المساهمة في جريمة الحصار ، كما ليس مطالبة منظمات حقوق الإنسان ، بالكشف عن كل الجرائم والفضائح المرتكبة والتي تُعرف تفاصيلها ، وعلينا أيضا وهو الأهم ، أن نعلن براءتنا علنا ، من ممثلينا في البرلمان ، ومن كل الحكام ، في مؤسسات الحكم ، بسلطتيه القضائية والتنفيذية ، ونعلن أيضا أنهم ، غير عراقيين وغير مسلمين ، كما يدعون ، سواء كانوا عربا أم كردا أو تركمانا ...وغير جديرين بأن يمثلونا ، في أي محفل دولي أو إقليمي ، جراء نهجهم اللاوطني واللاأخلاقي من قضايانا العراقية ، والمغاير لكل مواقفنا وتقاليدنا الوطنية والقومية ، المعلن بعض منها في الدستور ، ولسكوتهم عن جرائم مليشياتهم ،عن طريق العنف والقتل وهتك الأعراض ، التي طالت مختلف النساء والرجال ، من كل الأديان والقوميات والطوائف، هذه الجرائم تسببت في تهجير العشرات بل المئات من العوائل العراقية ، في داخل العراق وخارجه ، وأدت إلى تمزيق وحدة العائلة ، وتفريق شملها ، انعكست آثارها سلبا ، على الطفولة ورعاية الأم والعائلة لها ، فاليتم والتشرد والجوع والحاجة والمرض ، كلها نتائج موضوعية وقاهرة ، لسياسة الحكم ، وللواقع الاقتصادي المزري ، الذي يعاني منه عموم العراقيين ، حصيلته مآسِ اجتماعية وخلقية لحقت بالأطفال ، تخلى بعض من الأهل عنهم ، أوباعهم خوفا ومكرها من الفضيحة ، وفي الحالتين ، نتيجة إملاق وقهر ومرض ،كلها من مسؤولية حماية الدولة والحكم ، هذا الواقع استثمرته قوى ومنظمات ، في الحكم وخارجه ، تملك المال للمتاجرة بكل شيء ، ولتكديس الملايين بل المليارات من الدولارات ، عن طريق شراء وتهريب هؤلاء الأطفال، ذكورا وإناثا ، واستثمارهم كسلعة ، لمختلف الأغراض والأهداف ، والجنس بالدرجة الأولى ، سوق رائجة للمستثمرين ، داخل العراق وخارجه ، ينهض به المتاجرون بالرقيق الأبيض ، في عراق تحكمه محاصصة دينية ـ قومية ..ولكن السؤال ، هل السلطة قادرة على وضع حد لمثل هذا الواقع البائس لحياة المواطن العراقي ؟ وهل تتوفر لها الإمكانية المادية ، لمعالجة النتائج المتدهورة والخطيرة ، لشريحة اجتماعية هي أمل العراق المستقبلي ..؟ وسلطة المحاصصة الطائفية ـ العنصرية ، وهي تسيطر على مداخيل كل الثروات العراقية ، البالغة مئات المليارات من الدولارات ، هل هي قادرة على معالجة أمر الطفولة ، والحد من الجرائم المرتكبة بحقها وحق العائلة ككل ..؟ نعم هي قادرة ، ليست لمعالجة أمر الطفولة وانتشالها من هذا الواقع المؤسف ، فقط ، وإنما هي قادرة على معالجة كل ما يعاني منه الشعب العراقي من مشاكل ، عن طريق إشاعة الديموقراطية الحقيقة في الحكم ، وإطلاق الحريات العامة، دون قيود من دين أو عشيرة ، وعدم الخلط بين السياسة والدين ، وتسليم مقدرات البلد للأكثرية الفائزة ، عن طريق انتخابات حرة ونزيهة فعلا ، تحكم وفق برنامجها ، من خلال ممثلين جديرين بتحمل مسؤولياتهم ، وترك المجال الحقيقي للمعارضة لآن تقوم بدورها ، في مراقبة السلطة ونهجها ، وإشراك الشعب في مراقبة سلوك وأداء ممثليه في البرلمان والسلطة ، لمتابعة تطبيق السلطة لبرنامجها الذي تقدمت به للحكم ، دون خلط اوراق لتقاسم السلطة مع قوى أخرى لا تشاطرها المنهج ولا الأسلوب ، تحت أسماء مزيفة، لخداع الشعب باسم " حكومة وحدة وطنية " ليتم التستر على النهب ، وتقاسم السرقات ، على قاعدة" شيلني واشيلك " التي نعيش نتائجها ، أوصلتنا لما نحن فيه ، ونعاني من ضعف ونقص في كفاءة وزراء ،لا مؤهل يؤهلهم ، لتقلد أدنى سلم وظيفي في الدولة ، ولا قدرة لرئيس الحكومة على استبدالهم أو إقالتهم من مواقعهم ، هذا الواقع هو لب الفساد ، وجوهر ضعف الحكم ، الحلفاء ـ الخصوم ، المتسم بفقدان الثقة فيما بينهم ، وعدم تعاونهم في البحث عن قواسم وطنية مشتركة ، لحل ما استعصى عليهم من مشاكل يعاني منها الشعب والوطن .. الشعب العراقي، يبقى هو صاحب المصلحة الحقيقة لتغيير أوضاع شاذة سائدة ، أوجدها الاحتلال الأمريكي ، و قوى حكم متعاونة معه ، فشلت في تحقيق كل ما وعدت به الشعب العراقي ، فلا الإحتلال انتهى ، ولا الأمن استتب ، ولا وئام بين القوى حصل ، ولا صيانة تحققت لوحدة شعب ووطن ، وهذا ما يجب أن نجهر به بوجه حكومة المحاصصة ..! 4 شباط 08
#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شهادة الفقر ..والبطاقة التموينية ..!!
-
مجتمع ذكوري ..في دول ديموقراطية ..!!
-
حراك سياسي ..أم صحوة سياسية ..!؟
-
كركوك والبصرة ..الأخطر في الصراع العراقي ..القومي والطائفي .
...
-
الحرية والديموقراطية ..في العراق ..!(4)القسم الأخير
-
الحرية والديموقراطية ..في العراق ..!! (3)
-
الحرية والديموقراطية..في العراق...!!(2)
-
الحرية والديموقراطية في العراق.. ! ( 1 )
-
جرائم الشرف ..عار المجتمع الرجولي ..!!
-
الحوار المتمدن ..مدرسة ومختبر ..!
-
الإنفراج الأمني ..ضوء فجر كاذب ..!
-
قانون المساءلة والعدالة : بين الحقد والمصالحة..!
-
بلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي..! / القسم الثاني
...
-
بلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ..!(1)
-
المادة 142من الدستور ..عقبة في استقرار العراق ..!!
-
عراق لكل العراقيين ..!
-
السيد آرا خاجادور ..بيان محبوس ..وحقد أسود ..!
-
ماالحل...عندما يتحول النقد إلى تشهير ..!!
-
مع رابطة الأنصار الشيوعيين في مؤتمرهم الرابع .
-
الحل السياسي ...نهاية المطاف ..!!!
المزيد.....
-
في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع
...
-
سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون
...
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
المزيد.....
-
نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة
/ اسراء حميد عبد الشهيد
-
حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب
...
/ قائد محمد طربوش ردمان
-
أطفال الشوارع في اليمن
/ محمد النعماني
-
الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة
/ شمخي جبر
-
أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية
/ دنيا الأمل إسماعيل
-
دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال
/ محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
-
ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا
...
/ غازي مسعود
-
بحث في بعض إشكاليات الشباب
/ معتز حيسو
المزيد.....
|