كنت قد نشرت مقالة قبل بضعة أيام في جريدة " السفير " وليس في " النهار " تحت عنوان ( راهن ومستقبل حزب البعث العراقي في ضوء حرب الاغتيالات المتبادلة ) وقد نشرت هذه المقالة على هذا الموقع " الحوار المتمدن " ومواقع عراقية أخرى ، وقد دعوت في هذه المقالة وكما ورد فيها حرفيا إلى : ( أولا ، رفض منطق ومنهجية الاستئصال الجذري والتصفيات الجسدية العشوائية التي تدعو إليها بعض الأحزاب المتعاونة مع الاحتلال .
وينبغي ثانيا جرد وتنظيم وتسجيل كافة الممارسات القمعية والأعمال القمعية التي مورست في العراق من قبل النظام الشمولي المطاح به في كشوفات موثقة متكاملة وتحويل القضية إلى القضاء المستقل والحر في الدولة الديموقراطية المنوي إقامتها على أنقاض الحكم الاستبدادي بعد طرد وهزيمة الاحتلال الأجنبي . وينبغي ثالثا تقديم المتهمين المباشرين إلى القضاء لمحاكمتهم محاكمة عادلة .ويمكن أن تستكمل معالجة هذا الملف الحساس والمعقد عن طريق القيام بعملية مصالحة وكشف على المستوى الوطني كتلك التي جرت في جنوب أفريقيا عبر ما عرف بلجنة "الحقيقة والمصالحة" التي قاد عملها الأب "جسموند توتو " التي أعطت لكل ذي حق حقه وأنصفت جميع المظلومين وضحايا القمع العنصري هناك . إن هذه الطريقة في التعامل مع هذا الملف إضافة إلى العمق الإنساني الذي تتميز به ستعزل القوى الفاشية سواء كان بعثية أو من الأحزاب الجديدة التي دخلت العراق مع دبابات الاحتلال عزلا تاما على المستوى الشعبي ..)
وكنت واضحا -كما اعتقد - في تبيان الهدف من هذا المسار والكيفية الحضارية في التعامل مع موضوع حزب البعث الفاشي حين قلت بأن ما أدعو إليه (سيكون بمثابة اجتثاث سلمي وعميق للفكر والتجربة الفاشية البعثية والحكم الفردي مع ضمان عدم تكرارها ) ..
كلامي كان واضحا إذن .. والمقالة مازالت في أرشيف جريدة "السفير" وفي أرشيف موقع "الحوار المتمدن " ومواقع أخرى ويمكن للقراء العودة لها للتأكد ، وربما للرد على أحد الرداحين الذي حاول أن يضحك على الجميع ويكرر افتراءاته الصبيانية ضدي في برقية ركيكة قد يسميها مقالة حين اتهمني بالاسم بأنني أمهد الطريق لعودة حزب البعث .. يا لطيف !!
يمكن للقارئ أيضا أن يقيس من خلال هذا المثال عمق الشرخ الروحي والتعفن الأخلاقي الذي أصاب بعض الأقلام العميلة للاحتلال الأمريكي حتى إنهم لم يعودوا قادرين على تضبيط أكاذيبهم ..
السبب الرئيسي في ردة فعل هذا الحيزبون ليس فيما قلته في مقالتي تلك بل هو ما ورد في مقالة أخرى لي بعنوان ( الحكيم والسيستاني وعملية الفرملة السياسية ) ونشرت في هذا الموقع أيضا وفيها قلت :
( و من نافلة القول أن اتباع بوش "العراقيين" وأخسهم أولئك المثقفون الذين يعتقدون بأننا إذا وضعنا روايةً في سطل معدني تحول السطل إلى روائي ، يتساوون مع أتباع صدام ..) ثم أضفت متسائلا : ( وماذا عن المثقفين والكتبة الذين لا يفرقون بين السطل ودوستوفسكي وبين الطبل وجواد سليم ؟ )
أليس هذا سببا كافيا للردح والافتراء والتشنيع ؟
وهو أيضا سبب أقنعني الآن بأن أقول لكل منبر إعلامي يسمح لنفسه بنشر الاتهامات والأكاذيب ويحرم المستهدف من حق الرد على أصحابها : وداعا فلست من الديموقراطية في شيء !