أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هادي الجباري - الخوف من (( الحرية ))














المزيد.....


الخوف من (( الحرية ))


هادي الجباري

الحوار المتمدن-العدد: 2179 - 2008 / 2 / 2 - 10:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحكاية الثالثة لهلكان العريان
كنت أتأمل بصمت , في أبيات الشاعر الاسباني لوركا , وهو يخاطب حبيبته , ومن خلالها بلده :
ما الإنسان دون حرية يا ماريانا ..
قولي لي .. كيف أستطيع أن أحبك أذا لم أكن حرا ؟
كيف أهبك قلبي أذا لم يكن ملكي ؟
اعتصر الألم قلبي ونحن نعيش عصر العولمة , وفي عين الوقت , انتابتني فرحة غامرة لان لوركا والكثير من أمثاله ممن حملوا الإنسان وحريته في وجدانهم , قد رحلوا ولم يشاهدوا ( التقرد والثعلبة ) التي يحملها الكثيرون في سيرك العولمة المتنوع .
أن ما أثار هذه التأملات في نفس هذا العداء للحرية من بعض من يدعون أنهم ينتمون إلى مثلها , ويزعمون حمل همها الإنساني , حيث ضاقت صدورهم بالمختلف ضمن " فضائهم الفكري " , بينما أتسعة صدورهم لكل الألوان السوداء والخضراء وغيرها من ألوان الطيف الفكري " المضاد " , وكأنما كل مصائب الوطن والشعب قد تراجعت أمام هذه الأوراق .
أفاقني من حديثي الصامت , رائحة الأبخرة الدافئة المتصاعدة من قدح الشاي , في هذا البرد القارص , و ابتسامة العم هلكان العريان , وهو يقدم لي القدح .. بعد أن تأكد العريان من عودتي أليه . قال : لست على سجيتك , ففي كل مرة تبادرني بالحديث , واليوم أنا الذي أبادرك , فما الذي يشغلك ؟ بعد أن أوجزته . قال : أعلم يا أبن أخي أنك قد أصحرت و أظهرت ما كمن في نفسي من جرح غابر لا يندمل , جرح نزف وما زال ينزف , في ضمير ألإنسانية منذ أن فقد (( أرضون )) – أبن الأرض – حريته التي أخذت تتراجع بعد أن أكتشف بعض أفراد جنسه الذهب و أمتلكه , وأنشئ سلطة تحميه , وهو يصارع بلا هوادة من أجل نيل حريته مرة أخرى , ومن أجل فضح ومقاومة كل أضاليل وأباطيل السيد الذهب –الذي أستعبد الجميع – ومراكز السلطة والنفوذ التي أنشئها لخدمته .
أن أعداء أرضون الذين يخشون انتصاره وعودته إلى براءته والتحامه مرة أخرى بأفراد جنسه , وأمه الأرض , هم وحدهم الذين يخشون الحرية ويرهبونها , لان فيها جرثومة فنائهم , وهي الشمس الساطعة التي تكشف خبايا كهوفهم المظلمة .. صدقني أن رهاب الحرية لا يوجد ألا عند من تكون بيوتهم من زجاج , ليس بمعنى الشفافية التي يصدعون رؤوسنا بها هذه الأيام , بل بمعنى الهشاشة , لذا فأنهم يحيطون بيوتهم الرقيقة هذه بغلاف سميك من التعاويذ والبخور والفرمانات والنبذ والموت , وكل ما تتفتق عنه قرائحهم لأجل البقاء . وإذا ما كانت بعض الشعوب قد أنجزت بعض التقدم على طريق الحرية , بعد كفاح عنيد وتضحيات جمة , فأننا مع الأسف الشديد , من شعوب الضفة الأخرى التي مازالت تتلمس بداية الخيط على أول الطريق , فلا تعجب أذا ما تحصن كل منا في بيته الزجاجي .. أعاد العم هلكان ملئ الأقداح الفارغة , بالشاي , مرة أخرى ثم أستأنف حديثه : سأروي لك حكاية ذات مغزى فقد حدثتني أحدى عجائزنا , من ذوات الحكمة , أن هناك عائلة قد استشرت فيها عادة مهلكة متوارثة فكلما كبر فيها رجل تركه أبنه على قارعة الطريق لمصيره , وفي ذات يوم سار أحدهم بأبيه تاركا إياه على باب مسجد المدينة , لكن الأب أستوقف ابنه قائلا : أعلم يا ولدي بأنني قد طعنت بالسن , و أن لم أمت اليوم فقد أموت غدا ولكن يا ولدي أقطع هذه السلسلة اللعينة , حرصا على مستقبلك ومستقبل أبنائك من بعدك .
لاشك أننا سنبقى على حالنا البائسة الراكدة هذه , إذا ما لم نقطع هذه السلسلة و نكسر ونزيل هذه الجدران الزجاجية لمنازلنا , كي تدخل جرثومة الحرية لكنس مزابلنا و لتعقيم عقولنا وأفكارنا .....
وإلى هنا سكت هلكان عن الكلام المباح إلى أن يدرك الشعب العراقي وفقرائه نور الصباح .



1-1-2008

بقلم كامل هادي الجباري

حركة اليسار الديمقراطي العراقي



#هادي_الجباري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- لقطات مروعة وثقتها كاميرا مثبتة على جسد ضابط وهو يضرب سجينًا ...
- بعدما حاول منعه سابقا... ترامب يطلب من المحكمة العليا تعليق ...
- محلل عسكري: الاتحاد الأوروبي يعاقب نفسه ولا حاجة لروسيا أن ت ...
- جهاز الأمن الفيدرالي الروسي يحبط هجمات إرهابية ضد ضابط بوزار ...
- نصيحة غذائية بسيطة لتحسين صحة القلب وتقليل الكوليسترول
- أبرز الروبوتات الشبيهة بالبشر في 2024
- أمل ينبعث من ركام الحرب في سوريا.. زوجان مسنان يعودان إلى من ...
- زاخاروفا: الإنصات لزيلينسكي خطير لسببين
- موسكو: الاستخبارات الأمريكية والبريطانية تحضران لاستهداف الق ...
- وزير خارجية الهند يناقش المشاكل العالمية مع مستشار ترامب


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هادي الجباري - الخوف من (( الحرية ))