|
فكر القرآنيين تحت المجهر، الحلقة الأولى: (المنهج)
نهرو عبد الصبور طنطاوي
الحوار المتمدن-العدد: 2177 - 2008 / 1 / 31 - 11:39
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أعتبر في رأيي المتواضع أن فكر القرآنيين ما هو إلا حلقة جديدة في سلسلة من حلقات الفرق التي انتسبت وتنتسب إلى الإسلام، والتي قامت باختطاف الإسلام وادعائها أنها وحدها من تملك الحقيقة المطلقة حول الفهم الصحيح للإسلام الذي جاء به النبي محمد عليه الصلاة والسلام، إلا أن الجديد الذي جاءت به فرقة (أهل القرآن) والذي شذت به عن الجميع، هو قطع كتاب الله (القرآن الكريم) عن واقعه الذي نزل فيه، وعن تاريخه الذي مر به، وعن رجاله الذين دعوا إليه أول مرة، بل وقطعه عن السبل التي أوصلته إلينا بهذه الصيغة التي هو عليها الآن، وكان على رأس من تم الفصل بينه وبين القرآن كان النبي محمد عليه الصلاة والسلام، فلقد لقد أعفى من يسمون بالقرآنيين النبي محمد عليه الصلاة والسلام، والذين أمنوا معه، من تمثيل الإسلام واقعا على الأرض، وذلك في مقال للدكتور صبحي منصور بعنوان: (النبي نفسه لا يمثل الإسلام فكيف بالمسلمين؟؟). فقد حول هؤلاء القوم القرآن الكريم، بل والإسلام نفسه، إلى وهم كبير، بل حولوه إلى سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، وقد أوقعهم ذلك في الكثير من الحرج والتناقض والاختلاف حول جميع ما جاء في نصوص القرآن الكريم.
وليس أدل على ذلك من تناقضهم حول (الصلاة)، فهم إلى الآن لم يقفوا على برهان يقيني حول تفاصيل الصلاة وكيفيتها وأوقاتها وعددها وعدد ركعاتها، فمعظمهم يقولون هي خمس فروض في اليوم والليلة، دون تقديم نص قرآني واحد يدعم هذا العدد، وقالوا: هذه الفروض الخمس تصلى في نفس المواقيت التي يصلي فيها كل المسلمين، وكذلك دون تقديم نص قرآني واحد يدعم قولهم هذا، وقالوا: عدد إن ركعاتها هي نفسها عدد الركعات التي يلتزم بها كل المسلمين، وكذلك دون تقديم أي نص قرآني واحد يدعم قولهم هذا، مما جعلهم يراوغون، فتارة يقولون الصلاة جاءتنا بالتواتر عن النبي عليه الصلاة والسلام، كما جاءنا القرآن، مع العلم أنهم في أدبياتهم وكتاباتهم يرفضون رفضا قاطعا كل ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، سوى القرآن الكريم، وقد قبلوا بالصلاة كنوع من المراوغة وخلو ذات اليد من البرهان القرآني على كيفيتها وعددها ومواقيتها. ومنهم من يقول: الصلاة بهذه الكيفية والمواقيت وبهذا العدد، هي نفسها الصلاة التي كان يصليها إبراهيم عليه السلام والأنبياء بعده، دون أي برهان قطعي نهائي على هذه الدعوى، ومنهم من قال: إن المسلمين الأوائل قد أخذوا كيفيتها وعددها ومواقيتها عن أهل مكة وراثة عن إبراهيم عليه السلام بعد أن صوبها الله للرسول بـ (الوحي العملي) كما يزعمون، وبعد أن عدلها له مما لحق بها من تحريف وتغيير -على حد زعمهم- مع العلم أنهم يوقنون ويقطعون بعدم وجود وحي سوى القرآن، وليس لديهم أدنى برهان من القرآن نفسه على ما أسموه بـ (الوحي العملي)، وليس لديهم نص قرآني واحد يقول بأن هناك وحيان: وحي عملي ووحي نظري!!، بل إن من المراوغة والتناقض الذَيْن أوقعوا أنفسهم فيهما أنهم قبلوا من أهل مكة الوثنيين كيفية الصلاة وعدد ركعاتها ومواقيتها، ولم يقبلوها من المسلمين الذي عاصروا الرسول، ولا من الذين جاءوا بعده، فأنى لهم الخروج من هذا المأزق؟؟!!. وما هو برهانهم من القرآن على قبولهم وحيا آخر غير القرآن؟، وما هو برهانهم من القرآن على أن الوحي العملي لم يأت فقط إلا بكيفية الصلاة؟؟؟؟، بل وما هو برهانهم على عدم وجود وحي عملي آخر سوى الصلاة؟؟؟؟.
وهناك الكثير والكثير من المسائل والقضايا الجوهرية التي احتدم حولها الخلاف بين كتاب فرقة القرآنيين حول حقيقة إدراكهم وبيانهم لها، والتي لم تحسم حتى هذه اللحظة، ولذلك أرى أن هذا الفكر يحمل في طياته على المستوى البعيد خطرا أكبر بكثير من خطر الفكر السلفي الوهابي التكفيري، فالسلفيين يعتمدون في جل أفكارهم على ما يسمى بالسنة، والسنة كما يعلم الجميع يأخذ منها السلفيون ويردون وفق سند الحديث من ناحية صحته أو عدم صحته، مما يعني أن السلفيين لديهم هامش فكري يمكن فيه الأخذ والرد، أما أهل القرآن فهم يتلقون أفكارهم من القرآن مباشرة، مما يعني لهم أنهم يتلقون من الله مباشرة، وكل ذي بصيرة لا يخفى عليه مدى خطورة الاعتقاد بالتلقي من الله مباشرة، فهذا يعني عدم وجود إمكانية للرد، أو التعقيب، أو المناقشة، أو حتى الاعتراض. بل ومن الخطورة كذلك في هذا الفكر الشاذ وفي القائمين عليه أنهم إلى الآن لم يتفقوا على منهج علمي أو عقلي يضبط بيانهم للقرآن الكريم بعد قطعه من أوصاله التاريخية والواقعية والبيئية والبشرية، وحجتهم في ذلك تكمن في قولهم: (نحن لا نزال نتعلم من بعضنا البعض ولا نزال نتدبر القرآن). ولا ندري، ولا يدرون، بل ولا أحد في العالم يدري متى سيتعلم أهل القرآن حقائق القرآن، ولا متى سينتهون من تدبرهم ذلك؟؟. وهل سيستمر أهل القرآن إلى ما لا نهاية في تعلم حقائق القرآن التي لم يتفقوا على حقيقة واحدة منها حتى هذه اللحظة؟؟. وهل سيستمر تدبرهم للقرآن أبد الدهر؟؟. وإذا كانوا إلى هذه اللحظة ما زالوا يتعلمون وما زالوا يتدبرون، فعلى أي أساس علمي أو عقلي بنوا أحكامهم التي يطلقونها على الناس وعلى المذاهب والتيارات الأخرى يمينا وشمالا، وهم إلى الآن ما زالوا يتعلمون ويتدبرون؟؟؟؟، وأي عقل يقبل منهم مراوغتهم هذه؟؟؟؟.
ولا يخفى على الناقد البصير ما في منهجهم هذا -إن صح أن نسميه بالمنهج- من خطورة تطال أول ما تطال بيان القرآن نفسه وإدراك مقاصده، فعدم وضعهم لمنهج علمي وعقلي يضبط بيانهم للقرآن الكريم، قد فتح الباب على مصراعيه لكل من (هب ودب) من الخاوين علميا وفكريا ووظيفيا وكل من لهم (ليلى يريدون أن يغنوا عليها)، أن يقولوا في بيان نصوص القرآن ما يحلو لهم ولهواهم، وسوف يدركون قريبا أو بعيدا مدى الكوارث التي ستنجم عن ذلك (الهراء) المبعثر والمتناقض والمتضارب الذي يسمونه بفكر أهل القرآن. بل ومن عجيب ما لاحظته من هؤلاء القوم أثناء نقاشاتي معهم حول بعض المسائل والقضايا التي كنت أوردها في مقالاتي، أنهم يأتون بمعظم كلامهم وردودهم وما يسمونه بالتدبر، يأتون به من كتب المفسرين القدامى مع بعض الصياغة والمراوغة والتحوير، ومن له أدنى دراية أو اطلاع على التفاسير القديمة فسيجد أن ما يعبئونه في مقالاتهم وكتاباتهم وتعليقاتهم، لا يختلف في مجمله عن كلام المفسرين القدامى، وهنا يحق للمرء أن يتساءل ما الجديد الذي جاء به هؤلاء القوم سوى قطع القرآن الكريم من أوصاله التاريخية والواقعية والبيئية والبشرية؟؟.
ولخطورة هذا الفكر على المسلمين وغير المسلمين في المدى الزمني الطويل، وخاصة لو تم التمكين لأتباعه سياسيا أو ثقافيا أو اجتماعيا، سيقوم هؤلاء بكوارث إنسانية وفكرية لا تقل في حجمها وثقلها شيئا عن كوارث السلفيين المنغلقين، وأول من سيكتوي بلهيب تلك الكوارث هم المسلمون البسطاء والعوام الذين لا يعلمون، وذلك حين تحتدم المواجهة بين التيار السلفي الوهابي من جهة، وبين التيار القرآني من جهة أخرى. ولا يخفى على أحد مدى الكم الهائل للمخزون الشعوري من العداء والكره والحقد والضغينة والذي يبرز جليا ويطل برأسه في كل كتابات الفريقين: السلفي، والقرآني، فكان لزاما على مثلي كمتابع وقارئ ومهتم بقضايا الفكر الديني أن أرصد مثل هذه الظاهرة، وأحذر من خطورتها المستقبلية. ولذلك رأيت أنه من الإنصاف كما أقدم نقدي للفكر السلفي ومخاطره، فقد حان الوقت كذلك لتقديم نقدي للفكر القرآني ومخاطره كذلك، لذا قررت القيام في الفترة القادمة بعمل قسم خاص على:(www.nehrosat.com) تحت عنوان: (نقد فكر أهل القرآن) وسوف أقوم بوضع مجمل القضايا الدينية التي يطرحها الفكر القرآني تحت المجهر لتشريحها ومناقشتها وتحليلها وعرضها على المنهج العقلي والعلمي، وذلك مع مشاركة من يودون المشاركة من المؤيدين والمعارضين. وأعتبر هذا المقال الذي بين أيدينا هو الحلقة الأولى في سلسلة (نقد فكر أهل القرآن) على أن أتابع بقية الحلقات حسبما تيسر لي الوقت.
لقد نشر أهل القرآن مقالا على موقعهم تحت عنوان: (منهج أهل القرآن) وهو عبارة عن بيان صحفي أو بالأحرى خطبة جمعة، يتكون هذا المقال من عدة فقرات كتبها الدكتور أحمد صبحي منصور وأطلق عليها ما أسماه (منهج أهل القرآن)، وهذا المنهج سوف نلقي الضوء على بعض فقراته الآن سريعا وبصورة موجزة على أن نفصل ذلك في الحلقات القادمة، فقد جاء في الفقرة الأولى في منهج أهل القرآن ما يلي:
(موقع أهل القرآن يفتح أبوابه لكل فكر حر بشرط ألاّ يسند الكاتب حديثا لخاتم النبيين محمد عليه السلام عبر ما يعرف بالسنة ، أو أن ينسب قولا لله تعالى خارج القرآن عبر الأكذوبة المسماة بالحديث القدسى. حين تنسب قولا للنبى محمد أو لله تعالى فستكون فى مشكلة يوم القيامة. وحين ننشر لك هذا القول فقد وقعنا فى مشكلة أكبر، ونحن لا نريد أن نكون فى صف العداء لله تعالى ورسوله، و لا نريد أن ننشر الكذب على الله تعالى ورسوله. هناك آلاف المواقع المتخصصة فى الكذب على الله تعالى ورسوله الكريم، وهى أوسع انتشارا وأقوى تأثيرا وأكثر سيطرة، وهذا الموقع البسيط قد يكون الوحيد الذى ينصر الله تعالى ورسوله وينفى الأكاذيب المسماة بالحديث النبوى والحديث القدسى ، ولا نريد أن نفقد هذه الميزة. وليس كثيرا أن يوجد فى غابة الانترنت هذه موقع صغير ناشىء يقوم بهذه المهمة النبيلة ابتغاء مرضاة الله تعالى ودفاعا عن رسوله الكريم والقرآن الحكيم.) انتهى
تعليقا على الفقرة الأولى أقول: في هذه الفقرة عدة مغالطات، منها: أن الموقع يفتح أبوابه لكل فكر حر بشرط ألا يسند حديثا للنبي محمد، ولا ينسب إلى الله ما يسمى بالحديث القدسي. والمغالطة هنا تكمن في التناقض بين فتح الموقع لكل فكر حر، ثم إلزام صاحب الفكر الحر بعدم ذكر أحاديث نبوية وقدسية منسوبة إلى الرسول أو إلى الله، مع العلم أن الفكر الحر حسب إدراكي لا تملى عليه شروط، إنما الفكر الحر هو الذي يملي على صاحبه ما يجب قوله وما لا يجب قوله.
فكان من الأجدر بالدكتور منصور أن يقول: الموقع يفتح أبوابه لكل من يريد نشر ما يكتب بشرط.....إلخ. أما الفكر الحر فلا يملي عليه أحد شروط، ولا يمكن أن يكون الفكر المشروط حرا. أما عن المغالطة الثانية في هذه الفقرة وهي قوله: إن (نسبة أي قول للرسول خارج القرآن يؤدي ذلك القول إلى مشكلة يوم القيامة). وهنا أقول متسائلا: ألستم تنسبون إلى الرسول الصلوات الخمس وعدد ركعاتها ومواقيتها وما يقال فيها من أدعية وتلاوة آيات من القرآن، بدعوى اتباع الوحي العملي، مع عدم ورود نصوص قرآنية تدل على كل هذا؟؟؟؟. ألا يعتبر فعلكم هذا مشكلة يوم القيامة وعداءً لله، حيث قد نسبتم إلى رسوله عبادة لم يأت ذكر لتفاصيلها وكيفيتها في القرآن الكريم؟؟؟؟. وألا يعد أدائكم للصلاة بنفس الكيفية التي يؤديها بها جماهير المسلمين كذبا على الله ورسوله حيث لم يأت تفصيل ذلك في القرآن الكريم وفقاً لمنهجكم؟؟؟؟.
الفقرة الثانية من منهج أهل القرآن: (وطبقا لأدب القرآن الكريم فى الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة فلا نحكم بتكفير أحد من الأحياء فى عقيدته. قد نعرض رأيا قرآنيا ليس للتكفير ولكنه للوعظ والتذكير والتحذير لمن يعادى الله تعالىـ ونفعل ذلك املا فى هدايته وتوبته قبل أن يموت. نحكم على الارهابيين الذين يقتلون الأبرياء بالكفر السلوكى طبقا لجرائمهم ، ولكن حتى فى هذا فاننا نأمل فيهم التوبة قبل الموت بلا توبة. أما بالنسبة لمن ماتوا من أئمة التراث فلنا حرية الحكم عليهم بما كتبوا فى كتبهم وأسفارهم، خصوصا إذا كانوا يتمتعون بالتقديس بينما تحوى كتبهم الطعن فى رب العزة جل وعلا والاسلام والقرآن وخاتم النبيين عليهم جميعا السلام. هنا لا بد ـ فى نصرة الاسلام المظلوم ـ من توضيح عدائهم للاسلام بالأدلة القرآنية وبما كتبوه بأيديهم وفى تراثهم. هنا نحن لا نفترى عليهم كذبا، فهذه كتبهم ومؤلفاتهم المنشورة ، ونحن نحكم عليها بالقرآن الكريم. ومجال الرأى مفتوح لنا وللآخرين ، وكل انسان حرّ فيما يؤمن به أو ما يكفر به. وطبقا للاسلام وللعقل فلا يمكن لانسان أن يؤمن بالشىء ونقيضه ،فاذا تناقضت تلك الكتب وأصحابها مع القرآن فلا يمكن أن تؤمن بالمتناقضين معا، لا بد ان تؤمن بواحد وتكفر بالآخر, وأنت حر فيما تختار. أيضا لا يمكن أن تناصر فى وقت واحد خصمين أحدهما ظالم والآخر مظلوم، لا بد أن تحدد موقفك وتنحاز الى طرف ضد الآخر. أولئك كذبوا على الله تعالى وعلى رسوله فيما يسمى بالسنة والحديث، وتلاعبوا بالكتاب العزيزفيما يعرف بالتفسير والتأويل وقاموا بحذف أحكامه بزعم النسخ ، وكتبوا أقاويل تطعن فى معظم سور القرآن وتشكك فيه تحت اسم ( علوم القرآن ). وفى كل هذا اقترفوا أفظع ظلم لله تعالى وهو الافتراء الكاذب على الله والتكذيب بآياته. وبالتالى فأمامنا الاختيار بين طريقين إما أن ننصر الله تعالى بالوقوف ضدهم وتفنيد مزاعمهم وأكاذيهم فى ضوء القرآن الكريم ، وإما ان نؤيدهم فى ظلمهم لله تعالى بأن نسكت و ننسى الموضوع أو أن نبالغ فى العداء لله تعالى بأن ندافع عنهم ونبرر أفعالهم. السكوت وكتم الحق القرآنى هو أقل أنواع العداء لله تعالى. ومع هذا فان من يكتم الحق ملعون من الله تعالى والملائكة والناس أجمعين، ولا نريد أن نكون من الساكتين على الحق. تأييد الأئمة الظالمين لله تعالى ورسوله وتبرير أعمالهم والدفاع عنهم أفظع الظلم لله تعالى. ولا نريد أن نكون من هؤلاء. ليس أمامنا إلا الدفاع عن الله تعالى وكتبه ورسله ودينه مهما كره الكافرون. وموعدنا معهم امام الله تعالى يوم الحساب.) انتهى
تعليقا على الفقرة الثانية في منهج أهل القرآن أقول: يقول الدكتور منصور: أنه يحكم على الإرهابيين الذين يقتلون الأبرياء بالكفر السلوكي. ولا ندري ماذا يقصد الدكتور منصور بالكفر السلوكي؟؟؟، وهل مصطلح (الكفر السلوكي) هذا قد ورد ذكره نصا في القرآن أم هو من اجتهاده؟؟، أم قام باقتباسه من بن تيمية، مع بعض التغيير على اللفظ؟؟، فابن تيمية يقول بالكفر العملي، ويبدو أن الدكتور منصور نقل هذا المصطلح عن بن تيميه وقام بتغيير كلمة (عملي) بكلمة (سلوكي)، والله أعلم. ولم يذكر لنا الدكتور منصور من يقصد بالإرهابيين الذين يقتلون الأبرياء، هل هم التيارات الإسلامية، كتنظيم القاعدة والجماعات الجهادية؟؟، أم يقصد قوات الاحتلال الإسرائيلية؟؟، أم يقصد قوات الاحتلال الأمريكية؟؟، أم يقصد الأنظمة العربية الحاكمة ووزارات داخليتها؟؟، فمصطلح الإرهاب مصطلح فضفاض من السهل لأي أحد إطلاقه على أي أحد.
أما عن الذين ماتوا من أئمة التراث فكيف يكون للدكتور منصور حرية الحكم عليهم بعد موتهم؟؟، وما هو نوع الحكم الذي سيحكم به عليهم؟؟، هل سيحكم عليهم بالكفر مثلا، أم ماذا؟؟، أم أنه يقصد الحكم على كتاباتهم ومؤلفاتهم؟؟، فلم يوضح لنا الدكتور ماذا يقصد بالضبط بهذه المحاكمة لأئمة التراث الموتى؟؟. وهل كان أئمة التراث الذين ماتوا، يعادون الإسلام حقا في مؤلفاتهم كما يقول الدكتور منصور، أم أنهم كانوا يجتهدون في الفهم فيصيبون ويخطئون، كما يجتهد الدكتور منصور وجماعته فيصيبون قليلا ويخطئون كثيرا كذلك؟؟، وهل يقبل الدكتور منصور أن يأت أحد بعد موته ويحاكمه من خلال مؤلفاته التي يقر فيها أنها اجتهادات قد تصيب وقد تخطئ، هل يقبل من أحد أن يصفه بالعداء للإسلام بعد موته إذا ثبت خطؤه؟؟. وفي الفقرة السابقة بعض الجمل بها بعض التضارب، مثال: (ومجال الرأى مفتوح لنا وللآخرين)، (وكل انسان حرّ فيما يؤمن به أو ما يكفر به). (وطبقا للاسلام وللعقل فلا يمكن لانسان أن يؤمن بالشىء ونقيضه،) (فاذا تناقضت تلك الكتب وأصحابها مع القرآن فلا يمكن أن تؤمن بالمتناقضين معا،) (لا بد ان تؤمن بواحد وتكفر بالآخر,) (وأنت حر فيما تختار.) (لا يمكن أن تناصر فى وقت واحد خصمين أحدهما ظالم والآخر مظلوم،) (لا بد أن تحدد موقفك وتنحاز الى طرف ضد الآخر.) انتهى
ولا أدري كيف يجمع الدكتور منصور بين حرية الإنسان في إيمانه وعدمه، وبين إلزام الإنسان بأحدهما، إما الإيمان وإما الكفر، بل وإلزامه بالانحياز لطرف ضد آخر، أليس من حق الإنسان كذلك وحريته في اختياره أن يقف على الحياد؟؟، وأليس من حق الإنسان وحريته في اختياره ألا ينحاز لطرف ضد آخر؟؟، وأليس من حق الإنسان وحريته في اختياره أن يكون وسطيا يقارب بين المتضادين؟؟؟؟. إن الدكتور منصور يتبنى المقولة التي تقول من ليس معنا فهو ضدنا؟؟؟؟. أما عن قول الدكتور منصور: (وكتم الحق القرآنى هو أقل أنواع العداء لله تعالى. ومع هذا فان من يكتم الحق ملعون من الله تعالى والملائكة والناس أجمعين، ولا نريد أن نكون من الساكتين على الحق.) ألا يعد قولكم هذا من جنس أقوال من يدعون أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة حول فهم كتاب الله وفهم حقيقة الدين الإسلامي وحدهم دون غيرهم؟؟، أو هو من جنس أقوال من يزعمون تفويضهم من قبل الله بالدفاع عنه والتحدث باسمه نيابة عنه سبحانه؟؟.
الفقرة الثالثة في منهج أهل القرآن: (بيت اهل القرآن مفتوحة أبوابه أمام كل انسان حر يكتب دون أن يفترى على الله تعالى كذبا أو أن ينسب للنبى محمد عليه السلام ما لم يقل، وأيضا دون أن يهاجم أهل الكتاب فى عقائدهم. هذا الموقع يتمسك بالقرآن وينفذ أوامره فى عدم الجدال مع أهل الكتاب إلا بالتى هى احسن. ومن هنا نرحب بالحوار معهم بالتى هى أحسن فى المشترك بيننا ، وهو التمسك بالأخلاق الحميدة وحقوق الانسان وحقوق المواطنة و القيم الانسانية العليا من الرحمة و التعاطف و العدل والاحسان والحرية و الكرم و الصبر و التسامح ، والوقوف ضد الظلم و البغى و الاثم و العدوان. أما الدخول فى تسفيه العقائد فممنوع منعا باتا، ليس فقط لأنه طريق يؤدى الى البغضاء ولكن أيضا لأن مهمتنا هى اصلاح المسلمين بالقرآن و ليس بشغل أنفسنا بالهجوم على ما يعتقده الآخرون حقا و يتمسكون به. نحن نحترم حقهم فى الاختيار العقيدى، ونطلب منهم احترام حقنا فى اختيارنا العقيدى. هذا لا ينطبق على المسلمين، فطالما ينسبون أنفسهم الى الاسلام فلا بد من الاحتكام الى القرآن الكريم فى اصلاح من يضل منهم على الطريق. وهو اصلاح بالعلم والكلمة والموعظة الحسنة، وليس بفرض الرأى، فلا نفرض أنفسنا على أحد، ولا نفرض رأينا على أحد. ونتمنى الهداية لنا و للآخرين.) انتهى
تعليقا على الفقرة الثالثة في منهج أهل القرآن أقول: وفيها مغالطات شنيعة، المغالطة الأولى: لا أدري ما سر إقحام جملة (كل إنسان حر) في كل فقرة مع وضع الشروط على الإنسان الحر؟؟، ولا أدري كيف تستقيم الحرية مع الإملاءات والشروط؟؟. المغالطة الثانية والكبرى والأشنع من بين جميع المغالطات التي حواها ما يسمى بمنهج أهل القرآن، ألا وهي: إن الدكتور منصور يمنع منعا باتا الهجوم على عقائد أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وعدم الجدال معهم إلا بالتي هي أحسن، ويرحب بالحوار معهم في المشترك بينهم، كمكارم الأخلاق، ودفع الظلم والعدوان وحقوق المواطنة والإخاء وغيرها من القيم السمحة النبيلة، وقد منع الدكتور منصور منعا باتا -كما سبق في كلامه- الدخول في تسفيه عقائد اليهود والنصارى، وعدم الاشتغال بالهجوم على ما يعتقده الآخرون حقا يتمسكون به، بل وأقر الدكتور منصور باحترامه لحق الآخرين في اختيار عقائدهم.
وهنا يحق لنا ولكل منصف يتلو هذا الكلام الوارد في ما يسمى بمنهج أهل القرآن أن يتساءل ويقول: أليس من حق المسلمين سنة وشيعة على الدكتور منصور وجماعته من أهل القرآن أن ينعموا ويحظوا بنصيب من تلك المائدة الدسمة والعامرة بأصناف وألوان التسامح والود التي أعدها لليهود والنصارى، وأليس من حق المسلمين سنة وشيعة على الدكتور منصور وجماعته عدم الهجوم على عقائدهم، وعدم الجدال معهم إلا بالتي هي أحسن، وأن يرحب بهم للجدال معهم بالحسنى، وأن يمتنع الدكتور منصور وجماعته من أهل القرآن امتناعا باتا عن تسفيه عقائد المسلمين من السنة والشيعة، وألا يشغل نفسه وجماعته بالهجوم على ما يعتقده كل من السنة والشيعة وما يعتبرونه حقا يتمسكون به، ويقر باحترامه لحقوقهم في اختيار عقائدهم، على اعتبار أن المسلمين من السنة والشيعة هم أقرب إليه في عقائدهم من عقائد اليهود والنصارى؟؟؟؟؟!!!!!، وكما يقال: (الأقربون أولى بالمعروف). ولن ننتظر طويلا رد الدكتور منصور على هذا السؤال الكبير، بل هو قد أجاب عليه بنفسه في ختام الفقرة السابقة، فقال: (هذا لا ينطبق على المسلمين، فطالما ينسبون أنفسهم الى الاسلام فلا بد من الاحتكام الى القرآن الكريم فى اصلاح من يضل منهم على الطريق. وهو اصلاح بالعلم والكلمة والموعظة الحسنة، وليس بفرض الرأى، فلا نفرض أنفسنا على أحد، ولا نفرض رأينا على أحد. ونتمنى الهداية لنا و للآخرين) انتهى. والسؤال الأخير الذي نطرحه على منهج الدكتور منصور في هذه الفقرة، ما هو إذاً الشيء الذي لا ينطبق على المسلمين فيما قلته، وما هو الشيء الذي لا ينطبق عليهم، وما علة ذلك؟؟؟؟. الفقرة الرابعة في منهج أهل القرآن: (ومن الطبيعى أن نخطىء ونصيب، وأن ما نكتبه معروض للنقاش والنقد. وطبيعى أن تختلف مستويات الكتّاب فى هذا الموقع. وكل هذا ايجابى يضاف الى الموقع ولا ينتقص منه, فالكاتب إذا اجتهد فأصاب فلنفسه وإن أخطأ فعليها ولا شأن للاسلام باجتهاداتنا وأخطائنا. المهم أننا نتعلم من بعضنا البعض، ويصحح بعضنا بعضا، ومن المحاولة والخطأ والنقد نتقدم و نتطور الى الأحسن. ولن نستطيع مهما كبرنا وتعلمنا أن نكون معصومين من الخطأ. المهم ألا نصرّ على الخطأ وأن نكون على استعداد للتعلم وتغيير الرأى اذا ظهر خطؤه.) انتهى
تعليقا على الفقرة الرابعة في منهج أهل القرآن: نقول للدكتور منصور: ألا يعني كلامك هذا أن ما تقولونه ليس بحقيقة مطلقة؟؟، وبالتالي ينطبق كلامكم هذا على أئمة التراث كما أسميتهم؟؟، وألا ينطبق عليهم قولك: (فالكاتب إذا اجتهد فأصاب فلنفسه وإن أخطأ فعليها ولا شأن للإسلام باجتهاداتنا وأخطائنا)، ألا يمكن أن يكون أئمة التراث قد اجتهدوا فأصابوا، واجتهدوا فأخطئوا؟؟، ولماذا تعطي لنفسك ولجماعتك الحق في الاجتهاد والخطأ فيه أو الصواب فيه، ولا تعطي لغيرك من أئمة التراث نفس ذلك الحق؟؟، أهذا هو الإنصاف والعدل الذي تعلمه للناس يا شيخ منصور؟؟.
ولم يبقى من منهج أهل القرآن إلا ثلاث فقرات، وهم عبارة عن خطبة جمعة أو بيان صحفي يحمل ترغيبا للمثقفين العلمانيين للمشاركة في الكتابة على موقع أهل القرآن، وترهيبا من الشيوخ السلفيين. وهنا أطرح على القارئ هذا السؤال الهام وهو: هل وجدت فيما سبق من فقرات حواها ما يسمى بمنهج أهل القرآن، أو هل تلوت شيئا يصلح أن يطلق عليه منهج علمي أو عقلي؟؟، أم هي مجرد خطبة أو بيان به الكثير من المغالطات والتناقضات التي لا تخفى على كل ذي بصيرة؟؟، وهل يمكن أن يقال بعد هذا أن أهل القرآن جماعة لها منهج علمي جاد أو منهج عقلي حقيقي؟؟؟؟.
#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محاكم تفتيش أهل القرآن في الطريق إليكم
-
أهل القرآن كلاكيت تاني مرة
-
ماذا قدم أهل القرآن للإسلام؟؟.
-
البوذية ديانة سماوية: الإيمان باليوم الآخر- الجزء الثالث
-
كتابي: قراءة للإسلام من جديد
-
البوذية ديانة سماوية: الإيمان باليوم الآخر- الجزء الثاني
-
البوذية ديانة سماوية: الإيمان باليوم الآخر- الجزء الأول
-
كعبة المسلمين وبقرة الهندوس
-
البوذية ديانة سماوية: الحكمة
-
البوذية ديانة سماوية: الحكم والشريعة
-
ولم ترض عني الأديان ولا العلمانية ولا الإلحاد
-
الإسلام دين الله وليس شريعة النبي محمد
-
البوذية ديانة سماوية: الكتب والرسالات
-
أنواع الرسالات الإلهية
-
الأنبياء والرسل مخيرون وليسوا مسيرين
-
البوذية ديانة سماوية: الوحي والنبوة
-
البوذية ديانة سماوية وبوذا نبي
-
هل الشعوب الغربية شعوب متخلفة؟
-
نشأة الدين
-
يا مصر لا تعاتبيني
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|