لقد كان المغرب دائما يمثل الجسر بين إفريقيا و أوروبا، و قد تأكد هذا مع استفحال ظاهرة الهجرة السرية. و هذا ما دفع السلطات المغربية الىإحداث هيئات مكلفة بهذا المشكل الذي اتسع مداه بشكل لم يسبق له مثيل. و قد أصبح الوضع يتطلب مكافحة شبكات الهجرة السرية و تهريب البشر، بل دفعهم الى الموت المحقق، هي شبكات أضحت تحصد أرباحا طائلة تفوق 12 مليار دولار سنويا. و هي تعتمد على "وكلاء" محليين يعملون على استقطاب الراغبين في الهجرة بأي ثمن.
و من الهيئات المستحدثة بالمغرب للتصدي لهذا المشكل مديرية الهجرة و حراسة الحدود و مرصد الهجرة. تكلفت الهيئة الأولى بتطبيق الاستراتيجية الوطنية المتعلقة بمكافحة شبكات الهجرة السرية و حراسة الحدود المغربية، أما الهيئة الثانية فتكمن مهمتها في تجميع مختلف المعلومات و القيام بالدراسات بصدد هذه الظاهرة و ذلك بهدف تفعيل الانسجام بين الفعل على أرض و اتخاذ الإجراءات الوقائية بغرض بلورة حلول مجدية للتصدي لمعضلة الهجرة السرية.
و حسب الإحصائيات المتوفرة هناك 5 عمليات للهجرة السرية يوميا و ما يناهز 170 شهريا و ذلك منذ 1992. و رغم الجهود المبذولة فلازالت هناك صعوبات للوصول إلى الرؤوس المنظمة و المخططة لشبكات الهجرة السرية.
و يبدو أن أكبر مستفيد عمليا من الهجرة السرية اسبانيا التي أضحت تتوفر على يد عاملة زهيدة الثمن و بدون مطالب حتى في حدها الإنساني الأدنى.
و مهما يكن من أمر فان حصيلة الهجرة السرية ثقيلة و ثقيلة جدا، فعلى امتداد عقد و نصف تقريبا تجاوز عدد الضحايا 40 ألف فقدوا حياتهم في مياه مضيق جبل طارق، و أكثر من 200 ألف مهاجر في وضعية غير شرعية يستغلون أبشع استغلال في سوق العمل باسبانيا، و هذا في وقت تدعي فيه أوروبا التعامل مع إشكالية الهجرة السرية بطريقة إنسانية.