أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - دانا جلال - زنادقة ام ثوار















المزيد.....

زنادقة ام ثوار


دانا جلال

الحوار المتمدن-العدد: 675 - 2003 / 12 / 7 - 01:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يمكن القول ان الحضارة الغربية الحديثة مدينة لمذهب الشك الديكارتي ( 1596 – 1650) ومقولته المشهورة ( انا  افكر اذن انا موجود) والذي تم بموجبه قراءة جديدة لتشكل الثقافة والفكر الانساني، وقضية الشك  قديمة قدم  البشرية فمن خلال قراءة ا لقصص الموجودة في الكتاب المقدس والقران الكريم نجد رموزا للشك لم يكن ابطالها من البشر العاديين وفق التصور الديني بل  كانوا من الانبياء والرسل فقصة شك  ابراهيم بقدرات ربه معروفة ( واذا قال ابراهيم ربي ارني كيف تحي الموتى . قال او لم تؤمن ؟ قال :-بلى ولكن ليطمئن قلبي ) وقصة موسى وطلبة من ربه ان يراه ليطمئن قلبه ، ورغم مشروعية الشك الذي راود الانبياء باعتبارها الخطوة الاولى لمعرفة الحقيقة او هدم الحقائق القديمة فان القران يقف بالضد من فكرة الشك  ( أفي الله شك فاطر السماوات والارض ) و ( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون ) ( وانهم لفي شك مريب ) و ( وان الذين اورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب )  .
وفكرة الشك في التاريخ الاسلامي تم ربطه بالزندقة ومن ثم الالحاد لتشرع السيوف وتشعل النيران لقتل وحرق كل من يفكر بمحاولة التفكير ومن ثم يحويل لاحقا مصطلح الزنديق الى سلاح مشرع بوجه اصحاب الفكر وزعماء الثورة الاجتماعية والتحررية  ، وكلمة الزنديق  حسب ابن منظور في لسان العرب كلمة فارسية معربة  ( زند كراي ) وهو الذي يؤمن بدوام الدهر  ، ويقول الجوهري ( الزنديق من الثنوية وهو معرب ، والجمع الزنادقة ، وقد تزندق ، والاسم الزندقة . اما في كتاب الانساب ( والزندي من الزندية وهم طائفة من الزردشتية والزند كتاب له والزنديق نسب الى ذلك واول من سمي بهذا الاسم ماني بن فاتك بن مانان الذي وضع كتابا سماه  سابرقان وقال : هذا زند كتاب زردشت وزند بلغتهم التفسير ، يعني هذا تفسير كتاب زردشت
واذا كانت فكرة الايمان بدوام الدهر ( الدهرية ) شكل من اشكال الزندقة فان العرب وفي العصر الجاهلي قد اَمنوا  بازلية الدهر وعدم وجود البعث بعد الموت وقد اشار القران الى وجودهم ( وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا ، نموت ونحيا ، وما يهلكنا الاالدهر ) ويوضح د علي جواد الطاهر في كتابه المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام استنادا الىابن قتيبة الى انتشارالدهرية في الجزيرة العربية متاثرين بدهريي الحيرة    وقد اشتهر من زنادقة قريش ابو سفيان بن حرب وعقبة بن ابي معيط وابن ابي خلف الجمحي والنضر بن الحارث بن كلدة والعاص بن وائل السهمي  والوليد بن المغيرة المخزومي وتذكر المصادر التاريخية الى وجود الثنوية  ( الاعتقاد بالنور والظلمة ) في قريش دون ذكر اصحابها   وقد عدَ ابو العلاء المعري ( شداد بن الاسود الليثي المعروف ب ( ابن شعوب ) شاعر زنادقة قريش  وذلك لشعره

الا من مبلغ الرحمن عني                         باني تارك شهر الصيام
اذا ما الرأس زايل منكبيه                        فقد شبع الانيس من الطعام
ايوعدنا ابن كبشة ان سنحيا؟                   وكيف حياة أصداء وهام
أتترك ان ترد الموت عني                      وتحييني اذا بليت عظامي
ولم يقتصر الامر على الثنوية والدهرية بل ان بعض الشعراء ذهب ابعد من ذلك حينما تناولوا تراجيديا طرد  ابليس من الجنة بشكل مختلف بل اكثر جرأة من تناول الثنويين والدهريين لموضوعات الدين فها نجد ان الشاعر 
بشار بن برد يتعاطف مع ابليس فمن شعره
 النار مشرقة والارض مظلمة          والنار معبودة مذ كانت نار
وكان ابو الفتوح احمد بن محمد الغزالي اخو الغزالي الفقيه الشافعي يعتبر ابليس سيد الموحدين وقال يوما على المنبر ( من لم يتعلم التوحيد من ابليس فهو زنديق، امر ان يسجد لغير سيده فأبى)

ولست بضارع الا اليكم                    وأما غيركم حاشا وكلا
وقال مرة ( التقى موسى ابليس عند عقبة الطور ، فقال موسى  : يا ابليس ، لم لم تسجد لآدم ؟ فقال : كلا ، ما كنت لاسجد لبشر ، كيف اوحده ثم التفت الى غيره ! ولكنك انت يا موسى سألت رؤيته ثم نظرت الى الجبل ، فانا اصدق منك في التوحيد
ويروى من شعره
فمن ادم في البين            ومن ابليس لو لاكا
فتنت الكل والكل            مع الفتنة يهواكا

وكان الذين تم تسميتهم بالزنادقة مفكرين وادباء لهم فلسفتهم في الحياة واسلوبهم الخاص فقد ذكر الثعالبي في كتابه ثمار القلوب في المضاف والمنسوب  ( اما قولهم اظرف من زنديق ،فقد صار مثالا في زمن كثر ظرفاؤه وهو زمان المهدي وكانوا يرمون بالزندقة كصالح بن عبد القدوس ، وابي العتاهية ، وبشار بن برد ، وحماد الراوية ، وحماد عجرد ، ومطيع ابن اياس ، ويحيى بن زياد ، وعلي بن الخليل ومن تقدمهم قليلا كابن المقفع وابن ابي العوجاء ، وما منهم في الظاهر الا نظيف البزة ، جميل الشكل ، ظاهر المروءة ، فصيح اللسان ، ظريف التفصيل والجملة ، والله اعلم ببواطنهم وضمائرهم  ) ويقول ابو نواس عن ظرف الزنادقة

تيه مغن وظرف زنديق
بل ان الانتماء الى الزندقة كان موجة في زمن المهدي لما تحمله هذه الكلمة من ارتباط بوعي وفكر وحداثة في افكار ذلك العصروقال احد الشعراءفي عصر المهدي
تزندق معلنا ليقول قوم                              من الادباء زنديق ظريف
فقد بقي التزندق فيه وسما                         وما قيل : الظريف ولا الخفيف
ويبقى الانتماء او الرغبة في الانتماء الى الزندقة من قبل الكثيرين رغم حملات التشويه ومحاكم التفتيش الاسلامية موضوع بحاجة الى الدراسة ولكن اقل ما يمكن استنتاجه هو ان واقع من اتهموا بالزندقة يختلف عن الصوره الذي رسمه كتاب السلطة ويمكن وضع مأساة الكردي ابو مسلم الخراساني كنموذج للتعامل مع الاخر في ظل سلطة الخلافة فرغم ما قدمة ابو مسلم الخراساني واتباعة في تغير موازين القوى لصالح العباسيين ضد الامويين وبمجرد استلام العباسيين السلطة بدأوا بتشويه صورة ابو مسلم بصورة شوفينية فها يقول احد شعراء السلطة

 ابا مجرم ما غير الله  نعمة                     على عبده حتى يغيرها العبد
وفي دولة المهدي حاولت غدره                الا ان اهل الغدر اباؤك الكرد

ويذكر ابن المطهر في كتابه البدء والتاريخ ص 356( كان مروان بن محمد كتب الى اهل مكة يهجو ابا مسلم وانه يحرق المصاحف ويهدم المساجد فلما سمعوا بقدومه خرجوا ينظرون اليه فلما بلغ الحرم نزل من دابته وخلع نعليه ومشى حافيا على رجليه اعظاما للبيت وقضى نسكا  قل ما قضاه احد من الملوك غيره فقالواما رأينا سلطانا اعظم الحرم اعظامه) .
ولم يتعرض احد لتهمة الزندقة مثلما تعرض له القرامطة لما امتلكته هذه الحركة من اسس فكرية و فلسفية تمكنوا من خلالها خلق نموذج اقل ما يمكن القول عنه انه كان اشتراكيا فان قال ماركس عن ثوار باريس حينما اقاموا سلطة العمال عام 1871 من خلال كومنة باريس بأنهم اقتحموا ابواب السماء فان القرامطة قد هزوا عروش الالهات في السماء  حينما اسسوا مجتمعا مساواتيا في اليمن والشام والعراق والبحرين  ، ومن التهم الموجه للقرامطة هو قيام احد قادتهم وهو ابو طاهر القرمطي بقلع باب الكعبة واقتلاع الحجر الاسود واخذه الى هجر وبقاءه هناك نيفا وعشرين سنة وتقول المصادر التاريخية انه  وبعد قلع الحجر الاسود قال

فلو كان هذا البيت لله ربنا             لصب علياالنار من فوقنا صبا
لاْنا حججنا جاهلية                     محللة لم تبق شرقا ولا غربا
وانا تركنا بين زمزم والصفا        جبابير لاتبقي سوى ربها ربا
ان قلع الحجر الاسود ونقله ما زال يثير تساؤلات مشروعة تتمحور حول عدم حمايتها من قبل الرب مثلما فعل في قصة ابرهة الحبشي المذكورة في سورة الفيل  ( وارسل عليهم طيرا ابابيل ترميهم بحجارة من سجيل )
ولم تنطلق الزندقة بشكلها الفردي عبر مواقف الشعراء والمفكرين او قيام الحركات الثورية المضطهدة من قبل سلطة الخلافة  الا تعبيرا عن السخط الاجتماعي وشكل توزيع الثروات وقمع الحريات والغاء الاخرين واحتجاج انساني على ما يمكن اعتباره خللا في الحياة الانسانية والطبيعية التي كانت ترجع الى الخالق ، ويمكننا القول ان الكثير من الزنادقة لم ينكروا وجود الخالق بل قاموا بعملية نقد لهذا الخالق كاسلوب لنفيه فها ابو العلاء المعري يفسر اسباب ظهور الزندقة ومنطلقاتها الاساسية

اذا كان لايحظى برزقك عاقل                       وترزق مجنونا وترزق احمقا
فلا ذنب يارب السماء على امرىء                رأى منك ما لايشتهي فتزندقا
ويقول
ونهيت عن قتل النفوس تعمدا                        وبعثت تقبضها مع الملكين
وزعمت انك في المعاد تعيدها                      ما كان اغناها في الحالين
واخيرا يمكننا القول ان ما يفعله الكثيرمن دارسي التاريخ الاسلامي من خلال تشويه واخفاء صفحات مشرقة من التاريخ الفكري والسياسي لشعوب المنطقة لايقل خطرا عما قام به كتاب السلطات التي قمعت الفكر بتهمة الزندقة لان الكتاب قاموا بتشويه التاريخ اما ما يقوم به الان بعض مفسري التاريخ ما هو الا تشويه الذاكرة الانسانية المعاصرة



#دانا_جلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى الاستاذ زهير كاظم عبود .. دعوة للتواصل والضحك
- حدود الحرية ... خطوة الى الامام وخطوتان الى الوراء
- نزعات عنصرية في الفكر والحياة الاسلامية - الجزء الاخير
- نزعات عنصرية في الفكر والحياة الاسلامية - الجزء الاول
- ملفات امنية
- مساحة الحرية في النص الديني ج2
- 1مساحة الحرية في النص الديني ج
- الى اعضاء مجلسى الحكم مع التحية
- التعذيب عبر التاريخ
- الزيباري ينهي سياسات العلوج
- ذهنية التحريم (( تحريم الذهن )) ج الاخير
- ذهنية التحريم (( تحريم الذهن )) ج2
- ذهنية التحريم (( تحريم الذهن)) ج1
- كوردستان الوطن المجزأ واشكالية الهوية ج2
- كوردستان/ الوطن المجزأ واشكالية الهوية ج1
- مسيرة الالف جريمة تبدأ بخطوة معاداة الشيوعية
- تشكل القزح في عالم رزكار
- الشوفينية ان كانت عربية او كردية فهو مرض يصيب الانسان بعمى ا ...
- فاشيون في فضاءات النكتة العراقية
- النكتة السياسية مملكة الحرية في زمن الفاشية/ج الاخير - حرب ا ...


المزيد.....




- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...
- قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب ...
- قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود ...
- قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى ...
- قائد الثورة الاسلامية: العدو لم ولن ينتصر في غزة ولبنان وما ...
- قائد الثورة الاسلامية: لا يكفي صدور احكام اعتقال قيادات الكي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - دانا جلال - زنادقة ام ثوار