أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد علي محيي الدين - انهيار المعسكر الاشتراكي الأسباب والتصورات(2)















المزيد.....

انهيار المعسكر الاشتراكي الأسباب والتصورات(2)


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 2174 - 2008 / 1 / 28 - 09:16
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


أن الأسس التي قامت عليها الأنظمة الرأسمالية لا تسمح بإقامة مجتمع العدالة والمساواة،مجتمع الكفاية والعدل،ولا تستجيب لتطلعات الشعوب في الحياة الحرة الكريمة،لذلك يبقى الصراع الطبقي هو السمة المميزة في مثل هذه الأنظمة لأنه ينمو بنموها،ويتنامى بتناميها ،وكلما أستطاع رأس المال التمدد والتقدم ،كلما ازدادت حدة الصراع لتفاقم الأزمة الاقتصادية وهبوط المستوى ألمعاشي للطبقة العاملة،وكلما شهدت الرأسمالية نموا مضطردا ،كلما ازدادت المعانات،وتطلعت القوى العاملة لمواجهاتها ورفع الظلم والحيف عنها،وبدت الحاجة ماسة لنضالها للوصول لغدها الموعود وبناء الاشتراكية التي تضمن مساواتها وحصولها على حقوقها،وتمس الحاجة لبناء المجتمع الاشتراكي المزدهر على أسس قويمة من العدالة الاجتماعية والمساواة ونبذ الاستغلال وإشاعة الرفاهة الاجتماعية،التي لا تستطيع الرأسمالية تحقيقها لدوافعها المبنية على الأثرة والاستغلال.
والحتمية التاريخية لسقوط الرأسمالية كما تنبأ فلاسفة الاشتراكية العلمية ماركس وأنجلز،لم يكن نتيجة فلسفة طوباوية أو أراء خيالية،أو قفزا على الواقع ومما هات له،بل جاءت استنادا لدراسة متعمقة للتاريخ الإنساني وفهم عميق لطبيعة المجتمعات،وفق أسس علمية تستند لتجارب رائدة كانت معينا في استكناه الواقع وإيجاد الدواء الشافي لأدوائه،وستنهار الرأسمالية كما انهارت الأنظمة التي سبقتها في الظهور وجاءت على أنقاضها،كالعبودية والآقطاعية وستكون الاشتراكية هي قدر البشرية والحتمية التاريخية إلى لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها أو إغفالها،لأنها الأساس الواقعي لبناء المجتمع الإنساني الخالي من الاستغلال والتسلط والفوارق الطبقية التي تأخذ بخناق الكادحين.وهي النظام الأمثل الذي يستجيب لتطلعات البشرية وطموحها المشروع في الحياة الحرة الكريمة،الخالية من الفوارق بين الطبقات.
أن هذا الانهيار المريع والسريع،والنكسة التي لحقت بالحركة الشيوعية،يدفعنا لدراسة العوامل والأسباب التي أدت إلى حدوثه،وأين تكمن مواقع الخطأ التي أدت أليه،وهل جاء لأسباب موضوعية أو ذاتية أو نتيجة عوامل أخرى من خارجه،أو هو نتيجة أمراض كامنة في طبيعته،أو الأسس التي أرتكز إليها،أم في التطبيق غير الخلاق عبر المسيرة الطويلة التي صاحبت البناء،،وعلينا أيجاد السبل الكفيلة بتجاوز هذه الانتكاسة،وإعادة البناء على أسس لا تحمل في داخلها العوامل التي أدت إلى هذا الفشل المريع،وأن نتجاوز الأخطاء التي صاحبت الفترة السابقة من خلال تشخيصها وإيجاد الحلول اللازمة لها.
لقد اختلفت الآراء،وتباينت الأفكار في تلمس هذه الأسباب ودراستها،فالمتطرفون لا يجدون في تلك الدولة القائمة ما يصح أن يقال فيه أنه تجربة اشتراكية،وأن الثورات التي جاءت بتلك الأنظمة لم تحمل الصفة اللازمة للاشتراكية،وإنها تجارب لم تقترب من لب الاشتراكية أو تدخل في صميمها وإنما اتخذت أسمها فخانها التطبيق،وهي افتئات على الفكر الاشتراكي وتطبيق قاصر لفلسفتها التي جاء بها معلمو الاشتراكية وواضعي أسسها النظرية القويمة، والبرجوازيين يثنون على الرأسمالية وإنها النظام الكامل والنهج الذي يستحق الاحتذاء والسير على هديه،والنظام الأوفق للإنسانية لما يحمل في طياته من عوامل مساعدة في أرضاء النزعة الإنسانية المبنية على الأثرة وحب التملك،وأن الأنظمة الاقتصادية الأخرى لا يمكن لها أن توازي أو تصل لما وصلت إليه الرأسمالية في الممارسة والتطبيق،وأن ما يقال عن صراع الطبقات أثبت عدم صحته وجدواه في معالجة أدواء المجتمعات،وبنائها على أسس خالية من الصراع والتجاذب بين تياراتها المتعارضة .
أن هذه الآراء لا يمكن الركون إليها والتسليم بها على أنها مسلمات لا تقبل النقض والتأويل،دون محاولة دراستها من خلال الوقائع الصحيحة بعيدا عن الهوى والتعصب والعزة بالإثم،وبحيادية تستند للبحث العلمي،فالثورات الاشتراكية التي اندلعت في أماكن مختلفة من العالم،ومنها الثورة الروسية في أكتوبر 1917 لم تكن وليدة الصدفة أو مغامرة غير محسوبة النتائج،وثورة عابرة توفرت لها فرص النجاح،دون استنادها لظروف تاريخية سابقة ومبادئ معروفة كانت من الأهداف التي تسعى لتحقيقها والنضال لتحويلها إلى واقع معاش،لقد جاءت نتيجة صراع طويل للتخلص من الظلم والتسلط والاستغلال الذي أناخ بكلكله على الشعب الروسي،والتخلص من السلطة القيصرية التي سامت شعبها العذاب،نتيجة الهيمنة الإقطاعية واستحواذها على الأرض ووسائل الإنتاج،واستغلالها للشعوب ومعاملتها معاملة الأرقاء،وقد وصلت الأمور أن يكون للمالك قتل فلاحيه واقنانه،دون أن يكون عرضة للسؤال لأنهم لا يختلفون عما يملك من ماشية أو حيوانات،لذلك نرى أغلبية الجماهير سارت وهي تحمل الراية الحمراء للتخلص من الظلم والاستغلال والتسلط وما صاحب ذلك من عمليات انتقامية تعبر عن مدى الكره الذي تكنه الشعوب لحكامها.
أن انتصار ثورة أكتوبر خلق توازن جديد،بعد أن كان العالم كله تحت تسلط وهيمنة الرأسمالية،فأصبح فيه القطبين الرئيسيين متمثلين بالمعسكرين الرأسمالي والاشتراكي،وقدمت الجمهورية الفتية الكثير للدول النامية،ودفعتها للتقدم في بناء اقتصادها الوطني،والتخلص من الهيمنة الاستعمارية ،وكانت مساعداتها للدول النامية للتخلص من ربقة وقيود الرأسمال الأجنبي،وبناء اقتصادها الوطني على أسس متينة خالية من تأثير الرساميل الأجنبية،للدول الفقيرة ،وأن المساعدات التي قدمتها لحركات التحرر خير دليل على أيمانها بالمثل السامية والمبادئ النبيلة،وبفضل هذه الجمهورية تحررت الكثير من الشعوب واستطاعت بناء دولتها الوطنية،دون أن يكون لهذه المساعدات دافعها الاستعماري،كما هو الحال فيما تقدمه الدول الرأسمالية الذي كان مشروطا بالتبعية والاستحواذ والهيمنة،ودون أن تفكر باستعبادها كما هو حال الدول التي كانت تسير في الفلك الرأسمالي.
أن المساعدات التي كانت تقدمها الدولة السوفيتية لم تكن من فائض أنتاجها أو مما زاد عن حاجتها،بل كانت تقتطعه من أفواه شعوبها وعلى حساب تقدمها وتطورها،وكان لهذه المساعدات أثرها في أضعاف الاقتصاد السوفيتي،لعظم المسئوليات المترتبة عليها،ومن الأمثلة البسيطة على ذلك المساعدات التي قدمتها الحكومة السوفيتية للشعوب العربية في حربها مع إسرائيل،عندما دمرت العسكرية الإسرائيلية القوة العسكرية الكبيرة لمصر وسوريا عام 1973 وتمكنت في سويعات من تدمير هذه الترسانة التي كانت في حينها من أكبر ترسانات الأسلحة في المنطقة،وأنهت مقومات الجيش المصري الذي كان في هزيمته يضاهي أسرع العدائين في العالم،ولولا الموقف السوفيتي وتدخله السريع لإيقاف العدوان لاجتاحت إسرائيل هاتين الدولتين،وأنهت وجودهما،وبعد تلك الخسارة المريعة كان على الروس أعادة تسليح هاتين الدولتين بما يمكنهما من أعادة بناء قوتهما المسلحة ،وبناءها لتكون قادرة على حفظ التوازن ومواجهة العدوان،دون أن تكون لهما القدرة على الوفاء بأثمان تلك الأسلحة.
أن الدارس الموضوعي يستطيع تلمس الأسباب والعوامل المؤدية إلى هذا الانهيار من خلال دراسته لطبيعة الثورة البلشفية،وماهية الشعب السوفيتي والمرتكزات والأسس التي تم البناء عليهما،فأن حدوث أول ثورة اشتراكية في بلد كالإتحاد السوفيتي،لابد أن يحاط بممارسات قد تضر بالتجربة أو تسيء إليها تبعا لتخلف ذلك البلد وعدم أهليته لهذه للثورة،وما كان عليه المجتمع من تخلف وضمور،وقد عملت ذات العيوب والأمراض التي حفل بها المجتمع عملها،ولم تسعى لإصلاح تلك العيوب والقضاء عليها،رغم العمليات الترقيعية التي لم تصل للب المشكلة أو تتمكن من إنهائها،فكان لتلك الآفات التي تنهش في المجتمع أن تأخذ طريقها لتكون عقبة كأداء وعائق كبير،مما أدى إلى تضخمها واستفحالها،ففتكت فيها تلك الأمراض وتمكنت من وأدها وإفشالها.
فالنظرية الماركسية في معرض تحليلها ودراستها لأساليب البناء الاشتراكي،ووضعها الأسس السليمة لأقامته،حتمت أن يتم ذلك في بلد رأسمالي تتوفر فيه الأسباب لحتمية الثورة،لتوفر القوى العاملة صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير الجديد،بعكس روسيا البلد المتخلف الذي كان في مرحلة الإقطاعية ولم يصل لمرحلة الرأسمالية،وبذلك لم تكن مهيأة لتكون الدولة السليمة لبناء الاشتراكية وفق الأسس والمبادئ التي وضعها ماركس،وحسب أساليب التطور الحتمي للمجتمعات البشرية.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انهيار المعسكر الاشتراكي ..الأسباب والتصورات/1
- الأكراد ضمانة لقوة التيار الديمقراطي وفاعليته
- وقفة لوالد الشهيد أمام صورته
- نحو وحدة فاعلة للتيار الديمقراطي العراقي
- لماذا لا تسند هيئة النزاهة إلى مهدي الحافظ
- البارحة جند السماء واليوم أنصار اليماني وغدا السفياني
- (الغريب في ابتكارات القوى الظلامية
- حبلها وذبها الگيلاني
- هل سيكون ما نشرته الصباح مبررا لإصدار قانون رقابة المطبوعات
- انتبهوا ...البعثيون قادمون
- أمرأة من بلادي
- اعمى يكود ضرير من قلة التدبير
- الشفافية من أجل الوصول للمعلومات
- هل يسهم الحراك الجديد في انهاض العملية السياسية
- وزارة للمتقاعدين
- الكتابة قرب الخط الساخن
- حقوق المرأة والأحاديث الموضوعة
- المصالحة الى أين..؟
- ثلثين الدك عالمربوط
- ثورة النساء


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد علي محيي الدين - انهيار المعسكر الاشتراكي الأسباب والتصورات(2)