|
التحرير الامريكي للعراق ..تحرير للذات العراقية ..ام تحرير للعراق منها؟ ( 1)
ثائر سالم
الحوار المتمدن-العدد: 2174 - 2008 / 1 / 28 - 05:29
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
العراق والاحتلال...درس من التاريخ ...
لم يكن التاسع من نيسان 2003 ، امتحان الغزو والاحتلال الاول للعراق . فقد غزا العراق واحتله ، كما يعرف الجميع ، غزاة ومحتلون عدة . وفي تاريخه الحديث، كان احتلاله من قبل القوة العظمى الاولى في العالم، مرتين. فبريطانيا، حينما اقدمت على احتلاله ، كانت القوة العظمى ، الاستعمارية الاولى في العالم حينها، مثلما ان الولايات المتحدة ، ايضا اليوم هي القوة الاولى بالعالم، وهي تقدم على احتلاله. ورغم عدم استبعاد احلام الاستعماريين البريطانيين ، حكاما أو مراكز قرار ونفوذ، بالعودة لاستعمار العراق، وربما ثأرا لذل هزيمتهم وخروجهم من العراق،... الا ان سحر النفط ، واغراء الوجود بقربه ، في العراق والمنطقة،.. والحاجة له، يبقى العامل الجوهري ، في السياسة. والمفارقة ( مصادفة أو دلالة) الاخرى، ان الامبراطوريتين، اقدمتا على احتلاله ، لا في زمن صعودهما ، بل في زمن تراجع تاريخي لهما. ترى اهو سباق الوقت الضائع ، للحصول على طوق النجاة ، وكنز الامال؟ ام انها الفرصة التي لم تحن قبل الان ، رغم عقود او سنين الرصد والانتظار الطويلة ؟ ام هي مفارقة ، قدرية التاريخ والجغرافيا الاقليمية والدولية ؟ واستطرادا في منطق المفارقة والقدرية،.. نلحظ ان زمن نهاية الامبراطورية، التي لا تغيب عنها الشمس ( بريطانيا العظمى)، في العراق، قد ساهم الى حد ما، اسقاط حلف بغداد ، وبتزامن او تصادف تاريخي ، في نهاية عصر هذه الامبراطورية ، وغياب الشمس عنها والى الابد . فبريطانيا العظمى ، لم تعد بعدها ، الا تابعا، صغيرا، لامبراطورية باتت هي العظمى، بعد ان كانت احد مستعمراتها. وحلت محلها في منطقة نفوذها التقليدية ، الخليج والشرق الاوسط عموما. واسترسالا في المفارقة، وبقدرية الجغرافيا والتاريخ ،.. ارتبط تحرر العراق، من السيطرة العثمانية، وتزامن مع زمن هزائمها وافول امبراطوريتها، وانسحابها اخيرا من التاريخ ، كقوة استعمارية كانت احد الامبراطوريات ، التي تقاسمت العالم بينها .. وفي العراق ايضا، ابتدات هزيمة امبراطورية كسرى الفارسية ، والتي انتهت باحتلال بلاده( بلاد فارس)، على يد (اعراب ، بدو) ، كانوا اضعف منهم ، واقل شعوب المنطقة تطورا . ويبدو ان العم سام، حسب احدث المؤشرات، السياسية والاقتصادية، الدولية والامريكية ، هو في مرحلة افول شبيهة ، كتلك التي تعرضت لها تلك الامبراطوريات، التي سبقته في غزو العراق . ورغم ان ، جدلية التطور ، ارتقاء وانحلا ل، نمو وافول ، نظم وحضارات ، كانت دوما الحقيقة التي تختزل مغزى التاريخ ، الا ان سر ان تأبى تلك الامبراطوريات ، مغادرة مسرح التاريخ ، دون ان تطأ اقدامها ، ارض السواد ، وتعفر وجهها ، بتراب حضارات مابين النهرين ،.. ظل لغزا لا يفسره تحد تلك الحضارة ، ..ولا الاكتشاف المتاخر ، لكل الغزاة والمحتلين ، لعبثية المحاولة مع ، الروح العراقية، العصية على ، الاحتواء ، التطويع ، والاذلال ..التي لا يمكنها ان تقبل بديلا عن استقلالها وسيادتها . ومع ذلك ، سيظل ذلك دوما ، كما في اي استعمار ، الجهل بمنطق التاريخ واحكامه او العناد معه . سيفشل المحتل الامريكي ، لا في تدمير الروح العراقية ، وتحطيم تلك الهوية، فحسب وانما، حتى في البقاء في العراق، مثلما فشل المغول ، اللذين احرقوا كل مكتبات بغداد ، ومزقوا كتبها ، وقتلوا علمائها ومنعوا علمها،.. واطفؤ ا ضوء الحضارة فيها ، وضوء حضارتها الذي ملأ الدنيا كلها. هنا تكمن علة تعثر المشروع الامريكي في العراق. وهي ذاتها التي تفسر سبب تركيز الامريكان، والمستعمرون الاخرون ، على هوية المواطنة العراقية.. كهوية وطنية جامعة.. ، بتنوعها وغناها. ومحاولة تحطيمها ، علاقة وثقافة. وتفسر لنا ايضا سبب السير في طريق تعظيم الفوارق والتمايزات ـ التي لم تكن يوما مشكلة ، تعيق علاقات التعايش المشترك ، ....كعلاقات صداقة ، وعلاقات عمل ، وعلاقات تصاهر . هويات وتمايزات ، ظلت دوما ، محترمة في الثقافة الشعبية ، والوجدان الوطني . باستثناء فترات ، اساءت فيها السياسات الحكومية ، بدرجات واوضاع مختلفة ، لذلك التلاحم الثقافي والوطني والسياسي ، ولكنها لم تبلغ يوما ، المدى الشعبي الذي بلغته اليوم . المحتل يدرك اهمية هذا العامل، وله الخبرة الكافية في توظيفه في مشروع احتلاله . ويبدو ان لخبرة " ابو ناجي" البريطانيين ـ ومشاركتهم " العم سام" ـ الامريكان ، في احتلاله العراق، دورا هاما في هذا التوجه ، خصوصا بعد ان تمت تهيئته على نار هادئة ، سنين طويلة قبل الاحتلال ،... مع قوى التعصب الطائفي والقومي ، ومع القوى المستعدة لعمل كل شيء، من اجل الوصول الى السلطة، والقوى التي لم تعمل في السياسة ، او تكن معنية بالهم العراقي يوما، او تلك التي لا تمتلك برنامجا او رؤية سياسية ، للبلد ومستقبله . السنوات التي مضت ، على احتلال العراق ، اكدت وبشكل لايقبل الخطأ، ان الخطر الاكبر الذي يهدد الاحتلال، والتحدي الاهم لمستقبل البلد والشعب العراقي ، لازال يكمن ، في مستقبل الهوية الوطنية العراقية ، وبقائها هوية ومظلة تتسع لكل الهويات المكونة لها ، ..تضمن حقوقها ، وتوفر فرص التكافوء والعدالة والمساواة بينها . هدف تصفية الهوية الوطنية العراقية ، كان في التاريخ ولا زال حتى اليوم ، هو المحطة الحاسمة ، في نجاح مشروع الاحتلال ، او فشله . وهو ذاته الامر الحاسم ، في تطور العراق ، اجزاء ومكونات وهويات ، وحريتها او استعبادها ، ..البقاء في التاريخ ، جزءا فاعلا فيه في الحاضر او في المستقبل ، او الخروج منه ، والعيش على الهامش ،.. كيانا ضعيفا ، وهوية هزيلة ، مرتبكة الملامح ، هامشية التاثير والخصائص ، ..في زمن يتحد فيه البشر بالوانهم واجناسهم واديانهم ، امام ضرورات المدنية التي تفرضها علينا ، حضارة الزمن الذي نعيش التي توحد بين الناس ذوي المصالح الواحدة، رغم تنوع ثقافاتهم ورؤاهم . فمستقبل العراق، سيبقى كما كان دوما ، رهين خيار المواطنة والوحدة، التي اثبتت قوتها وجدوتها في التاريخ الماضي ، وتطرح نفسها اليوم ، كاضمن الحلول ، واقلها كلفة ومعاناة ،.. وافضل خيار يصون الشخصية العراقية ، بتلاوينها وخصائصها .. وحضارة البلد ، التي صاغتها. ..والاهم انه، .. الخيار الاوسع افقا ، الاكثر انسجاما مع، شروط العصر الاقتصادية ، وعولمته ، التي لابد من انتصار الانساني فيها، حينما ينجح الانسان ، في فرض نموذجه في آخر الامر.
#ثائر_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحالفات جديدة ..في ذات المشروع ام ..بداية مشروع مغادرة الطائ
...
-
في ظل وبأسم المقدس
-
الاوطان لا يبنيها الخائفون على تعصبهم اومن تعصب غيرهم
-
الليبرالية ..حضارة واجندة نظام صاعد ام محاصر؟
-
لحظة مفصلية في مستقبل العراق
-
اتفاق المالكي بوش ...تحرير الامريكي واحتلال العراقي
-
اتفاق مهين لتاريخ الشعب وكفاحه الوطني
-
العملية السياسية ..تغيير في الاسس ام اعادة انتاج
-
العراق....بوابة العالم الجديد ام محطة حاسمة في موت مشروع
-
الحوار المتمدن..تجربة ..اوسع من الحوار وارحب من التمدن
-
الديموقراطية ..التي تضيق ذرعا ..بذاتها وحتى بهوامشها
-
االشيوعية بين..الحلقة 2
-
الشيوعية...بين.. رومانسية الحلم ... ومشروع العدالة... وواقعي
...
-
شعلة اكتوبر
-
المصداقية ...الموضوعية.. في الممارسة السياسية
-
ّالمصداقية ...الموضوعية ...في الممارسة السياسية
-
درس بالغ الدلالة
-
حول قانون تقسيم العراق
-
قراءة هادئة ..في مشروع تقسيم العراق
-
الوطن..صناعة تاريخ ام ارادة جماعة
المزيد.....
-
مصر تحظر الهواتف غير المطابقة للمواصفات.. ومسؤول: -مُقلدة وت
...
-
غارات أمريكية في الصومال.. ترامب يعلن استهداف أحد كبار تنظيم
...
-
كيف تجيب عن أسئلة طفلك -المحرجة- عن الجنس؟
-
الشرع: الرياض ستدعم سوريا لبناء مستقبلها
-
الاتحاد الأوروبي والرد على واشنطن
-
واشنطن تجمد ملياري دولار من أموال روسيا المخصصة لمحطة -أكويو
...
-
- الجدعان الرجالة-.. مشهد بطولي لشباب ينقذون أطفالا بشجاعة م
...
-
مفاجأة غير سارة تنتظر أوكرانيا من أحد حلفائها
-
زيلينسكي لا يعرف أين ذهبت الـ200 مليار دولار التي خصصتها أمر
...
-
إعلان حالة التأهب الجوي في ثماني مقاطعات أوكرانية
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|