|
المرحلة الراهنة..والمهام الوطنيّة.
سنان أحمد حقّي
الحوار المتمدن-العدد: 2173 - 2008 / 1 / 27 - 11:02
المحور:
ملف - دور قوى اليسار والديمقراطية في بناء دولة مدنية ديمقراطية علمانية تضمن الحرية والعدالة الاجتماعية للجميع
المرحلة الراهنة والمهام الوطنيّة! تتعالى منذ بضعة أعوام وبالتحديد بعد عام 2003 الدعوة إلى مشاريع عمل مشترك لقوى اليسار أو ما أصبح يُدعى مؤخرا بقوى اليسار والديمقراطيّة في العراق وبالرغم من كونها دعوات مخلصة ولا تفتقر إلى الحرص على المصالح الوطنيّة ولكنها بكل أسف تفتقر فعلا إلى واقعية التحليل السياسي وبشكل أدق إلى تحليل الواقع السياسي الحالي وإلى تحديد المهام الوطنيّة في الوقت الحاضر لقد أضاعت القوى الوطنية عدة فرص فيما مضى ومنذ ما بعد تموز 1958 حين ظنّت قوى اليسار أنها قادرة على إنجاز مهام المرحلة الجديدة وحدها آنذاك وحصل ما حصل من تمزّق واسع النطاق كان له الأثر الفعال في تصديع مجمل حركات التحرر الوطني في المنطقة وفي العالم أيضا أيُّ محلل للوضع السياسي في البلاد يمكن أن يتوصل بسرعة إلى حقيقة مفادها أن فصيلا واحدا من قوى التقدم والتنوير غير قادر في المرحلة الراهنة لوحدهِ على إنجاز الأهداف المطروحة والملِحّة واليوم وبعد التمزّق الإثني واسع النطاق لم يتبقّ لقوى اليسار والديمقراطية سوى هامش بسيط يُمكن أن يوفر لها ميدانا للعمل والنشاط السياسي الحقيقي التعبئة الجماهيرية بطيئة جدا ومتلكّئة ولا يتزايد حجم التنظيمات اليساريّة والتقدميّة والعلمانيّة مجتمعةً سوى نسبة ضئيلة من حجم الساحة السياسية الفاعلة وعند التطلع إلى الوضع الدولي سنكتشف بسرعة ويُسر غياب أي غطاء يساري يساعد على تعويض الفراغ الداخلي كما أن النظرة السريعة إلى الوضع الإقليمي والعربي لا يطرح شيئا إيجابيا أما تحليل الوضع الداخلي فإن أية بلورة سريعة للأهداف الملحّة التي يطرحها المواطنون لا تتضمن أي تحديد يساري أو اشتراكي أورأسمالي أو سواها بل أن المهام الوطنية الحاليّة يمكن حصرها في إنجاز إعادة الإستقلال والسيادة الوطنيّة وضمان وحدة البلاد وإشاعة مفاهيم الديمقراطية ومفاهيم التعددية والفدرالية والحكم اللامركزي وضمان حقوق الإنسان والحريات العامة وإعداد قوانين وتشريعات تنظّم تشكيل الأحزاب السياسية وإصدار الصحف وتشريعات لتنظيم الإنتخابات وتشكيل التنظيمات الخاصّة بالمجتمع المدني وإنجاز التحولات الديمقراطية بما يكفل الإبتعاد عن إكراه المواطنين على الإنضمام إلى أي نوع من التنظيمات السياسية ونشر فكر التسامح وقبول فكر الآخر والكف عن استخدام السلاح والقوة لتغيير الواقع السياسي أو الواقع الإجتماعي أو السكاني وما إلى ذلك من المهام التي شاعت في العهد الماضي وما تزال سائدةً إلى يومنا هذا ومن الأهداف العليا أيضا إعادة الإعمار ومعالجة آفة الفساد بكل حزم وبمشاركة واسعة من قبل جماهير شعبنا صاحب المصلحة الحقيقيّة وتوفير الخدمات العامة بدءاً من توفير الطاقة الكهربائية إلى توفير المياه الصالحة للشرب وإصلاح النظام الصحّي والطبّي والتعليم وإصلاح الجهاز الإداري ونظام النقل العام ومعلجة أزمة السكن العصري المتفشّية وتنمية المدن والأقاليم بشكل ينسجم مع بيئة متطوّرة ومتقدّمة وإعمار قطاعات الإقتصاد المختلفة. وليس في الخطوط العريضة للإعمار والإصلاح الموصوفين في أعلاه ما لا يمكن البدء به دون تحديد منهج العمل إن كان اشتراكيا أم رأسماليا إنها كلهامجتمعةً مهام يُمكن أن يتّفق عليها أبناء الشعب وإن كانوا من اتجاهات متباينة أو مناهج فكريّة مختلفة إن مهام المرحلة الراهنة تتطلب قبل كل شيء تحديد وبلورة الأهداف العليا وطرحها على الجماهير العريضة ونخبها الوطنيّة دون التخندق أو الإصطفاف في خندق اليسار أو اليمين ودون إشاعة المزيد من الهويات الإثنية لأن المرحلة الراهنة كما أزعم تتطلب اشتراك أوسع وأعرض الشرائح ومن مختلف ابناء الشعب وأن نفسح الفرص والمجالات لكل مواطن أن يسهم ويشارك في إنجاز المرحلة المقبلة ما دام المواطن يقرّ ويعترف بالمهام المطروحة وبسبل إنجازها ولا يهمنا إن كان يساريا أم يمينيا أم إسلاميا أم من هذا الفريق أم ذاك إنني وبكل تواضع أود لو توضع الأهداف والمهام الوطنية العليا للمرحلة الراهنة على البساط بهدف التجمع والإلتفاف حولها دون تحديد المنهج أو المذهب الأيديولوجي أو ربطه بالأهداف كضرورة للإنجاز إن مهام المرحلة ليست مهاما لا يُمكن إنجازها إلاّ بالآيديولوجيا الفلانية أو العلاّنيّة فهي مهام تستوعب كل القوى الوطنية وبعد إنجازها يُمكن أن يطرح كل تيار آيديولوجي سمات تصوّره للمراحل اللاحقة إننا اليوم أمام معضلة كبيرة جدا تتطلب أول ما تتطلب حشد الطاقات ونبذ الخلافات ورأب الصدع الوطني وتحقيق المصالحة الداخليّة ولا يتم إنجاز هذا كله بالدعاوى اليسارية أو اليمينيّة أو الإسلاميّة أو القوميّة وحدها وقد تأكّد للجميع عدم إمكانيّة أي فصيل منفرد في إنجاز أي شيء لحد الآن ولن يكون باستطاعته ذلك ،كما أن تعقيد الوصول للأهداف الملحّة وإطالة أمد المعالجات يترك الباب مفتوحا أمام مختلف القوى الإقليميّة والدوليّة لتمارس دورا تخريبيا أو نفعياً أوسع مدى في ظروف البلاد ومستقبلها عبر زيادة عسرة وعكرة الأحوال السياسية والتناقضات الإجتماعيّة أكرر مرة أخرى إن المرحلة الراهنة برأيي المتواضع تتطلب بكل إخلاص بلورة الأهداف المطلوبة وحشد وتعبئة أوسع الجماهير الشعبية حولها دون التقيّد بالإتجاه اليميني أو اليساري أو القومي أو الديني أو الطائفي هذا هو السبيل وليس أمامنا سواه إنها متطلبات المرحلة الراهنة إن اليساري واليميني والقومي وصاحب الإتجاه الديني وسواهم ،هم قبل وبعد كل شيء عراقيون وهذه مهمة وطنية وليست مهمة طبقية فالخدمات حاجة ملحّة لمختلف أوساط الشعب كادحيه وموظفيه وكسبته وتجاره وصناعييه ومزارعيه ومختلف شرائحه الإعمار والخدمات وإصلاح الأنظمة التعليمية والصحيّة والإداريّة وإصلاح وضع الإقتصاد الوطني فضلا عن إصلاح أحوال البلاد الأمنية والقانونية وإعادة نظام القضاء إلى فعاليته وتقييد ايدي العاملين بأجهزة الأمن والشرطة ببنود القوانين ومفاهيمها وحلّ معضلة البطالة التي تكاد أن تكون وحشا يُحطّم كل شيء، هي ما يُريده الشعب وهي تماما عين الأهداف التي يبدو عليها المواطنون مُجمعينَ و مستعدين للتضحية . إنها هي على وجه التحديد مهام المرحلة الراهنة وهي المهام الوحيدة ولا مهام سواها تجعل أوسع مساحة من أبناء الشعب تتخندق حولها ويصب كل ذلك في سبيل توحيد الصف الوطني وإنجاز المهام اللاحقة أيّا ما كانت ملا محها إنها ليست بكل تأكيد آراء توفيقيّة ولا هي دعوة ساذجة للمصالحة بين الطبقات بل هي مهام تستدعيها الأعباء الثقيلة والتي لا يتمكن أي طرف لوحده من أن يعمل لإنجاز مراميها إنها مهمات راهنة وملحّة بشدّة لكل الناس من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. وإذا كان ولابدّ من تسمية فلتكن قوى الديمقراطيّة فقط دون ربطها بأية أيديولوجيا أو منهج أيديولوجي هذا هو السبيل تماما الذي يمكّننا من تحقيق هدف بناء الدولة المدنية الديمقراطية العلمانيّة بعيدا عن ممارسات احتكار السلطةأو احتكار العمل السياسي والإداري دون النظر إلى الكفاءةِ والمقدرة! أوالوصاية على الشعب، وكذلك لضمان بناء دولة تضمن الحريّة والعدالة للجميع كما هو مطروح أمامنا بالضبط. اليساري واليميني والقومي والإسلامي والطوائف مجتمعة يجب أن تشعر أن الدولة المقبلة ستكون للجميع وليس لأحد دون الآخر بغض النظر عن الأغلبية أو الأقلية أو الدين أو الطائفة أو القوميّة أو الإتجاه الفكري أو السياسي!وستضمن لهم جميعا الحريّة والعدالة كما أسلفنا. واتمنى من كل قلبي على السادة الساسة والمناضلين والمثقفين والإعلاميين أن يدعموا ندائي هذا أو يعضّدوه أو يطوّروه .
#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنها رسالة..!
-
أخوة يوسف!
-
صدفات البحر..لآلي لُغتنا
-
فنطازيا ..المنافقون
-
مساواة( للكشر)!
-
النخل الغيباني
-
فيصل القاسم.. محرّضا يساريا!
-
فنطازيا نحيب الكيتار
-
عودة إلى سد الموصل
-
فنطازيا ..تعاويذ ألكترونيّة
-
ذكريات وأسرار من المستقبل
-
فنطازيا قاري مقام
-
فنطازيا التنمية الإنفجاريّة
-
أفكار فنطازيّة
-
فستُبصِر ويُبصِرون(في تقسيم العراق!)
-
بحور بلا حدود
-
قضايا المرأة وغسل العار
-
محمود عبد الوهاب
-
صمتْ
-
الأساتذة فيصل عودة ورفقاؤه من أعيان المعلمين عيد المعلم
المزيد.....
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
-
بعد القطيعة.. هل هناك أمل في تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق؟
...
-
ضابط أوكراني: نظام كييف تخلص من كبار مسؤولي أمن الدولة عام 2
...
-
رئيسة البرلمان الأوروبي: ما يحدث في ألمانيا اختبار حقيقي لأو
...
-
مباشر: قتلى وجرحى في ضربة إسرائيلية على مبنى سكني وسط بيروت
...
-
أوكرانيا تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة دفاع جوي حد
...
-
غارات إسرائيلية مكثفة على وسط بيروت والضاحية
-
أوكرانيا تطالب الغرب بأنظمة دفاع جوي حديثة للتصدي لصواريخ رو
...
-
عشرات الشهداء والجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة من غزة
...
-
كيف يواصل الدفاع المدني اللبناني عمله رغم التهديدات والاستهد
...
المزيد.....
|