أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - من يقتل العصافير في بغداد الجميلة














المزيد.....

من يقتل العصافير في بغداد الجميلة


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 674 - 2003 / 12 / 6 - 01:13
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


من يقتل العصافير في بغداد الجميلة
- 1 -  فارس الأعسم
لم يكن فارس الأعسم سياسياً  منتمياً الى أحد الأحزاب السياسية  العراقية ولاعلاقة له بالمعارضة أو بالسلطة ، ولايعرف المناورات السياسية أو التكتيك والستراتيجية  أو المحاور والتكتلات ، كما ليس له طموح ابعد من عمله الفني الهندسي كمهندس مدني في امانة بغداد ، وطيلة عمله الفني هذا اكتسب محبة الناس وزملاء العمل .
كان فارس الأعسم يحلم أن تصير مدينته بغداد من أبهى المدن وحاضرة الدنيا مثلما كانت في سابق الزمان  وأن تساهم يداه وعقله وذوقه الهندسي الفني في رسم معالمها ، وكان يتألم مما أحدثه الحصار وأهمال السلطة لوجه بغداد التي يمكن أن تكون من حواضر المدن ومن اجمل العواصم في المنطقة وأكثرها جمالا لمناخها وثرواتها وعقول أولادها وكونها من المدن التي لاتشيخ  ،  كانت أحلام فارس الأعسم متواضعة وممكنة التحقيق لكن يده مقيدة وأحلامه مؤجلة .
وبقي فارس الأعسم يعمل في امانة بغداد اكتسب معها خبرة وتجربة خلال العمل وعرف أحتياجات المدينة وأسس تطويرها ، والأماكن التي تصلح للتطوير حتى صار رئيساً للمهندسين بجدارة في عمله المهني في هذا المرفق الأداري المهم من المرافق البغدادية  .
لم يكن فارس الأعسم يحلم ببناء قصر على ضفاف دجلة أو فيلا بين أشجار بساتين الصليخ ولامزرعة في طريق كربلاء أوديالىولاتشييد بيت متميز البناء الهندسي في المحمودية ،  كان الهاجس الذي يطغي على روحه ويجيش في عقله حبيبته بغداد .
يتحدث عنها كعاشق وليس كمهندس مدني ويتغزل بها ويصفها لك بشغف وبرقة ويحلم ولاضريبة على الأحلام في العراق أذ فات على السلطة البائدة أن تستثمر هذا المجال لدى المواطن العراقي فتضع ضريبة على الحلم  .
بقي فارس الأعسم مخلصاً لعمله ولحلمه العراقي دون أن يكون طرفاً من اطراف الصراع الجاري ودون أن يغتنم فرصة الوثوب على أحد المراكز الوظيفية أو المناصب التي تؤمن له مستقبلاً افضل يليق به وبعائلته كمهندس مدني   أو على الأقل كرئيس مهندسين في امانة بغداد ، لكن كل هذه الأمور تتضائل امام أصراره  على أن يفرغ حلمه من الخيال الى واقع في أن يعيد مايتخيله من صور الجمال الحضاري لمدينة بغداد .
فارس الأعسم عاد من مدريد لايتسع صدره للفرح  الذي كان يطفح من  بين عيونه وهو يردد بفرح غامر أن مؤتمر مدريد خصص أربعة مليارات لتستعيد بغداد وجهها الجميل بما يليق بها وبالعراق  بعد حصار اكل من عمرها ثلاث عشرة سنة   وأوقف ربيعها والبسها الحزن والكآبة ، وهذا المبلغ كفيل بأن يعوضها ماتستحقه هذه المتغنجة الدائمة الجمأل والتألق .
فارس الأعسم كان يثق بالمستقبل ومتفائل بالعديد مما ستصير اليه بغداد .
ولهذا كان فارس الأعسم لايسكت ويعمل بأندفاع الواثق من نفسه ومن المستقبل ، وكان لايخفي هذا الأندفاع في خدمة الأنسان والمدينة .
وفارس الأعسم نموذج لعراقي يعشق الوطن ويتيه عشقا بمدينته ويوظف عمره وطاقته في العطاء الأنساني للأخرين ، هكذا علمه أهله وهكذا رسموا صورة الوطن والناس له .
قبل أوانه عاجلته الرصاصات الغادرة لتقتله في الحال ، لم يكن له أعداء ولم يكن يكرهه احد ولم تكن له خصومة ولم يكن يتنافس مع أحد الا بالأحلام المتواضعة ، ولم تكن تلك الرصاصات التي أخترقت صدره  بالخطأ أنما كانت مستهدفه مع سبق أصرار وترصد  الفارس الأعسم لتسكت عنده أحلام بغداد وتبعثر صور الجمال  وتزيل من طريقها شكل وجه بغداد الذي رسمه الأعسم في ألوانه المتداخلة مع الهندسة والتخطيط ليرسم لنا شكل مدينة يريدها حلوة وزاهية .
ولكن الحقيقة أن لفارس أعداء وهم عينة ممن يكرهون العراق ويستكثرون على بغداد أن تزهو وأن تصير من حواضر الدنيا وأن يكون فارس الأعسم من مجددي بنائها .
أعداء فارس الأعسم هم من يريد أبقاء الوجة البشع لبغداد ، الكالح الحزين الذي يطغي على تقاسيم وجه المدينة ، ويبقى الموت والخوف ينتشر بين أزقة الميدان والحيدرخانة والكرادة والثورة وأن يعم الحزن والوجل الحرية والصليخ والجعيفر والمأمون واليرموك .
لم يزل فارس الأعسم مصراً يحلق فوق أجواء بغداد يهفهف لنا بأجنحته الخضراء يريد اتمام الحلم أو لعله سيشهده في ضمائرنا .
فارس الأعسم الشهيد العراقي الذي قتلته الرصاصات الغادرة بسبب جريمة الحلم البغدادي لن يكون آخر العصافير التي تحلق فوق أجواء بغداد قبل أن تندحر قوة الشر والرعب المنتشرة بين أجسادنا في خراب العراق .



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التمذهب القومي والطائفي في زمن البائد صدام
- أعود مع أعتزازي وأمتناني لمشاعركم العراقية الطيبة
- بيان بأعتزال الكتابة مؤقتاً في مواقع الأنترنيت
- نقد أماراتي لأداء وسائل الأعلام العربية
- ماذا يريد مجلس الحكم من قناة ( العربية ) ؟
- الخلاف والأختلاف
- الناصرية .. شجرة لكنها عبقة وأصيلة
- ضرورة قانون لأيجار العقار يحل مشكلة الأيجار في العراق
- صرخة عراقية
- سيادة العراق
- هل يمكن أن يعود صدام ؟
- تحية وتقدير للكاتب العراقي الأصيل طارق الحارس
- هل يساوي عزت ابراهيم عشرة ملايين دولار ؟
- هل أسمعت لوناديت حيا ولكن لاحياة لمن تنادي السيد الجليل عبد ...
- الأبتذال وكلمات الهتر في مقالة السيد حتر
- هل من ردة فعل مساوية في القوة ؟
- تجربة الكرد في كردستان العراق جديرة بالتقدير
- أصلاح النظام القانوني في العراق
- النقابة العامة للملوك والرؤساء العرب
- هل يستطيع صدام أن يقتل العدالة وينتصر على الحق في العراق


المزيد.....




- فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني ...
- إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش ...
- تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن ...
- الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل ...
- تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
- بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
- تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال ...
- -التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين ...
- مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب ...
- كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - من يقتل العصافير في بغداد الجميلة