أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مازن كم الماز - الأناركية ضد الاشتراكية















المزيد.....


الأناركية ضد الاشتراكية


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2172 - 2008 / 1 / 26 - 11:38
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الأناركية ضد الاشتراكية
بقلم م س أوين , من مطبوعات مطبعة الحرية , لندن , 1922 .
ترجمة مازن كم الماز
المقدمة

"الأناركية ضد الاشتراكية" التي تعيد مطبعة الحرية إصدارها هنا بعد أن نشرتها في صفحاتها ( بين عامي 1921 – 1922 ) نشرت لأول مرة قبل حوالي 18 عاما . ايما غولدمان , واحدة من أكثر المحاضرين شعبية في الولايات المتحدة , و التي سألت باستمرار عن الفرق بين الفلسفتين الأناركية و الاشتراكية , هي من شعر بالحاجة لبحث يوضح هذا الفرق . و وفقا لاقتراحها قمت بهذه المهمة .
يظهر العنوان قناعتي أنه بين هاتين الفلسفتين عن الحياة لا يمكن وجود أي قرابة . لقد اعتبرت يومها أن كلا الطرفين قد عانيا بشكل جدي من المحاولات التي جرت لتوفيق ما لا يمكن توفيقه , لأن الفكر قد ازداد تشوشا و انحط الفعل إلى انتهازية عقيمة . إنني أؤمن بذلك اليوم أكثر حيث أنني أرى , أنه إما أن تؤمن بحق الفرد في أن يحكم نفسه , الذي هو أساس الأناركية , أو أن تؤمن أنه يجب أن يحكم من قبل آخرين , الذي هو حجر الزاوية في كل المذاهب التي يجب أن تجمع جميعا تحت الاشتراكية . أحدهما يجب أن يكون الطريق إلى تقدم البشرية , لكن ليس كلاهما .
بالنسبة لي فإن الإنسان قد قدر عليه بكل وضوح أن يكون سيد نفسه و محيطه , أن يكون حرا كفرد . إن قدرته على الإنجاز أظهرت أنها غير محدودة عمليا , في كل مكان و زمان سمح لها بفرصة الامتداد , و لا يوجد هدف أقل من توفير فرص متساوية و متحررة من القيود – التي هي كما يجب القول الحرية الفردية – يمكن أن يرضيه . إنني أقبل قول تورغينيف أن "الكرامة الإنسانية هي هدف الحياة " و أعتبر كل أشكال العبودية على أنها إنكار لكرامة الإنسان أو أهليته الأصيلة فيه .
في هذه اللحظة التي يبدأ فيها عهد جديد يقف البشر مترددين , متحيرين بسبب الآراء المتعارضة . و سيكون الكلام أكثر دقة لو أننا قلنا أنهم ما زالوا رابضين في معظم الأحيان كما كانوا رابضين لقرون بدون أي تأثير , مرتابين بقدرتهم على التفكير بشكل صحيح و معتقدين أن الحل لمشاكل الحياة يكمن في العمل الملائم لبعض الرؤوس الحكيمة . ما دام انعدام الثقة هذا مسيطرا و طالما بقي الإنسان العادي غير واع بكرامته الخاصة كحيوان مفكر عظيم فإن العبودية , في رأيي , ستستمر . إن العمل الأول الضروري لذلك هو إيقاظ الفكر , أن نجعل الإنسان يرى الأشياء كما هي , أن ندفعهم ليبحثوا عن الحقيقة . كل ما هو غير حقيقي , كل ما لا يمكنه اجتياز امتحان البحث و التمحيص , يجب أن يموت .
إننا نمر بمرحلة من المعاناة الشديدة , و التي لا توفر أيا من البلاد المسماة بالمتحضرة . و كما أرى الأشياء فإن جوع الملايين اليوم ليس بقانون ثابت للطبيعة . إنه ليس لأن الأرض شحيحة , أو لأن التطور الصناعي في تراجع , هذا الفقر الماحق , مع كل الانحطاط العقلي و الروحي الذي يسببه هذا الفقر الماحق , ما يزال قدرا شاملا في معظم الأحيان . يوجد الفقر حتى اليوم لأن الجماهير تعتبر نفسها محكومة بالعجز و هي مقتنعة تماما بأن تمنحها أية قوة خارجة عنها فرصة لتبقى على قيد الحياة . لكن الإنسان ليس عاجزا بالطبيعة . فبواسطة عبقريته الخلاقة قهر بيئته , و إن الحاجة أو خوف الحاجة هي آفات غير طبيعية اليوم و مصطنعة .
هكذا كما أفهم ينظر الأناركيون للمسألة الاجتماعية , و هنا يصل نزاعنا مع الاشتراكيين إلى صورة كاملة . فبالنسبة لنا ليست المشكلة اقتصادية بالكامل . إننا لا نعتقد أن درجة معينة من التطور الصناعي يجب بلوغها قبل أن يصبح البشر ناضجين للحرية . و نحن نؤمن حتى أقل من ذلك بالدوغما ( العقيدة ) القدرية ( الحتمية ) أنه عبر التطور الضروري للنظام القائم فإن هذه المشكلة ستحل نفسها بنفسها . هذا يترك الإنسان في وضعية لائقة بالعبيد لأنه روض لكي يكون عبدا و يبقى عاجزا لأنه يقبل هذا العجز المرضي على أنه راسخ غير قابل للتغيير . لذلك بالنسبة لنا فإن الدفاع عن الفردية , و تشجيع روح الثورة ضد أية مؤسسات غير جديرة بالإنسانية , هو كل شيء . إننا ثوار ضد العبودية , و نحن نفهم أن البشر سيفوزون بطريقهم إلى الحرية فقط عندما يتوقون إليها .
بالنسبة لي فإنني أتبنى وجهة النظر التي تقول بأن الصراع الكبير من أجل الحرية سوف يأتي فيما بعد . إنني أرى الجماهير و قد وقعت في شرك شبكة محاكة بعناية بحيث أنها لا تستطيع أن ترى خطورتها , واقعة في المصيدة بآلية نظام لا يمكنهم فهمه , محرومة من السيطرة على حياتها من قبل قوى غير ملموسة مثل الآلهة الوهمية التي سجد لها الهمجيون . يلقى بإنسان الشعب إلى الشارع اليوم لأن قانون العرض و الطلب يأمر بذلك , لأن التبادل في اضطراب , لأن حسابات بعض حكامه الاقتصاديون قد أظهرت أنهم يمكنهم أن يجنوا مالا إذا ما قاموا بتقليص الإنتاج . إنه مجرد ألعوبة بيد المضاربين و إذا جازف بالتظاهر فإن الحكومة ترسله إلى السجن كمزعج للأمن أو تعلقه على المشنقة كمتمرد . هذا يعني سخطا لن يتوقف , و في النهاية حربا أهلية . إن هذا غير صحي و غير مستقر بكل ما تعنيه الكلمة . و لا يمكنه الاستمرار .
وراء كل هذه الأعمال الشائنة تقف دائما ماكينة الحكومة , التي مات فيها أي تعاطف إنساني , و التي مثل كل الماكينات , تنزع فقط إلى زيادة قدرتها كآلة و زيادة قوتها , منظمة تحديدا للإبقاء على الأشياء , في كل مقوماتها , تماما كما هي . إنها النموذج الرئيسي للجمود , و لذلك , فهي عدوة النمو . إنها رمز الإكراه و هي لذلك عدوة الحرية . بالنسبة لها يشكل الفرد تابعا تطالبه بالطاعة العمياء . إننا , نحن الأناركيون , نعارضها بالضرورة . إننا لا نحلم , كما يفعل الاشتراكيون , أن نجعل منها دولة واحدة كبيرة و متحكمة , و بالتالي الحكم الوحيد للحياة . على العكس , إننا نريد أن نأخذ منها سلطاتها بحيث أنها ستختزل إلى لاشيء و سوف يخلفها مجتمع من الأفراد الأحرار , المسلحين بفرص متساوية و الذين ينظمون شؤونهم الخاصة بالاتفاق المشترك .
إن النموذج الأناركي من المجتمع هو نموذج صناعي , و إلى جانبه يجب أن يقف الصناعيون , العمال . من جهة أخرى فإن الذي يصرخ مطالبا بحكومة أكبر يعلن عن نفسه نصيرا للنموذج العسكري , حيث يقسم المجتمع إلى طبقات و حيث يتم تسيير أمور الحياة كلها بأن يطيع المرؤوسون الأوامر التي تصدرها إليهم القيادة الأعلى . هذا يقترح على العمال فقط التبعية و العبودية الدائمتين , و ضد هذا عليهم أن ينهضوا و يثوروا . إن الإنسان , بجوهر وجوده ذاته و بصفة قدراته الطبيعية , أرفع من أن يعامل كتابع . لقد أريد منه أن يكون متعاونا , متوحدا مع كل زملائه البشر على قاعدة المساواة و حاصلا , كعضو في الجنس البشري , على حقوق متساوية . هذا هو حقه الذي هو جدير به و أنا متأكد جدا من أنه لا يمكن لشيء أقل من ذلك أن يأتي بالسلام الاجتماعي . هنا لا توجد أية مساومة ممكنة , و إذا ما سدت المؤسسات القائمة الطريق فإن الإنسان يدين لكرامته بأن يلغيها أو يقوم بتغييرها حتى تصبح في انسجام مع قانون الحياة الأساسي هذا .
من الواضح أن هذا النسق من الأفكار يقودنا بعيدا , و أنا هنا أرغب بالقول أنه يشمل كل مستقبل جنسنا البشري . في رأيي أن الإنسان الذي يعتقد أنه تابع و يقنع بتصنيفه على هذا الشكل , يصبح بالنتيجة تابعا , و أنه عبر هذه التبعية جرى تدمير الحضارات . بوصول البرابرة إلى داخل بواباتهم جرى تدميرها , و ما يجعل البرابرة فتاكين بالنسبة لها ليس عنف المتمردين بل الخمول و الجبن المتزايدين للمواطنين العاديين , الذين يقبلون الحياة وفق مستويات أقل لأنه تعوزهم الطاقة و الجرأة ليقبلوا مسؤوليتهم الشخصية و أن يعيشوا حياة أفضل كما تتطلب هذه المسؤولية الفردية . لذلك فإن كل اتجاه حياة المجتمع ينخفض و تنحسر حيويته أكثر فأكثر يبدأ الاضمحلال و يتلوه الموت .
إننا نحن الأناركيون واعين تماما لهذه الحقيقة التاريخية المفزعة و الصحيحة تماما , و إننا نكره الدولة لأنها تحرم الناس من مسؤوليتهم الشخصية و تسرق منهم قوتهم و تأخذ من بين أيديهم التصرف بأمور حياتهم لتنحط بهم إلى حالة عجز مؤدية بذلك إلى السقوط الأخير لكل البنية الاجتماعية . لقد أظهرت السنوات السبعة الأخيرة أننا على حق . لا يوجد أي احتمال أن تحدث تلك المذبحة الشنيعة للحرب لولا تلك الحكومات المنيعة التي سمح لها أن تضع كل السلطات بيديها , و التي أدت سابقا إلى انحطاط الجماهير إلى حالة العجز . إنها ما تزال هناك و معها العجز الذي سببته الدولة , إنها سبب الخراب المثير للشفقة .
هذه هي الأفكار التي شغلت عقلي عندما كنت أكتب هذا الكراس قبل 18 عاما . قوت الخبرات التالية قناعاتي التي حاولت أن أعبر عنها . لذلك فإنني لا أجد أي سبب لتغيير أي جزء من هذا البنية العامة لهذا الكراس , لكن في مواضع معينة استبدلت بعض التوضيحات التي بدت لي أكثر معاصرة . ما زلت أقول لكل واحد "إن عملك الأول و الأكثر أهمية هو في أن تصبح سيد حياتك " . أحتاج فقط لأضيف أن الأناركية , في رأيي , هي أكثر الفلسفات تدميرا و بناءا , العدو الذي لا يساوم للبربرية التي تنتصر اليوم , و المخططة لحضارة ما تزال تصارع لكي تولد .

ترجمة : مازن كم الماز
نقلا عن //dwardmac.pitzer.edu/Anarchixt_Archives/coldoffthepresses.htm





#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هي النيو ليبرالية ؟
- التشويش النيو ليبرالي
- أين أقف ؟ لميخائيل باكونين
- لماذا الانتفاضة الشعبية هي مدخل التغيير
- بين الوطني و العالمي , أفكار و حوارات من الحركة المناهضة للع ...
- مساهمة في الجدل الدائر
- نحو دمقرطة الموقف من أمريكا و الإمبريالية
- الثورة الروسية و الحكومة السوفييتية , لبيتر كروبوتكين ترجمة ...
- عن الجرائم الحضارية و الإنكار , ترجمة من ز نت
- الماركسية و الديمقراطية , ترجمة عن توني كليف
- عن النظام لبيتر كروبوتكين ترجمة مازن كم الماز
- الحاجة إلى منظمات جماهيرية إلى جانب منظمات النخبة للبدء في ا ...
- الليبرالية و الاشتراكية
- نقد رفاقي ضروري..نقد لأطروحات تجمع اليسار الماركسي في سوريا
- مشروع لحل الأزمة اللبنانية و السورية و ماشئت من أزمات
- خصائص الشيوعية التحررية
- ما هو موقفنا...
- خارج الأحاديات التي لا تحتمل النقد أو النقاش!!....
- على المعارضة أن تنظر إلى الوراء قليلا , الشعب السوري قادر عل ...
- ثرثرة عن القوة و البشر


المزيد.....




- علماء: الذكاء الاصطناعي يوسع الفجوة بين الفقراء والأغنياء
- الشيوعي السوداني يعبر عن تضامنه الكامل مع الشعب السوري وقواه ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 595
- اشتباكات عنيفة في بوينس آيرس بين قوات الأمن والمتظاهرين احتج ...
- رائد فهمي: المنظومة الحاكمة تقف على أرض مهزوزة والتغيير الشا ...
- نداء أوجلان.. توقعات مرتفعة ومسار سياسي ينقصه الوضوح
- تزايد أعداد التكايا في الضفة الغربية.. ملاذ الفقراء والنازحي ...
- م.م.ن.ص// مرة أخرى منطقة صفرو تبرز في واجهة محاربة الغلاء
- بدء مفاوضات تشكيل حكومة المحافظين والاشتراكيين في ألمانيا
- عن جدوى المقاومة والبكاء على أطلال أوسلو


المزيد.....

- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان
- قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024 / شادي الشماوي
- نظرية ماركس حول -الصدع الأيضي-: الأسس الكلاسيكية لعلم الاجتم ... / بندر نوري
- الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية / رزكار عقراوي
- نظرية التبادل البيئي غير المتكافئ: ديالكتيك ماركس-أودوم..بقل ... / بندر نوري
- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مازن كم الماز - الأناركية ضد الاشتراكية