|
ليلة الاعتصام تضامنا مع الشعب الفلسطيني
سعاد خيري
الحوار المتمدن-العدد: 113 - 2002 / 4 / 26 - 09:35
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
ساهمت عن قناعة وحماس في الاعتصام والاضراب الرمزي الذي اعلنته شبيبة حزب اليسار السويدي في 19/4/2002 دعما للشعب الفلسطيني وادانة للاجرام الصهيوني وكانت امسية رائعة مع الشبيبة السويدية حيث الحماس الثوري الرائع والمحبة والالفة التي يفقدها اللاجيء في السويد’ والتي يحن اليها ويستعر هذا الحنين في المحن الشخصية والوطنية والانسانية. ولاول مرة وجدت نفسي بين تلك الشبيبة وكأنني بين احضان وطني وابناء بلدي . وشعرت بكل قوة الشباب التي كنت اتمتع بها في نضالات الشعب العراقي التي ساهمت بها . فحدثتهم عن اول مظاهرة ساهمت بها في حياتي. وكانت في تشرين الثاني 1947’ احتجاجا على مشروع تقسيم فلسطين، أي قبل اختلاق دولة اسرائيل!!. وقلت لهم والان وبعد 55 عاما نناضل ضد نتائج تلك الجريمة الانسانية . واعربت عن سعادتي لتفهم البشرية اليوم لعمق هذا الظلم وارتباطه بالظلم الذي تعانيه عموم البشرية، بل والمخاطر التي تهدد ليس الشعب الفلسطيني والشعوب العربية فقط بل وعموم البشرية. فالارتباط المتين بين الراسمال العالمي وقطبه الاكبر الراسمال الامريكي وبين الراسمال الصهيوني وتوجهه للهيمنة على العالم مهما كلف ذلك من تضحيات، يشكل خطرا داهما على مصير البشرية لما تملكه الادارة الامريكية من اسلحة الدمار الشامل. وكم كنا سعداء ونحن نتحدث وتتالت الاسئلة وحدثتهم عن اول اضراب عن الطعام ساهمت به. وكان في نيسان 1949 وبعد ان صدرت علينا المحكمة العسكرية الاحكام الثقيلة وكان الحكم علي عشرين عاما أي بقدر عمري، انتزعوا ملابسنا وفراشنا ليفرضوا علينا حياة السجناء العاديين المذلة والقاسية فاعلنا الاضراب عن الطعام من اجل حقوقنا كسجناء سياسيين . ودام هذا الاضراب عشرين يوما كنا لانتناول خلالها سوى قدح من الشاي صباحا وقدح اخر من الشاي في المساء.
وكان سرورهم كبيرا اذ وجدوا فيما قلته خروجا من حيرتهم في كيفية التصرف خلال الاضراب . وباحوا لي كم هم بحاجة الى تجارب المناضلين كبار السن وذوي الخبرة فهم على استعداد لاجتراح التضحيات ولكن تعوزهم الخبرة. وتساءلوا لماذا بيتركنا المناضلون القدماء لوحدنا؟ فحدثتهم عن ان النضال بكل اشكاله لا يعرف حدود العمر. وانني كلما ساهمت في النضال اشعر بدم الشباب يسري في عروقي ازدادت رعايتهم لي والعمل على تدفئتي فقد كان الجو باردا جدا’ لاسيما وان اختيار مكان الاعتصام غير موفق فقد كان على جسر يربط بين ضفتي البحر وتيارات الهواء تشتد عليه من جميع الجهات.
وجاءتني اول مجموعة من النسوة العراقيات المناضلات قائلات اننا جميعا ندعم الشعب الفلسطيني ولكن ليس بالضرورة بهذا السبيل واننا نحرص على حياتك الغالية علينا ونرجو ان تعدلي عن مساهمتك بهذه الفعالية قلت اشكر تثمينكم لحياتي ولكنني لا اجد لحياتي قيمة بدون النضال. وهذا الشكل من
النضال اقيمه وكنت قد اقترحت على مجموعة من الفلسطينيات ان نقوم به ليس ليومين فقط وانما حتى انسحاب اسرائيل من الاراضي العربية المحتلة . واقامة خيمة في سركل توري وسط ستوكهولم نرفع عليها العلم الفلسطيني. ولم الق اذن صاغية واعادوا حرصهم على وضعي الصحي وتثمينهم لامكانياتي الاخرى.
قلت انني احرص على حياتي وصحتي من اجل ان اتمكن من النضال بكل الاشكال المتاحة وليس لكي اعيش اطول بل لاجل ان اناضل اكثر وافضل الموت في ساحة النضال على الموت على الفراش. انني اشعر في هذه الامسية ومع هؤلاء الشبيبة السويدية بمنتهى السعادة . وادعو كل النساء العربيات اللاتي لا التزامات عائلية لهم ان يساهموا معنا وذلك افضل مئات المرات عن الجلوس في البيت ومشاهدة الفضائع الاسرائيلية وهن مقطعات الاكباد حزنا !!
تركوني ورحلوا بين ممتعضة وحائرة في حين نظرت لي ابنتي الحبيبة بحنان وحب واشارة تشجيع رائعة ! نعم انها وداد زكي خيري حبيبتي واملي وامتداد بل وتطوير لحياتي. احبها وارى فيها الملايين من شبيبة العراق الذين سيعيدون للشعب العراقي حريته وامجاده ومساهمته في تحرير الشرية
وتطوير حضارتها.
ولاحظ الشبيبة اصراري على البقاء معهم فازداد اهتمامهم بي وافسحوا لي المجال للنوم في الخيمة الوحيدة التي نصبوها والعمل على تدفئتي بمزيد من الاغطية. وبعد قليل جاءت المناضلة الفلسطينية (ل) وطلبت مني بالحاح ان توصلني بسيارتها الى البيت حرصا على صحتي ولما وجدت اصرار وجهت لي الامر بالذهاب معها. فاجبتها بانني اساهم بمحظ اختياري وليس لاحد الحق باصدار الاوامر لي..فقالت مستاءة انك
تظهرين عجزنا..!! ورحلت.
لم استطع النوم طول الليل . فاعصابي حساسة جدا واي انفعال عاطفي سواء كان سعيدا ام محزنا يطير النوم من عيني هذا فضلا عن البرد القارس وتوافد الشبيبة الفلسطينية للمساهة في الاضراب وصخبهم الجميل طول الليل . ورغم السهاد لم اشعر باي ضيق كما اشعر دائما عندما يجافيني النوم في البيت. وبقيت متيقظة اصغي لنكت وحكايا الشبيبة الفلسطينية وكم ألمني فزع احدهم ويبدو انه كان معتقلا وخضع لتعذيب فضيع . وفي اجواء الضغط النفسي بسبب معاناة شعبه والاجراءات الوحشية للقوات الاسرائيلية تخيل تقدم الجلاد الاسرائيلي نحوه وامساك يده ففزع وصرخ وهويصارع.
فامسك به رفاقه واخذ يستعين بالدعوات وهو يكرر انه يريد الامساك بي لقد رايته يتقدم نحوي وامسك بيدي!!.
وفي الصباح خرجت من الخيمة فتقدم نحوي شاب قال انه عراقي وامه فلسطينية. واخذ بسالني عن العراق وعن ثورة 14/تموز وعن عبد الكريم قاسم . قلت له ان ثورة تموز حررتني من السجن بعد عشر سنوات، وحررت العراق من الاستعمار اما عبدالكريم قاسم فهو وطني ولكنه اعتبر كل منجزات الثورة من صنعه وانه قادر لوحده ان يحقق كل شيء للشعب فتخلى عن القوى الوطنية بل وحاربها الامر الذي سهل على الامبريالية قتله وضرب كل منجزات شعبنا. وتقدم شاب اخر وقال انا اسمي عراق ولدت من ابوين عراقيين في الجزائر واريد ان اعرف كل شيء عن العراق رغم ان والدي كان مناضلا وحدثني كثيرا عن العراق. تحدثنا قليلا واصبت بالدوار واحسست بقرب فقدان الوعي فاحتضنوني بقلق واجلسوني ولكن اضطرابات القلب تضاعفت وشعرت بدنو
اجلي ولم ارد ان اسبب للشبيبة الرائعة أي احراج او الم. فطلبت منهم استدعاء الاسعاف. ودعتهم واعتذرت من الشبيبة السويدية والفلسطينية لعدم تمكني من مواصلة الاعتصام والاضراب معهم.
نقلت الى المستشفى وانا في غيبوبة ولم اشعر الا وعراق بجانبي. حبيبي عراق لماذا انت هنا مكانك في الاعتصام انا لست اكثر من فرد وانت تناضل من اجل الملايين قال ان الملايين تتكون من افراد وانت مهمة لنا ولا اتركك حتى تحضر ابنتك اذهلني جوابه وهو في الحادية والعشرين من العمر! أي وعي واية حكمة لدى هذا الشاب! واستمر الحديث المتقطع بيننا . حتى حضرت ابنتي، ولم ارد ان اعطلها معي كثيرا لتلتحق بالشبيبة. فانا اصبحت بيد الاطباء ولاداعي للقلق.
بعد اجراء الفحوصات للتأكد من عدم حصول جلطة قلبية، اصر الاطباء بان السبب هو الامتناع عن الطعام . وانا ااكد لهم ما اعلم من تجربتي الحياتية اليومية ومن نقلي الى هذه المستشفى وغيرها اربع مرات بنفس الحالة تقريبا، بان السبب ليس الامتناع عن الطعام لاسيما وانه لم يستمر طويلا وليس جلطة قلبية وانما افقد الوعي كلما اركز التفكير لاكثر من ساعة او عند أي استثارة عاطفية سلبية او ايجابية او أي اجهاد فكري او جسمي. وبعد استعادة الوعي يفقد جسمي كل طاقة لمدة يومين اوثلاثة،
وهذه ضريبة العمر فانا في الثالثة والسبعين من العمر خرجت من المستشفى بعد يومين وتابعت اخبار الاعتصام ونجاحه رغم عدم اهتمام الاعلام السويدي به فهو تجربة اولى ساغني تجارب قادمة فمعركتنا مع الصهيونية والراسمال العالمي طويلة وقاسية ولابد من اختبار مختلف اشكال الكفاح لتعزيز وحدة البشرية في مواجهة العولمة الراسمالية ومخاطرها.
سعاد خيري
25/4/2002-
#سعاد_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرب اعلى واخطر اشكال الارهاب
-
اليوم العالمي للمرأة
-
العولـمة والحتمية التاريخية
المزيد.....
-
جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR
...
-
تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
-
جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
-
أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ
...
-
-نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
-
-غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
-
لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل
...
-
ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به
...
-
غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو
...
-
مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|