|
الجزيرة و-عين على إيران!- ومستقبل سمعة الجزيرة الإعلامية!
محمود أحمد الأحوازي
الحوار المتمدن-العدد: 2172 - 2008 / 1 / 26 - 03:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
للإعلام الإيراني وجوه عدة مثل ما لكل دولة وسلطة رسمية أخرى، لكن الفارق بين أعلام الجمهورية الإسلامية وغيرها في المنطقة يأتي بسبب ان للإعلام الإيراني وجهان رئيسيان هما الإعلام السياسي والمذهبي، أو المركب سياسي- مذهبي، حيث لا ينافس هذين القطاعين أي قطاع اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو ......آخر، والسبب يعود إلى نقطة مهمة تعود إلى السياسة الإيرانية الفعلية حيث دمج النظام كل القطاعات الأخرى في هذين القطاعين إعلاميا، حيث إيران تصرف اليوم مليارات من الدولارات لإنجاحهما، حيث حسب إستراتيجية النظام الإعلامية، هذا يعني للنظام المقبولية الداخلية والشعبية من جهة والإقليمية والدولية ثانيا.
ونجحت إيران بعد الثورة مباشرة وخصوصا خلال الحرب الإيرانية- العراقية، نجحت في ترك اثر سياسي ومذهبي في لفافة ثورية في المنطقة بعد ما ركبت على موجة المظالم التي عانت منها المنطقة لمدة 50 عام من تدخلات وتجاوزات غربية، خصوصا بمساندة الغرب لإسرائيل والقمع اليومي المستمر للشعب الفلسطيني وحرمانه من أي حقوق سياسية حيث كان ومازال الفلسطينيين مشردين منذ تأسيس دولة إسرائيل. هذه النقطة أعطت للآلة الإعلامية الإيرانية فرصة العمل الجاد والمؤثر، حيث تمكنت هذه الآلة وبنشاط شقيها المهمين المشار لهما، تمكنت من جانب كسب مكانة شعبية وجماهيرية عربية وإسلامية واسعة لا تستحقها بسبب شعاراتها التحررية ومعاداتها لإسرائيل ومناصرتها لفلسطين ومن جانب بسبب ما ظهرت به من مظلومية لجماهير المنطقة في الحرب التي هي قصدت امتدادها من اجل تثبيت نظامها داخليا، حيث أعطتها الحرب فرصة قمع جميع التيارات السياسية وتثبيت ما عرف اليوم بـ نظام الجمهورية الإسلامية! بعد ما كان مرفوضا داخليا من قبل كافة القوى الفاعلة الموجودة على الساحة قبل الحرب.
وبعد انتهاء الحرب الإيرانية – العراقية التي انتهت بهزيمة إيران عام 1988، دخلت إيران فترة نوم شتوي إعلامي طويل، عملت بهدوء خلاله على تطوير آلياتها القادمة للقوة دون ضجة إعلامية، حيث استخدمت كل طاقاتها لتطوير تسليح جيشها الحديث للحرس الثوري وبنت ترساناتها من الأسلحة وطورت آلتها الإعلامية وزجت بكافة وسائلها وآلياتها ومالها ورجال دينها إلى الدول المجاورة، لبناء قواعد بشرية وإعلامية ومذهبية وشتلت الخلايا المتعددة في معظم البلدان الإسلامية وهي اليوم تحصد ثمار كل تلك الاستثمارات التي عملت لها لأكثر من عقدين، ولولا الحالة العراقية لعملت لها عقود أخرى قبل ان تكشف عن أنيابها ويكتشف العالم خطورتها وتكشف المنطقة سياستها التوسعية.
وتسبب ما اكتشف خلال الأعوام الأخيرة من تدخلات إيرانية في العراق، تسبب لكشف كثير من خطط النظام التوسعية في المنطقة حيث خلق ذلك جوا من الشك حول نشاط الجمهورية الإسلامية وادعاءاتها بالدفاع عن المحرومين وعن النضال الفلسطيني، لا بل وتجاوز ذلك حتى اعتبر كثير من المسئولين في المنطقة، اعتبر إيران خطرا حقيقيا على المنطقة وطالب بالتحرك الواسع لإيقاف هذا التحرك والتوسع وتدخل الغرب واكتشف وبمساعدة المعارضة الإيرانية، اكتشف التطوير السري لتخصيب اليورانيوم ولصنع الماء الثقيل حيث بذلك تركزت جهود العالم بأسره لإيقاف هذا الخطر القادم من إيران على المنطقة وعلى مصالح المجتمع الدولي كله.
ولم تقف إيران مكتوفة الأيدي بعد كشف أسرار أنشطتها السرية وتوسعها الإقليمي بل وقامت بحملة معاكسة، من جانب تحاول ان تعيد لنفسها الإحترام الذي حصلت عليه في الشارع الإسلامي والعربي بشعاراتها الثورية المزيفة ومن جانب استعملت التهديد بالقوة لإجبار الآخرين في المنطقة و من الدول الكبرى من قبولها قوة اقليمية، عليهم ان يتعاملوا معها كقوة، لا تسمح لا للدول الكبرى بالتدخل في شؤونها ولا للدول الإقليمية التحالف مع احد ضدها، حيث انها اصبحت قادرة على رد كل عدون!!
وعملت إيران الكثير لتمرير هذه السياسية مؤخرا وهي إستراتيجية إيران في هذه المرحلة، حيث أدخلت " فضائية الجزيرة" في هذا النشاط واستخدمت نفوذها ومالها لذلك، حيث ولمدة عشرة أيام، قامت الجزيرة العربية بتغطية إعلامية ثمينة للسلطات في إيران. من الواضح كان هذا البرنامج مدفوع الثمن للجزيرة من اجل تبييض وجه إيران في وقت افتضحت جرائمها في المنطقة وخصوصا في العراق ولبنان وسورية والبحرين واليمن، لكن سياسة الجزيرة وهي رائدة في العمل الإعلامي وخصوصا السياسي منه، كانت ناجحة في تغطية إعلامية وان كانت منتخبة من قبل النظام لكنها نجحت ان تطرح قضايا مهمة أيضا إلى جانب ما أراده النظام من الخروج بالديمقراطية ومراعاة حقوق القوميات والنساء والشباب وغير ذلك حيث ما طرحته الجزيرة عن فوتبال النساء في إيران!! و طرح وجود 260حزب سياسي!!!!! في إيران الإسلامية, حرية الأديان وطرح قضايا القوميات التي تمكنت إيران من إيجاد الحلول لها في ضل الإسلام!!!!! كلها كانت مزيفة ومخجلة للغاية حيث كان الأشخاص منتخبين بدقة لهذا القرض لصالح عمل إعلامي غير صادق، مع ان معظم كادر الجزيرة" ليس بن جدو ضمنهم طبعا" نجح من تمرير بعض أهداف المحرومين في إيران من الفئات التي اشرنا إليها، وان نجح النظام بشكل أو بآخر من استخدام هذا العمل الإعلامي الكبير لخدمة نواياه في التمدد والتوسع ومحاولة تثبيت نفسه كدولة ديمقراطية ودولة محرومين ودولة عظمى اقتصاديا وعسكريا في المنطقة، عادلة في داخلها وحريصة على الإسلام في المنطقة من جانب آخر، متطورة وصناعية وصاحبة المعجزات الكبرى في السياسة والصناعية والتسلح وهي تصنع في مصنع واحد مليون ونصف سيارة!!!!! في العام القادم، سبحان الله، كيف مرت هذه الكذبة على كادر الجزيرة بهذه البساطة ليقبلوا ان يمس ذلك بسمعة الجزيرة ومصداقيتها في الوقت الذي مازالت فيه إيران تركب قطع المصانع الغربية على بعضها ولم تصنع أي سيارة إيرانية حتى الآن!
ولم تتطرق الجزيرة في هذا البرنامج الإعلامي الضخم بشفافية لموضوعات مهمة مثل موضوع التدخل الإيراني في المنطقة والتوسع ألصفوي وحكم ولاية الفقيه وعن سجن علماء الشيعة من المجتهدين وعن اضطهاد أهل السنة والوضع الاقتصادي المتدهور وأزمة المحروقات حيث في لكل هذه الموضوعات جاء النظام بمن يريد للحديث، ولم يحضر كادر الجزيرة للمناطق المشتعلة للقوميات ولم تلتقي الجزيرة بمستقل أو معارض معروف للسلطة واحد سواء كان من القوميات أو من المعارضة السياسية.
وفي ما يخصنا نحن الأحوازيين أكثر من غيره في هذا البرنامج وخلال العشرة أيام له، دعي بعض الأحوازيين المنتخبين بدقة للقيام بدور أريد لهم من قبل النظام، منهم من فشل بأداء دورة لخدمة النظام، كما كان فاشلا في علاقته بشعبه ولو كانت له قصيدة أو قصيدتين وطنيتين في غفوة من النظام وتحت تأثير ممن حوله وهذا في بداية الثورة ! ومنهم من تمكن ان يطرح بعض القضايا ولو كان ذلك في إطار القانون والدستور الإيراني العام.
وما يهمنا أكثر في كل ما جرى هو ان الجزيرة، وهي الصوت الذي عول عليه الأحوازيين وعولت عليه شعوب المنطقة لطرح قضايا الشعوب دائما، وهذا ما عودتنا عليه خلال أعوامها الإعلامية الناجحة الماضية، مالت إلى حد كبير باتجاه التسامح بداية مع النظام الإيراني والآن تحولت إلى فضائية إعلامية غير مستقلة في طرحها للقضايا المهمة حيث دخلت في سياستها مؤخرا القرارات السياسية الرسمية في قطر من جهة ومن جهة أخرى، أصبح للإعلانات تأثيرا مباشرا على برامجها وهذا ما افقدها أخيرا بعض من نجوميتها الإعلامية خصوصا في ميلانها لصوت الشارع بدل صوت السلطات وللأسف هذا ليس ضارا بحقنا نحن الأحوازيين بعد حرماننا من أي حضور ولو بخبر بسيط على هذه الفضائية ومنع الجزيرة من طرح القضية الأحوازية بقرار رسمي من السلطات القطرية الرسمية حسب ما تسرب لنا، بل وهذا سيضر بمصالح الشارع العربي والإسلامي الذي تمكنت الجزيرة من بناء علاقة طيبه معه خلال الأعوام الماضية بعيدا عن التأثير الرسمي ومصالح الإعلانات. إن الجزيرة كانت حتى فترة قليلة قولا وعملا " "منبر من لا منبر له"، لكن في الفترة الأخيرة، وخصوصا بعد مؤتمر التعاون الخليجي الأخير في الدوحة، ربطت الجزيرة مصلحتها بالمصلحة الرسمية وهذا بالتأكيد ستكون له آثار سلبية أكثر في المستقبل على سمعة الجزيرة وعلى قوة حضورها وكثافة تواجد مراسليها في المنطقة العربية خصوصا.
ولا نتوقع نحن الأحوازيين كثيرا من الجزيرة ولا نريد منها حتى ان تقوم لنا بعمل بقدر ما تقوم به لبعض القبائل العربية الرحل في بعض مناطق إفريقيا وهي ترسل مراسليها لأيام هناك لإرسال التقارير المختلفة وهذا شأن الجزيرة، وكنا نتوقع انها ستتفهم القضية الأحوازية أكثر مستقبلا، لكن موقفها لصالح النظام الإيراني بالتأكيد سيقلق الأحوازيين أكثر مستقبلا حيث هذا الموقف ستكون له آثار سلبية على العلاقة العربية بإيران بأكملها، وهو النظام الأكثر خطرا على العالم العربي من أي جهة دولية أو اقليمية أخرى في المرحلة الحالية، حيث تدخلات إيران وتوسعها لم يعد خافيا على احد وان تبييض وجه النظام الإيراني بهذا الشكل وبهذه البرامج الواسعة التي جندت لها الجزيرة خيرة كوادر الإعلام العربي وأكثرهم سمعة واحترام وبالعشرات لمدة عشرة أيام، سيضر بالمصلحة العربية عموما وبالمصلحة الخليجية والأحوازية خصوصا وهذا ما لا نتمناه. إننا نتطلع لجزيرة عرفناها وحازت على ثقة الشارع العربي والإسلامي بشكل لم تتمكن اي فضائية أخرى الوصول إليه حتى الآن وهذا كسبته الجزيرة بنزاهتها الإعلامية وبصدق تقاريرها وبانحيازها لجانب الشارع العربي وللحق العربي وللنضال العربي وليس بسبب كثرة مراسليها وتوسع عملها ونشاطها ونتمنى ان تبقى كما كانت صوت للمظلومين، ومنبرا للشارع العربي المحروم من أي منبر يتحدث من خلاله!
محمود أحمد الأحوازي [email protected] 23 كانون الثاني، 2008
#محمود_أحمد_الأحوازي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخليج العربي وضرورة التطعيم من فيروس -الخلايا النائمة-!
-
ايران وحافة الهاوية!
-
هل فدرالية العراق الطائفية، هي بداية لتنفيذ إستراتيجية تقسيم
...
-
بين شعوب ثائرة في الداخل وجيوش مهاجمة من الخارج! ايران إلى أ
...
-
كيف نصدقك يا صادق! مهاترات على الجزيرة عن الديمقراطية في اير
...
-
لبعض النخب العربية التائهة في صحراء الصراع إيراني- الأمريكي!
-
هل تضطر أمريكا في النهاية إلى الحسم مع ايران؟
-
الانسحاب البريطاني من البصرة، السماح لإيران باحتلالها أم تكت
...
-
إخطبوط التوسع الإيراني والإستراتيجية المؤثرة لمواجهته
-
هل الإحتلال الإيراني للبصرة هو بداية لتطويق دول الخليج العرب
...
-
الانتفاضة النيسانية وضرورة تطوير التجربة
-
القضية الأحوازية - القشة التي ستقصم ظهر البعير الإيراني
-
إيران -الأحواز = أمن الخليج العربي!
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|