|
لعنة عاشوراء .. سياسة ديماغوجية وتاريخ ميلودرامي
علي دهلكي
الحوار المتمدن-العدد: 2171 - 2008 / 1 / 25 - 07:03
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عند مراجعة التراث العاشورائي والكم الهائل من المرويات في تلك الحادثه نجد انعطافة جديدة في أرخنة الصورة التي تشكل ماضي وحاضر العراق خصوصاً البقعة التي جرت فيها الاحداث الفجيعة التي وصل صداها الى أخرنقطة في قطر المحور الحدثي . مجموعة كبيرة من الروايات التي تخبر عن الملحمة العاشورائية قبل وقوعها وكثير منها تتارت , اضافة الى الاحداث التي توالت على ارض العراق شكلت بالمجموع الاقتران اللاواعي في وجدان المستقرئ لمستقبل العراق او المفسر للحدث الآنى بين ما يجري من ويلات على ابناء الرافدين وبين الماضي المصاب بالاثم من تدنيس قدسية الحسين واهل بيته. الضروف التي هيأت لتأطير صورة الكارثة الكربلائية في ذلك اليوم بدأت بالرسائل التي ارسلها اهل العراق (الكوفيون بالذات) مخبرة عن المصر الذى يستجدي الامير والجماهير التي تبحث عن شخص القائد (الحسين) ، فبدأ شدُّ الرحال وسار القوم وسارت المنايا معهم. هنا تبدأ سلسلة السرد التاريخي بالتقهقر لتذكر الحسين(ع) بما جاء عن جده النبي (ص) وحديث حفنة التراب التي تركها عند ام سلمة (رض) حيث اخبرها عليه افضل الصلاة والسلام بان هذه التربة هي من كربلاء فاذا رأيتها تحولت الى دم فاعلمي ان ولدي الحسين قد قتل .. ثم ما جاء لسان أبيه اميرالمؤمنين علي بن طالب حين مرّ على ارض كربلاء فسأل عنها فقيل له انها ارض الغري فقال عليه السلام: ها هنا مصارع اهل بيتي أميلوا بنا فان هذه الارض موعودة بالخسف. المعنى هذه المرويات والكثير منها أسس لنظرية (الارض الملعونة) لانها ستحتظن دماء الحسين المقدسة في المستقبل وهذه النظرية روج لها الكثير من السياسيين الذين أرادوا حكم العراق. كل من التقى الحسين قبل خروجه الى العراق كان ينصحه بترك التوجه الى العراق ( الكوفة بالخصوص ) والتوجه الى ارض أخرى لأن نظرية الارض الملعونة ستؤدي الى حتمية مقتله . قصة الحسين عليه السلام مع الفرزدق الشاعر المعروف حين التقاه الامام فسأله عن أهل الكوفة كيف تركتهم فرد عليه الفردزدق : ( يا بن رسول الله إن اهل الكوفة قلوبهم معك وسيوفهم عليك ) . كل هذه النظريات واصحابها لم يعوا ان مشروع الحسين عليه السلام كان الشهادة لان الوضع الاجتماعي والسياسي للمجتمع الاسلامي الذي انحدر الى درجة تولي يزيد زمام اموره وقبول الجماهير بهكذا والي لايمكن اصلاحه الا باحداث ثورة تكون على مستوى اراقة اقدس دماء على وجه الارض لتعيد للمجتمع وعيه لذاته ومعتقداته لتجعل للقلوب والسيوف وجهة واحدة . وصل خبر مقتل سفير الحسين(ع) لتبدأ ملامح الصورة داخل الاطار بالتشكل حتى تصل الى الذروة بضرب طوق الحصار على معسكر الامام الحسين فتبدأ علامات الظلامة بالتكثف لتمطر لعنات على ما حوتهُ كربلاء ليس موضوعياً في ذلك الزمان او المكان بل تتعداه لتصبح كربلاء نقطة التجمع (الزمكاني) لكل ماينتمي لهذا الحدث. فالحسين بعد ما استنفذ كل وسائل النصح لثني الجمع عن ارتكاب الجريمة يبدأ بالدعاء عليهم بأن : يجعل شملهم عدداً ولايرضي الولاة عنهم أبداً.. فتشمل اللعنه ارض العراق جغرافياًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًً حتى قبل رسم حدوده ولتسري اللعنة على ابناء المجتمع العراق جينياًًًًًًًًًًًًًًًًًًًً لتصبح صفة(الشقاق والنفاق) التي وصفتهم بها السيدة زينب عليها السلام في خطبتها بالكوفة احد الصفات الوراثية للانسان العراقي والدليل على ذلك هو كل الاحداث الدموية من حروب وسلاطين جور وساسة ظلم , التي مرت وتمر على العراق منذ اول نقطه رسمت خط الدولة والولاة في هذه البقعة من العالم . فسقوط بابل واكد مروراً بتشرذم دول الخلافات الاسلامية على ارض العراق وصولا الى حروب الخليج الثلاثة كلها ما هي الاجزء من سلسلة اللعنات المتوارثة من عاشوراء. جدلية اللعنة وعاشوراء شكلت وعياً شعبياً مشوشاً تحول فيما بعد الى ميثولوجيا تناقلتها الاجيال على مر الزمن ومن ثم حولت معاناة النخب حول ترشيد الوعي الشعبي الى اسلوب طوبائي توجهه التصرفات البدائية للجماهير وللاسف ساعد على تستطيح هذا الوعي التحذلق الفكري والفلسفي في الخطاب الديني للكثير ممن ارادوا ان يؤدلجوا لفكرة براءة اهل العراق من دم الحسين. تاريخياً اول من استفاد من هذا المنهج هم الامويون لابعاد عار سفكهم لدماء ابناء رسول الله وسبيهم بناته والصاق التهمه باهل الكوفه ثم استغل العباسيون شعور اهل العراق بالذنب جراء خذلانهم الحسين لتأسيس اكبر امبراطورية اسلامية عرفها التاريخ تحت شعار الثأر لآل بيت الرسول ... ثم استسلم الوعي الشعبي لهذه الخرافة حتى توارثت الاجيال المازوكية في احيائها لطقوس وشعائر هذه الذكرى . من هنا بدأ جلد المتتبعين لطريقة احياء شعائر هذه المناسبة لفكر العامة من الناس والتفلسف في توجيه تصرفاتهم فبدأت النظريات تشرق وتغرب في كشف الدوافع النفسية والاجتماعية التي ادت الى ظهور هذه الطرق في احياء ذكرى عاشوراء . ان عملية ترشيد وتوجيه وتوعية الجماهير نحو اداء أفضل واصح لطقوس هذه الذكرى وانقاذ البعد الاحتفالي بهذه المناسبه من الاغتراب داخل المجتمع الى الانفتاح على وعي المحتوى لهذه المناسبة وعولمة مفاهيمها هو بعدم الترويج لنظريات الخطيئة المتوارثة والخروج من قمقم الدراسات الابستيمولوجية او الانثروبولوجية لتحديد تصرفات الجيل الجديد , والتركيز على الهدف الذي اراد الحسين (ع) تحقيقه من تحويل كل الوقائع والمشاهد المؤلمة في عاشوراء من مؤشر على الانكسار الى رمز للأنتصار .
#علي_دهلكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة قصيرة
-
الصباح الواحد بعد الخمسون
المزيد.....
-
استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان
...
-
حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان
...
-
المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
-
حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب
...
-
ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر
...
-
ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين
...
-
قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم
...
-
مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط
...
-
وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الم
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|