الخوف من جريدة بشفشاون(المغرب)

حسن أحراث

الحوار المتمدن-العدد: 2171 - 2008 / 1 / 25 - 07:23
المحور: حقوق الانسان
    

سبق أن كتبت تعليقا بإحدى الجرائد الوطنية تحت عنوان "الخوف من الملك بشفشاون"، وذلك بمناسبة إحدى زيارات الملك إلى مدينة شفشاون. وكان موضوعه هو حالة الارتباك والاستنفار التي تملكت المسؤولين تحت ضغط الزيارة لجعل المدينة في صورة غير صورتها الحقيقية وفي حلة مستعارة، كما هو الشأن بالنسبة لكافة المدن أو المناطق المرشحة للزيارة. والآن أجد نفسي مضطرا لاستعارة ذلك العنوان وهذه المرة مع مصادرة حقي في إصدار جريدة"حقائق الشمال".
كان سبب الخوف من الملك هو التأخر في إنجاز طقوس الزيارة ومنها تزييف الحقيقة وإخفاء مظاهر البؤس، أما سبب الخوف من جريدة"حقائق الشمال" فهو توقع إقدام هذه الأخيرة على فضح واقع الحال بشفشاون وبباقي مناطق الشمال. لكن من يخاف الجريدة بالضبط؟
إن منع جريدة سواء كانت محلية أو جهوية أو وطنية مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجهات النافذة، أي الجهات صاحبة القرار، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بمثل هذه الحالة، أي وجود أسماء مزعجة وراءها، أسماء مصنفة من درجة "خطير". لا شك أن تقرير الاستعلامات العامة كان حاسما، لكن ماذا عن الذين يدعون السهر على تطبيق القانون وحماية القانون واحترام حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا؟ أ ليس من حق المواطن إصدار جريدة إلا إذا رضيت عنه RG وDST وDGED والمقدم والقايد والعامل وأجهزة عد الأنفاس بمختلف تلاوينها؟ إننا في هذه الحال أمام حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها « استعلماتيا ». من يا ترى يتستر عن الفساد وعن لوبيات الفساد بشفشاون وبباقي مناطق الشمال ويسهر على عرقلة أية محاولة للنبش في الملفات السوداء؟ ما رأي السيدين وزير العدل ووزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، كوزيرين "حداثيين وديمقراطيين" ؟ وماذا سيقول السيد الوزير الأول في الموضوع؟ أم أن من صنع الحكومة هو نفسه من يصنع المنع والخنق والفساد وهلم جرا...
نظام يخاف جريدة، وجريدة فقط وليس طبعا بندقية أو قنبلة أو متفجرات. مهزلة بكل المقاييس. قد يكون في الأمر بعض المبالغة، إلا أنه تفسير يفرض نفسه انطلاقا من أن كل القرارات القمعية من منع وتضييق وغيرهما لا تتخذ بعشوائية أو بمزاجية فلان أو علان. إنها قرارات محسوبة، سواء كانت خاطئة أم صحيحة، أو ترتبت عنها تبعات خطيرة أم لا، إلا أنها الإجابة الممكنة في حينها انسجاما مع تقديرات الجهة التي أصدرتها وانطلاقا من المعطيات التي تحصلت لديها.
إن منع جريدة "حقائق الشمال" من الصدور ليست حالة معزولة، إنه استمرار للتضييق على الصحافة والصحافيين ولأساليب الاضطهاد التي طالت العديد من المبادرات النضالية التي لا تروق لمهندسي "العهد الجديد" أو التي يرون فيها الجرأة والصدق في تعاطيها مع قضايا الشعب المغربي المناضل، إنه إجراء قمعي يفضح الشعارات الرسمية البراقة (الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان والتنمية البشرية...)ويؤكد أن القطع مع الماضي أسطوانة بالية أصبحت هي الأخرى من الماضي.
فعلا، ستعمل جريدة "حقائق الشمال" على تعرية واقع الحال بشفشاون وبباقي مناطق الشمال. وإلا ما الجدوى من إصدارها؟ إن هذه الجريدة المزعجة، حتى قبل ولادتها، تتوخى المساهمة في تأسيس مشروع إعلامي جهوي هادف، يضع من بين أولوياته إبراز معاناة أبناء الشعب المغربي وإسماع صوتهم وفسح المجال أمام المناضلين لمواكبة المستجدات والتأثير في الواقع والتفاعل معه. وإذا كان هذا من دواعي المنع، فإنه شرف لجريدة "حقائق الشمال" والتي لن تقبل بدونه ولو يكلفها ذلك حياتها.

حسن أحراث
مدير النشر لجريدة"حقائق الشمال"

#حسن_أحراث (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات