|
المؤتمر الأول لأسر لاعبي الأولمبياد الخاص بدمشق
إيمان أحمد ونوس
الحوار المتمدن-العدد: 2167 - 2008 / 1 / 21 - 10:51
المحور:
حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة
عقدت اللجنة الفرعية للأولمبياد الخاص بدمشق، وبرعاية الاتحاد الرياضي العام مساء الخميس 17/1/2008 في المركز الثقافي العربي بكفر سوسة المؤتمر الأول لأسر لاعبي الأولمبياد الخاص. وقد كان هذا المؤتمر لقاءً ودياً بين اللجنة وأسر هؤلاء اللاعبين وسواهم من مصابي متلازمة داون( المنغولية) وهذه هي التسمية الشائعة بين الناس لهذه الشريحة من ذوي الاحتياجات الخاصة. إن مرضى متلازمة داون ليس لديهم ما يمنعهم من ممارسة هوايات ونشاطات متعددة، ومن هنا فإنهم استطاعوا عبر التدريب والتمرين الوصول إلى مراتب عظيمة في بعض الرياضات لا سيما السباحة. ومن هنا كان هذا المؤتمر جماهيرياً كي يساهم في نشر هذه الثقافة بين أسر ذويّ الاحتياجات الخاصة، ويبحث في كل ما تحتاجه هذه الشريحة من المجتمع، وقد دار نقاش حميمي بين الأهل واللجنة الفرعية لأولمبياد دمشق، استمعت فيه لمطالبهم وآمالهم في أن يزداد الاهتمام الرسمي والشعبي والأهلي بأولادهم وتتم مساعدتهم من خلال تلك القنوات الحكومية والأهلية. وقد ألقت السيدة مها قاسو- مسؤولة الأسر، عضو الهيئة الفرعية للأولمبياد الخاص بدمشق- كلمة عرفت فيها أهمية الرياضة لهذه الشريحة الهامة، من أين أتت وما هي نتائجها: أهمية الرياضة اجتماعياً مها قاسو. يشترك الطفل ذو الإعاقة الذهنية مع الطفل العادي بالحاجات النمائية الأساسية، ولكن تخلفه يترك أثراً واضحاً في هذه الحاجات، وفي مقدمتها حاجته للأمن، فطفلنا دائم الشعور بالخيبة والفشل، وبخاصة حين يجد نفسه غير قادر على القيام بما يُطلب منه من أعمال في المواقف الاجتماعية المختلفة. فحاجته للانتماء تُشعره بأنه مخلوق مهدد نفسياً واجتماعياً، كما تشعره بحاجة ماسّة للاعتراف به. ولهذا فالعناية بالأفراد ذويّ الإعاقات الذهنية، لا بد أن تقوم على تحقيق أكبر قدر ممكن من الشعور بالأمن والنجاح، ولقد لحِظنا أن أحد أوجه النجاح التي حققوها، تكمن في استخدام أجسادهم بالحركات الرياضية، وهي التي كانت ممراً لوصولهم إلى التفوق الاجتماعي، وبالتالي دمجهم وتواجد أسمائهم في أغلب مجالات الإعلام. كيف تمكنوا من الوصول...؟ يُولد هذا الفرد كغيره من أفراد المجتمع الطبيعيين، إلاّ أنه يختلف عنهم بمؤشرٍ واضحٍ على أنه مختلف في المجالات التالية: ( نموه الجسمي، نموه العقلي، وتفاعله الاجتماعي والمهني..) فالنمو الجسمي هو شرط أساسي لتعلم المهارات، وطفلنا هنا ينمو كما ينمو الطفل العادي ولكن تتأخر لديه بعض حركاته في التطور، وهو يحتاج لوقت من التدريب على الوقوف والمشي والقفز. لكنه يتدرج بها كما يتدرج الطفل العادي، فهو لا يستطيع القفز قبل أن يقف ويمشي ويركض. إن نمو الاحساسات الحركية من الحواس المهمة التي يمتلكها الإنسان، حيث أنها تساعده على التوافق الداخلي الذي يتعلق بحركة الجسم ودفعه وتوازنه، وعلى الرغم من أهمية الجهاز البصري عند الممارسة الحركية ، إلاّ أنه يستطيع مع فقدان البصر أن يعيش ويتحرك، لكن بدون الاحساسات الحركية لا يستطيع أن يقف ويمشي، أو يؤدي أية حركة تساعده على تفاعله مع البيئة المحيطة به، فأيّ اضطراب بها يجعله في عجز عن الحركة. من هنا نجد أن الاحساسات الحركية تحتاج لدعم وتدريب مستمرين للوصول إلى نتائج أفضل، ومن خلالها الوصول إلى النجاح. أما الوجه الآخر للاختلاف، فهو اختلاف في النضج العقلي، فالنمو العقلي يعني نمو الوظائف العقلية عند الإنسان من( انتباه، إدراك، تذكر وتخزين، وتغذية راجعة) وذلك حتى يتمكن من إدراك المواقف الخارجية التي تحيط به، فالنضج العقلي شرط أساسي في التعلم. لكن طفلنا هنا ينقصه النضج الكامل، غير أنه بالتدريب والممارسة يمكن أن يصل إلى نتائج لا بأس بها، وهذا ما تسعى إليه المؤسسات المهتمة بالتعليم الأكاديمي، والتي تبذل كل جهودها إلى أن تصل بأولادنا إلى الحد الذي يجعلهم مقبولون لحدٍ ما علمياً واجتماعياً، على الرغم من قلة الكوادر التي تعمل بهذا المجال، وقلة البرامج المخصصة لهم. ومن هنا يأتي التدني في النمو الاجتماعي لذويّ الاحتياجات الخاصة، والناتج عن الفشل في المجالين المذكورين( قلة الكوادر، والبرامج) فنجد الطفل منعزل اجتماعياً، يخشى المشاركة بسبب أن تعبيره عن حاجاته غير واضح ولا مؤطر. فكيف نؤهله للدمج الاجتماعي، وكيف نعزز ثقته بنفسه..؟؟؟ نعود لنقول: إنه التدريب والممارسة. فللتدريب أثر في تعلم السلوك الحركي على نحو أكثر وضوحاً مما يبدو في تعلم أنماط أخرى من السلوك، فالتدريب المتواصل يُسهل على الفرد عملية التعلم وإقلال الجهد، ورفع مستوى الأداء. لقد أثبتت جميع المؤسسات أن التدريب المنظم هو أفضل وسيلة لتعليم المهارات الحركية المختلفة مثل السباحة والجري، فالمهارات المستمرة في هذين النوعين تتميز بأنها أكثر قدرة على التذكر وعدم النسيان من المهارات ذات الحركة الواحدة مثل التصويب في كرة القدم، السلة، واليد. ومن خلال بحثنا عن أهم الرياضات التي يبقى أطفالنا يمارسونها لفترات طويلة، وتشعرهم بالثقة بالنفس، وجدنا أنها السباحة، فهي رياضة محببة إليهم أولاً، إضافة لأن تلامس أجسادهم بالماء يقوي لديهم حاسّة الملامسة، وتنفيذ الأوامر، فهي تنشط لديهم الذاكرة لأنها الأرسخ والأبقى في ذاكرتهم. لقد قسم الباحثون الذاكرة إلى ثلاثة أنواع هي: الذاكرة الحسية، الذاكرة قصيرة المدى، والذاكرة طويلة المدى. 1. الذاكرة الحسية: وهي( سمعية، بصرية، ولمسية) 2. الذاكرة طويلة الأمد والتي تتميز بالقدرة العالية على الاحتفاظ بالمعلومات، وهي تجمع ما بين الحسية وقصيرة المدى. وأمثلتنا على ذلك كثيرة، ولنأخذ مثالاً، تعلم السباحة وركوب الدراجة، فحين يتعلمهم الفرد وهو صغير، يستطيع ممارستهم بعد عشرين عاماً من التوقف، والسبب أن الذاكرة طويلة الأمد، هي ذاكرة تجمع بين الحسية والقصيرة، بعضها يتلاشى، وبعضها الآخر ينتقل إلى الذاكرة الطويلة فتختزنها لوقت الحاجة إليها. من هنا جاءت النتائج جيدة وإيجابية لأولادنا الذين شاركوا في بطولات محلية وعربية ودولية، ومثال على ذلك بطلنا الشاب" علاء الزيبق" الذي نال الميدالية الذهبية في الأولمبياد الدولي في شنغهاي لعام 2007 في سباحة الفراشة، وكذلك البطلة" مروى الجابي" التي نالت الميدالية البرونزية في سباحة الظهر، وبطلنا" محمد الحجار" في الجري- سباق المسافات الطويلة. ولدينا شابات حزنّ على ميداليات فضية وبرونزية في الدورة العربية في دبي أمثال" نينا الرفاعي، بيان الجلاد، وتسنيم البزرة" وقد نال الجميع التكريم من قبل السيدة أسماء الأسد. هذا النجاح عزز لدى أولادنا ثقتهم بأنفسهم، فلم يعودوا يشعرون بعدم الانتماء، ولم يعودوا يشعرون بأنهم منعزلين عن مجتمعهم، فأسماؤهم تلمع في كل وسائل الإعلام، ومن هنا استطاعوا دخول المجتمع من أوسع أبوابه، وربما يكون هذا حافزاً لهم كي يمتهنوا فكرة التدريب لأقرانهم، وهذا ما يؤهلهم لامتلاك مهنة محببة لهم يثبتون من خلالها جدارتهم. وهنا نود أن نؤكد على دور الأسرة في تشجيع الابن لتعلم هذه المهارات والاهتمام بها منذ الصغر، كذلك لا ننسى دور المؤسسات والهيئات المساعدة للوصول إلى هذا النجاح، ومن أهمها الأولمبياد الخاص الذي قدم الملاعب والمسابح والمتطوعين والمدربين. نعود لنقول، أن للتدريب أهمية كبرى في هذا النجاح، فالمدرب إنسان متخصص يقوم بتدريب الأشخاص فردياً أو جماعياً على نوع ما من الحركات التي تقع تحت مسميات عدة مثل رياضة السباحة وألعاب القوى والقدم والمشي والبوتشي... وغيرها. ولا ننسى المشاركات الواسعة في المعسكرات الترفيهية العربية والتي تُعد دمجاً آخر لأولادنا في المجال العربي والدولي، فقد شارك أبطالنا بشكل شخصي ونالوا ميداليات كثيرة منها في السباحة وكرة القدم، وذلك في جمهورية مصر العربية مثل: " ميسم برقاوي، هلا سميري، تسنيم البزرة، بيان جلاد، صلاح حبوباتي، ميّاس المغربي، يزن زين العابدين، ومعاذ الكردي" أما عن النشاطات الجديدة المطروحة، فهي تشكيل فرق باليه، وربما يكون هذا المؤتمر منطلقاً لها، فقد أجرى الأولمبياد الخاص عدة تدريبات لأولادنا على هذا النوع من الفن الذي يجمع الرياضة مع الموسيقى، وقد تجاوبوا بسبب مساعدة أجسادهم اللينة بعض الشيء، والتي تستطيع القيام بهذه المهارات الحركية. كما يدعو الأولمبياد الخاص لمزيد من الدعم الاجتماعي ويطالب في دمج هذه الشريحة مهنياً.
#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مفهوم العيب بين الأمس... واليوم
-
صديقتي عفاف الأسعد تسألني... أين دماغي..؟؟
-
كشف حساب للعام الجديد
-
تركي عامر...وقصيدة لأبالسة السماء
-
أساليب تعديل السلوكيات السلبية عند الأبناء
-
الحوار المتمدن... واحة عدالة وفكر حر
-
في اليوم العالمي للمعوق.. لأن الأمل هو الحياة
-
لماذا يكون همّ البنات ... للممات..!!!؟؟؟
-
ما بين الأمومة... والأنوثة
-
الاكتئاب عند المرأة- محاضرة
-
العانس... والحياة
-
ما وراء ظاهرة التسرب المدرسي
-
لنُصغِ لآرائهم
-
الأخوة... بين الحب والشجار
-
الأبناء... ما بعد الطلاق *
-
تميز المرأة... نعمة .. أم نقمة..؟؟؟!!!
-
ورشات ومؤتمرات لا متناهية..لطفولة بائسة ومهمشة.
-
الالتزام والنقد و... الآخر
-
أخلاقيات الفرد هي الأصل
-
الشباب ومعضلة السكن
المزيد.....
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
-
ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها
...
-
العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با
...
-
محمد المناعي: اليوم العالمي للإعاقة فرصة لتعزيز حقوق ذوي الا
...
-
السعودية.. الداخلية تعلن إعدام 3 مصريين وتكشف عن أسمائهم وما
...
المزيد.....
-
الإعاقة والاتحاد السوفياتي: التقدم والتراجع
/ كيث روزينثال
-
اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
/ الأمم المتحدة
-
المعوقون في العراق -1-
/ لطيف الحبيب
-
التوافق النفسي الاجتماعي لدى التلاميذ الماعقين جسمياً
/ مصطفى ساهي
-
ثمتلات الجسد عند الفتاة المعاقة جسديا:دراسة استطلاعية للمنتم
...
/ شكري عبدالديم
-
كتاب - تاملاتي الفكرية كانسان معاق
/ المهدي مالك
-
فرص العمل وطاقات التوحدي اليافع
/ لطيف الحبيب
المزيد.....
|