أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان المفلح - المعارضة السورية بين التنوير والبراغماتية!














المزيد.....

المعارضة السورية بين التنوير والبراغماتية!


غسان المفلح

الحوار المتمدن-العدد: 2166 - 2008 / 1 / 20 - 11:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ضوء الأزمة التي تعيشها المعارضة السورية، والسجالات التي جرت وتجري على خلفية انعقاد المجلس الوطني الأخير لإعلان دمشق، وما رافقه من
حملة اعتقالات وملاحقات واستدعاءات لا زالت مستمرة حتى اللحظة، باتت هذه المعارضة على كف عفريت!
رغم ضوضاء الحدث بين مثقفي المعارضة وسياسييها، فإننا نلمح في الحقيقة، تبادلا دلاليا في خطاب المعارضة السورية، أو ما يمكن تسميته ازدواجية الخطاب الفكري السياسي. اتضح من هذه المعمعة أن لدينا تيارين، الأول- هو التيار الذي حاول إعادة هيكلة وتأسيس إعلان دمشق بناء على خطاب واضح المعالم، كما جاء في بيانات وتصريحات الإعلان بعد عقد دورة مجلسه الوطني، نقول واضح المعالم من النقاط التالية: تغيير سلمي تدرجي نحو الديموقراطية، لا يمكن حماية سورية من الأخطار الخارجية، إلا بتحصينها ديموقراطيا على المستوى الداخلي، كما أكد على الأزمة المعاشية للطبقات المسحوقة والتي أصبحت تشكل أكثرية الشعب السوري، ثم التأكيد على مفهوم المواطنة كأرضية لقيام مجتمع حر وديموقراطي. كما تم تأكيد الخوف على سورية من المصير العراقي. ومن المعروف أن هذا الخطاب هو نتاج جملة من التوافقات بين التيارات والأحزاب والشخصيات التي كانت متواجدة في المؤتمر المذكور. أما التيار الآخر الذي أعلن تجميده في صفوف الإعلان، فيعتمد على مقدمة كبرى لا مقدمات أخرى بعدها، وهو مواجهة الخطر المتمثل بالمشروع الأميركي الصهيوني، وهذا التيار له حاضنة ثقافية إعلامية عربية ليست قليلة.
ما يميز الخطاب الأول أنه تنويري تغزوه نزعة براغماتية واضحة المعالم. أما الخطاب الآخر فهو تثويري على مستوى الخارج، ولغته لغة مواجهة حامية الرؤوس مع المشروع الأميركي، ومادته في هذه المواجهة هي قوى ظلامية لا نريد تسميتها، ومتخندق على صعيد الخطاب المتعلق بالسلطة السورية، لهذا هو ليس مضطرا لأي نوع من البراغماتية في خطابه، لأنه محمي. لنلاحظ المفردات التي تستخدم في خطاب موجه ضد المشروع الأميركي في المنطقة، ونقارنها بخطاب هذا الاتجاه بما يخص الوضع الداخلي السوري، نجد أن لغة العقل التي تحوم بغطاء لفظي تنويري بينما هو في الحقيقة خطاب يبهر لدرجة عدم الرؤية، ويجعل السلطة في ظل هذا الإبهار، طية مخفية.
وهذه سمة باتت واضحة لدى خطاب الممانعة العربي. أما الخطاب البراغماتي الذي ربما عبر عنه رياض الترك بشكل أساسي على مستوى الداخل السوري وعلى مستوى الخارج الدولي والإقليمي، هذا الخطاب الذي وضع الرجل أمام أشرس هجمة تخوينية يتعرض لها معارض سوري، حتى وصل الأمر إلى قيام بعض المؤسسات البعثية، والإعلامية المحسوبة على السلطة بتخوين الرجل، وهنالك من يقول إن الموضوع سيصل إلى تعميم على خطباء الجوامع من أجل تخوين رياض الترك عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الديموقراطي في سورية. هذا عدا عن الغمز واللمز من قبل بعض مثقفي اليسار السوري الممانع. والحجة أن الرجل شكر الرئيس الأميركي على مطالبته بالإفراج عن معتقلي إعلان دمشق.
هذا الاختصار المشهدي للوحة السورية في المعارضة الآن، لا يجب أن تجعلنا نقف على ما تفرزه فقط، بل تحرضنا على المضي قدما من أجل استمرار حوار من شأنه أن يكرس مؤسسية الفعل المعارض في سورية. وفي هذا المشهد، الذي انطلقت فيه أيضا موضوعة الحوار مع السلطة من جهة، وتعرض الإعلان لنقد آخر ذي أهمية كبيرة بالنسبة لي، وهو النقد الذي يوجه عادة للمعارضة السورية، أنها تفتقر لعمق معرفي، وثقافي، رغم أن أغلب المعتقلين هم من المثقفين السوريين. على هذا الأساس إن التنوير المطروح في سورية ليس من أجل النخبة المنورة أصلا، ولكن التنوير من أجل تعميم العقل الفردي، بلا وصاية عند الجمهور غير المتنور، وهذا ما يقود إلى الخلط في نقد المعارضة السورية في أنها تفتقر لهذا العمق المعرفي، ليس لأنه غير صحيح، بل لأنه يتجاوز محنة العقل في سورية. محنة العقل في سورية هي سلطة لا عقلانية، فكيف يمكن أن توجد مكانا للعقل أو لأي عقل سوى لا عقلانيتها في الحقيقة. أليس القمع المعمم هو لمنع التنوير؟ لهذا هل يمكن الوصول إلى تنوير الجمهور من دون قنوات إيصال، من دون نخب مؤسسية؟ من دون حرية وجود هذه القنوات وحرية الناقل، وحرية المتلقي- وهي الأهم- في المواقع المحجوبة عنه الآن!؟
ربما كانت هذه النقطة من النقاط القليلة جدا التي اختلف فيها مع الصديق ياسين الحاج صالح في نقده للمعارضة السورية. وهو نقد صائب بالمعنى المباشر للكلمة، لكنه ينقصه في الحقيقة البحث في معطيات منع التنوير، وفي مسببات غياب حرية التأسيس لهذا التنوير. اللجوء للبراغماتية، واللجوء لثقافة التبطين، أو لثقافة التقية بلغة أخرى، الهروب من مواجهة الحدث عاريا كما هو، كل هذا سببه القمع أولا والقمع ثانيا، وفيما بعد ربما تأتي أسباب أخرى كثيرة. نتيجة أولى القمع من يمنع التنوير، ومن يمنع تعميم العقل. يجب ألا يغيب عن البال أبدا مفعول القمع الدائم والمستمر لنخب المجتمع وللمجتمع قبل نخبه هذه.
لدينا الآن لوحة بسيطة: المدرسة في سورية ليست للدولة وإنما للسلطة، وهذا أمر في التعليم له سمة واحدة هي تعليم الانصياع للسلطة. الجامعة لم تعد منذ زمن للدولة، بل تحولت إلى مؤسسة سلطوية بامتياز، إذن خارج المدرسة والجامعة والمراكز الثقافية التي يقود أغلبها بعثيون مخبرون في الغالب. خارج هذا النطاق، من أين سيأتي التنوير للجمهور؟ لهذا تجد المعارضة السورية نفسها في أحيان كثيرة أو بشكل عام ضحية لبراغماتية تضيع الهدف أحيانا، وتصبح المعارضة جزءا من جمهورها، تتبع ثقافته وشعبوياتها الممهورة بختم السلطة. بوعي أم بدونه. هذه محنة سورية، لأن العقل فيها تم اغتياله منذ أن صادر الأمن جهاز التعليم والثقافة والإعلام.



#غسان_المفلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكرم البني هل لديك شمعة وزجاجة؟ كي لا ننساهم!
- دمشق توأم فيروز، فلا تترددي سفيرتنا إلى النجوم.
- حوار السلطة أم سلطة الحوار؟
- رسالة صريحة إلى الدكتور برهان غليون.
- اليسار اللبناني ومطلب الدولة البرجوازي! إلى سمير قصير ورفاقه ...
- خواطر: إلى راشد صطوف.
- عقلية أمنية، من تحاور إذن؟حوار مع هيثم مناع.
- إننا خونة!وطن بلا مواطنين- تداعيات في ضوء إعلان دمشق-2 و3-
- إننا خونة!وطن بلا مواطنين- تداعيات في ضوء إعلان دمشق-1-
- خوف على النظام لا خوف من أمريكا-إعلان دمشق في مرمى النيران.
- لا احتلال بريء ولا استبداد قاض! ديمقراطيون بعباءة بن لادن، ع ...
- يتيمة على طاولة اللئام- المعارضة السورية أين تذهب؟
- إعلان دمشق بين التخوين وبين القمع- ستبقى دفعة في السجن.
- ويستمر الاعتقال والحكاية: ليست ليبرالية، وإنما سلطة
- في توازي التفكك اللا حداثي-مساهمة مع ياسين وسلامة- القسم الأ ...
- في توازي التفكك اللا حداثي-مساهمة مع ياسين وسلامة- القسم الأ ...
- مرة أخرى الديمقراطية للآن الاجتماعي- سورية أصابها الاهتلاك
- المعارضة السورية و الآن الاجتماعي-بعض أسئلة.
- تفكك الليبرالية السورية- عودة القومي إلى أحضان الأصولي
- الحوار المتمدن نحو التمدن.


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان المفلح - المعارضة السورية بين التنوير والبراغماتية!