|
ما هي النيو ليبرالية ؟
مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 2167 - 2008 / 1 / 21 - 10:57
المحور:
الادارة و الاقتصاد
ما هي النيو ليبرالية ؟ ترجمة مازن كم الماز بقلم : إليزابيث مارتينيز و أرنولدو غارسيا , الشبكة الوطنية لحقوق المهاجرين و اللاجئين
"النيو ليبرالية" هي مجموعة من السياسات الاقتصادية التي أصبحت واسعة الانتشار في السنوات ال 25 الأخيرة أو ما يقارب ذلك . رغم أن الكلمة نادرا ما سمعت في الولايات المتحدة يمكنك أن تلاحظ بوضوح نتائج النيو ليبرالية هنا مع ازدياد الغني غنى و الفقير فقرا . يمكن "لليبرالية" أن تشير إلى أفكار سياسية و اقتصادية و حتى دينية . في الولايات المتحدة كانت الليبرالية السياسية إستراتيجية أريد منها الحيلولة دون حدوث النزاع الاجتماعي . لقد قدمت إلى الشعب الفقير و العامل على أنها تقدمية مقارنة بالجناح المحافظ أو اليميني . الليبرالية الاقتصادية هي شيء مختلف . إن السياسيين الليبراليين الذين يقولون أنهم يكرهون "الليبراليين" – قاصدين النمط السياسي – ليس لديهم أية مشكلة حقا مع الليبرالية الاقتصادية , بما في ذلك النيو ليبرالية . كلمة "نيو" تعني أننا أمام نوع جديد من الليبرالية . إذا ما هو النوع القديم ؟ أصبحت المدرسة الليبرالية في الاقتصاد معروفة في أوروبا عندما أصدر آدم سميث , و هو اقتصادي اسكتلندي , كتابا في عام 1776 باسم ثروة الشعوب . لقد دافع و آخرون عن إلغاء تدخل الحكومة في الشؤون الاقتصادية . لا قيود على التصنيع , لا حواجز على التجارة , لا ضرائب , و كما قال , فإن التجارة الحرة هي أفضل وسيلة للاقتصاد الوطني ليتطور . عدت هذه الأفكار "ليبرالية" بمعنى عدم وجود أي ضوابط . هذا التطبيق للفردية شجع الشركة "الحرة" , المنافسة "الحرة" , - التي أصبحت تعني حرية الرأسماليين في كسب أرباح هائلة كما يشاءون . سادت الليبرالية الاقتصادية في الولايات المتحدة عبر القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين . بعدها قاد الكساد الكبير في الثلاثينيات اقتصاديا هو جون ماينارد كينز لوضع نظرية شكلت تحديا للليبرالية كأفضل سياسة بالنسبة للرأسماليين . قال كينز , في جوهر نظريته , أن التشغيل الكامل ضروري للرأسمالية كي تنمو و أنه يمكن تحقيقه فقط إذا ما تدخلت الحكومات و البنوك المركزية لزيادة العمالة . كان لهذه الأفكار تأثيرا أكبر على العقد الجديد الذي قال به الرئيس روزفلت – الذي حسن بالفعل حياة الكثيرين . و أصبح الاعتقاد بأنه على الحكومات أن تهتم بالخير العام مقبولا على نطاق واسع . لكن الأزمة الرأسمالية في السنوات ال 25 الأخيرة , مع تراجع معدل أرباحها , حفزت نخبة الشركات لتحيي الليبرالية الاقتصادية من جديد . هذا هو ما يجعلها "جديدة" . اليوم مع العولمة السريعة للاقتصاد الرأسمالي يمكننا أن نرى النيو ليبرالية على نطاق عالمي . تعريف شهير لهذه العملية جاء من المفوض ماركوس في الاجتماع عبر القاري من أجل الإنسانية و في مواجهة النيو ليبرالية الذي استضافه جيش الزاباتيستا في آب أغسطس 1996 في تشياباس عندما قال :" ما يعرضه اليمين هو أن يحول العالم إلى مركز تجاري واحد كبير حيث يمكنهم أن يبيعوا هنودا هنا و النساء هناك..." و كان بمقدوره أن يضيف , و الأطفال و المهاجرين و العمال و حتى وطن بأكمله مثل المكسيك " . النقاط الأساسية للنيو ليبرالية تتضمن : 1 – قاعدة السوق : تحرير الشركة أو المؤسسة "الحرة" من أية قيود تفرضها الحكومة ( الدولة ) مهما كان مدى الضرر الاجتماعي الذي يسببه هذا . انفتاح أكبر على التجارة و الاستثمارات الدولية , كما في النافتا NAFTA . تخفيض الأجور بتجريد العمال من نقاباتهم و إلغاء حقوق العمال التي فازوا بها عبر سنوات طويلة من النضال . لا وجود لأية قيود على الأسعار . الكل في الكل , الحرية الكاملة لحركة رأس المال و البضائع و الخدمات . لإقناعنا بأن هذا جيد لنا قالوا لنا : "أن السوق غير الخاضعة للتنظيم هي أفضل طريقة لزيادة النمو الاقتصادي, الذي سيفيد كل واحد في نهاية المطاف " . إنها مثل اقتصاد ريغان "جانب العرض"* و "تقطير الثروة إلى الأسفل" – لكن لسبب ما فإن الثروة لم تصل إلى الأسفل . 2 – تخفيض الإنفاق العام على الخدمات الاجتماعية : مثل التعليم أو الرعاية الصحية . تقليص شبكة الأمان للفقراء , و حتى صيانة الطرق و الجسور و الإمداد بالماء – أيضا باسم تخفيض دور الحكومة . من الطبيعي أنهم لا يعارضون الإعانات الحكومية و الإعفاءات الضريبية لصالح البزنس أو العمل . 3 – إزالة التنظيم : تخفيض التنظيم الحكومي لأي شيء يمكنه أن يخفض الأرباح , بما في ذلك حماية بيئة العمل . 4 – الخصخصة : بيع الشركات و البضائع و الخدمات المملوكة للدولة إلى مستثمرين خاصين . يتضمن هذا البنوك و الصناعات الرئيسية و السكك الحديدية و رسم الطرق العامة و الكهرباء و المدارس و المستشفيات و حتى الماء العذب . رغم أنها تجري عادة باسم كفاءة أفضل , و التي غالبا ما تكون مطلوبة , فإن تأثير الخصخصة الأساسي هو تركيز الثروة أكثر فأكثر في أيدي مجموعة أفراد و جعل الناس يدفعون أكثر في سبيل الحصول على حاجاتهم . 5 – إلغاء مفهوم "الصالح العام" أو "المجتمع" : و استبداله ب"المسؤولية الفردية" . الضغط على الناس الأفقر في المجتمع ليجدوا حلولا لفقدانهم الرعاية الصحية و التعليم و للضمان الاجتماعي بأنفسهم – و بعدها لومهم إذا فشلوا على أنهم "كسالى" . لقد فرضت النيو ليبرالية حول العالم بواسطة المؤسسات المالية القوية مثل صندوق النقد الدولي و البنك الدولي و بنك التطوير عبر أمريكا . إنها تمتد عبر كل أمريكا اللاتينية . المثال الأول الأوضح عن النيو ليبرالية في الفعل جاء من تشيلي ( بفضل الاقتصادي من جامعة شيكاغو ميلتون فريدمان ) بعد الانقلاب الذي دعمته المخابرات المركزية الأمريكية على نظام ألينيدي المنتخب شعبيا عام 1973 . تبعتها دول أخرى , و كانت أكثر النتائج سوءا في المكسيك حيث انخفضت الأجور بنسبة 40 إلى 50 % في السنة الأولى من سريان اتفاقية النافتا NAFTA فيما زادت تكاليف الحياة بنسبة 80 % . حوالي 20000 عمل صغير و متوسط أفلست و تمت خصخصة أكثر من ألف شركة مملوكة للدولة في المكسيك . كما قال أحد الباحثين : "تعني النيو ليبرالية الاستعمار الجديد لأمريكا اللاتينية " . في الولايات المتحدة تؤدي النيو ليبرالية إلى تدمير برامج الرفاه و تهاجم حقوق العمال ( بما في ذلك كل العمال المهاجرين ) و تخفض البرامج الاجتماعية . إن "العهد" الجمهوري في أمريكا هو نيو ليبرالي بامتياز . يعمل مؤيدوه باجتهاد ليحرموا الأطفال و الشباب و النساء و كوكب الأرض نفسه من الحماية – و يحاولون خداعنا للموافقة على هذا بالقول أن هذا سوف "يبعد عنا الحكومة" . إن المستفيدين من النيو ليبرالية هم قلة من سكان العالم . أما بالنسبة للغالبية العظمى منهم فإنها تجلب لها معاناة أكثر مما سبق , معاناة بدون المكاسب الصغيرة التي تم الفوز بها بصعوبة خلال الأعوام ال 60 الماضية , معاناة بدون نهاية .
ايليزابيث مارتينيز : ناشطة حقوق إنسان منذ فترة طويلة و مؤلفة عدة كتب , منها "500 سنة من تاريخ شيكاغو في صور" . أرنولدو غارسيا هو عضو في لجنة إيمليانو زاباتا في أوكلاند المرتبطة باللجنة الوطنية للديمقراطية في المكسيك .
* اقتصاد "جانب العرض" و "تقطير الثروة إلى الأسفل" : سياسات اقتصادية للنظام الريغاني في الثمانينات .
ترجمة : مازن كم الماز نقلا عن //corpwatch.org
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التشويش النيو ليبرالي
-
أين أقف ؟ لميخائيل باكونين
-
لماذا الانتفاضة الشعبية هي مدخل التغيير
-
بين الوطني و العالمي , أفكار و حوارات من الحركة المناهضة للع
...
-
مساهمة في الجدل الدائر
-
نحو دمقرطة الموقف من أمريكا و الإمبريالية
-
الثورة الروسية و الحكومة السوفييتية , لبيتر كروبوتكين ترجمة
...
-
عن الجرائم الحضارية و الإنكار , ترجمة من ز نت
-
الماركسية و الديمقراطية , ترجمة عن توني كليف
-
عن النظام لبيتر كروبوتكين ترجمة مازن كم الماز
-
الحاجة إلى منظمات جماهيرية إلى جانب منظمات النخبة للبدء في ا
...
-
الليبرالية و الاشتراكية
-
نقد رفاقي ضروري..نقد لأطروحات تجمع اليسار الماركسي في سوريا
-
مشروع لحل الأزمة اللبنانية و السورية و ماشئت من أزمات
-
خصائص الشيوعية التحررية
-
ما هو موقفنا...
-
خارج الأحاديات التي لا تحتمل النقد أو النقاش!!....
-
على المعارضة أن تنظر إلى الوراء قليلا , الشعب السوري قادر عل
...
-
ثرثرة عن القوة و البشر
-
لحظة ظهور الإسلام
المزيد.....
-
الأفضل أداء في أوروبا.. هل أنقذت الهجرة الاقتصاد الإسباني؟
-
لمنافسة -يوروفيجن-.. بوتين يطلق مسابقة غنائية دولية في روسيا
...
-
ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية كبيرة على الصادرات الصينية
-
ترامب يفتح الباب أمام بريطانيا لتجنب الرسوم الجمركية
-
ترامب: سيكون لدينا صندوق ثروة سيادي
-
المغرب يحقق إيرادات سياحية قياسية في 2024
-
غفلة إسرائيلية عن التمديد لنائب محافظ البنك المركزي
-
مزارعو غزة يتحدون دمار الحرب لإحياء سلة غذاء فلسطين
-
جوزيف عون: الإصلاحات الاقتصادية أساس بناء الدولة.. وحماية ال
...
-
مصر تسجل رقمًا قياسيًا في صادرات الصناعات الغذائية خلال 2024
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|