أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خضر محجز - هل باتت القدس مسرى نبي الفلسطينيين وحدهم؟.















المزيد.....


هل باتت القدس مسرى نبي الفلسطينيين وحدهم؟.


خضر محجز

الحوار المتمدن-العدد: 2166 - 2008 / 1 / 20 - 08:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما يتحول الماضي إلى وثن، يتحول خدامه إلى سدنة.
يخترع السدنة عددا من الضوابط والعلاقات، فيكرسونها مرجعيات، تتعالى على عوامل التاريخ واقتراحات الحاضر. إنها ضوابط وعلاقات لازمنية وثوقية لا تقبل الجدال. ومن يخرج عنها، فإن الوعي المجتمعي المأسور ـ الذي صاغه السدنة ـ سوف يتكفل بنبذه واتهامه ومحاكمته وإقصائه: " قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ" (الشعراء/116).
ولأهل السنة سدنتهم كذلك. وما يعتبر سدانة، من سدانات أهل السنة، هذه التواكلية التي اتسم بها مذهبهم، وهذا الصغار أمام قمع كل حاكم، ما دام لا يظهر الكفر البواح. وليت شعري، لماذا يظهر حاكم عربي الكفر البواح، ما دام المطلوب منه هو مجرد ركيعات يصليها، أمام المقهورين، فتمنعهم من الثورة، وترد غضبهم إلى صدورهم، لتنشق أفئدتهم غيظاً وإحباطاً وعقداً نفسية ـ إضافة إلى الجوع ـ طاعة لما قيل إنه حديث ينهى الناس عن قتال الحكام، "ما أقاموا الصلاة".
إنه لحديث ذهبي هذا إذن. ورغم أنه لم يُرو في الكتب المعروفة بالصحيح، إلا أنه سوف يظل يجد من يشهره في وجوه الفقراء، كلما حدثتهم أنفسهم بالصراخ في وجوه جلاديهم؛ مع أن هناك من الأحاديث ما هو أصح منه، وأصرح في التحريض على الثورة؟.
الفتنة.. الفتنة.. الفتنة.. أليست هذه هي الفزاعة التي يفزعوننا بها، كلما حاولنا تغيير أحوالنا، واستعادة حرياتنا؟.
أيها الناس، أليس فيكم من يقف ليقول: إن ما نحن فيه، من نهب منظم لثرواتنا، من قبل أشخاص الحكام وأسرهم وأزلامهم، هو الفتة حقاً؟. وهل الدين الحق ـ الذي يدين به علماء السنة ـ مجرد دين ينتظر أن يقوم الحاكم بمنح الحرية لشعبه؟. وهل يمكن لنا، وفق هذا المنطق السني، أن نتوقع أن نصحو، ذات صباح جميل، على خطبة الحاكم الذي يعلن أنه قرر التوقف عن نهب مالنا، وقمع حرياتنا، لمجرد أنه استخار ربه الليلة، فألهمه أن يعيد كل المسروقات إلى المساكين، الذين هم نحن، ولا أحد غيرنا؟.
إن طرق الإدراك القديمة هذه في حاجة إلى من يتمرد عليها، بحثا عن طرق وأدوات جديدة. وإذا كانت الممارسة الدينية، طوال أحقاب، تقودنا إلى التخلف؛ فلقد يجب علينا إذن مراجعة كيفيات هذه الممارسة الدينية، وأدوات إنتاجها، وعلاقاتها التاريخية، التي أنتجتها أول مرة. أولم يكن الأمويون هم من اخترع لنا هذه العلاقات، من اليوم أن سمينا فيه العام الذي انتصر فيه باطل معاوية على حق علي بـ(عام الجماعة)؟.
أيها الناس، إننا بالفعل نحتاج إلى إعادة نظر في الماضي، وإعادة قراءة للحاضر. وذلك لأن الكيفية التي نصوغ بها الماضي، أو نمثله، تصوغ فهمنا للحاضر، ووجهات نظرنا فيه، كما يقول إدوارد سعيد بحق. فنحن لن نفهم كيف استبدت بنا هذه التفسيرات النصية، المؤسسة للطغيان، دون التمعن في تاريخ تأسيس مذهب أهل السنة والجماعة.
فلننظر فيما هو واقع الآن، لنرى كيف استبد النص بالواقع، وسلبه القدرة على الحركة الفاعلة.
العالم العربي ينتظر من الفلسطينيين الآن أن يدافعوا عن شرفه، الذي انتهكته الصهيونية. العالم العربي ينتظر من الفلسطينيين الآن أن يهزموا الآلة العسكرية، التي هزمت جيوشهم مجتمعة. العالم العربي ينتظر من الفلسطينيين الآن أن يحرروا الوطن، الذي لم يملكوه يوماً: فمن المعلوم من التاريخ بالضرورة، أن من أُخذت منه فلسطين كان هو النظام العربي، والجيوش العربية، لا سكان فلسطين العزل. ومع ذلك، فماذا نرى الآن؟.
الفلسطينيون يحاصرون. والذي يحاصرهم بقرار أمريكي هو الحكام العرب. ولا داعي لأن يقفز لي أحدهم ليقول لي إنهم لا يستطيعون تحدي الحصار، لأن هذا إذا كان صحيحا في حق حاكم خائف على كرسيه، فهو غير صحيح في حسابات شعوب ترشو ضمائرها ببعض المساعدات الصغيرة، بدلا من الثورة على هؤلاء الحكام المرتهنين لعروشهم.
كيف تطلبون من الفلسطينيين الصمود، والموت اليومي، وأنتم غير مؤهلين لدعمهم، الذي لا يكون إلا بتحرير إرادتكم الوطنية؟. فهل يدافع الفلسطينيون إلا عن مسرى نبيكم؟. أم باتت القدس مسرى نبي الفلسطينيين وحدهم؟. لقد اختار الفلسطينيون الرباط، فهل اخترتم أن تخلفوهم في عيالهم بالحصار، ومجاملة صانعي الصواريخ التي تقتلهم؟. ثم ها أنتم هؤلاء تمنحون كل من اضطر من الفلسطينيين إلى التفاوض ـ لكسر بعض شوكة عدو استفرد بهم ـ الاحتقار والتشويه، باعتباره مفرطاً. وكأنكم أنتم الذين لا تنامون من كثرة ما تدافعون عن فلسطين!.
هل كان صعبا على النظام العربي أن يمول كل بيت فلسطيني (بطريق مباشر حتى لا يقال بأنهم يدفعون لمن يسرق) بما يكفل له العيش الكريم والتفرغ للجهاد؟. وكم هي عدد البيوت الفلسطينية كلها، حتى ينوء بحملها النظام العربي، بدلاً من كل هذا الترف غير المنتج؟. هل كانت أمريكا ستخلع الحكام العرب، فيما لو قرروا أن يكسروا حصار أمريكا، على شعب مارس حريته في انتخابات طالبت بها؟. ثم ماذا لو فعلت أمريكا ذلك، هل يساوي عرش الحاكم كل هذا الذل، لكل العرب والمسلمين؟. إنه لعرش لا دين له إذن، ولا يستحق إلا الثورة عليه، لو كان هناك شعب حي وراءه.
إن كل هذه العلاقات التاريخية، التي تبرر الخنوع والذل واستجداء الحرية من الحاكم، هي علاقات أنتجها مذهب أهل السنة والجماعة بجدارة، حتى لقد بات واضحا أن كل من يدعو إلى غير ذلك، إنما هو مجرد شخص لا ينتمي لهذه الطائفة. يا سلام.. وهل مما يشرف كثيرا أن يكون المرء منتميا إلى طائفة تُغزى ولا تغزو، وتُنتهك حرماتها ولا تثور، ثم تجد لها مبررا دينيا لكل هذا الخور وضعف العزيمة؟.
لقد تحول انتماؤنا المذهبي، لحزب أهل السنة بمفاهيمه البالية، إلى وثن فعلي. وتحول خدام هذا الوثن ـ من علماء الدين، الرسميين، والمتبعين، ورافضي إعادة قراءة التاريخ والواقع، بأعين جديدة ـ إلى سدنة متكسبين، ينتظرون دعوة الحاكم، ليستفتيهم في كيفية حف الشارب، وفي رأي ابن عمر في الطول الأمثل للحية... أما القدس، فلها الله والفلسطينيون، الذين لا مانع من حصارهم، ما دام الحكام يرون المصلحة في ذلك.
إن هناك حاجة ماسة لإعادة النظر في طريقة تدين أهل السنة، وفي أدوات الممارسة الدينية ذاتها، كما هي حاجتنا إلى إعادة قراءة الماضي، لنتمكن من اكتشاف العيوب وتجنبها. فدين الله حق كله. ولكن من هو هذا الذي يرى تديننا ثم يقول بأن هذا هو الإسلام؟.
الإسلام نور لا يدع ظلمة إلا انتهك أستارها. فإذا رأيت ظلما سائدا، يلوك آيات الله بالباطل، فاعلم أن الإسلام مر من هنا، ثم غادر سريعاً.
الإسلام ثورة الظلم على الباطل. فإذا رأيت خنوعا ذليلا خاشعا، يتخفى وراء صلوات وتسابيح، فاعلم أن الإسلام لم يمر من هنا أصلاً.
الإسلام حرية العقل ونور العلم. وحيثما رأيت جهلاً وتخلفاً، ورغبة عن التفكير واستكشاف الكون، فأيقن أن ما تراه هو شيء آخر، ربما كان ذات يوم إسلاما، فمات.
الإسلام كلمة الله لهذه الأرض العطشى. فلماذا تموت أرض الله، ثم يقال لنا بأن المطر قد نزل عليها؟. ألا يحق لنا حينئذ أن نطالب بفحص هذا (المطر) في المختبرات، فلربما نكتشف أنه مطر حمضي من عند السدنة إياهم؟.



#خضر_محجز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نسغ الحرية: لذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية
- البول أيها الأخوة البول:هذا بعض ما نسمع يوم الجمعة
- تغييب الوعي وتسريد التاريخ
- في الوعي والميتافيزيقا
- على أُوْنَهْ.. على دُوِّيْهْ
- الأطفال لا يموتون
- الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين
- سلطة الديماغوجيا.. ديماغوجيا السلطة
- الشوط الرابع* لأحمد حسين: (دراسة في علاقات القوة)
- الوقائع الحقيقية هي التي تجعل النصوص أمراً ممكناً
- كل عام وأنت بخير يا غزة
- دعاء رمضان: يا إلهي، من كان قادرا على صناعة هذه المخلوقات (ا ...
- ما بعد الحداثة: الثقافة، الهوية، التفسير
- أنا بالله، وبالله أنا... يخلق الخلق، وأفنيهم أنا
- ثغثغة عمر حمش في (سيف عنترة)*
- لماذا أضعنا الفرصة - دراسة في المضمر الثقافي العربي: بداية ل ...
- حوارية الأصوات في (خيط القمر) لعمر حمش(*)
- النزعة النصية في القديم والحديث
- فصل فيما لم يقله ابن خلدون في وصول النهابة والحمير إلى أبواب ...
- فصل في جواز قتل المؤمنين بشروط


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خضر محجز - هل باتت القدس مسرى نبي الفلسطينيين وحدهم؟.