|
لا لحق العودة..نعم للتعويض واعادة التوطين
أمين مطر
الحوار المتمدن-العدد: 2164 - 2008 / 1 / 18 - 01:15
المحور:
القضية الفلسطينية
ستون عاما مرت تقريبا منذ ذلك اليوم الذي نُكب به الشعب الفلسطيني نكبته الكبرى والتي أدت الى تهجير مئات الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني ليعانوا من التشرد وما يستتبع ذلك من فقر وحرمان وقهر أضاف الى مرارته وقساوته ما حل بهذا الشعب على أيدي اخوته ومضيفيه العرب، حتى بات من المعلوم ان اعداد الذين قتلوا من الفلسطينيين بأيادي عربية هو ضعفي الذين قتلوا من الفلسطينيين على أيدي المحتل الإسرائيلي.
عقب عملية التهجير الكبرى تلك صدر القرار 194 عن هيئة الامم المتحدة والذي طالب حينها بالعمل سريعا على عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وتعويض من لا يرغب بالعودة، والعمل على اغاثتهم مؤقتا ريثما يعودوا الى ديارهم، أملا من المجتمع الدولي ان العودة ستكون قريبة، ولكن مضت السنوات سريعا وتغيرت امور كثيرة أهمها هو توافد اعداد كبيرة من اليهود الى الاراضي الفلسطينية وسيطرتهم على بيوت واراضي الفلسطينيين بحيث لم يعد هناك مكان يعود اليه الفلسطيني فيما لو كانت عودته متاحة أصلا.
تشكلت خلال تلك السنوات آلاف اللجان التي تطالب بالتأكيدعلى حق العودة، وأغلب تلك اللجان ولدت في فنادق الخمس نجوم أو في المنافي الاوروبية، فلا تشعر الأولى بحياة الضنك والحرمان والقهر الذي يعاني منها اللاجئ الحقيقي القابع بائسا في مخيمه، ولا تشعر تلك اللجان والقائمون عليها في المنفى الاوروبي وجميعهم يحملون جوازات سفر الدول التي استقروا بها بحالة اللاجئ الذي لم يعد يعرف حقيقة من هو وماهي هويته.
المفارقة العجيبة هنا ان اللاجئين الفلسطينيين ونتيجة لمعاناتهم في الدول العربية المحيطة التي استقروا بها عقب النكبة، عملوا كل مايمكن من اجل الخلاص من هذا الوضع وايجاد طريق خلاص يتمثل بالبحث عن مكان في بلد اوروبي او امريكي او غير ذلك من البلدان التي تحترم الانسان فضلا عن وضعها الاقتصادي الممتاز، لكن ما ان يتمكن هذا الفلسطيني من الوصول الى تلك البلدان والحصول على جنسيته حتى يبدأ بالمطالبة بحق العودة وهذا فعلا هو حال مركز العودة الفلسطيني والقائمون عليه والذين يحضرون مؤتمراته ويروجون لأطروحاته..الأغرب من ذلك ان هؤلاء وكل من يصل الى بلد غربي يبدأ بالصراخ مطالبا هؤلاء القابعون في مخيمات البؤس بالصمود والتشبث حتى العودة الى الديار الأصلية.
يثور هؤلاء كل مرة على كل من ينظر الى الواقع ومتغيراته، وعلى كل من يطالب بحلول واقعية لمشكلة اللاجئين، لان قضية اللاجئ أصبحت البقرة الحلوب التي يعتاشون على حليبها طوال تلك السنين وان لم يكن للموضوع جانب مادي فله جانب آخر يتمثل بالألقاب الكبيرة التي ألصقت زورا بهؤلاء فهذا رئيس مركز وذاك أمين لجنة وثالث رئيس هيئة وكثير من تلك الألقاب تشكل مفتاح سحري لاصحابها للتحرك كيفما كان وطلب الاموال من الشعوب والحكومات وكله باسم اللاجئ المنكوب الذي لا يعرف شيئا مما يحصل.
ثار هؤلاء قبل أيام على الرئيس الامريكي جورج بوش عندما طرح مسألة دفع تعويضات لحل مشكلة اللاجئين، وثار هؤلاء سابقا على وثيقة جنيف وعلى من وقعها من الجانب الفلسطيني، وكان لهؤلاء تأثير واضح على الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات منعه من توقيع على اتفاقية سلام عام 1999 كان من الممكن لها ان تنهي معاناة هذا الشعب الطويلة، وتلك الاتفاقية افضل كثيرا مما يفاوض عليه ويطالب به الفلسطينيون الان وخاصة فيما يتعلق باستعداد الجانب الاسرائيلي انذاك الموافقة على عودة عشرات الالاف من الفلسطينيين الى قراهم الاصلية ضمن اطار لم الشمل.
كثير من المنظمات الفلسطينية او بالاحرى الدكاكين كما يسميها اللاجئ الفلسطيني والتي لا يتجاوز اعداد عناصر البعض منها المائة شخص وهؤلاء المائة هم من اقارب الامين العام وابناء عمومته اضافة الى زوجته ومحظياته واولاده، كثير من تلك الدكاكين كانت ومازالت ورقة المطالبة بحق العودة تمثل لها نسغ الحياة الوحيد التي لولاها لاندثرت منذ نشأتها، أو ماكان لها أن تُولد اساسا.
ان اللاجئين الفلسطينيين الان وغالبيتهم العظمى من الذين ولدوا خارج فلسطين، لم يعد يفكرون اطلاقا بشيء اسمه حق العودة وهمهم الوحيد هو البحث عن مكان وهوية بعيدا عن القتل والقمع والظلم والحرمان والاحساس الدائم بانعدام الهوية، وهو ما شاهدناه في تجربة الفلسطينيين العراقيين سواء الذين تمركزوا على الحدود المجاورة او من استطاع الوصول منهم الى البلدان الاسيوية حيث تقدم المئات منهم في الهند وتايلند بطلبات الحماية الى مراكز الامم المتحدة وقد حصلوا على موافقة جماعية في تايلند بانتظار اعادة توطينهم قريبا وهو ما ينتظره الان اللاجئون على احر من الجمر.
ان تجربة فلسطينيو العراق تقدم لنا تصورا واضحا جدا بأن الفلسطيني وليس نقصا في مستوى وطنيته وانما لانه هو من يعيش الواقع بات يدرك تماما انه لا مجال لعودة اكثر من اربعة ملايين فلسطيني الى وطن وديار لم يعد لها وجود وان الحل الواقعي الامثل للخلاص من معاناته هو العمل باتجاه الضغط على العالم من اجل دفع تعويضات له والعمل على اعادة توطينه في بلدان ثالثة بعيدا عن صحراوات القمع العربية.
وعليه فمن يريد المطالبة بحق العودة ومواصلة الاتجار به ان يكون جاهزا للدعوة الى استفتاء عام يشمل فقط اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية المجاورة..استفتاء يُسأل فيه الفلسطيني سؤالا واضحا جدا من نوعية هل تريد الانتظار لتعود الى فلسطين ام تريد التعويض المادي واعادة التوطين في بلد ثالث وسنرى ذات النتيجة التي آل اليها حال اللاجئين العراقيين الذين استبدلوا وطنا لم يعد موجودا باعادة توطين فقط وبدون ان يحصلوا حتى على التعويض.
#أمين_مطر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-لا يتبع قوانين السجن ويحاول التلاعب بالشهود-.. إليكم ما نعر
...
-
نظام روما: حين سعى العالم لمحكمة دولية تُحاسب مجرمي الحروب
-
لأول مرة منذ 13 عامًا.. قبرص تحقق قفزة تاريخية في التصنيف ا
...
-
أمطار غزيرة تضرب شمال كاليفورنيا مسببة فيضانات وانزلاقات أرض
...
-
عملية مركّبة للقسام في رفح والاحتلال ينذر بإخلاء مناطق بحي ا
...
-
إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
-
حزب إنصاف يستعد لمظاهرات بإسلام آباد والحكومة تغلق الطرق
-
من هو الحاخام الذي اختفى في الإمارات.. وحقائق عن -حباد-
-
بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
-
اختتام أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|