أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حمزة الحسن - ذهنية السنجاب المحاصر















المزيد.....

ذهنية السنجاب المحاصر


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 670 - 2003 / 12 / 2 - 02:34
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


كثيرون يحلمون على أبواب راس السنة وعيد ميلاد المسيح  ببدايات جديدة وهذا حق، فلا حدود للحلم البشري ومن حق أي إنسان أن يحلم حلما شخصيا في أن يكون ما يشاء: هناك من يحلم بتغيير العالم، وهناك من يحلم بتغيير منزله، أو تغيير قميصه، بل هناك من يحلم بتغيير حزبه أو زوجته وحتى لون عينيه، أو حقه في مواصلة الحياة أو في التوقف عن العمل أو الكتابة .

مقياس آدمية الآخر في احترامه للحلم الشخصي والفردي للآخرين، أما إذا وصلت مساحات الفضول إلى أحلام الآخرين الفردية فهذا يعني أعلى درجات الانحطاط البشري التي لا تنفع معها كل مقالات الأرض وكل حروبها وكل فلسفاتها بل كل حرائقها. والحل الوحيد والأوحد لهذا النوع من  الموت( موت الحساسية) هو أن تستدير كما في محطة قطار وتعطي ظهرك.

من حق أي إنسان أن يبدأ من  النقطة التي يحب ويريد ويرغب ويشتهي دون تصريح أو تدخل أو اعتراض من احد وعلينا أن نحترم أحلام الآخر، غير الشبيه، المختلف، الفردية، أو في الأقل أحلامه البدائية( وليست السياسية لأن هذا صعب جدا على بعض النماذج!) وهذه الأحلام تشمل الحق في السكن وفي الزواج وفي الإنجاب وفي العقيدة وفي الرأي وفي الكتابة وفي التوقف وفي نوع الطعام ونوع الصديق ونوع المكان الذي يسكن ونوع الدواء الذي يعالج به ونوع الطبيب ونوع المقبرة واسم  الدفان وأسم المجلة أو الجريدة التي يكتب أو لا يكتب، يعمل أو لا يعمل، يحب أو لا يحب....الخ... كما يفعل باقي خلق الله في هذا العالم المتمدن والمتوحش معا.

وهناك حقوق كثيرة شرعتها الدساتير والأديان منها حق التفكير، وحق الحياة، وحق المعتقد، والحقوق الاقتصادية والسياسية والدينية والحماية من التعذيب وحق الفرد في حماية سمعته وعرضه من منتهكي أعراض الناس على وسائل الأعلام وفي غيرها( كما حددها البيان الإسلامي العالمي لحقوق الإنسان،  في مقر اليونسكو بباريس سنة 81) والحق في العدل والمحاكمة وفي الصمت وفي الكلام وفي النوم وفي الشخير وفي البراز وفي السفر  وحماية الملكية والحق في حماية خصوصياته.. الخ  الحقوق الطبيعية والمكتسبة.

لكن ماذا نفعل إذا كان هناك من لا يزال حتى في هذه الحرائق والموت والحروب والتجارب من يعتبر حتى الخصوصيات الفردية هي في مستوى الجرائم مع أن شعوب العالم المتحضر أوغلت في الحقوق الفردية حتى وصل الأمر إلى الحق الشخصي في سلب الحياة الخاصة أو الحق في الانتحار وفي تأسيس مطبوعات من داخل المنزل وحتى محطات إذاعية أو تلفزيونية تصدر من مؤسسات وصيدليات محلية أو من كنائس أو حتى من أسواق شخصية.

إن كثيرا من كتاب النرويج، مثلا، يسكنون في جزر خلابة ومشعة على حافات البحيرات التي تلمع من داخلها تلك الصخور المشعة بالماء والضوء والسر أو في غابات منعزلة متوحدة مدهشة مع الغزلان والايائل والطيور المدهشة.

 ومن بين هؤلاء الشاعر الغنائي النرويجي الأشهر هوفارد ريم وله مجموعة( بلاد المشنقة) مترجمة إلى اللغة العربية والذي قضى عاما كاملا منعزلا في إحدى جزر البحر الأبيض المتوسط، ثم  قضى عامين في  غابة أو حقل منعزل، وكذلك الروائي الصديق  بيورن يانسون( واسمه المستعار بيتر بريست!) الذي عاش إلى جوار بيتي مع أسرته أكثر من 6 سنوات ثم رحل نحو مزيد من العزلة( رغم كل هذا الصمت المدهش يقول أنه منزعج من ضوضاء الشارع الذي تمر به كل ساعة سيارة على مهل!) وكثيرون غيرهم يعيشون في غابات وعلى سفوح جبال وعلى حافة خلجان ساحرة مثيرة مفعمة بالنور والحب والأمل والوضوح ولكن لا يخطر ببال أي مواطن هنا أن يشير إلى هذه الخصوصية المقدسة بحكم القانون وبحكم العرف الأخلاقي.

وحين كنت اعرض بعض المقالات بقلم أنصاف كتبة وأنصاف بشر وأنصاف ثعالب حول( قضية) سكني في هذه المنطقة المثيرة والجميلة، كان بيورن يانسون يرفع عينيه الجاحظتين بفزع ودهشة: هل هؤلاء كتاب؟! إذن كيف يفكر مواطنكم العادي؟!  
أرد عليه في منتهى الصدق: مواطننا العادي لا يكترث لذلك وهو أكثر تهذيبا!

إن القارئ العراقي لم يعد قارئ الخمسينات أو الثمانينات أو حتى التسعينات: هو اليوم في الداخل أو في الخارج يتعامل مع آلاف الصحف عبر شبكة الانترنت، وعنده مئات البدائل الإعلامية وآلاف المواقع في كل الحقول والفنون والآداب والعلوم. ولم تعد الصحيفة(المركزية)للحزب أو للسلطة تتحكم به، كما لم يعد أسير معلومات المنشور الحزبي السري، أو الافتتاحية التي كانت مصدر المعرفة( الحزبية) الوحيد.

طبعا لا يزال هناك  هنا وهناك من لا يزال يتعامل مع الجمهور بنفس ذهنية أيام زمان ويواصل بيع الماء في حارة (السقايين) على الجمهور بذات العقلية وذات الأسلوب، على الرغم من صنع واجهة متقنة للصحيفة أو المحطة أو الموقع كوضع صور لرجال  شرفاء محترمين أو نساء محترمات في الواجهة الأمامية وخلف الواجهة يجري انتهاك علني مفتوح يشبه حفلة تعرية عفنة لأعراض الناس في احتفال وحشي، وتلذذ مرضي، بحجة حرية التعبير.

ومرة سئلت لماذا تصر بعض هذه المنابر على وضع صور لأناس محترمين ثم تمارس كل هذا السلوك الهابط والمخزي خلفه، فكان جوابي الوحيد هو أن الأمر يشبه أن يضع صاحب ماخور صورا لأولياء صالحين على الباب الأمامي لتغطية الحفل الداعر خلف الأبواب.
 
القارئ اليوم( نحن نتحدث عن قارئ مبدع وذكي) يقرأ خلف السطور وهو ليس عاديا بل من القراء من تصل عنده درجة القراءة إلى مستوى الكتابة الإبداعية، وهو لم يعد قارئا سهلا أو ساذجا يقرأ بلا فحص أو شك أو مساءلة بل أن الخبرة والمعاشرة والمعرفة والألم والتجارب علمته أن يحترس كثيرا وهو يقرأ بدقة واحتراس لأن ليس كل ما يكتب  يهدف إلى غرض معرفي بل هناك أغراض كثيرة قد تكون الحقيقة والمعرفة والمنفعة هي آخر ما يخطر ببال فرسانها.

اليوم لم تعد هذه المحطات والصحف والمواقع وحيدة في الساحة بل هناك بدائل للقارئ والكاتب لا حصر لها وهناك منافسة. والمنبر الإعلامي، مثل شرف الإنسان، مصنوع من الزجاج الرقيق جدا، تسقط هيبته مرة واحدة ويهمل بدون رجعة خاصة ونحن ننفتح اليوم على قراء الداخل وهم جمهور واسع من النخب الثقافية والسياسية ومن الأكاديميين والطلاب ومن  الكتاب أيضا.

أما حالة( السنجاب المحاصر) في قفص وهو تعبير عالم النفس الفرنسي الشهير بيير داكو عن المحبوسين داخل جلودهم، فهي حالة لا شفاء لها على الإطلاق إلا بعلاج طويل ربما: أنها نوع من( الحصر) النفسي، والاجترار العصبي، والتصدع الداخلي للشخصية الذي يحاول ترميم واجهة متداعية على حساب (شيطنة الآخر) وهي نوع مؤلم ومثير للشفقة من الأفكار الثابتة التي لا يقوى على مغادرتها هذا السنجاب لأنه أسيرها وسجينها ولا يغادرها حتى يعود إلى نفس الموضوعات فهي بالنسبة له تشكل نوعا من ( الأمن الداخلي) نتيجة الخوف وتآكل سري رهيب  في الشخصية لذلك فهو في حالة دوران داخل القفص( المواضيع) ولا خلاص ولا منقذ ولا من يرى هذا التداعي.

نحن على أبواب عام جديد وهو عام البدايات: نانسي عجرم  ستقيم حفلة رأس السنة في مجمع البيال ومربع الاوسكار بالاس في منطقة جنويه، وموقع( كتابات) شرع في بداية جديدة نتمنى لها النجاح والتوفيق ولكل المنابر الأخرى، وبدأت أسمع أرغن الكنيسة المجاورة يعزف كتمرين تمهيدا لميلاد المسيح.

أما أنا حقيقة مبهور بخبر قرأته اليوم في أماكن كثيرة عن الألماني الذي إلتهم قضيب صديقه بعد قتله حسب الاتفاق بينهما.

ومنذ الصباح وأنا أنقاش بيني وبين نفسي: هل ستحل المشكلة لو أرسلته له عبر البريد وقد كُتب على الغلاف كل عـيــ ..... وأنت بخير يا حبيبي؟!!  



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يختزل الوطن بمسميات
- رائحة الوحش
- محمد شكري وعشاء الثعالب الأخير
- الزعيم الغائب
- زمن الأخطاء الجميلة
- السياسة والشعوذة
- الكلب الأرقط النابح على العالم
- محاربو الغسق والشفق
- السياسي العراقي من الخازوق إلى المسمار
- حنين إلى حفلة
- مغني الفيدرالية
- لصوص الأزمنة الاربعة3
- العراق نحو الهاوية
- لصوص الأزمنة الأربعة1 &2
- غيمة في بنطلون مبقع
- جنازة رجل شهم!
- علاء اللامي وبئر يوسف
- سليم مطر وردة لك وأخرى عليك!
- من يؤجج هذه الروح الكريهة؟
- دعوا زهور الخراب تتفتح


المزيد.....




- -نمر بأوقات خطيرة-.. مبعوث بايدن يحذر من التوترات الحدودية ب ...
- عميل للخدمة السرية يتعرض للسرقة تحت تهديد السلاح خلال زيارة ...
- أكثر من 20 عضوا في حلف الناتو تحقق هدف الإنفاق الدفاعي
- منتدى DW: الإعلام يكافح من أجل المصداقية في أوقات عصيبة
- حدث فلكي يقع مرة واحدة في العمر.. كيف تشاهد ”انفجار نوفا-؟
- نظرة من الغرب إلى زيارة بوتين المرتقبة لكوريا الشمالية
- وزارة الدفاع البولندية تؤكد إجراء تحقيق في انتهاكات عمل لجنة ...
- صحيفة: الشرطة الفرنسية تستعد لاضطرابات بسبب الانتخابات البرل ...
- مسؤول عسكري إسرائيلي: نجحنا في إبعاد خطر اجتياح -حزب الله- ل ...
- نائب رئيس بلدية القدس يدعو للتوقف عن جمع نفايات قنصلية فرنسا ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حمزة الحسن - ذهنية السنجاب المحاصر