عتيقة سمراح في حوار مع «كفاح نقابي»:عرقلة مخطط تدمير قطاع البريد أمر ممكن إن استثمرث النقابات طاقتها

التوجه النقابي الديمقراطي الكفاحي

الحوار المتمدن-العدد: 2162 - 2008 / 1 / 16 - 11:11
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

«كفاح نقابي»: يجري التحضير لتحويل بريد المغرب من مؤسسة عمومية إلى شركة مجهولة الاسم إعدادا لخصصته، أين وصل هذا المخطط الحكومي؟

عتيقة سمراح: إن الحديث عن خوصصة بريد المغرب في المرحلة الراهنة سابق لأوانه وقد يستغرق ذلك وقتا طويلا نظرا للتعقيد الذي يتميز به مسلسل تأهيل و إعداد مؤسسات عمومية للتفويت للقطاع الخاص من جهة و خصوصية قطاع البريد كمرفق عمومي حيوي و آلية أساسية من آليات عمل الدولة اقتصاديا و اجتماعيا و كذلك تباين تجارب الخصخصة ما بين النجاح و الفشل نموذجي فرنسا و ألمانيا و اليابان التي لم تستطع الحكومة تنفيذ الخوصصة نظرا للأهمية الإستراتيجية للبريد الياباني، لكن في المغرب التحضير لهذا الإجراء يتم على قدم و ساق و الدولة في المرحلة لم تعبر صراحة عن ذلك و لكن عندما نقرأ عقد البرنامج الإطار(2006-2008) الموقع بين الدولة و المؤسسة يتضح بجلاء النية المبيتة للدولة لتفويت مستقبلا هذا القطاع وذلك من خلال ثلاث إجراءات حيوية *1*هيكلة تنظيمية جديدة تتوافق و متطلبات السوق*2*مرونة تسيير الموارد البشرية من خلال المشروع الجديد الذي تم الاتفاق المبدئي لمناقشته مع النقابات مطلع 2008 و المصادقة عليه ستفضي في غضون نفس السنة إلى الإعلان عن الشركة المجهولة الاسم برأسمال عمومي على أن تستمر هذه المرحلة الانتقالية الجديدة أربع أو خمس سنوات تكون فيها الشروط القانونية و الاقتصادية قد نضجت لخصخصة المؤسسة بعد فتح رأسمالها للعموم و الخواص لكن هده الأجندة الافتراضية قابلة للعرقلة إن اسثثمرث النقابات طاقتها بالشكل الصحيح.

«كفاح نقابي»: إذا ما تمكنت الدولة من تمرير مخططها، ما هي الانعكاسات التي تتوقعونها على القطاع كخدمة عمومية وعلى أوضاع الشغيلة البريدية؟

عتيقة سمراح: أولا لابد أن أذكر بمسلمة أساسية وهي إن الخوصصة إجراء سياسي الهدف منه الاجهازعلى الخدمات العمومية الموجهة بالأساس إلى أكثر من 80 في المائة من المواطنين الذين يشكلون الفئات الكادحة و المعوزة فبعد الإجهاز على الحق في الصحة و التعليم العمومي يتأتى الدور الان على الخدمات التي يوفرها قطاع البريد من تحويلات مالية و إرساليات و ادخار و..... والفئة العريضة من مستعملي المرفق العام البريدي هي من الطبقة العاملة المغربية لكل تشكيلاتها، المتقاعدون، التجار الصغار، الحرفيون و أصحاب الادخار الصغير و عموما الفئات المرتبطة بالقطاع الغير المهيكل و التي رفضتها الابناك في مرحلة سابقة كزبائن لها والبريد الان يسير نحو تبني نفس النهج بالإقصاء التدريجي لهذه الفئات في أفق التخلص منها لتوفير أجواء استقبال الزبناء ذوي الانتماءات الاجتماعية المتميزة و الرساميل الكبيرة الكفيلة بتحقيق رقم المعاملات التي سيسمح للمؤسسة بدخول سوق المنافسة البنكية مستقبلا بالإضافة إلى الارتفاع الذي يمكن إن تعرفها إثمان الخدمات مستقبلا، ففي سنة 2007 ثمن الطابع البريدي ارتفع من 2.5 إلي 3.25 درهم وسعر التحويل المالي ارتفع من 27درهم إلى 30 درهم و اذا ما سُير هدا المرفق بمنطق السوق فان كافة أسعار الخدمات قابلة للارتفاع و يوم بعد يوم سينخفض عدد المستفيدين من هذا المرفق، و تجربة الصحة و التعليم واضحة و لكن أتمني أن تكون مقاومة خوصصة هدا المرفق أكثر تنظيما مع ضرورة تكثيف المقاومة للإجراءات الهادفة للقضاء على المدرسة و الصحة العمومية و…و فيما يخص أوضاع الشغيلة البريدية فلا يمكن إلا أن تزيد تدهورا فالمشروع الجديد المزمع مناقشته لن يفضي إلا إلى تكثيف الاستغلال و ذلك من خلال تبني منظور يربط ما بين الأجر و الإنتاجية بعلاقة رياضية غير متكافئة عبر توهيم البريدي بان أجره سيرتفع إن ارتفع معدل إنتاجه الفردي وبما إننا نتحدث من داخل علاقات إنتاجية رأسمالية فان الأجور لم و لن تعكس القيمة المضافة الحقيقية المنتجة و الهدف الأساسي من هذا المنظور الجديد لاستغلال الموارد البشرية هو تقليص الكثلة الاجرية بالتحكم في الأجور و الترقية و التوظيف و رفع معدل الاستغلال الفردي و تجديد الطاقات الإنتاجية و اللجوء المكثف إلى شركات المناولة و المتعاقدين و التي ستضعف الاستقرار الوظيفي مستقبلا في ظل ظروف عمل مزرية ماديا و نفسيا و الشعار الأساسي للمنظرين الجدد من داخل المؤسسة هو رقم معاملات ضخم و لا شيء غير دلك.

«كفاح نقابي»: تخوضون في النقابة الوطنية للبريد والمواصلات-كدش بتنسيق مع نقابات البريد بالاتحاد المغربي للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل مسلسلا نضاليا دفاعا عن القطاع وشغيلته، هلا حدثتينا عن حلقاته الرئيسية؟

عتيقة سمراح: الملف المطلبي للشغيلة البريدية متشعب و متجدد بطبيعته نظرا للتغيرات المتسارعة التي تعرفها المؤسسة و بالتالي من الطبيعي أن تخلق هذه التحولات مشاكل تترتب عليها مطالب نقابية و فيما يخص أهم حلقات نضال نقابات البريد يمكن الحديث عن انطلاقته الفعلية مع إضراب 28يونيو2007 بعد نقاش عميق أفضى إلى تأسيس أرضية تنسيق أولية التي خيض بها هذا الإضراب لتليه محطة إضراب 10اكتوبر 2007 و اللتان شهدتا نجاحا كبيرا و عموما فان الحقل الاجتماعي بالقطاع اتسم دائما بالتوتر واللاستقرار و الشغيلة متعطشة للنضال من اجل مطالبها.

«كفاح نقابي»: قررت النقابات الثلاث تعليق الإضراب الوطني يومي 19 20 دجنبر2007رغم إقرارها أن الحوار مع إدارة بريد المغرب لم يستجب لتطلعات الأسرة البريدية، ما تقييمك كمناضلة نقابية ديمقراطية لهذا التعليق؟

عتيقة سمراح: أنا اعتقد على أن بيان النقابات الثلاث الصادر بتاريخ 19/12/2007 أكثر تعبيرا عن المأزق الذي توجد فيه النقابات الثلاث حاليا فهي تقر بان النتائج ضعيفة ورغم دلك طبلت لهذا البرتوكول إعلاميا وهرولت إلى مقر الإدارة العامة للتوقيع علية؟؟ فالتوقيع كان توقيعا سياسيا الهدف منه الإيحاء بالاستقرار الاجتماعي للمؤسسة و انتهاء التوثر به لتوفير الأجواء الملائمة للمؤسسة لتمرير مخططاتها بدءا بالمشروع الجديد للموارد البشرية وكعضوة بلجنة الحوار التي عاشت أطوار نقاش هذا الاتفاق أؤكد على أن هناك نقاط أساسية من الملف المطلبي لازالت عالقة من قبيل الترقية الاستثنائية و إدماج حاملي الشواهد و حذف السلاليم الدنيا وتعويضات رؤساء المكاتب و المراجعة الشاملة للمنح و التعويضات.......و بالتالي فان الحديث عن توقيع اتفاق أمر سابق لأوانه، وإجهاض لطموح البريديين والمجالس الوطنية للنقابات الثلاث عرفت نقاشات حادة و بعض الانسحابات و تشبثت بإضراب 19-20 ورفضت البرتوكول ولكن الأمور ذهبت عكس الاتجاه العام وهناك ضغوط مورست من الدوائر العليا الحكومية والنقابية من اجل إنهاء الاحتقان الاجتماعي بالقطاع مشيا على نسق القطاعات الأخرى و البريد لايمكن أن يشكل الاستثناء في ظل الازمة العامة التي يعيشها العمل النقابي حاليا، لكن احترام إرادة القواعد تستوجب إرادة سياسية قوية غير متوفرة حاليا للأسف.

«كفاح نقابي»: ما تقييمك للتنسيق النقابي الثلاثي الحالي؟ وما مقترحاتك لتطويره وبناء ميزان قوى قادر على صد الهجوم الليبرالي على قطاع البريد؟

عتيقة سمراح: إن تجربة التنسيق الحالية بين نقابات القطاع تأتي بعد فشل تجربة سابقة لم تعمر طويلا لأسباب ذاتية و موضوعية تتحمل فيها النقابات الثلاث المسؤولية نظرا لاختلاف في التقديرات والانتماءات السياسية للقيادات النقابية والصراعات التنظيمية و بعد تجاوز النتائج السلبية للصراعات النقابية الطاحنة التي عرفتها سنة 2006 وبمبادرة من نقابتنا وجهنا نداءا للعمل النقابي المشترك الذي توج بلقاءات إعدادية أفرزت أرضية للتنسيق النقابي مبنية حول الموقف الرافض للخوصصة والهيكلة الجديدة وملف مطلبي متضمن في بيان إضراب 28/06/2007 ولكن لابد من الإشارة إلى إن هذه التجربة يجب عقلتنها و تقويميها فنتائج الحوار لا تعكس قوة التنسيق وابتعدت كثيرا على الملف المطلبي المتفق عليه و الأكثر من ذلك فان البيانات الأخيرة كانت ضعيفة من حيث الحمولة السياسية و تراجعات في المواقف أتمنى أن تكون تكتيكية و ليست إستراتيجية. والمجلس الوطني الأخير طالب بإعادة النظر في التنسيق النقابي و نحن بدورنا في المكتب الوطني كان لنا نقاش قوي حول المسار الذي يسلكه التنسيق و ضرورة الانسجام مع الأرضية التأسيسية له .

«كفاح نقابي»: في سياق إضعاف المقاومة النقابية ومن أجل تمرير مخطط تدمير القطاع تعرضت باعتبارك قائدة نقابة للتوقيف عن العمل والاعتقال، أين وصل مسلسل التضييق على نشاطك النقابي وعلى الحريات النقابية بالقطاع؟

عتيقة سمراح: أنا الان أواصل عملي بشكل عادي بالقنيطرة بعد أن صدر في حقي قرار التوبيخ في المجلس التأديبي أو مجلس محاكمة العمل النقابي الذي كشف عن تورط عناصر نقابية عميلة للإدارة في طبخ الملف وتلفيق التهم و بريد المغرب مؤسسة تاريخها مليء بالخروقات في مجال الحريات النقابية بعد الرفيق شرقة بمراكش الموقوف إلى حدود الآن كانت هناك حالات منها مجموعة الرفيق السباعي بطنجة تم حالة الخ جديرة من وجدة و انتهاءا بتوقيفي ب03/07/2007 فالمؤسسة وأمام اشتداد النضال تلجأ إلى أساليب القمع التي تنسجم و طبيعة البنية العامة وبالتالي فان احترام الحريات النقابية سيظل مطلبا دائما في القطاع و بالمناسبة لابد أن اشكر كل من ساندوني في محنتي من كنفدراليين و مناضلين يساريين و منظمات دولية ووطنية.

«كفاح نقابي»: أشرت في رسالة سابقة للمرأة البريدية إلى أنك بصدد إعداد ملف حول وضع المرأة بقطاع البريد، ما خلاصات هذا البحث؟ وما وضع ومهام النساء المناضلات من داخل النقابات؟

عتيقة سمراح: في الحقيقة لا يتعلق الأمر ببحث ميداني ولكن بمحاولات تجميع معطيات من خلال الواقع المعاش في مكان العمل و الزيارات الميدانية التي التقيت من خلالها بمجموعة من النساء البريديات التي عبرت عن مطالب متعددة و سجلت حرمانها من مجموعة من الحقوق والتي بينت عن وضعية خاصة من المعاناة الناتجة أساسا من اكراهات التوقيت المستمر نظرا لغياب بنيات من دور الأطفال و الحضانات وصعوبة التوفيق بين المهام المجتمعية التقليدية و ضغوطات العمل، تباين في احترام أوقات الرضاعة للأمهات ومن حيث التسهيلات فهناك صعوبات تحول دون استفادتهن من ذلك بالإضافة إلى غياب الاهتمام بالصحة الإنجابية فانعدام التعاقدات الطبية الخاصة بالنساء دليل واضح على ذلك، كما أن تخفيف أعباء العمل أثناء الحمل لا يتم احترامه إلا نادرا و الموزعات بالخصوص عانين من ذلك و المؤسسة لا تولي أهمية لتكوين المسئولين الإداريين في مجال الحقوق النسائية وقد واجهنا صعوبات في فرض احترام هذه الحقوق بالإضافة إن هناك ضعف في وصول المرأة البريدية لمراكز القرار و المسؤولية و تهميش واضح يمارس في حقها.

ومهام النساء المناضلات هي بالأساس نشر الوعي بالحقوق الخاصة بالمرأة و ضرورة حضور هذه المطالب على طاولة المفاوضات و ليس تهميشها و ذلك من خلال العمل علي تحمل المرأة للمسؤولية داخل الأجهزة التنفيذية للنقابات.

«كفاح نقابي»: كلمة أخيرة

عتيقة سمراح: لا بد من أن احيي الرفاق المشرفين على هذا الموقع الالكتروني الذي سيشكل قناة لبناء تصور نقابي قادر على ترسيخ الهوية الكفاحية للعمل النقابي المتأزم بالمغرب وفيما يخص قطاع البريد فاني أوجه نداء إلى القوى السياسية اليسارية التي لازالت تتبنى النضال الجماهيري إلي ضرورة العمل المشترك مع النقابات العاملة في القطاع من اجل تشكيل جبهة وطنية لمواجهة خوصصة بريد المغرب فليست النقابات وحدها من ستتحمل مسؤولية الدفاع عن هدا المرفق ضد الخوصصة.



عتيقة سمراح
http://www.kifah-nakabi.org/spip.php?article148

#التوجه_النقابي_الديمقراطي_الكفاحي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات