أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - شكري عبدالديم - ثمتلات الجسد عند الفتاة المعاقة جسديا:دراسة استطلاعية للمنتميات لجمعية الكرامة للمعاقين بالقنيطرة.ثحث اشراف الدكثور محمد دحمان















المزيد.....



ثمتلات الجسد عند الفتاة المعاقة جسديا:دراسة استطلاعية للمنتميات لجمعية الكرامة للمعاقين بالقنيطرة.ثحث اشراف الدكثور محمد دحمان


شكري عبدالديم

الحوار المتمدن-العدد: 2162 - 2008 / 1 / 16 - 10:40
المحور: حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة
    


تقديـم عـام:
ينتظم القول حول الجسد، كأفق معرفة سوسيو-انثرلولوجية، على مدارج سياق ذاتي وشمه الجسد كتجل للوجود المتعدد في معناه: من حيث الرغبة في التعدد الدلالي والتمرد ضد أكبال الاستبداد الناتج عن العرف المطلق norme الذي يلف الجسد في متواليات من المنع والتحريم، ليقدم على نحو طقوسي مريب.
إن الاهتمام بالجسد، احتفاء بالبعث عن التعدد المركب فيه: إنها الدلالة السوسيوثقافية وتحديدا من داخل مجال اشتغال ظلت جدوته تطل فينا إلى النفس الأخير من تتويج الجسد كرهان توافقي. فعبارة " المنتميات إلى جمعية الكرامة للمعاقين" صيغة أردناها ضامنة للتبوثق في ساحة الجمعوي بما هو هاجس يسكن الأعماق.
من داخل الفهم والتصورات الانثربولوجية للجسد " التي لم يقتصر موضوعها فقط على ما يخترعه الإنسان من ثقافات، وإنما شمل جسم الإنسان ذاته"1 ـ يقدم الجسد بمنزلة بناء رمزي، أي طبخة، تتحدد معالمها / مذاقها عبر ثوابل السوسيوثقافي السائدة من داخل إناء ما.
هذا الفهم سايرناه إجرائيا، عبر إنصات عميق ومكثف لعينة دالة، منحت مساحة للقول، منتظم على خلفية سؤال مركزي هو التالي:
-كيف تردك /تتمثل هذه العينة سؤال الجسد كتجربة متفردة، وفي اتساق ببعده الوظيفي؟
وبغية مقاربة إشكالية مركزية هامة كانت كما يلي:
-هل يمكن للفتاة المعاقة جسديا أن تتمثل جسدها الخاص بمعزل عن العلاقات التوسطية التي تنظم علاقتها بمحيطها، نحو الدين وآداب السلوك، واللغة والفن...؟.
-وهل لنوعية تمثلاتهن للجسد في اتساق بتجربة العمل الجمعوي علاقة ما بسؤال الاندماج؟
إشكالية تفرع عنها بعض فرضيات عمل ترجمت إجرائيا إلى أداة بحث مناسبة هي تقنية "المقابلة: للتحقق الميداني منها. فإلى جانب محورها الأول، والذي تم تخصيصه لجمع المتغيرات الخاصة بالمبحوثات، هم المحورين الثاني والثالث أسئلة موجهة بفرضيات هذه بعض منها:
-أفترض أن تمثل الفتاة المعاقة لجسدها الخاص محكوم متغيرات ترتبط بالوسط الذي تعيش فيه: المستوى التعليمي، مكان الإقامة، نوعية الإعاقة، المستوى الاجتماعي...
-لعل نوعية تمثلاتهن للجسد في ارتباط بتجربة العمل الجمعوي له إجابة ما على سؤال الاندماج الاجتماعي؟
من هذين المنطلقين: النظري والمنهجي، كان القصد معرفيا بدرجة أولى هو السعي إلى إقحام الرؤية السوسيو-أنثربولوجية، في مقاربة بعض من تقاطيع الجسد الاجتماعي الكلي، في ديناميته المحلية.
فاهتمامي بالجسد المعاق تحديدا، كان بهدف التمكن العلمي من معرفة رؤى وتمثلات هذه الفئة حول جسدها الخاص. وعلاقة هذه التمثلات بسؤال الاندماج في رحى المجتمع. وكذلك لقياس مدى إسهام المجتمع المدني بنوعية مقاربته المتميزة القائمة من حيث المبدأ على القرب ـ الإنصات ـ والتوسط ـ على دفع هذه الفئة إلى تبني مواقف إيجابية من الجسد أولا ومن الذات أخيرا للفعل في مقولات التنمية.
كل ذلك رمى إلى تعرية جزء من الواقع المسكوت عنه في النسق المجتمعي العام: انعه الجسد المعاق ناطقا بلسانه.

التحديد المنهجي للبحث:

1-الإشكالية:
تعتبر الإشكالية بمنزلة الإطار النظري الشخصي الذي يتحدد من خلاله سؤال الانطلاق، ويترتب بموجبه الجواب على السؤال ذاته، إنها الحلقة التي تتمفصل عندها كل من عملية القطيعة وعملية البناء، وعليه فقد جاءت إشكالية هذا البحث كالتالي:
-هل يمكن للفتاة المعاقة جسديا أن تتمثل جسدها الخاص بمعزل عن العلاقات التوسطية التي تنظم علاقتها بمحيطها نحو الدين، آداب السلوك، اللغة، الفن...الخ؟
وهل تتمثل جسدها الخاص باعتباره عائق إمام الاندماج في المجتمع؟ وهل يسهم الانتماء إلى مؤسسات المجتمع المدني في بلورة مواقف محددة من الجسد؟
2-فرضيات الدراسة:
-أتوقع أن أجد تمثل الفتاة المعاقة لجسدها الخاص مرتبط بجملة من المتغيرات من قبيل الدين، الأخلاق، آداب السلوك، اللغة، الفن، المستوى التعليمي...؟
-من المحتمل أن يسهم الانتماء إلى جمعية الكرامة للمعاقين بالغرب، في بلورة موقف إيجابي من الجسد؟
-ربما تتمثل الفتاة المعاقة جسدها الخاص، بوصفه عائق على الاندماج في المجتمع.
3-الأداة:
استندت في جمع المعطيات الميدانية المتصلة بموضوع البحث، على المنهج الكيفي وأساسا على تقنية "المقابلة الموجهة"، التي يعمد فيها الباحث إلى إعادة أسئلة محددة وتوجيهها بنفس الطريقة والترتيب إلى كافة أفراد عينة البحث، بحيث تكون بنية الأسئلة موحدة ومنظمة بشكل لا يدع أي مجال للتأويل1. وذلك لما لها من أهمية في دراسة الظواهر المجتمعية الأكثر حساسية ودلالة في حياة الأفراد والجماعات وفي الحصول على المعطيات الميدانية الأكثر مصداقية، ودقة، وعمقا ودلالة، على المستوى الشخصي والجماعي والثقافي والمؤسساتي2.
فإذا كان التوجه العام في حقل العلوم الاجتماعية يسند للمناهج الكمية، مصداقية أكبر من تلك التي يسندها للمناهج الكيفية، ويعتبرها أكثر دقة وعلمية منها، فإن ذلك لا يلغي مساهمة التحليل الكيفي في فهم أعمق للظواهر المدروسة والنفاذ إلى مجمل الحوافز والتمثلات والأطياف التي يتعذر الكشف عنها اعتمادا فقط على لغة الأرقام، وتحليل معاني الأشياء وخصائصها ورموزها عبر الاستعارات المعبرة عنها والأوصاف الكاشفة لطبيعتها3.
من تم كان لا بد لنا لمحاصرة موضوعنا، ميدانيا ومنهجيا، من استراتيجية تواصلية معمقة مع الفاعل الاجتماعي، لتمكينه من التعبير عن تصوراته وتمثلاته، بصدد جسده الخاص، لتبيان الجزئيات الناظمة للجسد لما هو بناء رمزي ثقافي محض.
4-العينة:
تم انتقاء عينة البحث، بطريقة عشوائية، من المعاقات جسديا، المتراوحة أعمارهن ما بين 15 سنة و45 سنة، والمنتميات إلى جمعية " الكرامة للمعاقين بالغرب" ويتكون العدد الإجمالي للعينة من: 20 حالة بالنظر إلى حجم رواد هذه الجمعية.

5-التحديد المجالي لعينة البحث:
تم اختيار عينة هذا البحث بمدينة القنيطرة، وتحديدا بجمعية " الكرامة للمعاقين بالغرب" الكائنة بـ الزنقة 4 رقم 2 إيراك ـ الساكنية.
وتهدف هذه الجمعية إلى:
-السهر على مصالح المعاقين بمختلف الشرائح وتكثيف الجهود لإدماجهم في الميدانين المهني والاجتماعي.
-العمل على الرفع من مستوى المعاق رياضيا، ثقافيا، اجتماعيا، وفنيا.
كما تدخل ضمن غاياتها:
-خلق بنية صلبة للمعاق تعطيه المناعة لتخطي الإعاقة والاندماج الكلي حسب القدرات في المجتمع ومشاركته الفعالة لتحسيس كل الفعاليات بإبداعاته ومواهبه رغبة في تفجير كل طاقاته بكرامة وتقدير الجميع ليعيش حياته بصفة عادية.
تتكون إدارة الجمعية من : المكتب المسير: جل أعضائه من الأشخاص المعاقين معززا بذوي الكفاءات العالية من أطباء ومهندسين ورجال أعمال وصيادلة ومحسنين وغيرهم.
وقد تم تأسيسها سنة 1994 بمقر دار الشباب رحال المسكيني.
الاطار النظري:
I-التحديد المفاهيمي:
سيتم ضمن هذا المحور التطرق إلى ثلاث مفاهيم أساسية وهي: التمثل، الجسد، الإعاقة.
1-مفهوم التمثل
أ- التحديد اللغوي:
يعرف ابن منظور1 مفهوم التمثل كما يلي:" من مثل الشيء أي صوره كأنه ينظر إليه وأتمثله أي أتصوره، مثلت له تمثيلا إذا صورت له مثاله بكتابة وغيرها، وتمثيل الشيء بالشيء يعني التشبيه".
ويرى " جميل صليبا "2 في معجمه الفلسفي، أن التمثيل والتمثل متقاربان، وهما معا يشتركان في أمرين: أحدهما صورة الشيء في الذهن والآخر قيام الشيء مقام الشيء.
ويحدد قاموس (le grand Larouse) مصطلح التمثل représentation) باعتباره حضور الشيء ومثوله أمام العين أو في الخيال بواسطة الرسم أو النحث أو اللغة أثناء الكلام. فـ (Balzac) قام يتمثل، أي باستحضاره المجتمع الفرنسي إبان فترة الإصلاح من خلال روايته، وبهذا المعنى يقول "جورج دورهاميل" إذا كان عدد أصدقائك ثلاثة وعشرين فإن لديك عنهم ثلاثة وعشرين تمثلا.
ب-مفهوم التمثل في السوسيولوجيا:
مما لا شك فيه، أن لمفهوم التمثل أهمية كبيرة في قيام عدد كبير من الأبحاث الاجتماعية المتميزة في حقل علم الاجتماع المعاصر.
وبغض النظر عن الاستعمال المبكر من طرف علماء الاجتماع لمفهوم التمثل فقد خص " إميل دوكايم" أهمية قصوى لمفهوم التمثل وكذا الدور الذي تعلبه التمثلات في تكوين الحياة الاجتماعية والعقائدية. حيث يرى دوركايم أنه لا يمكن فهم التمثلات الفردية دون فهم الأوضاع والمواقف والميولات والثقافة التي يستنبطها الأفراد والتي تحكم رؤيتهم إلى العالم وإلى أذواقهم كما تحكم أنماط تفكيرهم وأسلوب عيشهم وطرق أذواقهم والمعايير التي يعتمدونها في تصنيف مجالات الحياة، بحسب الأولويات، لدى فإن تمثلات الأفراد حسب " إميل دوركايم" تختلف باختلاف القيم الثقافية التي اكتسبوها من المجتمع وباختلاف استعداداتهم العقلية والوجدانية والجسدية، فالتمثلات تبعا لهذا المفهوم هي تصورات اجتماعية تتأسس في شكل قيم ومعايير للسلوك والتذوق والقول، بل يمكن اعتبارها تيارات رمزية تسيطر داخل مجتمع معين وتنظم ضمنها المواقف والسلوكات والأحكام بحيث تثمل صورة الماضي الجماعة، وتعكس رؤيتها ووعيها بشرط وجودها. يقول إميل دوركايم " إن التمثلات هي ذلك التدفق الدائم من صورة الحياة تدفع بعضها البعض كتدافع مجرى نهر دائم السيلان، ولا تبقى على حالها إنها تتغير بتغير الحياة الاجتماعية، وإذا كانت التمثلات شخصية فالمفاهيم لا شخصية ومن خلالها تتمكن العقول من التواصل " ونستشف من هذا القول أن للتمثلات دور أساسي في تشكيل الحياة الاجتماعية وكذا الذهنية للأفراد1 .
ج-مفهوم التمثل في السيكولوجيا:
يعد مفهوم التمثل من المفاهيم السيكولوجية الدقيقة التي ينتابها بعض الخلط وعدم الدقة في الاستعمال، فضلا عن اختلاطه بمفاهيم سيكولوجية أخرى كالصورة والإدراك والانفعال والرمز.
والظاهر أن الوظيفة الكبيرة التي يقوم بها هذا المفهوم هي التي أدت إلى تشعب معانيه، وامتدادها لتطال عقودا متعددة، وتتقاطع مع مفاهيم متنوعة فالتمثل كما يرى "نيكولا ديس" يعطي كل عمل في الجهاز النفسي عند الفرد وهو يتدخل حسب TAP تمثل الذات أو تمثل الآخر (الطلبة، الأساتذة..) أو عن تمثل الأشياء والموضوعات وحتى عن تمثل ما فوق الأشياء كالريح مثلا. ويعرف (Ficher) مفهوم التمثل: إما باستحضار مفهوم في غيابه وإما حينما يعيد التمثل فعل الإدراك في حضوره للإكمال ما ينقصه من معارف إدراكية بالرجوع إلى موضوعات أخرى غير مدركة حاليا1.
ويبدو أن ficher يستمد تصوره لمفهوم التمثل من مرجعية " بياجي" تلك التي تختزل التمثل في مفهوم الصورة الذهنية حيث ينظر إليها كاستحضار تصويري للموضوعات أو العلاقات (...) يترجمها في شكل ملموس بمثل درجة عالية من التصوير .
وتجدر الإشارة إلى نقطة أساسية، ذلك أم كل الدراسات التي تناولت مفهوم التمثل سواء بشكل عرضي أو تلك التي أفردت لهذا المفهوم بحثا خاصا به، بما فيها التي أدرجناها في هذا البحث، أو تلك التي لم يسعفنا الوقت للاطلاع عليها، كل هذه الدراسات تتفق حول اعتبار واحد على الأقل ويتمثل في كون مفهوم التمثل يشتغل عند حافتي الحقل السوسيولوجي والحقل السيكولوجي، الشيء الذي يجعل منه أحد المفاهيم الرئيسية داخل هذين الحقلين المعرفيين.
ويخضع مفهوم التمثل لتحليل حسب ثلاث أبعاد رئيسية:
1-يمثل الاتجاه الذي يعكس مدى قبول الموضوع أو رفضه (النزوع/النفور).
2-ذو نفحة معرفية، ويمثل مجموع المعارف المكتسبة بخصوص موضوع معين، هذه المعارف هي التي تمثل ما يدعى بالحس المشترك لدى كافة الأفراد.
3-ومجال التمثل ويحيل إلى فكرة نظام المحتوى، بحيث لا يمكن الحديث عن مجال إلا حينما تكون هناك وحدة معرفية قائمة وترتيب نسقي للعناصر ويعكس درجة واضحة في بناء الفكر1.
2-الجسد:
يجمع العديد من الباحثين على تعدد وتمايز دلالات الجسد ومعانيه، بتعدد زوايا النظر إليه، ذلك أنه مقولة صميمية طي سجلات مجموعة من المجالات العلمية والخطابية2 فالجسد كمركز للانثروبولجيا لا بد أن يصطبغ في تحديد المفاهيمي بمرجعيتها وأطرها النظرية ذات الأمر مع علوم الطب، السيميولوجيا التحليل النفسي الذي يدخل الجسد ضمن اهتماماتها.
فجسد التشريحيين يخالف جسد الفيزيولوجيين وعلماء الأحياء والجسد كما توصغه المؤسسة الطبية، والعلمية يغاير صياغة مؤسسات أخرى، سياسية أو إعلامية أو جمالية أو دينية أو رياضية. وكأن كل خطاب ينتج جسده ويمنحه تسميته وتقطيعا وبطاقة دلالية، حيث يغدو الجسد، أجسادا مفهومية يحيل كل منها على حقل إيحائي معين أو شكلا فارغا تتناوب العلوم على ملء بياضه حسب شروط التداول الخاص والعام، فتنتج معرفة أو معارف غير متجانسة تتوزع الجسد وتشذره إلى بقع ومناطق متباينة3. فالجسد في اللغة جسم الإنسان، ولا يقال لغير الإنسان جسد من خلق الأرض والجسد، البدن ونقول له منه تجسد، وكما نقول من الجسم: تجسم4 والجسم: كل ما له طول وعرض وعمق. وكل شيء يدرك من الإنسان والحيوان والنبات، وعند الفلاسفة كل جوهر مادي يشغل حيزا ويتميز بالثقل والامتداد، ويقابل الروح. وقد عرفه الجرجاني بأنه جوهر قابل للأبعاد الثالثة: الطول، العرض، العمق، جمع: أجسام وجسوم1 وفي التنزيل العزيز: " فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار " والمجسد:الثوب الملامس للجسد.
-الجسد: الماهية والحقيقة، يقول ابن منظور :"جسم الشيء حقيقته، أما اسمه فليس بحقيقة".
"الجسد جماعة البدن" ومجموع أعضائه التي يحافظ الكائن الحي من خلالها على مختلف وظائفه.
ودرس علماء الإنسان والاجتماع لعاقة الثقافة والمجتمع بجسد الإنسان ووجدوا أن معظم المجتمعات تشير إلى اليد اليسرى للإنسان على أنها رمزا للشر ولا خير فيها. (كمعتقد ديني أو اجتماعي) وأكدوا أيضا على أن جسد الإنسان لا يمثل جسدا بيولوجيا فحسب، بل هو بناء اجتماعي، ينتج عن ممارسات اجتماعية. 2 فالجسد لا يوجد إلا وهو مبني ثقافيا، من قبل الإنسان، إنه بناء رمزي وليس حقيقة في ذاتها. إنه نظرة موجهة للشخص من قبل المجتمعات البشرية التي تحدد معالم تخومه، دون أن تميزه في غالب الأحيان عن الإنسان الذي يجسده. ومن هنا منشأ المفارقة في المجتمعات التي لا وجود في نظرها أو في المجتمعات التي ترى أن الجسد حقيقة معقدة على نحو تتحدى فيه الفهم الغربي3.
3-الإعاقة:
في شرح مادة " عوق " يقول المعجم الوسيط: عاق عن الشيء أي منعه منه، وشغله عنه، فهو عائق ، والجمع عوق للعاقيل، ولغيره عوائق، وهي عائقة، وعوائق الدهر شواغله وأحداثه، وتعوق أي امتنع وتتبط1. والعوق أي الحبس والصرف والتثبيط كالتعويق والاعتياق، والرجل الذي لا خير عنده يعوق الناس عن الخير. عاقني عائق وعوائق الدهر: الشواغل من أحداثه، ورجل عيق، ذو تعويق . والإعاقة في المصباح المنير معناها: المنع والتثبيط. والعائقة مؤنث العائق، أي من يعيق عن العمل ورجلا عيق يعوق الناس عن الخير2. ويتفق مجمل المؤرخون على أن أصل الكلمة انجليزي: ويعني: اليد في القبعة أن الهانديكاب (بالمعنى الانجليزي الأصلي) كان المقصود بالضبط إتاحة فارق في الزمن أو المسافة أو الوزن بشكل يتيح لخيول السباق الضعيفة أو المتوسطة، إمكانية المساهمة في المسافات على قدم المساواة مع الخيول الممتازة المعروفة بقدراتها البدنية ومهراتها العالية، ومن تم سيطرتها على رأس الترتيب في حلبات التباري3 ويضيف عدنان الجزولي، أن لكلمة هانديكاب دلالتين متميزتين فهي من منطلق الجياد المتوسطة أو الضعيفة، تعني منح الامتياز لصالحها بعد إيقاع أو إحداث الهانديكاب على الخيول الممتازة. أما من منطق هذه الأخيرة فالأمر يتعلق بإعاقة أو عرقلة أو تعجيز مؤقت في الزمن، ينقص من تفوقها ويقلص من حظوظها المطلقة بتحويلها إلى حظوظ نسبية أو مبثورة بشكل مصطنع4. ويرجع استعمال مفردة الإعاقة كمقابل عربي " للهنديكاب" في الاصطلاح إلى العقود الأخيرة من القرن 20، وبالنظر إلى التجارب الميدانية والدراسات متعددة الاختصاصات قد تم النظر إلى الإعاقة في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والثقافية لإخراج الإعاقة من السياق الطبي ضيق الاختصاص إلى رحاب المجتمع، إذ ظلت المقاربة الطبية إلى وقت متأخر محتكرة لمفوه الإعاقة، حاصرة إياها في تشخيص مسبق لا يتجاوز جسد الشخص المعاق، لكن تقدم العلوم وتنوع الاختصاصات خاصة في العلوم الإنسانية وكذلك ضغط منظمات الأشخاص المعاقين، وطنيا ودوليا، دفع إلى إعادة النظر في كثير من المسلمات وإعطاء الأبعاد الاجتماعية والثقافية والبيئية وزنها التي تستحقه.
ويرى أحد المهتمين بمجال الخدمة الاجتماعية وهو ونج wing بأن الإعاقة هي نقص مميز في القدرات الوظيفية للجسد .
ويحدد رواد السياسة الاجتماعية " بيتر توسنسد P.Townesd" مصطلحات هامة توضح مفهوم الإعاقة في بعدها الإجرائي.
1-نوع من الخلل البدني والفزيولوجي والسيكولوجي في جسم الإنسان.
2-تعتبر الإعاقة الإكلينيكية متزامنة، تؤثر على العمليات الفزيولوجية والسيكولوجية.
3-تعد الإعاقة نوع من القصور الوظيفي في الأنشطة العادية سواء أكانت تلك الانشطة تجري بصورة فردية أم جماعية.
4-الإعاقة حالة سلوكية مميزة لها مظهره غير الطبيعي.
5-الإعاقة تتحدد اجتماعيا حسب الفئة والمكانة الاجتماعية التي يشغلها المعاق في المجتمع2 .
ويشير مفهوم الإعاقة من منظور منظمة الصحة العالمية إلى التالي: "حالة تصيب الفرد المعاق الذي يعاني نتيجة الإصابة أو العجز، ويكون غير قادر على القيام بأنشطة معينة، يمكن أن يقوم بها فرد عادي في مثل عمره ونوعه ومستواه الثقافي"3.
وينبه الأستاذين إياد عبد الكريم الغزاوي ومروان عبد المجيد إبراهيم إلى ضرورة تحديد مفهوم الإعاقة وتفسيره في ضوء ثلاث عناصر أساسية وهي :
1-إن تفسير درجة الإعاقة ترجع لطبيعة لكل من المجتمع أو الفرد نفسه ونوعية القيم والاتجاهات التي ترتبط بنوعية الإعاقة وتحديدها اجتماعيا، أو حسب ما يتفق عليه في المجتمع.
2-إن تفسير كل من القيم والاتجاهات تحدد في إطار البناء الثقافي والحضري العام في المجتمع، فالفرد يمكن أن يكون معاقا في مجتمع ما ولا يمكن اعتباره كذلك في مجتمع آخر، مثال ذلك مرضى الجذام.
3-كثيرا ما تكون تلك القيم والاتجاهات الاجتماعية ونظرتها وتفسيرها للإعاقة سلبية وخاصة على كل من المعاق وأسرته.
II-الدراسات السابقة:
1-تمهيد:
شكل جسد المرأة بخصوصيته البيولوجية وإمكانيته الطبيعية عبر تاريخ الحضارات الإنسانية والميثولوجبات القديمة والتصورات الدينية حقلا لتناقضات بارزة، فهو مجال للقوة الميتافيزيقية، للسلطة المرتبة بسر الأمومة والخصوبة، وحمل الحياة الجديدة، وهو أيضا مجال للشر، مصدر السحر والضرر، حاملا للحياة والموت في آن واحد1.
هو بهذا المعنى قلعة للدلالات والمعاني المتمايزة والمتراكبة وفق متواليات تنصهر بينها الحدود، تبعا لاستراتيجيات ناظمة للقول وضابط لحدوده عبر شفرات تتراوح بين البيولوجي والسوسيوثقافي، الرمزي والأسطوري. تلك هي قوة الجسد البليغة، نيئا ومطبوخا، خلق المعاني والموجودات على حد سواء.
2-مطبخ الجسد:
تعددت مرفولوجية المكتوب بصد الجسد، بتعدد زوايا النظر إليه في محاولات جادة للإنتاج مقولات تلامس صلبه الدلالي، الإشكالي في أبعاده المختلفة، انطلاقا من مرجعيات نظرية، وأجهزة مفاهيمية وإجرائية متباينة.
في هذا الصدد سنحاول رصد بعض الكتابات (مقالات متخصصة/دراسات) التي تقصدت الحفر في الجسد بما هو كساء ثقافي، مرهون بالبعد التراكمي، الوثيق الصلة بالأبنية الفوقية والتحتية للفضاءات والسياقات التي تهبه بطاقاته الدلالية.
3-فقه الجسد:
ساءلت أمال قراي الجسد الأنثوي في التفكير الإسلامي (فقه النساء) الذي ظل محتشما، اختزاليا في مقاربته الجسد الأنثوي، فالناظر إلى كتب التراث تقول :"يتبين ان الحديث عن جسم المرأة هو حديث حول التغيرات البيولوجية لهذا الجسد الأنثوي (حالة الحيض، النفاس) والكتابة حول هذا الموضوع كتابة وصفية ترسم حدود المسموح به والممنوع، حتى يغدو الجسد جسدا منضبطا" ذلك هو فقه النساء، حديث الرجال حول جسد مهيأ لأن يكون مادة استثمار داخل مؤسسة الزواج...لقد كان العالم صاحب خطاب ومنتج نص مدار النظر فيه المرأة"1 وتساءلت هل نحن إزاء تعتيم وتهميش مقصودين؟ لا غرابة في ذلك مادامت الكتابة فعلا ذكوريا ومادام التاريخ تاريخ الرجال؟
فقد أفرزت حركية ما بعد الحداثة نقاشا وديناميا في العلوم الإنسانية، من فلسفة وأدب، وأنثربولجيا وغيرها، أدى إلى تغير البنى التقليدية، في المجتمع والأفكار، بيد أن خلخلة البنى القديمة والمرجعيات لم تحدث بنفس الدرجة في البلدان العربية.
ويعزى الاهتمام إلى هذه المسألة ـ برأيها ـ إلى الحركات النسوية التي برزت في عدد من البلدان العربية. إذ أدت هذه الحركات إلى تفطن المرأة العربية إلى غياب تقاليد إصلاحية بخصوص التفكير في علاقة المرأة بجسدها في التراث الفقهي من جهة، وإلى وعي النساء بمدى تأثير التصور الذكوري للجسد الأنثوي في تدني منزلة المرأة من جهة أخرى. وهو ما شكل دافعا لعدد من النساء إلى إعادة النظر في المنظومة الفقهية وتشكيل وعي جديد لدى المرأة يحفزها على التفكير في الطبيعة التي تربطها بجسدها. فبينما لا تحصر شخصية الرجل في ذكورته بالمعنى البيولوجي تختزل في المقابل شخصية المرأة في أنوثتها، ويتم تغيب المرأة عن البعد الاجتماعي وتهميش تاريخي للأدوار المتعددة1.
ذلك ما حاولت العديد من الباحثات المنضويات تحت لواء الحركات النسائية تأصيله، بالبحث عن أصل الفروق بين الجنسين والتأكيد على الدلالة الثقافية والاجتماعية لهذه الفروق، والمكرسة عبر مؤسسات المجمع.
4-المؤسسة والجسد:
من زاوية نظر التأمل الفلسفي وتحديدا النزعة الأنطلوجية التي تفرض في حدودها تدخلات وتباعدات: الانا، الآخر، العالم، قارب سعيد بوخليط ما أسماه بتجربة تراجيدية تضمر كل أشكال الوعي الشقى، وتحمل بين ثناياها تحققات بشرية تتراوح بين المتحقق والمنفلت. القائم والممكن، أي ما يسمى في المنظومة الثقافية والاجتماعية "بالجسد" (...) باعتباره لعبة لغوية تتجدد بتعدد قنواة وزوايا الرؤيا، وكذا الموقع الاجتماعي والرمزي لكل فرد ويضيف موضحا :" إن البعض يربطه بالخطيئة والآخر يعطيه بعدا حسيا مباشرا، باختزاله إلى ماهية أدائية، تتوخى أساسا إشباعات يومية، مرتبطة بدوافع بيولوجية كالأكل والشرب وغيرهما، هذا في حين تجعل منه فئة أخرى مكونا ثانيا للذات الإنسانية، ومقابلا موضوعيا للجانب الخفي منها. وهو ما يصطلح عليه في الخطاب المقدس بالروح"2. فهو بهذا المعنى، مقولة صميمية، تمتح بعدها الدلالي جراء الارتباط بعديد المؤسسات التي تقنم وجوده الوظيفي والمجازي إلى لحظات، قد تتقاطع أو تتباعد بتعدد المؤسسات.
ويكتب سعيد بوخليط :" المؤسسة تعدد والجسد وحدة وبقدر ما تعبر المؤسسة عن تباعداتنا واختلافاتنا، فإن الجسد يمثل هذه اللحظة الوجودية الأولى والأخيرة باعتبارها البداية والنهاية، الغاية المماثلة، الدائمة لذاتنا، وهي تسعى إلى تحقيق دائرة انكشافها. فتتحول الموت معه إلى قضية موقف". ويخلص إلى أن التعدد المفهومي للجسد، معطى مباشرا للتعدد والاختلاف الذي يحدد العلاقة البين ذواتية. فمن البديهي أن يكون لكل منظومة ثقافية فهما للجسد، كما أنه من الطبيعي أكثر اختلاف المفهوم من ذات إلى أخرى1.
5-الجسد الأنثوي أو الجسد المرصود للألم
تحت هذا العنوان رصدت الباحثة " دامية بن خويا" ثلاث لحظات أساسية، موشومة بالعنف والألم، متصلة بالجسد الأنثوي، ذو الوجوه المتعددة " هذا الجسد المشتهى، هو نفسه الذي يعطي الحياة، وبواسطته يستمر النوع البشري، لذلك قدسته شعوب كثيرة لأنه واهب الحياة. هو الجسد المشتهى الذي تعنفه التقاليد، والجسد المعطاء الذي يعنفه الألم، عنف الطبيعة وعنف الإنسان معا يمارسان على الجسد الأنثوي وكأنه لم يوجد إلا ليعنف. وقد شطرته إلى محاور ثلاث:
1-عنف الولادة، ساعة الوضع.
2-عنف الزفاف أو العنف الناتج عن افتضاض البكارة ليلة الزفاف.
3-الجسد المباح أو ضرب الزوجات2.
ومن جانبها اهتمت الباحثة الرازي نجاة بفهم علاقة المرأة بجسدها، عبر ما تم إلباسه له خلال سيرورة تاريخية، من أفكار نمطية، جعلته يتراوح بين حدين:
-الجسد العورة :" مجال الشهوة ومصدر الفتنة، باب الشيطان ورمز الدنس والقذارة."
-الجسد المقدس: وهو رمز للطهارة والخير والزهد وعلامة العطاء والخصوبة.
فالجسد الفتنة برأيها يرتبط بالخطيئة الأولى، بالشرف، والانحلال، لدا اعتبرت بعض الديانات السماوية، أن أسس ومظاهر التعبد والتدين والتقرب إلى الله، هي الزهد في هذا الجسد وما يثيره من شهوات مدنسة. والابتعاد عن ملامسته والاهتمام بمفاتنه التي تحضر الشيطان وتجلب الأذى، كما أن هذا الجسد في ثقافتنا السائدة يجلب بفتنته الخوف والعار"1.
ذلك ما حاول د.مصطفى حجازي تبيانه في سياق توصيفه لملامح الاستلاب الجنسي للمرأة، الذي هو بمثابة نتيجة منطقية لوضعية القهر المسلط على المرأة والمجسد في القطاعات الأساسية من حياتها2. ويكتب في هذا الصدد :" هناك اختزال للمرأة إلى حدود جسدها، واختزال لهذا الجسد إلى بعده الجنسي: المرأة مجرد جنس أو أداة له وعاء للمتعة. هذا الاختزال يؤدي إلى تضخم البعد الجنسي لدى المرأة بشكل مفرط وعلى حساب بقية أبعاد حياتها، بتركيز كل قيمتها في هذا البعد من حياتها، كما يفجر كل مخاوفها الوجودية حول حلول كارثة ما تعصف بوجودها، فهاجس المرأة قبل الزواج، يتحول إلى قلق حول غشاء البكارة وسلامته، وإلى قلق حول قدرات الجسد على حيازة وإعجاب الرجل بضمان الزواج.
هذا التركيز يفجر عند المرأة أشد الرغبات وأعظم المخاوف في آن معا، تلك هي المعظلة الأولى التي تتعرض لها المرأة في الاستلاب، خصوصا أنها تعيش كيانها بشكل متهدد، تتهدد رغباتها الذاتية، وتتهدد رغبات الرجل خارج الزواج، وتتهدده الحوادث على اختلافها (تشويه الجسم، إصابته بعاهة، فقدان البكارة لسبب ما ...الخ"1.
ذلك ما أكده د.عباس مكي حيث قال :" كان جسد المرأة وما يزال مادة غنية للتشريع، تحديد المسموح والممنوع من تحركات الجسم وتعبيراته ومتطلباته، تبعا للأنماط مقبولة اجتماعيا، أي في النهاية تبعا لأنماط تخدم مصلحة المتسلط الذي يمتلك هذا الجسد، هناك قوة المنع المدنية، وقوة التحريم الدينية، التي تقيد جسد المرأة بقوة الخطيئة ومشاعر الإثم، فالحركة الحرة للجسم أساس معنى العيب، وضبطها المقنن أساس معنى الشرف، جسم المرأة بهذا المعنى مقيد تاريخيا إنه جسد مؤسس2.
6-ترويض الجسم:
ظل جسد الإنسان عبر التاريخ،محط اهتمام بالغ من قبل المؤسسات التي نشأت داخل رحم المجتمع البشري والتي أعطت لنفسها حق ترويض هذا الكائن الحيوي، الميال في نظرها إلى الفوضى" أو على الأقل محاولة الحد من جموحه3.
فكما اعتنى "رولان بارت" بالجسد من حيث الدلالة السيميولوجية، و"دريدا" في إطار تلازمه والكتابة، و"لاكان" في تواجده الواقعي والخيالي، اهتم به "بيير بورديو" في إطاره النحوي وإكراه العنف الرمزي التربوي والثقافي ـ و"فوكو" من حيث ارتباط الجسد بالمؤسسة ومفهوم السلطة4، إذ عمق ميشيل فوكو في دراساته الفلسفية المتعددة، الإطار النظري، للتعامل مع مفهوم الجسد، من قلب العلوم الإنسانية. ففي دراسته لأشكال تمظهر السلطة في العالم الغربي، يستخدم الجسد ككاشف ثمين لتحليل آليات السلطة في المجتمعات الغربية المعاصر1.
يكتب بحاج عسو :" لقد حاول فوكو إبراز هذه الآليات التي اتبعتها مؤسسات السلطة، لتقنين وضبط نشاط الجسد، سواء على مستوى الخطاب أو على مستوى الفعل. من خلال الزج القسري به في مجموعة من المؤسسات الاجتماعية، على اعتبار أن هناك تواطؤ مسبق بين إرادتي المعرفة والسلطة، لغرض ضبط الجسد وترويضه للزيادة في الإنتاج. كل هذه المؤسسات كانت في نظره مؤسسات لإخضاع الجسد2. وقد رصد بحاج عسو، بعضا من هذه المؤسسات الهادفة إلى تدبير الجسد ولجم موسيقاه الداخلية وآليات اشتغالها (الأسرة، المدرسة، المصنع).
ومن جانبه عمل "عبد الكبير الخطيبي" على النظر في أمر " الجسد" و"طروسه" التي ما فتأت " تنكتب" و "تنمحي" و"ترتقم" و"ترمج" طيلة تاريخ الحضارة العربية الإسلامية. ذاك هو " الجسد" من حيث هو يشبه " الكتاب الأبيض" الذي شأنه أن ترتسم عليه رسوم المواضعات وترتقم كتابتها بما لا يكاد ينتهي من المرات إلا
بالموت." جراح، فندوب، فبرء وجراح...هكذا دواليك، للخريف دوما نفس الربيع ليهزمه، وإن الأستاذ عبد الكبير الخطيبي ليعمد ههنا إلى " قراءة" ما يسميه " الجسد الإسلامي" و" الجسد الجاهلي" ويبادر إلى إعادة " قراءتهما" على ضوء مستجد الجنيالوجيا (نيتشه) والتحليل النفسي (فرويد) والابستملوجيا (بارث) والحفريات (فوكو) والتفكيكات (دريدا). كذا حدث في كتاب "الاسم العربي الجريح" (والأصل الفرنسي 1974 والترجمة العربية 1980 ) الذي افتحص فيه الرجل، تجليات نسيج الثقافة اليومية: اللغة، الوشم: الخط، الحكي: بالإضافة إلى البحوث العديدة التي أوقفها الخطيبي على دراسة الجسد وسيماه، كما يعبر عنه الفن. لاسيما منه فن الخط والرسم1.
7-الجسد الأنثوي وحلم التنمية.
من منطلق الرؤية السوسيولوجية، المتفحصة وبمقاربة نوعية، شمولية، لمفهوم التنمية البشرية، موضوعها الأساس الجسد الأنثوي، خلصت الباحثة الاجتماعية "زينب معادي" ضمن كتابها " الجسد الأنثوي وحلم التنمية...إنها امرأة تدوب: قراءة في التصورات عن الجسد الأنثوي". ومن خلال مساءلة تمثل المرأة القروية لجسدها والوقوف عند دلالة بعض التعبيرات الصامتة لهذا الجسد، إلى جملة من الخلاصات الأساسية نجملها في ما يلي:
1-إن الوشم الثقافي الذي يسم الجسد الأنثوي القروي في مختلف مراحل تكونه، بدءا بمرحلة ما قبل الولادة وإلى آخر فترات العمر، يتسم بطابع التمييز وبالتحديد القبلي للمكانة الاجتماعية للمرأة القروية، وهذا الوشم لا يتحدد بناءا على خصائص خالصة للجسد، بل انطلاقا من خصائص موروثة " تسكن التمثلات والإدراكات، يتم تحويلها في النهاية لخاصية بيولوجية. ثم لمكانة اجتماعية. ويعد هذا عائقا أساسيا يحول دون تمتع المرأة القروية بحقوقها المدنية كاملة، مما يجعل أي حديث أو خطاب يسعى لثني النساء القرويات على الحد من الخصوبة مثلا، غير ذي جدوى، إذ لم يصاحبه بالمقابل، مجهود كبير على مستوى تغير التمثلات التي تسكن مخيلة الرجال والنساء معا، والتي تحدد المكانة الاجتماعية للنساء القرويات، خلال خصوبتهن ومن خلال جسدهن بشكل عام. كما أن أي مشروع لمحو الأمية وللتشجيع على تمدرس الفتيات ينبغي أن يبدأ من فترة ما قبل الولادة من خلال العمل على محو التصورات التمييزية التي " تغذي" الذاكرة الجماعية والتي تشتغل منذ الحمل بأنثى.
2-إن التصورات والإدراكات المتعلقة بالجسد الأنثوي تلعب دورا أساسيا في تشكيل السلوك الصحي للمرأة القروية ومن أبرز سمات هذا السلوك الذاتي في تدبير المرض، استمرار النساء القرويات ـ عكس الرجال ـ في تحمل أعراض المرض إلى أن يصبح الجسد في أقصى حالات استنزافه. وذلك لأن التصور السائد عن قيمة الجسد الأنثوي القروي، يجعل من المرض منطق تغير سلبي في وضعية ومكانة المرأة القروية.
3-إن تركيز المقاربات الجديدة للتنمية على أهمية العنصر البشري، لا ينبغي أن تمس فقط المنتج اقتصاديا، بل كذلك العنصر البشري الذي يحس بإنسانيته. ويعبر عنها في مظاهر الفرح. إن الاهتمام بالفرح والاعتناء بالجسد، يمكن أن يخلق وعي جديد لدى المرأة بذاتها، من خلال التصالح مع جسدها، مما سيكون له انعكاسات إيجابية بالضرورة على حياة الأسرة. وقد بنيت الدراسة أن تحركات جسد المرأة القروية في المكان العام مازالت تحيط به مجموعة من القيود والضوابط التي تحد من حركته وحريته، مما يستدعي إحداث تغير في مواقف المجتمع من جسد المرأة، لجعل المكان العام، فضاءا مفتوحا أمام الجميع دون تميز. هذا التعبير يبقى محكوما بتغير صورة المرأة في المخيلة الجماعية حتى لا ينظر إليها على أنها مجرد جسد يتحرك ولكن باعتبارها مواطنة كاملة الحقوق، بحيث تتمتع بحقها الكامل في استعمال المكان العام، وبالحق في الترفيه عن النفس.
الدراسة الميدانية
I-عرض المعطيات الميدانية.
1-مدخل:
يهتم هذا الجزء من الدراسة بجانبها الميداني، فخلال هذا الجزء سيتم تفريغ المعطيات المحصل عليها عن طريق المقابلة الموجهة، وقراءتها، قراءة تحليلية للتأكد من مدى صحة الفرضيات التي انطلقت منها الدراسة.وذلك من منظور وصفي يسمح بتكوين فكرة عن نسبة مساهمة كل فرضية في التوصل إلى معرفة تمثلات الفتاة المعاقة لجسدها الخاص.
2-في مفهوم الجسد: التمثلات.
سنحاول بناء هذا المفهوم في اتساق بمجمل التمثلات التي تحملها الفتاة المعاقة حول جسدها الخاص، وذلك في علاقة بمجموعة من المتغيرات الأساسية.
*الجدول رقم (1) توزيع عينة البحث حسب متغير السن وعلاقته بالسؤال عن الجسد.
السن
السؤال
عن الجسد 15-25 25 –فما فوق المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم - - - 20 - 20
لا 2 10 14 70 4 80
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
يتضح من خلال الجدول أعلاه، حجم الصمت الذي جوبه به طلب الحديث عن الجسد الخاص، إذ لم تتمكن من الحديث عنه إلا نسبة 20% من عينة البحث، أما النسبة الباقية، فقد كان الصمت بعديد حمولاته الدلالية هي الإجابة الوحيدة عندهن. فهل نقول مع دافيد لوبرتون: حقا إن خلف البداهة يكمن اللاوضوح؟
*الجدول (2) توزيع أفراد عينة البحث حسب متغير المستوى التعليمي وعلاقته بالقدرة على الحديث عن الجسد.
الامية القراءة-الكنابة السلك 1 اساسي السلك 2 اساسي الثانوي عالي
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم - - - - - - - - 4 20 - -
لا 8 20 40 - - 2 10 20 2 10 - -
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
يبدو أن ثمة خيط ناظم بين متغير المستوى الدراسي والقدرة على الحديث عن الجسد الخاص. ذلك أن اللواتي تمكن من الاجابة، لهن مستوى دراسي متميز (ثانوي). بينما شكلت نسبة 40 % من عينة البحث غير المتمدرسة رائدة الصمت.





*جدول رقم (3) توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الأب وعلاقتها بالصلاة في تحديد الموقف من الجسد.
مهنة الأب
الصلاة والموقف
من الجسد قارة غير قارة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم 02 10 2 10 4 20
لا 3 60 3 60 16 80
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
لا يمكن استنادا إلى معطيات الجدول (3) الحسم في علاقة مهنة أب المبحوثات بالصلاة في تحديد هذه الأخيرة لموقف المبحوثات من جسدهن الخاص.
*جدول رقم (4) توزيع المبحوثات حسب متغير مسقط رأس الأب، وعلاقته بالحديث عن الجسد.
مسقط رأس
الأب

مدى السؤال
عن الجسد البادية المدينة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم 2 10 2 10 4 20
لا 4 20 12 60 16 80
المصدر: بحث ميداني، ماي 2007
60% هي نسبة إفراد عينة البحث، التي لم تتمكن من الحديث عن جسدها الخاص، كان مسقط رأس أبائهن بالمدينة، أما نسبة 20 % فهي للواتي كان مسقط رأس أبائهن المدينة. لتتوزع نسبة 20 % من اللواتي تمكن من الاجابة على الفئتين معا وبالتساوي. استنادا إلى هذه المعطيات لا يمكن التأكيد على العلاقة الافتراضية بين المتغيرين.
*جدول رقم (5) توزيع المبحوثات حسب متغير السن والجسد النموذجي
السن

الجسد النموذجي 25-15 26 فما فوق المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
جسم رياضي 2 10 6 30 8 40
جسم سليم - - 4 20 4 20
جسم يؤدي وظائفه لو كان معاقات - - 8 40 8 40
المصدر: بحث ميداني، ماي 2007.
يبدو من معطيات الجدول (5) أن الجسد النموذجي للمبحوثات اللواتي يتراوح سنهن ما بين 26 فما فوق توزع بشكل متباين عبر الاختيارات التالية:
-40% جسد يؤدي وظائفه وان كان معاقا.
-30% جسد رياضي.
-20% جسد سليم.
يعبر الاختيار الأول عن مستوى الرضى عن الجسد المعاق الحاصل عند هذه الفئة المتراوح سنها ما بين 26 فما فوق. كما ويمكن اعتباره تمثلاتهن للجسد في سياق بعده الوظيفي. الجسد النموذجي تبعا لهذا الاختيار، وهو القادر على الانخراط في تفاصيل الحياة اليومية دونما عائق يحول دون ممارسة هذا الجسد لوظائفه الاجتماعية. وما الجسد الرياضي إلا تأكيد على هذا الاختيار، فالجسد الرياضي في العمق جسد وظيفي قادر على أداء وظائفه الاجتماعية بامتياز وحيوية بالغة. انه إحالة على الدينامية المبتغاة في الجسد بما هي أيضا بعد جمالي تشكل الرشاقة والخفة إحدى أهم مؤشراته.
*جدول رقم (6) توزيع المبحوثات حسب المستوى التعليمي وعلاقته بالجسد النموذجي عندهن.
الامية القراءة-الكنابة السلك 1 اساسي السلك 2 اساسي الثانوي عالي
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
جسم رياضي 2 10 - - 2 10 4 20 - - - -
جسم سليم 4 20 - - - - - - - - - -
جسم يؤدي وظائفه وان كان معاقا 2 40 - - - - - - 6 30 - -
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
تفيد المعطيات الجدول أعلاه والمتصلة بالمستوى التعليمي للفرد وعلاقته باختيار الجسد النموذجي بوجود تباين على مستوى الاختيارات بنسب متقاربة تبعا لمستوى التحصيل الدراسي. ف 30% من اللواتي كان الجسد النموذجي عندهن هو جسد وظيفي ولو كان معاقا كان مستواهن الدراسي (الثانوي)، بينما شكل الجسم السليم بنسبة 20% الجسد النموذجي لغير المتمدرسات. بنفس النسبة(20 %) كان الجسد الرياضي جسدا معياريا للواتي مستواهن الدراسي أعدادي.
أمام هذا التباين على مستوى الاختيارات، يمكن القول بأنه مؤشرا على العلاقة بين مستوى التحصيل الدراسي ونوعية فهم الجسد وإدراكه كنموذج مثالي، غير متحقق عندهن، كما يمكن اعتبار نوعية الاختيار دليل على مستوى الرضى على الجسد الخاص.
*الجدول رقم (7) توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الأب وعلاقتها بالجسد النموذجي عندهن.
مهنة الاب
مدى
السؤال
عن الجسد قارة غير قارة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
جسم رياضي - - 08 40 08 40
جسم سليم - - 04 20 04 20
جسم وظيفي ولو كان معاق 06 30 02 10 08 40
المجموع 06 30 14 70 20 100
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
كيف يمكن فهم دلالة الجسد الرياضي كأفق معياري للواتي كان مسقط رأس أبائهن المدينة؟
هل هناك حقا في علاقة مباشرة بين مستويات الاختيار المتباينة ومتغير مسقط رأس الأب؟
لا يمكن التسليم القطعي أن ثمة علاقة سببية واضحة هي من توجه مستويات الاختيار.
*الجدول رقم (8) توزيع المبحوثات حسب متغير مسقط رأس الأب والجسد النموذجي عندهن.
مسقط راس
الاب
مدى السؤال
عن الجسد النموذجي
البادية
المدينة
المجموع
العدد النسبة % العدد النسبة % العدد النسبة %
جسم رياضي - - 08 40 08 40
جسم سليم - - 04 20 04 20
جسم وظيفي ولو كان معاقا 06 30 02 10 08 40
المجموع 06 30 14 70 20 100
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
يلاحظ من خلال معطيات الجدول رقم (8) أن الجسم الرياضي والسليم هو الجسد المعياري للواتي كان مسقط رأس أبائهن المدينة بنسبة 60% أما اللواتي كان مسقط رأس أبائهن البادية فقد شكل الجسد الوظيفي القادر على أداء جميع وظائفه الاجتماعية جسدا نموذجيا.
*جدول رقم 9 توزيع المبحوثات حسب متغير السن واستعمال الماكياج.
السن

استعمال المكياج 25-15 26 فما فوق المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم 4 20 8 40 12 60
لا 2 10 6 30 8 40
المصدر:بحث ميداني ماي 2007
يبدو واضحا التقاطع الحاصل بين متغير السن واستعمال الماكياج. فالفئة العمرية 26 فما فوق من أفراد عينة البحث 40% منها تستعمل الماكياج إلى جانب 20% من اللواتي يتراوح سنهن ما بين 15-25.




*جدول رقم 10 توزيع المبحوثات حسب متغير المستوى الدراسي واستعمال المكياج.
الامية القراءة والكتابة السلك 1
اساسي السلك 2
اساسي ثانوي عالي المجموع
العدد النسبة
% العدد النسبة
% العدد النسبة
% العدد النسبة
% العدد النسبة% العدد النسبة
% العدد النسة
%
نعم - - - - 2 10 - - 6 30 - - 8 40
لا 8 40 - - - - 4 20 - - - - 12 60
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
لا يمكن الحسم في العلاقة المفترضة بين متغير المستوى التعليمي واستعمال المكياج . هناك تقارب واضح في النسب بين مختلف المستويات الدراسية. فاستعمال الماكياج من عدمه لا يمكن الحسم فيه استناد إلى المستوى التعليمي فقط بل قد تتداخل فيه عوامل التنشئة الاجتماعية في تعددها، داخل وسط تغذية القيم الدينية وتوجه فيه السلوك، فغالبية اللواتي لا يستعملن الماكياج كان ذلك إما بدافع ارتدائهن الحجاب أو بسبب الوسط العائلي المحافظ، الذي يتدخل في فرض بعض نماذج السلوك،وتوجيه / تحديد الموقف من الجسد

*جدول رقم 11 توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الأب وعلاقته باستعمال الماكياج
مهنة الأب

استعمال الماكياج قارة غير قارة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم 2 10 10 50 12 60
لا 4 20 4 20 08 40
المصدر:بحث ميداني، ماي 2007
من خلال معاينة معطيات الجدول رقم (11) المتمحورة حول العلاقة المفترضة بين استعمال الماكياج ومتغير مهنة الأب، لا يمكن التأكيد على العلاقة الوطيدة بين مهن بعينها واستعمال الماكياج. وهو ما يرجح معه فرضية وجود محددات أخرى لاستعمال الماكياج من عدمه% .
*الجدول رقم (12) توزيع المبحوثات حسب متغير مسقط رأس الأب علاقته باستعمال المكياج
مسقط رأس الأب
استعمال
المكياج البادية المدينة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم 2 10 10 50 12 60
لا 2 10 6 30 8 40
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
النظر إلى ما يقدمه الجدول رقم (12) من معطيات إحصائية، بخصوص العلاقة المفترضة بين استعمال الماكياج ومسقط رأس الأب، تتضح جليا هذه العلاقة المفترض، ذلك أن 50% من نسبة المبحوثات اللواتي يستعملن الماكياج كان مسقط رأس أبائهن في المدينة، في حين لم تتجاوز هذه النسبة 10% من اللواتي كان مسقط رأس أبائهن بالبادية
*جدول رقم (13) توزيع المبحوثات حسب متغير السن وممارسة الرياضة
السن

ممارسة الرياضة البادية المدينة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم - - 8 40 8 40
لا 2 10 10 50 12 60
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
واضح من معطيات الجدول رقم 13 التقارب الحاصل بين نسبتي الممارسات الرياضية من دونهن المتراوح سنهن ما بين 26 فما فوق. الأمر الذي يفيد أن ممارسة الرياضة غير رهين بمتغير السن بقدر ما تحدده متغيرات تابعة أخرى من قبيل الوضع السوسيوثقافي للمبحوثات، ومدى استعدادهن النفسي لممارستها. فبعض اللواتي لا يمارسنها كان تعليلهن لذلك بالكسل. أو غياب المحيط المساعد لذلك والمتفهم لأهميتها..

*جدول رقم(14) توزيع المبحوثات حسب متغير المستوى الدراسي وممارسة الرياضة.
الأمية القراءة-الكتابة السلك 1اساسي السلك 2اساسي ثانوي عالي المجموع
العدد النسبة
% العدد النسبة% العدد النسبة
% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم - - - - 2 10 - - 6 30 - - 8 40
لا 8 40 - - - - 4 20 - - - - 12 60
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
يبدو من خلال القراءة الوصفية للجدول أعلاه (رقم 14) أن ممارسة الرياضة لها علاقة بالمستوى التعليمي للمبحوثات. فإذا ما أخذنا بعين الاعتبار نوعية الإعاقة وحجمها، التي في غالب ما تمنع من ممارسة الرياضة (20%) إعدادي، فإن غالبية اللواتي لا يمارسنها يرتبط ذلك عندهن إلى حد كبير بمستواهن الثقافي العام، وبتصورات محددة حول الجسد الأنثوي.

*جدول رقم (15) توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الأب وعلاقتها بممارسة الرياضة.
مهنة لأب

ممارسة
الرياضة قارة غير قارة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم 4 20 10 50 14 70
لا 2 10 4 20 6 30
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
بإمعان النظر في معطيات الجدول رقم (15) والمتصلة بعلاقة ممارسة الرياضة بمتغير مهنة الأب، يتضح غياب علاقة مباشرة ما بينهما. ذلك أن ممارسة الرياضة لا ترتبط إلى حد بعيد بنوعية مهنة الآباء، فنسبة 50% من أفراد عينة البحث اللواتي يمارسن الرياضة مهن أبائهن غير قارة.

*دول رقم (16) توزيع المبحوثات حسب متغير مسقط رأس الأب وممارسة الرياضة عند المبحوثات.
مسقط رأس الأب

ممارسة الرياضة البادية المدينة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم - - 14 70 14 70
لا 6 30 - - 06 30
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
يمكن القول انطلاقا من معطيات الجدول رقم 16 بوجود علاقة بين ممارسة الرياضة كإحالة على بعد تداولي جمالي للجسد وبين متغير مسقط رأس أب المبحوثات. فالمدينة بما تتيحه من فضاءات متعددة لممارسة الرياضة بالنسبة للجنسين معا، لا بد أن ينعكس ذلك على موقف الآباء ومن ممارسة الإناث للرياضة، على عكس ما هو حاصل في البوادي، إذ يلاحظ غياب ثقافة رياضية وان ما وجدت بشكل من الأشكال فهي تظل حكرا على الذكور. بيد انه لا يمكن الحسم في إرجاع ممارسة المبحوثات للرياضة فقط إلى مسقط رأس الأب، إذ ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار أن هؤلاء منخرطات بالجمعية والتي تسعى إلى إدماجهن بالمجتمع. وتغير نظرتهن إلى أجسادهن الخاصة.

*جدول رقم (17) توزيع المبحوثات حسب متغير السن وعلاقة الصلاة بموقف من الجسد.
السن

الصلاة
والموقف من الجسد 15-25 26-فما فوق المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم - - 14 70 14 70
لا 6 30 - - 6 30
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
واضح من الجدول رقم (17) دور الصلاة وما يرتبط بها من قيم دينية في تأطير مواقف الأفراد وسلوكاتهم. ذلك ان نسبة 70% من المبحوثات اللواتي يتراوح سنهن ما بين 26 فما فوق، عبرن وبإلحاح عما للصلاة والإيمان بالقدر من فعالية في تزويدهن بمواقف ايجابية من أجسادهن، وتمكينهن من إستراتيجية لتجاوز القلق والإحساس بالتهميش، من داخل فضاءات وأمكنة هشة، ومعاقة سوسيوثقافيا واقتصاديا. ويمكن اعتبار الصلاة هنا كآلية للإدماج والتكييف الذاتي أمام جسد يذكر بالخطيئة الأولى: هل عقاب الهي أم هي الخطيئة البشرية تلاحق نسلنا؟ كما تساءلت إحداهن.


*جدول رقم (18) توزيع المبحوثات حسب متغير المستوى الدراسي وعلاقة الصلاة بالموقف من الجسد.
الأمية القراءة-الكتابة السلك 1اساسي السلك 2اساسي ثانوي عالي
العدد النسبة
% العدد النسبة% العدد النسبة
% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم 4 20 - - - - 4 20 6 30 14 70
لا 4 20 - - 2 10 - - - - 6 30
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
يتبين من معطيات الجدول رقم (18) بعض الحقائق التي يمكن التعبير عنها كما يلي:
وجود علاقة وطيدة بين الصلاة والموقف من الجسد. أن لها أهمية بالغة في تقبل حقيقة الجسد كما هي فنوعية تمثل هذه العينة للجسد تمر في جزء منها كما توضحه معطيات الجدول عبر الصلاة بوصفها آلية مسهمة في تشكيل تمثلات الأفراد ووعيهم.
-توزيع النسب عبر المستويات التعليمية المختلفة، يفيد بغياب علاقة سببية مباشرة بين المستوى الدراسي ودور الصلاة في نسج موقف المبحوثات من جسدهن الخاص. ذلك أن التربة الدينية ليس مصدرها الوحيد المدرسة، بل تختلف وتتعدد القنوات الاجتماعية التي تقوم بهذا الدور، كالأسرة، وسائل الأعلام ...الخ.
*جدول رقم (19) توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الأب وعلاقة الصلاة بالموقف من الجسد.
مهنة الأب
الصلاة والموقف
من الجسد قارة غير قارة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم 4 20 10 50 14 70
لا 2 10 4 20 6 30
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
لا تبدو ثمة علاقة وطيدة بين متغير مهنة الأب لدى المبحوثات وعلاقته بدور الصلاة في تحديد الموقف من الجسد، ليس غريبا داخل تشكيل ثقافية، يحتل فيها التفكير الديني وما يرتبط به من ممارسات تقليدية، دورا مركزيا في توجيه سلوك الأفراد.
*جدول رقم (20) توزيع المبحوثات حسب متغير مسقط رأس الأب وعلاقته بالصلاة والموقف من الجسد.
مسقط رأس
الصلاة الاب
والموقف منا الجسد البادية المدينة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم - - 14 70 14 70
لا 6 30 - - 06 30
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
يبدو جليا من الجدول رقم (20) ما للصلاة من أهمية في تحديد طبيعة الموقف من الجسد. فالبرغم مما يقدم به الفهم الديني الجسد في تبعيته للروح وأولويتها عليه. فإن الإيمان بالقدر والصلاة يهم بالأساس تبني موقف الخضوع والاستسلام للأمر الواقع. أي للجسد في صيغة الواقعية. دون التوقف عن كونه معاقا. هذه الإعاقة يقدمها الفهم الديني لدى المبحوثات كاختبار الهي وقدر لا مفر منه. بالرغم من أن غالبية الإعاقات كانت بشرية الأصل أي نتيجة أخطاء طبية. او التقليل من خطورة مرض ما.
II-الجسد المعاق وسؤال الاندماج:
1-لماذا جمعية الكرامة للمعاقين؟
كان دافع العديد منهن للمجيء إلى جمعية الكرامة للمعاقين بالغرب، دافع سيكولوجي، هدفه البحث عن التوازن النفسي المفقود داخل الأسرة والمجتمع، وللتخفيف من ثقل المعاناة مع جسد معاق.هذه المعانات التي يعمق حرقتها المجتمع، عبر نظرات ملؤها الشفقة او الاحتقار " مسكينة ما تستاهل". وعبر عديد مؤسساته " الأسرة" المدرسة، الشارع، الحافلة..." فبمرارة قالت إحدى: المستجوبات " اخطر في الأمر الإعاقة الذهنية للمجتمع," فهروبا من هذه النظرات الحارقة كانت الوجهة الجمعية" بحثا عن دفئ مفقود، أو بحثنا عن تواصل جديد ومن نوع اخر:" جيت باش نتعرف على ناس اخرين، باش نتواصل بشكل اخر". وكذلك للاستفادة من تجارب الآخرين، أي اخذ العبرة " فاش كتشوف حالات كتار منك، كتحمد اله". ومنهن من كان حافزها للمجيء للعمل الجمعوي، تجاربها السابقة بالميدان, ومن منطلق أن " العمل الجمعوي ليس حكرا على الاسوياء". وهناك ما قادها حب استكشاف محض الى الجمعية " جيت غير باش نكتاشف شنو فهذ الجمعيات". وكثيرات منهن قادتهن ظروفهن الاجتماعية المزرية إليها بحثا عن مساعدة ما.
تعدت المقاصد وان توحدت حول" البحث عن آليات الاندماج داخل مجتمع معاق".
2-هل الجمعية حقا فضاء متميز؟
لقد اجمعن على الأهمية القصوى والمركزية لمثل هذه الجمعيات، انطلاقا من تجاربهم الميدانية الممتدة في الزمن (12 سنة...) وانطلاقا من نوعيات تدخلاتها (المعبدة) إذ مكنتهن من التغلب على ثقل الجسد:" فقد أصبحت الإعاقة امرأ طبيعيا بالنسبة لي" ولم اعد أحس بالخجل أو الحرج من إعاقتي . " أحس إني إنسانة عادية، بالرغم من نظرة الآخرين" لم يعد يهمني ما سيقولونه:" لقد ساعدتني الجمعية كثيرا على تخفيف إعاقتي، وان أتفاءل " "ان تكون معاق، ليس معناه انك في مرتبة أدنى من الاخرين" ." مكنتش كنقدر نخرج من الدار،كنت معقدة، كنحس أني مشي. بحال لخرين" مكنتش كنقدر نلبس اللباس لي كيبين يدى, دابا لا ، كلشي تبدل". طريقة لباسها العصرية تؤكد ذلك . فالجمعية كتخلي لواحد نفسيتو مرتاحة، كتساعد لواحد يتعلم بعض الصنعات, سيراميك مثلا، كتخليك تغير الجو، وتقتل شوي الوقت". فعن طريق التأطير تتمكن من " التفكير بشكل منطقي، معقول، ايجابي..." إلى جانب اخذ العبرة من الاخرين". بعض الذين التحقن مؤخرا بالجمعية, اتسمت إجاباتهن بنوع من الغموض، مع نزوعهن إلى الصمت أو إلى ايجابات موجزة :"المهم مزيانة". إحدى السيدات كان لها رأي مخالف، أول مرة تزور فيها الجمعية قالت:" لا أهمية لهذه الجمعيات". وصفتها بـ انتهازيين" ولمحت إلى أن بعض هذه الجمعيات يسترزق على حساب المعاقين، إنهم برأيها: شفارة".
فاش كيجيبو شي مساعدة، حتى كاي خدوما بغاو وعاد كيعطيونا الشايطة", تلح على ضرورة المراقبة.

3-الجمعية والنظرة إلى الجسد:
60% هي نسبة المستوجبات التي استطاعت الجمعية, أن تجعلهن يغيرن نظرتهن إلى جسدهن الخاص، نسبة لها علاقة مباشرة مدة الانتماء إلى الجمعية، وكيفة اشتغالها، والجو السائد فيها.
30% لم تستطع الجمعية أن تغير من تمثلاتهن السابقة بخصوص جسدهن الخاص، وجلهن التحقن مؤخرا إلى الجمعية.
10% من المستجوبات لم يكن لهن رأي . ذلك أنهن لم يقدمن أية إجابة.
وعديدة هي الأمثلة التي ساقتها المستوجبات, كمثال علي تغير نظرتهن إلى جسد هن الخاص:
- طريقة اللباس.
-التواصل مع الآخرين.
-تجاوز الخجل من الجسد.
-الخروج إلى الشارع العام, دون أي إحساس بالنقص.
-الانخراط في جمعيات أخرى.
4-بحثنا عن المفقود :نظرة نقدية:
إن الذي كن يتمنينها داخل الجمعية، ولم يتحقق برأي غالبيتهن، هو: " الشغل" لضمان لكرامتهن, شغل يراعي خصوصياتهن الجسدية. او مشاريع توفر لهن دخلا محترما. وركزت بعضهن على التأطير التربوي في مجال الإعاقة، من طرف مختصين ليتمكن فيما بعد من القيام بنفس الدور، كما ألح بعضهن على أهمية الرياضة وتأمين ما يتعلق بهذا الجانب.
5-مفارقات: ليس من يجيء كمن يبقى.
واضح هو الفرق بين من يأتي إلى الجمعية ومن يظل حبيس جدران البيت ورتابته القاتلة للنفس. "فرق شاسع وكبير اكدن" فلتكسير النطرة السلبية للذات وتجاوز العقد النفسية تصبح الحاجة الماسة الى " التفويج" عن النفس وتقبل واقع الجسد المعاق ذلك ما تساعد الجمعية على تحقيقه برأيهم
6-واجب الدولة إزاء هذه الفئة:
اتفقت جل المستجوبات, فيما يتصل بواجب الدولة نحو هذه الفئة, على جملة نقط اعتبرناها ضرورية لضمان إدماج وتأهيل هذه الفئة.
أول ما اجمعن عليه, مطلب التشغيل المراعي للفر وقات, الحاصلة بين هذه الفئة (نوعية الإعاقة وحدتها) لضمان دخل قار. جاء بعد ذلك, مطلب الرعاية الصحية, وتأمين الأدوية. والكراسي المتحركة. إلى جانب الرعاية النفسية والاجتماعية, كتسهيل الولوجيات بالأماكن العمومية (مدارس- الشارع، طرطوار، سلالم الحافلات). كما وتطرقن إلى ضرورة تمكين الجمعيات العاملة بالميدان, من منح كافية للسهر على مصالح هذه الفئة، مع تفعيل مبدأ المراقبة . إلى جانب ذلك, تحدثت إحداهن عن ضرورة تأهيل طاقات بشرية متخصصة, لرعاية شؤون الشخص المعاق (مساعدين اجتماعيين, نفسانيين...).
هذه الرغبة في المجيء إلى الجمعيات لا تجد دائما من يلبيها" هناك من يموت في صمت طريح فراشه."كين لمكيقدش يجي لوحدو". أي أنهن بحاجة لمساعدة الآخرين لهن, من ذوي الأقارب. وهنا تكمن الصعوبة تقول احدهن "خاص الأسرة تكن واعية" لتستدرك: " لكن بعد المرات وخا كتكون الأسرة واعية مكتقدرش داوم على المجيىء
بسبب من" البعد و مشاكل النقل،" او بسبب من ضيق ذات اليد" الله يكون فالعون. كيف ما كان الحال فلمدينة شوية، المشكلة هي في البادية، فحت واحد مكرة يستافد من خدمات الجمعيات، لكن الله غالب"
7-الأعمال اللائقة لنوعك:
أعمال تراعي طبيعة الإعاقة ونوعيتها، كالخياطة التي جاءت في المرتبة الأولى من اقتراحاتهن، تم ثانيا الإشغال المنزلية، وهنالك من اقترحن الأعمال الإدارية (المكتب) والصناعة التقليدية. بينما ألحت بعض المستجوبات على أن باستطاعتهن القيام بكل الأعمال دون تمييز.
8-تطلعات: في أفق 10 سنوات القادمة.
توزعت الاجابة حول هذا السؤال بينهن إلى تقابلين: فئة أولى أرجأت أمر هذا السؤال إلى الله، فوحده القادر على التحكم في المصائر(الله اعلم). ومنهن من لم تستطعن الرهان على مستقبل راهنه ليس أفضل من ماضيه. فغياب اهتمام الدولة بهذه الفئة قاد برأيهن العديد منهن إلى سحب الثقة من خطاباتها (راه غير هذرة) ومن المستقبل أيضا( شكون عرف).
فئة ثانية: كانت أكثر تفاؤل من سابقتها، فالفرق بين الأمس واليوم واضح، فعلت فيه مؤسسات المجتمع المدني. التي هي بحاجة إلى مزيد من الدعم. فالمستقبل برأيهن سيكون أفضل مما هو عليه واقع الحال. حديث هذه الفئة كان ممزوجا بالكثير من الأمل.



III-تحليل معطيات الميدان:
كيف يمكن خلق تحاور سوسيولوجي بين مجمل ما تم رصده من معطيات ميدانية بأبعادها ودلالاتها النظرية.؟
سؤال سنحاول الاسترشاد به في تحليل وتركيب أهم المضامين والخلاصات في أفق التحقق فيما سبق وان طرح من فرضيات .
1-بحثا عن التمثلات: في مفهوم الجسد
رحلة شاقة ومضنية، خلف البحث عن شيء اسمه الجسد الأنثوي، الموشوم بشيء من علامات التميز ( الإعاقة ) داخل جزء من بنيات الضمير الجمعي، ذو الارتباط الوثيق بالأنساق التحتية بتعددها، التي تحدد الكثير من ملامحه. كيف نفهم إذن، ما جوبه به طالب الحديث عن الجسد الخاص للفتاة المعاقة من صمت مريب؟
تعددت المتغيرات بين المستوى الدراسي، السن، مسقط رأس الأب، مهنته والنتيجة: 80% من عينات البحث لادت بالصمت كمخرج وحيد.
هل نسلم بمقولة دافيد لوبرتون :" ليس هناك من شيء أكثر غموضا، بدون شك، في نظر الإنسان من عمق جسده الخاص. وقد جهد كل مجتمع، بأسلوبه الخاص، لإعطاء جواب عن هذا اللغز الذي ينغرس الإنسان فيه1.أم أن مجابهة موضوع الجسد الأنثوي والكلام عليه أمر خطير، لأنه يدخل في الطابو والمضمر؟
ولعل في كلام " مي جبران " ما يمكن به تفسير هذا الفشل في الخطاب:" إن إنكار الجسد الأنثوي، يؤثر على خطابنا، على قولنا الغائب/ مثل أجسادنا ويصيف
"لا كان " لا توجد إلا امرأة مستبعدة عن الأشياء، بكل بساطة لا يعرفن ماذا يقلن، وهنا يكمن الفرق بين وبينهن".
لعل هذا الصمت في الحديث عن الجسد الخاص عند الفتاة المعاقة، يعبر عن محنه اللغة لما تغذو قاصرة خارج نظامها الرمزي الأبوي السائد:" لا أجد لغة، ولا فكرا خاصين بي، إني اتخبط" ، " وما نقدر انكوليك والوا...".
فاللغة، يكتب بحاج عسو خصوصا الكلام – " لا تطاوع الجنسين بنفس الكيفية والسهولة المطلوبة أثناء استدعاء الكلمات، هاته الأخيرة، أنتجت في ساق ثقافي عرف هيمنة الذكور، ولا تحيل إلى نفس المعنى عند استعمالها من قبل الرجل والمرأة.
فالجسد " الثقافي " للمرأة يقيد اللغة التي تستعملها – خصوصا عندنا- فهي ملزمة بالتوضيح وإلا كان كلامها مثار تأويل مغرض، فكل ما تتفوه به المرأة، أو تكتبه تشتد عليه الرقابة على اعتبار أنها: بضاعة chose تابعة لمملكة الجل.1
ولعل هذا الالتباس يبين الدال والمدلول هو من قاد/ يقود حراس الآداب إلى إباحة دماء العديد من الكتابات النسائية المتمردة، بمنع صدورها، وتوزيعها أو بثها كمنطوق.
فهل إفراد عينة البحث على وعي حاد ومتقد بسطوة منع الكلام / الكتابة، وضرورة الامتثال لما هو منحوت في الجسد الاجتماعي الكلي، من تدابير للإخراس الجسد؟
ترى ماري كاردينال: "إذا كتبت امرأة كلمة حرية وحب، عليها توضيح مرادها من هذه الكلمة، وإذا كانت لا ترغب في أن يلتبس مفهوم الحرية بمفهوم الإباحة " هذا العنف الرمزي الذي يمارسه النظام الاجتماعي العام، عبر آلياته المختلفة على الجسد الأنثوي، يتحول عند الفتاة المعاقة جسديا إلى عنف نحو الذات، يلزمها بتبني وإعادة إنتاج النظرة الدونية نحو الجسد المعاق. بيد أن الوعي باشتغال هذه الآليات ومضمونها " راه المشكلة ماشي فالمعاق ونظرتو لجسده الخاص، راه المشكل في الاعاقة الذهنية للمجتمع. خطوة أساسية نحو الوعي بحقيقة الجسد واتخاذ موقف ايجابي منه، عبر تجاوز النظرة السلبية التي يكرسها المجتمع نحو المعاق بشكل عام.
هذا الوعي تم التدرج فيه من خلال التمرس داخل فضاءات الجمعية وبما تفتحه من أنشطة في وجه الفتاة المعاقة. للتعبير عن ذاتها الإنسانية وهو ما يمنح لمجال ونوعية اشتغال هذه الجمعية جدواها الحقيقي.
2-نحو جسد مندمج
هل يمكن لمؤسسات المجتمع المدني (جمعية الكرامة) أن تسهم في بلورة ايجابي للفتاة المعاقة جسديا عن جسدها الخاص؟
لقد تم التأكيد على الدور الفاعل لهذه الجمعية في تشجيع الفتاة المعاقة على تبني مواقف ايجابية بخصوص جسدها الخاص. وتكسر الصورة السلبية للجسد المعاق التي يدركها المجتمع عبر مؤسساته.
إن الجمعية في هذه الحالة، عامل مساعد على تحقيق الاندماج، عبر تبني مواقف ايجابية من الذات" لم يعد عندي حرج من الإعاقة...، أحس أنني إنسانة عادية، بالرغم من نظرة الآخرين.." ، " أن تكون معاقا ليس معناه انك في مرتبة دنيوية" فالمجهود الذي تقوم به الجمعية عبر أطرها، يجيب على سؤال الاندماج في بعض أبعاده (النفسي – السوسيوثقافي ) من داخل محيط، متسم " بتأخر الوعي الاجتماعي"، من خلال النظرة إلى الفتاة المعاقة عبر ما هو مفقود، وليس من خلال ما هو موجود. حيث أن كثيرا من الممارسات الاجتماعية والمواقف الثقافية حافظت على جوهرها الأول أو ما يسمى بالانطباع الأول: هذا معاق، إذن فهو عاجز.
إن الفتاة المعاقة، وكل شخص معاق، يحمل قدرات متبقية تحتاج، مثلما هو الأمر بالنسبة لأي شخص لا يحمل إعاقة ظاهرة، إلى إتاحة الفرصة للصقل والتطوير، أي إلى ما يسمى بالتأهيل وإعادة التأهيل.
ويمكن القول أن سر كل تأهيل يمكن في الاستغلال الجيد والمحكم للقدرات المتبقية للشخص المعاق وتوجيهها بشكل سليم، يتماشى وأهداف إتاحة فرصة العيش الكريم للشخص المعاق، وحقه في الانخراط في دورة الإنتاج الاجتماعي، وبالتالي تمكينه من المشاركة على قدم المساواة في السيرورة التنموية للمجتمع.
وقد ركزت المبحوثات على ضرورة ايلاء أهمية قصوى لإدماجهن الاجتماعي عبر المحاور التالية:
-الرعاية الصحية والطبية.
-الرعاية النفسية.
-الرعاية وشغل وقت الفراغ.
-التأهيل الاجتماعي كالعلاج بالعمل وبالتدريس على خدمة أنفسهن بأنفسهن ما أمكن.
-التشغيل باعتبار آلية للإدماج الاجتماعي والاقتصادي.
-تفعيل النصوص القانونية الضامنة لحقوقهن.
بيد أن تخويل المعاق، بواسطة تشريعات قوانين خاصة، عددا من الامتيازات أو الفوائد، لا يجب أن يكون وسيلة التميز بين المواطنين في المجتمع الواحد. بمعنى أخر إن التنمية الاجتماعية والاقتصادية الحقيقية، هي التي تجعل الإنسان قطب رحاها، أي منطالقها وغايتها وبالتالي تستلزم تنفيذ هذه السياسة وتفعيل آلياتها، بمعاملة مواطني المجتمع الواحد على قدم المساواة. هذه الحقوق التي لا زالت طي المجهول.
وتجدر الإشارة، في سياق الحديث عن دور المجتمع المدني في الإدماج الاجتماعي للمعاقين إلى مغبة أن تتحول بعض هذه الجمعيات العاملة بالميدان إلى مؤسسات انتهازية، توظف الشخص المعاق بشكل مقيت لتحقيق مآربها، وعرقلة التأسيس لحركة مدنية فاعلة. إن تجربة المجتمع المدني عندنا، يجب أن تراعي وان تهتم بالمعاناة اليومية للمواطنين بشكل عام، لا أن تجعل منه متسولا معترفا به، أي متسول رسمي له بطاقة، ورقم تسلسلي، ينتظر في طابور مع أقرانه هبة أو عطية بالكاد تملأ بطنه ولا تغير وضعه، إن انخراط المجتمع المدني في أعمال من هذا النمط هو ترويض لمؤسساته على العمل " الخيري " وفطم لها عن العمل المدني الذي يعد إستراتيجيته الحقيقة. فالعمل " الخيري " لا يعدو في صيغة الرسمية، في واقع الأمر، غير آلية للتنشئة السياسة، أو بالأحرى للترويض السياسي للمجتمع الزبوني، مجتمع يقوم على روابط غير مدنية ويعيد إنتاجها. بناء ذلك، يعد انخراط الهيئات المدنية فيه أو التبشير به إعاقة ذاتية للمجتمع المدني ليس إلا. فهل بمقدور مؤسسات وهيئات المجتمع المدني المشغلة بنفس القطاع، إنتاج ذاتها أو إعادة إنتاج ذاتها اجتماعيا بموازات ضمان استقلاليتها عن بنى الإعاقة الراسخة في السلوك السياسي ما قبل المدني. سواء كان مصدر هذا السلوك الدولة والأحزاب أو المجتمع؟1
إن ما يكمن التأكيد عليه في سؤال الإدماج المتصل بالفتاة المعاقة جسديا، هو أن ما يخدم صالح الأشخاص المعاقين حاضرا يخدم حاضر ومستقبل المجتمع ككل، وان أي مخطط تنموي شمولي، يلغي من اهتمامه النهوض بأوضاع هذه الفئة مصيره أن يظل مخططا مبتورا. يسهم في تكريس وإعادة إنتاج الإخفاقات.




خاتمة:
يرتكز صلب الفلسفة العامة التي تحتكم إليها مخططات التنمية البشرية، على محورية الذات الإنسانية. سواء كان هذا الإنسان معاق أم لا. ومن منطلق أن لا تنمية بشرية حقيقية، دون أن يكون هذا الإنسان قلبها النابض وهدفها الأول والأخير.
وعليه فالإنصات العميق وبمنطلقات علمية للفاعل الاجتماعي، لا يمكن ألا يسهم في تثميل العنصر البشري، وتوجيه مسارات هذه التنمية، بما تقتضيه المصلحة العامة للمجتمع.
فإن تظل فئة واسعة من المواطنين على هامش دينامية التنمية، معناه، أن ذلك سيصبح عائقا أمام أي تقدم اجتماعي منشود.
فالاهتمام بتمثلات الفتاة المعاقة لجسدها الخاص، قاد إلى ضرورة تشجيع المبادرات المستقلة لجمعيات أو هيئات وطنية جادة وصاحبة مشاريع حقيقية، تمتح هويتها من عمق انتظارات هذه الفئة. وعمقّ لدينا في المقابل، الإيمان المطلق بأهمية ونجاعة البحث العلمي في تدبير شؤون الناس، بما يروم مصلحتهم العامة.

بيبليوغرافيا:
1-بن منظور، لسان العرب، إعداد وتصنيف يوسف الخياط، دار لسان العرب بيروت، دون تاريخ النشر، الجزء الأول.
2-أمال قرامي، " المثقف "، السنة الثانية العدد 369 www . almotaqaf . . com
3-بحاج عسو" الجسد بين آليات الضبط والإخضاع، دفاتر سياسية، العدد، 80-81، ابريل – ماي 2006.
4-خليل عمر معن، علم الاجتماع المعاصر، ترجمة نادية النحلي، الشروق 2000.
5-خالدة سعيد، المرأة، التحرر، الإبداع، سلسلة بإشراف: فاطمة المرنيسي. نشر الفكر.
6-الزكي باحسين، الكتابة والجسد، البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع الطبعة الأولى، 2000.
7-عاطف وصفي الانتربولوجية الثقافية، اسيسكو،2003 .
8-عبد النور ادريس، الكتابة النسائية حفرية في الأنساق الدالة: الأنوثة الجسد.. الهوية، مكتبة وراقة سجل ماسة مكناس، الطبعة الأولى،2004 .
9-عبد الكبير الخطبي الاسم العربي الجريح، دار العودة – بيروت – الطبعة الأولى 1980 .
10-عدنان الجزولي الإعاقة في التشريعات العربية المعاصرة، دراسة لبعض التجارب الوطنية بدول العالم الإسلامي، منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة- ايسيسكو -2003.
11-عبد العزيز العبادي، " المعرفة والسلطة عند فوكو من خلال إرادة المعرفة "، العرب والفكر العالمي، العددان 17-18. ربيع 1992.
12-المعجم الفلسفي، الشركة العالمية للكتاب، بيروت 1994 .
13-المعجم الوسيط، مؤلف جماعي المكتبة الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع 1993.
14- الفيروز ابادي، المعجم المحيط، دار الفكر، بيروت 1983.
15-ميشيل فوكو، يجب الدفاع عن المجتمع ترجمة وتقديم، الدكتور زواوي بغورة. دار الطالعة. بيروت.
16-مي جبران، " الشخصية الأنثوية"، مجلة مواقف، العدد، 73-74.
17-الدكتور محمد الشيخ، المغاربة والحداثة، قراءة في ستة مشاريع فكرية مغربية، منشورات رمسيس، السلسلة الشهرية المعرفة للجميع، عدد 34 مارس 2007 .
18-مصطفى حجازي، التخلف الاجتماعي مدخل الى سيكولوجية الانسان المفهور، المركز الثقافي العربي.
19-محمدالغيلاني، محنة المجتمع المدني: مفارقات الوظيفة ورهانات الاستقلالية، دفاتر وجهة نظر، الطبعة الأولى 2004.
20-الهراس المختار، المناهج الكيفية في العلوم الاجتماعية، منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط، سلسلة ندوات ومنظارات رقم 100
21-سعيد بوخليط، فكر ونقد، العدد 51 .
22-دافيد لوبرتون، انتربولوجيا، الجسد والحداثة، ترجمة محمد عرب صاصيلا،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.الطيعة الاولى1993.
23-هشام العلوي، الجسد بين الشرق والغرب: نماذج وتصورات، منشورات الزمن، الطبعة الأولى ،2004 .
24-هشام العلوي، في قبضة الثقافة، نظرة ورؤى حول الجسد، منشورات اتحاد كتاب المغرب، الطبعة الأولى، 2004
25- سمية نعمان جسوس، بلا حشومة ،الجنسانية النسائية بالمغرب. ت . عبد الكبير حزل، المركز الثقافي العربي الطبعة الأولى 2003.
26-عبد الكبير غريب، منهج وتقنيات البحث العلمي، مقاربة ابستيمولوجية منشورات عالم التربية.
27-بالكامل جواد، الأصول الاجتماعية والمرض، حالة مرض السل، دراسة ميدانية بالمستشفى المركزي بالقنيطرة، بحث لنيل الإجازة، السنة الجامعية، 2005/ 2006.
المراجع باللغة الفرنسية
1-P.Chileder, l’image du corps, callimard, Paris, 1968.
2-F.Aait-SabaH, la femme dans l’inconscient musulman, Sycomore, Paris, 1982.
3-A.An Zieu, la femme sans qualités, Paris, 1989.

فهرس الجداول
رقم الجدول العنوان الصفحة
1 توزيع عينة البحث حسب متغير السن وعلاقته بالسؤال عن الجسد. 26
2 توزيع عينة البحث حسب متغير المستوى التعليمي وعلاقته بقدرة الحديث عن الجسد الخاص 27
3 توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الأب وعلاقة الصلاة لتحديد الموقف من الجسد 28
4 توزيع المبحوثات حسب المتغير مسقط رأس الاب وعلاقته بالحديث عن الجسد الخاص 28
5 توزيع المبحوثات حسب متغير السن وعلاقته بالجسد النموذجي 29
6 توزيع المبحوثات حسب المستوى التعليمي وعلاقته بالجسد النموذجي 30
7 توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الاب وعلاقتها بالجسد النموذجي عندهن 31
8 توزيع المبحوثات حسب متغير مسقط رأس الاب والجسد النموذجي عندهن 32
9 توزيع عينة البحث حسب متغير السن وعلاقته باستعمال الماكياج 33
10 توزيع المبحوثات حسب متغير المستوى الدراسي وعلاقته باستعمال الماكياج 34
11 توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الأب وعلاقته باستعمال الماكياج 35
12 توزيع عينة البحث حسب متغير مسقط رأس الاب وعلاقته باستعمال الماكياج 35
13 توزيع عينة البحث حسب متغير السن وعلاقته بممارسة الرياضة 36
14 توزيع المبحوثات حسب متغير المستوى التعلمي وممارسة الرياضة 37
15 توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الاب وعلاقته بممارسة الرياضة 38
16 توزيع المبحوثات حسب متغير مسقط رأس الاب وممارسة الرياضة عند المبحوثات 39
17 توزيع المبحوثات حسب متغير السن وعلاقة الصلاة بالموقف من الجسد 40
18 توزيع المبحوثات حسب متغير المستوى الدراسي وعلاقة الصلاة بتالموقع من الجسد 41
19 توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة وعلاقة الصلاة بالموقف من الجسد 42
20 توزيع المبحوثات حسب متغير مسقط رأس الاب وعلاقته بالصلاة والموقف من الجسد 4
الفهرس:
تقديم عام. 01
الفصل الأول: التحديد المنهجي للبحث 03
1-إشكالية 04
2-فرضيات الدراسة 04
3-الأداة 04
4-العينة 05
5-التحديد المجالي لعينة البحث 06
الفصل الثاني: الإطار النظري 07
I-التحديد المفاهيمي 08
1-مفهوم التمثل 08
2-الجسد 11
3-الإعاقة 12
II-الدراسات السابقة 16 1 -تمهيد 16
2-مطبخ الجسد 16
3-فقه الجسد 17
4-المؤسسة و الجسد 18
5-الجسد الأنثوي أو الجسد المرصود للألم 19
6-ترويض الجسد 21
7-الجسد الأنثوي وحلم التنمية 23
الفصل الثالث: الدراسة الميدانية 25
I-عرض المعطيات الميدانية 26 1-مدخل 26
2 -مفهوم الجسد: التمثلات 26
II-جسد المعاق وسؤال الاندماج 43 1-لماذا جمعية الكرامة للمعاقين؟ 43
2-هل الجمعية حقا فضاء متميز؟ 44
3-الجمعية والنظرة إلى الجسد 45
4-بحثا عن المفقود: نظرة نقدية 45
5-مفارقات: ليس من يأتي كمن يبقى 46
6-واجب الدولة إزاء هذه الفئة 46
7-الأعمال اللائقة لنوعك 47
8-التطلعات في أفق عشرة نوات القادمة 47
III-تحليل معطيات الميدان 48
1-بحثا عن التمثلات: في المفهوم مفهوم الجسد 48
2-نحو جسد مندمج 50
خاتمة: 53
بيبلوغرافيا 54
الفهرس 57

























تقديـم عـام:
ينتظم القول حول الجسد، كأفق معرفة سوسيو-انثرلولوجية، على مدارج سياق ذاتي وشمه الجسد كتجل للوجود المتعدد في معناه: من حيث الرغبة في التعدد الدلالي والتمرد ضد أكبال الاستبداد الناتج عن العرف المطلق norme الذي يلف الجسد في متواليات من المنع والتحريم، ليقدم على نحو طقوسي مريب.
إن الاهتمام بالجسد، احتفاء بالبعث عن التعدد المركب فيه: إنها الدلالة السوسيوثقافية وتحديدا من داخل مجال اشتغال ظلت جدوته تطل فينا إلى النفس الأخير من تتويج الجسد كرهان توافقي. فعبارة " المنتميات إلى جمعية الكرامة للمعاقين" صيغة أردناها ضامنة للتبوثق في ساحة الجمعوي بما هو هاجس يسكن الأعماق.
من داخل الفهم والتصورات الانثربولوجية للجسد " التي لم يقتصر موضوعها فقط على ما يخترعه الإنسان من ثقافات، وإنما شمل جسم الإنسان ذاته"1 ـ يقدم الجسد بمنزلة بناء رمزي، أي طبخة، تتحدد معالمها / مذاقها عبر ثوابل السوسيوثقافي السائدة من داخل إناء ما.
هذا الفهم سايرناه إجرائيا، عبر إنصات عميق ومكثف لعينة دالة، منحت مساحة للقول، منتظم على خلفية سؤال مركزي هو التالي:
-كيف تردك /تتمثل هذه العينة سؤال الجسد كتجربة متفردة، وفي اتساق ببعده الوظيفي؟
وبغية مقاربة إشكالية مركزية هامة كانت كما يلي:
-هل يمكن للفتاة المعاقة جسديا أن تتمثل جسدها الخاص بمعزل عن العلاقات التوسطية التي تنظم علاقتها بمحيطها، نحو الدين وآداب السلوك، واللغة والفن...؟.
-وهل لنوعية تمثلاتهن للجسد في اتساق بتجربة العمل الجمعوي علاقة ما بسؤال الاندماج؟
إشكالية تفرع عنها بعض فرضيات عمل ترجمت إجرائيا إلى أداة بحث مناسبة هي تقنية "المقابلة: للتحقق الميداني منها. فإلى جانب محورها الأول، والذي تم تخصيصه لجمع المتغيرات الخاصة بالمبحوثات، هم المحورين الثاني والثالث أسئلة موجهة بفرضيات هذه بعض منها:
-أفترض أن تمثل الفتاة المعاقة لجسدها الخاص محكوم متغيرات ترتبط بالوسط الذي تعيش فيه: المستوى التعليمي، مكان الإقامة، نوعية الإعاقة، المستوى الاجتماعي...
-لعل نوعية تمثلاتهن للجسد في ارتباط بتجربة العمل الجمعوي له إجابة ما على سؤال الاندماج الاجتماعي؟
من هذين المنطلقين: النظري والمنهجي، كان القصد معرفيا بدرجة أولى هو السعي إلى إقحام الرؤية السوسيو-أنثربولوجية، في مقاربة بعض تقاطيع الجسد الاجتماعي الكلي، في ديناميته المحلية.
فاهتمامي بالجسد المعاق تحديدا، كان بهدف التمكن العلمي من معرفة رؤى وتمثلات هذه الفئة حول جسدها الخاص. وعلاقة هذه التمثلات بسؤال الاندماج في رحى المجتمع. وكذلك لقياس مدى إسهام المجتمع المدني بنوعية مقاربته المتميزة القائمة من حيث المبدأ على القرب ـ الإنصات ـ والتوسط ـ على دفع هذه الفئة إلى تبني مواقف إيجابية من الجسد أولا ومن الذات أخيرا للفعل في مقولات التنمية.
كل ذلك يرمي إلى تعرية جزء من الواقع المسكوت عنه في النسق المجتمعي العام: انعه الجسد المعاق ناطقا بلسانه.








التحديد المنهجي للبحث






1-الإشكالية:
تعتبر الإشكالية بمنزلة الإطار النظري الشخصي الذي يتحدد من خلاله سؤال الانطلاق، ويترتب بموجبه الجواب على السؤال ذاته، إنها الحلقة التي تتمفصل عندها كل من عملية القطيعة وعملية البناء، وعليه فقد جاءت إشكالية هذا البحث كالتالي:
-هل يمكن للفتاة المعاقة جسديا أن تتمثل جسدها الخاص بمعزل عن العلاقات التوسطية التي تنظم علاقتها بمحيطها نحو الدين، آداب السلوك، اللغة، الفن...الخ؟
وهل تتمثل جسدها الخاص باعتباره عائق إمام الاندماج في المجتمع؟ وهل يسهم الانتماء إلى مؤسسات المجتمع المدني في بلورة مواقف محددة من الجسد؟
2-فرضيات الدراسة:
-أتوقع أن أجد تمثل الفتاة المعاقة لجسدها الخاص مرتبط بجملة من المتغيرات من قبيل الدين، الأخلاق، آداب السلوك، اللغة، الفن، المستوى التعليمي...؟
-من المحتمل أن يسهم الانتماء إلى جمعية الكرامة للمعاقين بالغرب، في بلورة موقف إيجابي من الجسد؟
-ربما تتمثل الفتاة المعاقة جسدها الخاص، بوصفه عائق على الاندماج في المجتمع.
3-الأداة:
استندت في جمع المعطيات الميدانية المتصلة بموضوع البحث، على المنهج الكيفي وأساسا على تقنية "المقابلة الموجهة"، التي يعمد فيها الباحث إلى إعادة أسئلة محددة وتوجيهها بنفس الطريقة والترتيب إلى كافة أفراد عينة البحث، بحيث تكون بنية الأسئلة موحدة ومنظمة بشكل لا يدع أي مجال للتأويل1. وذلك لما لها من أهمية في دراسة الظواهر المجتمعية الأكثر حساسية ودلالة في حياة الأفراد والجماعات وفي الحصول على المعطيات الميدانية الأكثر مصداقية، ودقة، وعمقا ودلالة، على المستوى الشخصي والجماعي والثقافي والمؤسساتي2.
فإذا كان التوجه العام في حقل العلوم الاجتماعية يسند للمناهج الكمية، مصداقية أكبر من تلك التي يسندها للمناهج الكيفية، ويعتبرها أكثر دقة وعلمية منها، فإن ذلك لا يلغي مساهمة التحليل الكيفي في فهم أعمق للظواهر المدروسة والنفاذ إلى مجمل الحوافز والتمثلات والأطياف التي يتعذر الكشف عنها اعتمادا فقط على لغة الأرقام، وتحليل معاني الأشياء وخصائصها ورموزها عبر الاستعارات المعبرة عنها والأوصاف الكاشفة لطبيعتها3.
من تم كان لا بد لنا لمحاصرة موضوعنا، ميدانيا ومنهجيا، من استراتيجية تواصلية معمقة مع الفاعل الاجتماعي، لتمكينه من التعبير عن تصوراته وتمثلاته، بصدد جسده الخاص، لتبيان الجزئيات الناظمة للجسد لما هو بناء رمزي ثقافي محض.
4-العينة:
تم انتقاء عينة البحث، بطريقة عشوائية، من المعاقات جسديا، المتراوحة أعمارهن ما بين 15 سنة و45 سنة، والمنتميات إلى جمعية " الكرامة للمعاقين بالغرب" ويتكون العدد الإجمالي للعينة من: 20 حالة بالنظر إلى حجم رواد هذه الجمعية.

5-التحديد المجالي لعينة البحث:
تم اختيار عينة هذا البحث بمدينة القنيطرة، وتحديدا بجمعية " الكرامة للمعاقين بالغرب" الكائنة بـ الزنقة 4 رقم 2 إيراك ـ الساكنية.
وتهدف هذه الجمعية إلى:
-السهر على مصالح المعاقين بمختلف الشرائح وتكثيف الجهود لإدماجهم في الميدانين المهني والاجتماعي.
-العمل على الرفع من مستوى المعاق رياضيا، ثقافيا، اجتماعيا، وفنيا.
كما تدخل ضمن غاياتها:
-خلق بنية صلبة للمعاق تعطيه المناعة لتخطي الإعاقة والاندماج الكلي حسب القدرات في المجتمع ومشاركته الفعالة لتحسيس كل الفعاليات بإبداعاته ومواهبه رغبة في تفجير كل طاقاته بكرامة وتقدير الجميع ليعيش حياته بصفة عادية.
تتكون إدارة الجمعية من : المكتب المسير: جل أعضائه من الأشخاص المعاقين معززا بذوي الكفاءات العالية من أطباء ومهندسين ورجال أعمال وصيادلة ومحسنين وغيرهم.
وقد تم تأسيسها سنة 1994 بمقر دار الشباب رحال المسكيني.













الإطار النظري






I-التحديد المفاهيمي:
سيتم ضمن هذا المحور التطرق إلى ثلاث مفاهيم أساسية وهي: التمثل، الجسد، الإعاقة.
1-مفهوم التمثل
أ- التحديد اللغوي:
يعرف ابن منظور1 مفهوم التمثل كما يلي:" من مثل الشيء أي صوره كأنه ينظر إليه وأتمثله أي أتصوره، مثلت له تمثيلا إذا صورت له مثاله بكتابة وغيرها، وتمثيل الشيء بالشيء يعني التشبيه".
ويرى " جميل صليبا "2 في معجمه الفلسفي، أن التمثيل والتمثل متقاربان، وهما معا يشتركان في أمرين: أحدهما صورة الشيء في الذهن والآخر قيام الشيء مقام الشيء.
ويحدد قاموس (le grand Larouse) مصطلح التمثل représentation) باعتباره حضور الشيء ومثوله أمام العين أو في الخيال بواسطة الرسم أو النحث أو اللغة أثناء الكلام. فـ (Balzac) قام يتمثل، أي باستحضاره المجتمع الفرنسي إبان فترة الإصلاح من خلال روايته، وبهذا المعنى يقول "جورج دورهاميل" إذا كان عدد أصدقائك ثلاثة وعشرين فإن لديك عنهم ثلاثة وعشرين تمثلا.
ب-مفهوم التمثل في السوسيولوجيا:
مما لا شك فيه، أن لمفهوم التمثل أهمية كبيرة في قيام عدد كبير من الأبحاث الاجتماعية المتميزة في حقل علم الاجتماع المعاصر.
وبغض النظر عن الاستعمال المبكر من طرف علماء الاجتماع لمفهوم التمثل فقد خص " إميل دوكايم" أهمية قصوى لمفهوم التمثل وكذا الدور الذي تعلبه التمثلات في تكوين الحياة الاجتماعية والعقائدية. حيث يرى دوركايم أنه لا يمكن فهم التمثلات الفردية دون فهم الأوضاع والمواقف والميولات والثقافة التي يستنبطها الأفراد والتي تحكم رؤيتهم إلى العالم وإلى أذواقهم كما تحكم أنماط تفكيرهم وأسلوب عيشهم وطرق أذواقهم والمعايير التي يعتمدونها في تصنيف مجالات الحياة، بحسب الأولويات، لدى فإن تمثلات الأفراد حسب " إميل دوركايم" تختلف باختلاف القيم الثقافية التي اكتسبوها من المجتمع وباختلاف استعداداتهم العقلية والوجدانية والجسدية، فالتمثلات تبعا لهذا المفهوم هي تصورات اجتماعية تتأسس في شكل قيم ومعايير للسلوك والتذوق والقول، بل يمكن اعتبارها تيارات رمزية تسيطر داخل مجتمع معين وتنظم ضمنها المواقف والسلوكات والأحكام بحيث تثمل صورة الماضي الجماعة، وتعكس رؤيتها ووعيها بشرط وجودها. يقول إميل دوركايم " إن التمثلات هي ذلك التدفق الدائم من صورة الحياة تدفع بعضها البعض كتدافع مجرى نهر دائم السيلان، ولا تبقى على حالها إنها تتغير بتغير الحياة الاجتماعية، وإذا كانت التمثلات شخصية فالمفاهيم لا شخصية ومن خلالها تتمكن العقول من التواصل " ونستشف من هذا القول أن للتمثلات دور أساسي في تشكيل الحياة الاجتماعية وكذا الذهنية للأفراد1 .
ج-مفهوم التمثل في السيكولوجيا:
يعد مفهوم التمثل من المفاهيم السيكولوجية الدقيقة التي ينتابها بعض الخلط وعدم الدقة في الاستعمال، فضلا عن اختلاطه بمفاهيم سيكولوجية أخرى كالصورة والإدراك والانفعال والرمز.
والظاهر أن الوظيفة الكبيرة التي يقوم بها هذا المفهوم هي التي أدت إلى تشعب معانيه، وامتدادها لتطال عقودا متعددة، وتتقاطع مع مفاهيم متنوعة فالتمثل كما يرى "نيكولا ديس" يعطي كل عمل في الجهاز النفسي عند الفرد وهو يتدخل حسب TAP تمثل الذات أو تمثل الآخر (الطلبة، الأساتذة..) أو عن تمثل الأشياء والموضوعات وحتى عن تمثل ما فوق الأشياء كالريح مثلا. ويعرف (Ficher) مفهوم التمثل: إما باستحضار مفهوم في غيابه وإما حينما يعيد التمثل فعل الإدراك في حضوره للإكمال ما ينقصه من معارف إدراكية بالرجوع إلى موضوعات أخرى غير مدركة حاليا1.
ويبدو أن ficher يستمد تصوره لمفهوم التمثل من مرجعية " بياجي" تلك التي تختزل التمثل في مفهوم الصورة الذهنية حيث ينظر إليها كاستحضار تصويري للموضوعات أو العلاقات (...) يترجمها في شكل ملموس بمثل درجة عالية من التصوير .
وتجدر الإشارة إلى نقطة أساسية، ذلك أم كل الدراسات التي تناولت مفهوم التمثل سواء بشكل عرضي أو تلك التي أفردت لهذا المفهوم بحثا خاصا به، بما فيها التي أدرجناها في هذا البحث، أو تلك التي لم يسعفنا الوقت للاطلاع عليها، كل هذه الدراسات تتفق حول اعتبار واحد على الأقل ويتمثل في كون مفهوم التمثل يشتغل عند حافتي الحقل السوسيولوجي والحقل السيكولوجي، الشيء الذي يجعل منه أحد المفاهيم الرئيسية داخل هذين الحقلين المعرفيين.
ويخضع مفهوم التمثل لتحليل حسب ثلاث أبعاد رئيسية:
1-يمثل الاتجاه الذي يعكس مدى قبول الموضوع أو رفضه (النزوع/النفور).
2-ذو نفحة معرفية، ويمثل مجموع المعارف المكتسبة بخصوص موضوع معين، هذه المعارف هي التي تمثل ما يدعى بالحس المشترك لدى كافة الأفراد.
3-ومجال التمثل ويحيل إلى فكرة نظام المحتوى، بحيث لا يمكن الحديث عن مجال إلا حينما تكون هناك وحدة معرفية قائمة وترتيب نسقي للعناصر ويعكس درجة واضحة في بناء الفكر1.
2-الجسد:
يجمع العديد من الباحثين على تعدد وتمايز دلالات الجسد ومعانيه، بتعدد زوايا النظر إليه، ذلك أنه مقولة صميمية طي سجلات مجموعة من المجالات العلمية والخطابية2 فالجسد كمركز للانثروبولجيا لا بد أن يصطبغ في تحديد المفاهيمي بمرجعيتها وأطرها النظرية ذات الأمر مع علوم الطب، السيميولوجيا التحليل النفسي الذي يدخل الجسد ضمن اهتماماتها.
فجسد التشريحيين يخالف جسد الفيزيولوجيين وعلماء الأحياء والجسد كما توصغه المؤسسة الطبية، والعلمية يغاير صياغة مؤسسات أخرى، سياسية أو إعلامية أو جمالية أو دينية أو رياضية. وكأن كل خطاب ينتج جسده ويمنحه تسميته وتقطيعا وبطاقة دلالية، حيث يغدو الجسد، أجسادا مفهومية يحيل كل منها على حقل إيحائي معين أو شكلا فارغا تتناوب العلوم على ملء بياضه حسب شروط التداول الخاص والعام، فتنتج معرفة أو معارف غير متجانسة تتوزع الجسد وتشذره إلى بقع ومناطق متباينة3. فالجسد في اللغة جسم الإنسان، ولا يقال لغير الإنسان جسد من خلق الأرض والجسد، البدن ونقول له منه تجسد، وكما نقول من الجسم: تجسم4 والجسم: كل ما له طول وعرض وعمق. وكل شيء يدرك من الإنسان والحيوان والنبات، وعند الفلاسفة كل جوهر مادي يشغل حيزا ويتميز بالثقل والامتداد، ويقابل الروح. وقد عرفه الجرجاني بأنه جوهر قابل للأبعاد الثالثة: الطول، العرض، العمق، جمع: أجسام وجسوم1 وفي التنزيل العزيز: " فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار " والمجسد:الثوب الملامس للجسد.
-الجسد: الماهية والحقيقة، يقول ابن منظور :"جسم الشيء حقيقته، أما اسمه فليس بحقيقة".
"الجسد جماعة البدن" ومجموع أعضائه التي يحافظ الكائن الحي من خلالها على مختلف وظائفه.
ودرس علماء الإنسان والاجتماع لعاقة الثقافة والمجتمع بجسد الإنسان ووجدوا أن معظم المجتمعات تشير إلى اليد اليسرى للإنسان على أنها رمزا للشر ولا خير فيها. (كمعتقد ديني أو اجتماعي) وأكدوا أيضا على أن جسد الإنسان لا يمثل جسدا بيولوجيا فحسب، بل هو بناء اجتماعي، ينتج عن ممارسات اجتماعية. 2 فالجسد لا يوجد إلا وهو مبني ثقافيا، من قبل الإنسان، إنه بناء رمزي وليس حقيقة في ذاتها. إنه نظرة موجهة للشخص من قبل المجتمعات البشرية التي تحدد معالم تخومه، دون أن تميزه في غالب الأحيان عن الإنسان الذي يجسده. ومن هنا منشأ المفارقة في المجتمعات التي لا وجود في نظرها أو في المجتمعات التي ترى أن الجسد حقيقة معقدة على نحو تتحدى فيه الفهم الغربي3.
3-الإعاقة:
في شرح مادة " عوق " يقول المعجم الوسيط: عاق عن الشيء أي منعه منه، وشغله عنه، فهو عائق ، والجمع عوق للعاقيل، ولغيره عوائق، وهي عائقة، وعوائق الدهر شواغله وأحداثه، وتعوق أي امتنع وتتبط1. والعوق أي الحبس والصرف والتثبيط كالتعويق والاعتياق، والرجل الذي لا خير عنده يعوق الناس عن الخير. عاقني عائق وعوائق الدهر: الشواغل من أحداثه، ورجل عيق، ذو تعويق . والإعاقة في المصباح المنير معناها: المنع والتثبيط. والعائقة مؤنث العائق، أي من يعيق عن العمل ورجلا عيق يعوق الناس عن الخير2. ويتفق مجمل المؤرخون على أن أصل الكلمة انجليزي: ويعني: اليد في القبعة أن الهانديكاب (بالمعنى الانجليزي الأصلي) كان المقصود بالضبط إتاحة فارق في الزمن أو المسافة أو الوزن بشكل يتيح لخيول السباق الضعيفة أو المتوسطة، إمكانية المساهمة في المسافات على قدم المساواة مع الخيول الممتازة المعروفة بقدراتها البدنية ومهراتها العالية، ومن تم سيطرتها على رأس الترتيب في حلبات التباري3 ويضيف عدنان الجزولي، أن لكلمة هانديكاب دلالتين متميزتين فهي من منطلق الجياد المتوسطة أو الضعيفة، تعني منح الامتياز لصالحها بعد إيقاع أو إحداث الهانديكاب على الخيول الممتازة. أما من منطق هذه الأخيرة فالأمر يتعلق بإعاقة أو عرقلة أو تعجيز مؤقت في الزمن، ينقص من تفوقها ويقلص من حظوظها المطلقة بتحويلها إلى حظوظ نسبية أو مبثورة بشكل مصطنع4. ويرجع استعمال مفردة الإعاقة كمقابل عربي " للهنديكاب" في الاصطلاح إلى العقود الأخيرة من القرن 20، وبالنظر إلى التجارب الميدانية والدراسات متعددة الاختصاصات قد تم النظر إلى الإعاقة في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والثقافية لإخراج الإعاقة من السياق الطبي ضيق الاختصاص إلى رحاب المجتمع، إذ ظلت المقاربة الطبية إلى وقت متأخر محتكرة لمفوه الإعاقة، حاصرة إياها في تشخيص مسبق لا يتجاوز جسد الشخص المعاق، لكن تقدم العلوم وتنوع الاختصاصات خاصة في العلوم الإنسانية وكذلك ضغط منظمات الأشخاص المعاقين، وطنيا ودوليا، دفع إلى إعادة النظر في كثير من المسلمات وإعطاء الأبعاد الاجتماعية والثقافية والبيئية وزنها التي تستحقه.
ويرى أحد المهتمين بمجال الخدمة الاجتماعية وهو ونج wing بأن الإعاقة هي نقص مميز في القدرات الوظيفية للجسد .
ويحدد رواد السياسة الاجتماعية " بيتر توسنسد P.Townesd" مصطلحات هامة توضح مفهوم الإعاقة في بعدها الإجرائي.
1-نوع من الخلل البدني والفزيولوجي والسيكولوجي في جسم الإنسان.
2-تعتبر الإعاقة الإكلينيكية متزامنة، تؤثر على العمليات الفزيولوجية والسيكولوجية.
3-تعد الإعاقة نوع من القصور الوظيفي في الأنشطة العادية سواء أكانت تلك الانشطة تجري بصورة فردية أم جماعية.
4-الإعاقة حالة سلوكية مميزة لها مظهره غير الطبيعي.
5-الإعاقة تتحدد اجتماعيا حسب الفئة والمكانة الاجتماعية التي يشغلها المعاق في المجتمع2 .
ويشير مفهوم الإعاقة من منظور منظمة الصحة العالمية إلى التالي: "حالة تصيب الفرد المعاق الذي يعاني نتيجة الإصابة أو العجز، ويكون غير قادر على القيام بأنشطة معينة، يمكن أن يقوم بها فرد عادي في مثل عمره ونوعه ومستواه الثقافي"3.
وينبه الأستاذين إياد عبد الكريم الغزاوي ومروان عبد المجيد إبراهيم إلى ضرورة تحديد مفهوم الإعاقة وتفسيره في ضوء ثلاث عناصر أساسية وهي :
1-إن تفسير درجة الإعاقة ترجع لطبيعة لكل من المجتمع أو الفرد نفسه ونوعية القيم والاتجاهات التي ترتبط بنوعية الإعاقة وتحديدها اجتماعيا، أو حسب ما يتفق عليه في المجتمع.
2-إن تفسير كل من القيم والاتجاهات تحدد في إطار البناء الثقافي والحضري العام في المجتمع، فالفرد يمكن أن يكون معاقا في مجتمع ما ولا يمكن اعتباره كذلك في مجتمع آخر، مثال ذلك مرضى الجذام.
3-كثيرا ما تكون تلك القيم والاتجاهات الاجتماعية ونظرتها وتفسيرها للإعاقة سلبية وخاصة على كل من المعاق وأسرته.










II-الدراسات السابقة:
1-تمهيد:
شكل جسد المرأة بخصوصيته البيولوجية وإمكانيته الطبيعية عبر تاريخ الحضارات الإنسانية والميثولوجبات القديمة والتصورات الدينية حقلا لتناقضات بارزة، فهو مجال للقوة الميتافيزيقية، للسلطة المرتبة بسر الأمومة والخصوبة، وحمل الحياة الجديدة، وهو أيضا مجال للشر، مصدر السحر والضرر، حاملا للحياة والموت في آن واحد1.
هو بهذا المعنى قلعة للدلالات والمعاني المتمايزة والمتراكبة وفق متواليات تنصهر بينها الحدود، تبعا لاستراتيجيات ناظمة للقول وضابط لحدوده عبر شفرات تتراوح بين البيولوجي والسوسيوثقافي، الرمزي والأسطوري. تلك هي قوة الجسد البليغة، نيئا ومطبوخا، خلق المعاني والموجودات على حد سواء.
2-مطبخ الجسد:
تعددت مرفولوجية المكتوب بصد الجسد، بتعدد زوايا النظر إليه في محاولات جادة للإنتاج مقولات تلامس صلبه الدلالي، الإشكالي في أبعاده المختلفة، انطلاقا من مرجعيات نظرية، وأجهزة مفاهيمية وإجرائية متباينة.
في هذا الصدد سنحاول رصد بعض الكتابات (مقالات متخصصة/دراسات) التي تقصدت الحفر في الجسد بما هو كساء ثقافي، مرهون بالبعد التراكمي، الوثيق الصلة بالأبنية الفوقية والتحتية للفضاءات والسياقات التي تهبه بطاقاته الدلالية.


3-فقه الجسد:
ساءلت أمال قراي الجسد الأنثوي في التفكير الإسلامي (فقه النساء) الذي ظل محتشما، اختزاليا في مقاربته الجسد الأنثوي، فالناظر إلى كتب التراث تقول :"يتبين ان الحديث عن جسم المرأة هو حديث حول التغيرات البيولوجية لهذا الجسد الأنثوي (حالة الحيض، النفاس) والكتابة حول هذا الموضوع كتابة وصفية ترسم حدود المسموح به والممنوع، حتى يغدو الجسد جسدا منضبطا" ذلك هو فقه النساء، حديث الرجال حول جسد مهيأ لأن يكون مادة استثمار داخل مؤسسة الزواج...لقد كان العالم صاحب خطاب ومنتج نص مدار النظر فيه المرأة"1 وتساءلت هل نحن إزاء تعتيم وتهميش مقصودين؟ لا غرابة في ذلك مادامت الكتابة فعلا ذكوريا ومادام التاريخ تاريخ الرجال؟
فقد أفرزت حركية ما بعد الحداثة نقاشا وديناميا في العلوم الإنسانية، من فلسفة وأدب، وأنثربولجيا وغيرها، أدى إلى تغير البنى التقليدية، في المجتمع والأفكار، بيد أن خلخلة البنى القديمة والمرجعيات لم تحدث بنفس الدرجة في البلدان العربية.
ويعزى الاهتمام إلى هذه المسألة ـ برأيها ـ إلى الحركات النسوية التي برزت في عدد من البلدان العربية. إذ أدت هذه الحركات إلى تفطن المرأة العربية إلى غياب تقاليد إصلاحية بخصوص التفكير في علاقة المرأة بجسدها في التراث الفقهي من جهة، وإلى وعي النساء بمدى تأثير التصور الذكوري للجسد الأنثوي في تدني منزلة المرأة من جهة أخرى. وهو ما شكل دافعا لعدد من النساء إلى إعادة النظر في المنظومة الفقهية وتشكيل وعي جديد لدى المرأة يحفزها على التفكير في الطبيعة التي تربطها بجسدها. فبينما لا تحصر شخصية الرجل في ذكورته بالمعنى البيولوجي تختزل في المقابل شخصية المرأة في أنوثتها، ويتم تغيب المرأة عن البعد الاجتماعي وتهميش تاريخي للأدوار المتعددة1.
ذلك ما حاولت العديد من الباحثات المنضويات تحت لواء الحركات النسائية تأصيله، بالبحث عن أصل الفروق بين الجنسين والتأكيد على الدلالة الثقافية والاجتماعية لهذه الفروق، والمكرسة عبر مؤسسات المجمع.
4-المؤسسة والجسد:
من زاوية نظر التأمل الفلسفي وتحديدا النزعة الأنطلوجية التي تفرض في حدودها تدخلات وتباعدات: الانا، الآخر، العالم، قارب سعيد بوخليط ما أسماه بتجربة تراجيدية تضمر كل أشكال الوعي الشقى، وتحمل بين ثناياها تحققات بشرية تتراوح بين المتحقق والمنفلت. القائم والممكن، أي ما يسمى في المنظومة الثقافية والاجتماعية "بالجسد" (...) باعتباره لعبة لغوية تتجدد بتعدد قنواة وزوايا الرؤيا، وكذا الموقع الاجتماعي والرمزي لكل فرد ويضيف موضحا :" إن البعض يربطه بالخطيئة والآخر يعطيه بعدا حسيا مباشرا، باختزاله إلى ماهية أدائية، تتوخى أساسا إشباعات يومية، مرتبطة بدوافع بيولوجية كالأكل والشرب وغيرهما، هذا في حين تجعل منه فئة أخرى مكونا ثانيا للذات الإنسانية، ومقابلا موضوعيا للجانب الخفي منها. وهو ما يصطلح عليه في الخطاب المقدس بالروح"2. فهو بهذا المعنى، مقولة صميمية، تمتح بعدها الدلالي جراء الارتباط بعديد المؤسسات التي تقنم وجوده الوظيفي والمجازي إلى لحظات، قد تتقاطع أو تتباعد بتعدد المؤسسات.
ويكتب سعيد بوخليط :" المؤسسة تعدد والجسد وحدة وبقدر ما تعبر المؤسسة عن تباعداتنا واختلافاتنا، فإن الجسد يمثل هذه اللحظة الوجودية الأولى والأخيرة باعتبارها البداية والنهاية، الغاية المماثلة، الدائمة لذاتنا، وهي تسعى إلى تحقيق دائرة انكشافها. فتتحول الموت معه إلى قضية موقف". ويخلص إلى أن التعدد المفهومي للجسد، معطى مباشرا للتعدد والاختلاف الذي يحدد العلاقة البين ذواتية. فمن البديهي أن يكون لكل منظومة ثقافية فهما للجسد، كما أنه من الطبيعي أكثر اختلاف المفهوم من ذات إلى أخرى1.
5-الجسد الأنثوي أو الجسد المرصود للألم
تحت هذا العنوان رصدت الباحثة " دامية بن خويا" ثلاث لحظات أساسية، موشومة بالعنف والألم، متصلة بالجسد الأنثوي، ذو الوجوه المتعددة " هذا الجسد المشتهى، هو نفسه الذي يعطي الحياة، وبواسطته يستمر النوع البشري، لذلك قدسته شعوب كثيرة لأنه واهب الحياة. هو الجسد المشتهى الذي تعنفه التقاليد، والجسد المعطاء الذي يعنفه الألم، عنف الطبيعة وعنف الإنسان معا يمارسان على الجسد الأنثوي وكأنه لم يوجد إلا ليعنف. وقد شطرته إلى محاور ثلاث:
1-عنف الولادة، ساعة الوضع.
2-عنف الزفاف أو العنف الناتج عن افتضاض البكارة ليلة الزفاف.
3-الجسد المباح أو ضرب الزوجات2.
ومن جانبها اهتمت الباحثة الرازي نجاة بفهم علاقة المرأة بجسدها، عبر ما تم إلباسه له خلال سيرورة تاريخية، من أفكار نمطية، جعلته يتراوح بين حدين:
-الجسد العورة :" مجال الشهوة ومصدر الفتنة، باب الشيطان ورمز الدنس والقذارة."
-الجسد المقدس: وهو رمز للطهارة والخير والزهد وعلامة العطاء والخصوبة.
فالجسد الفتنة برأيها يرتبط بالخطيئة الأولى، بالشرف، والانحلال، لدا اعتبرت بعض الديانات السماوية، أن أسس ومظاهر التعبد والتدين والتقرب إلى الله، هي الزهد في هذا الجسد وما يثيره من شهوات مدنسة. والابتعاد عن ملامسته والاهتمام بمفاتنه التي تحضر الشيطان وتجلب الأذى، كما أن هذا الجسد في ثقافتنا السائدة يجلب بفتنته الخوف والعار"1.
ذلك ما حاول د.مصطفى حجازي تبيانه في سياق توصيفه لملامح الاستلاب الجنسي للمرأة، الذي هو بمثابة نتيجة منطقية لوضعية القهر المسلط على المرأة والمجسد في القطاعات الأساسية من حياتها2. ويكتب في هذا الصدد :" هناك اختزال للمرأة إلى حدود جسدها، واختزال لهذا الجسد إلى بعده الجنسي: المرأة مجرد جنس أو أداة له وعاء للمتعة. هذا الاختزال يؤدي إلى تضخم البعد الجنسي لدى المرأة بشكل مفرط وعلى حساب بقية أبعاد حياتها، بتركيز كل قيمتها في هذا البعد من حياتها، كما يفجر كل مخاوفها الوجودية حول حلول كارثة ما تعصف بوجودها، فهاجس المرأة قبل الزواج، يتحول إلى قلق حول غشاء البكارة وسلامته، وإلى قلق حول قدرات الجسد على حيازة وإعجاب الرجل بضمان الزواج.
هذا التركيز يفجر عند المرأة أشد الرغبات وأعظم المخاوف في آن معا، تلك هي المعظلة الأولى التي تتعرض لها المرأة في الاستلاب، خصوصا أنها تعيش كيانها بشكل متهدد، تتهدد رغباتها الذاتية، وتتهدد رغبات الرجل خارج الزواج، وتتهدده الحوادث على اختلافها (تشويه الجسم، إصابته بعاهة، فقدان البكارة لسبب ما ...الخ"1.
ذلك ما أكده د.عباس مكي حيث قال :" كان جسد المرأة وما يزال مادة غنية للتشريع، تحديد المسموح والممنوع من تحركات الجسم وتعبيراته ومتطلباته، تبعا للأنماط مقبولة اجتماعيا، أي في النهاية تبعا لأنماط تخدم مصلحة المتسلط الذي يمتلك هذا الجسد، هناك قوة المنع المدنية، وقوة التحريم الدينية، التي تقيد جسد المرأة بقوة الخطيئة ومشاعر الإثم، فالحركة الحرة للجسم أساس معنى العيب، وضبطها المقنن أساس معنى الشرف، جسم المرأة بهذا المعنى مقيد تاريخيا إنه جسد مؤسس2.
6-ترويض الجسم:
ظل جسد الإنسان عبر التاريخ،محط اهتمام بالغ من قبل المؤسسات التي نشأت داخل رحم المجتمع البشري والتي أعطت لنفسها حق ترويض هذا الكائن الحيوي، الميال في نظرها إلى الفوضى" أو على الأقل محاولة الحد من جموحه3.
فكما اعتنى "رولان بارت" بالجسد من حيث الدلالة السيميولوجية، و"دريدا" في إطار تلازمه والكتابة، و"لاكان" في تواجده الواقعي والخيالي، اهتم به "بيير بورديو" في إطاره النحوي وإكراه العنف الرمزي التربوي والثقافي ـ و"فوكو" من حيث ارتباط الجسد بالمؤسسة ومفهوم السلطة4، إذ عمق ميشيل فوكو في دراساته الفلسفية المتعددة، الإطار النظري، للتعامل مع مفهوم الجسد، من قلب العلوم الإنسانية. ففي دراسته لأشكال تمظهر السلطة في العالم الغربي، يستخدم الجسد ككاشف ثمين لتحليل آليات السلطة في المجتمعات الغربية المعاصر1.
يكتب بحاج عسو :" لقد حاول فوكو إبراز هذه الآليات التي اتبعتها مؤسسات السلطة، لتقنين وضبط نشاط الجسد، سواء على مستوى الخطاب أو على مستوى الفعل. من خلال الزج القسري به في مجموعة من المؤسسات الاجتماعية، على اعتبار أن هناك تواطؤ مسبق بين إرادتي المعرفة والسلطة، لغرض ضبط الجسد وترويضه للزيادة في الإنتاج. كل هذه المؤسسات كانت في نظره مؤسسات لإخضاع الجسد2. وقد رصد بحاج عسو، بعضا من هذه المؤسسات الهادفة إلى تدبير الجسد ولجم موسيقاه الداخلية وآليات اشتغالها (الأسرة، المدرسة، المصنع).
ومن جانبه عمل "عبد الكبير الخطيبي" على النظر في أمر " الجسد" و"طروسه" التي ما فتأت " تنكتب" و "تنمحي" و"ترتقم" و"ترمج" طيلة تاريخ الحضارة العربية الإسلامية. ذاك هو " الجسد" من حيث هو يشبه " الكتاب الأبيض" الذي شأنه أن ترتسم عليه رسوم المواضعات وترتقم كتابتها بما لا يكاد ينتهي من المرات إلا
بالموت." جراح، فندوب، فبرء وجراح...هكذا دواليك، للخريف دوما نفس الربيع ليهزمه، وإن الأستاذ عبد الكبير الخطيبي ليعمد ههنا إلى " قراءة" ما يسميه " الجسد الإسلامي" و" الجسد الجاهلي" ويبادر إلى إعادة " قراءتهما" على ضوء مستجد الجنيالوجيا (نيتشه) والتحليل النفسي (فرويد) والابستملوجيا (بارث) والحفريات (فوكو) والتفكيكات (دريدا). كذا حدث في كتاب "الاسم العربي الجريح" (والأصل الفرنسي 1974 والترجمة العربية 1980 ) الذي افتحص فيه الرجل، تجليات نسيج الثقافة اليومية: اللغة، الوشم: الخط، الحكي: بالإضافة إلى البحوث العديدة التي أوقفها الخطيبي على دراسة الجسد وسيماه، كما يعبر عنه الفن. لاسيما منه فن الخط والرسم1.
7-الجسد الأنثوي وحلم التنمية.
من منطلق الرؤية السوسيولوجية، المتفحصة وبمقاربة نوعية، شمولية، لمفهوم التنمية البشرية، موضوعها الأساس الجسد الأنثوي، خلصت الباحثة الاجتماعية "زينب معادي" ضمن كتابها " الجسد الأنثوي وحلم التنمية...إنها امرأة تدوب: قراءة في التصورات عن الجسد الأنثوي". ومن خلال مساءلة تمثل المرأة القروية لجسدها والوقوف عند دلالة بعض التعبيرات الصامتة لهذا الجسد، إلى جملة من الخلاصات الأساسية نجملها في ما يلي:
1-إن الوشم الثقافي الذي يسم الجسد الأنثوي القروي في مختلف مراحل تكونه، بدءا بمرحلة ما قبل الولادة وإلى آخر فترات العمر، يتسم بطابع التمييز وبالتحديد القبلي للمكانة الاجتماعية للمرأة القروية، وهذا الوشم لا يتحدد بناءا على خصائص خالصة للجسد، بل انطلاقا من خصائص موروثة " تسكن التمثلات والإدراكات، يتم تحويلها في النهاية لخاصية بيولوجية. ثم لمكانة اجتماعية. ويعد هذا عائقا أساسيا يحول دون تمتع المرأة القروية بحقوقها المدنية كاملة، مما يجعل أي حديث أو خطاب يسعى لثني النساء القرويات على الحد من الخصوبة مثلا، غير ذي جدوى، إذ لم يصاحبه بالمقابل، مجهود كبير على مستوى تغير التمثلات التي تسكن مخيلة الرجال والنساء معا، والتي تحدد المكانة الاجتماعية للنساء القرويات، خلال خصوبتهن ومن خلال جسدهن بشكل عام. كما أن أي مشروع لمحو الأمية وللتشجيع على تمدرس الفتيات ينبغي أن يبدأ من فترة ما قبل الولادة من خلال العمل على محو التصورات التمييزية التي " تغذي" الذاكرة الجماعية والتي تشتغل منذ الحمل بأنثى.
2-إن التصورات والإدراكات المتعلقة بالجسد الأنثوي تلعب دورا أساسيا في تشكيل السلوك الصحي للمرأة القروية ومن أبرز سمات هذا السلوك الذاتي في تدبير المرض، استمرار النساء القرويات ـ عكس الرجال ـ في تحمل أعراض المرض إلى أن يصبح الجسد في أقصى حالات استنزافه. وذلك لأن التصور السائد عن قيمة الجسد الأنثوي القروي، يجعل من المرض منطق تغير سلبي في وضعية ومكانة المرأة القروية.
3-إن تركيز المقاربات الجديدة للتنمية على أهمية العنصر البشري، لا ينبغي أن تمس فقط المنتج اقتصاديا، بل كذلك العنصر البشري الذي يحس بإنسانيته. ويعبر عنها في مظاهر الفرح. إن الاهتمام بالفرح والاعتناء بالجسد، يمكن أن يخلق وعي جديد لدى المرأة بذاتها، من خلال التصالح مع جسدها، مما سيكون له انعكاسات إيجابية بالضرورة على حياة الأسرة. وقد بنيت الدراسة أن تحركات جسد المرأة القروية في المكان العام مازالت تحيط به مجموعة من القيود والضوابط التي تحد من حركته وحريته، مما يستدعي إحداث تغير في مواقف المجتمع من جسد المرأة، لجعل المكان العام، فضاءا مفتوحا أمام الجميع دون تميز. هذا التعبير يبقى محكوما بتغير صورة المرأة في المخيلة الجماعية حتى لا ينظر إليها على أنها مجرد جسد يتحرك ولكن باعتبارها مواطنة كاملة الحقوق، بحيث تتمتع بحقها الكامل في استعمال المكان العام، وبالحق في الترفيه عن النفس.

الدراسة الميدانية:
I-عرض المعطيات الميدانية.
1-مدخل:
يهتم هذا الجزء من الدراسة بجانبها الميداني، فخلال هذا الجزء سيتم تفريغ المعطيات المحصل عليها عن طريق المقابلة الموجهة، وقراءتها، قراءة تحليلية للتأكد من مدى صحة الفرضيات التي انطلقت منها الدراسة.وذلك من منظور وصفي يسمح بتكوين فكرة عن نسبة مساهمة كل فرضية في التوصل إلى معرفة تمثلات الفتاة المعاقة لجسدها الخاص.
2-في مفهوم الجسد: التمثلات.
سنحاول بناء هذا المفهوم في اتساق بمجمل التمثلات التي تحملها الفتاة المعاقة حول جسدها الخاص، وذلك في علاقة بمجموعة من المتغيرات الأساسية.
*الجدول رقم (1) توزيع عينة البحث حسب متغير السن وعلاقته بالسؤال عن الجسد.
السن
السؤال
عن الجسد 15-25 25 –فما فوق المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم - - - 20 - 20
لا 2 10 14 70 4 80
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
يتضح من خلال الجدول أعلاه، حجم الصمت الذي جوبه به طلب الحديث عن الجسد الخاص، إذ لم تتمكن من الحديث عنه إلا نسبة 20% من عينة البحث، أما النسبة الباقية، فقد كان الصمت بعديد حمولاته الدلالية هي الإجابة الوحيدة عندهن. فهل نقول مع دافيد لوبرتون: حقا إن خلف البداهة يكمن اللاوضوح؟
*الجدول (2) توزيع أفراد عينة البحث حسب متغير المستوى التعليمي وعلاقته بالقدرة على الحديث عن الجسد.
الامية القراءة-الكنابة السلك 1 اساسي السلك 2 اساسي الثانوي عالي
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم - - - - - - - - 4 20 - -
لا 8 20 40 - - 2 10 20 2 10 - -
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
يبدو أن ثمة خيط ناظم بين متغير المستوى الدراسي والقدرة على الحديث عن الجسد الخاص. ذلك أن اللواتي تمكن من الاجابة، لهن مستوى دراسي متميز (ثانوي). بينما شكلت نسبة 40 % من عينة البحث غير المتمدرسة رائدة الصمت.





*جدول رقم (3) توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الأب وعلاقتها بالصلاة في تحديد الموقف من الجسد.
مهنة الأب
الصلاة والموقف
من الجسد قارة غير قارة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم 02 10 2 10 4 20
لا 3 60 3 60 16 80
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
لا يمكن استنادا إلى معطيات الجدول (3) الحسم في علاقة مهنة أب المبحوثات بالصلاة في تحديد هذه الأخيرة لموقف المبحوثات من جسدهن الخاص.
*جدول رقم (4) توزيع المبحوثات حسب متغير مسقط رأس الأب، وعلاقته بالحديث عن الجسد.
مسقط رأس
الأب

مدى السؤال
عن الجسد البادية المدينة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم 2 10 2 10 4 20
لا 4 20 12 60 16 80
المصدر: بحث ميداني، ماي 2007
60% هي نسبة إفراد عينة البحث، التي لم تتمكن من الحديث عن جسدها الخاص، كان مسقط رأس أبائهن بالمدينة، أما نسبة 20 % فهي للواتي كان مسقط رأس أبائهن المدينة. لتتوزع نسبة 20 % من اللواتي تمكن من الاجابة على الفئتين معا وبالتساوي. استنادا إلى هذه المعطيات لا يمكن التأكيد على العلاقة الافتراضية بين المتغيرين.
*جدول رقم (5) توزيع المبحوثات حسب متغير السن والجسد النموذجي
السن

الجسد النموذجي 25-15 26 فما فوق المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
جسم رياضي 2 10 6 30 8 40
جسم سليم - - 4 20 4 20
جسم يؤدي وظائفه لو كان معاقات - - 8 40 8 40
المصدر: بحث ميداني، ماي 2007.
يبدو من معطيات الجدول (5) أن الجسد النموذجي للمبحوثات اللواتي يتراوح سنهن ما بين 26 فما فوق توزع بشكل متباين عبر الاختيارات التالية:
-40% جسد يؤدي وظائفه وان كان معاقا.
-30% جسد رياضي.
-20% جسد سليم.
يعبر الاختيار الأول عن مستوى الرضى عن الجسد المعاق الحاصل عند هذه الفئة المتراوح سنها ما بين 26 فما فوق. كما ويمكن اعتباره تمثلاتهن للجسد في سياق بعده الوظيفي. الجسد النموذجي تبعا لهذا الاختيار، وهو القادر على الانخراط في تفاصيل الحياة اليومية دونما عائق يحول دون ممارسة هذا الجسد لوظائفه الاجتماعية. وما الجسد الرياضي إلا تأكيد على هذا الاختيار، فالجسد الرياضي في العمق جسد وظيفي قادر على أداء وظائفه الاجتماعية بامتياز وحيوية بالغة. انه إحالة على الدينامية المبتغاة في الجسد بما هي أيضا بعد جمالي تشكل الرشاقة والخفة إحدى أهم مؤشراته.
*جدول رقم (6) توزيع المبحوثات حسب المستوى التعليمي وعلاقته بالجسد النموذجي عندهن.
الامية القراءة-الكنابة السلك 1 اساسي السلك 2 اساسي الثانوي عالي
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
جسم رياضي 2 10 - - 2 10 4 20 - - - -
جسم سليم 4 20 - - - - - - - - - -
جسم يؤدي وظائفه وان كان معاقا 2 40 - - - - - - 6 30 - -
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
تفيد المعطيات الجدول أعلاه والمتصلة بالمستوى التعليمي للفرد وعلاقته باختيار الجسد النموذجي بوجود تباين على مستوى الاختيارات بنسب متقاربة تبعا لمستوى التحصيل الدراسي. ف 30% من اللواتي كان الجسد النموذجي عندهن هو جسد وظيفي ولو كان معاقا كان مستواهن الدراسي (الثانوي)، بينما شكل الجسم السليم بنسبة 20% الجسد النموذجي لغير المتمدرسات. بنفس النسبة(20 %) كان الجسد الرياضي جسدا معياريا للواتي مستواهن الدراسي أعدادي.
أمام هذا التباين على مستوى الاختيارات، يمكن القول بأنه مؤشرا على العلاقة بين مستوى التحصيل الدراسي ونوعية فهم الجسد وإدراكه كنموذج مثالي، غير متحقق عندهن، كما يمكن اعتبار نوعية الاختيار دليل على مستوى الرضى على الجسد الخاص.
*الجدول رقم (7) توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الأب وعلاقتها بالجسد النموذجي عندهن.
مهنة الاب
مدى
السؤال
عن الجسد قارة غير قارة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
جسم رياضي - - 08 40 08 40
جسم سليم - - 04 20 04 20
جسم وظيفي ولو كان معاق 06 30 02 10 08 40
المجموع 06 30 14 70 20 100
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
كيف يمكن فهم دلالة الجسد الرياضي كأفق معياري للواتي كان مسقط رأس أبائهن المدينة؟
هل هناك حقا في علاقة مباشرة بين مستويات الاختيار المتباينة ومتغير مسقط رأس الأب؟
لا يمكن التسليم القطعي أن ثمة علاقة سببية واضحة هي من توجه مستويات الاختيار.
*الجدول رقم (8) توزيع المبحوثات حسب متغير مسقط رأس الأب والجسد النموذجي عندهن.
مسقط راس
الاب
مدى السؤال
عن الجسد النموذجي
البادية
المدينة
المجموع
العدد النسبة % العدد النسبة % العدد النسبة %
جسم رياضي - - 08 40 08 40
جسم سليم - - 04 20 04 20
جسم وظيفي ولو كان معاقا 06 30 02 10 08 40
المجموع 06 30 14 70 20 100
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
يلاحظ من خلال معطيات الجدول رقم (8) أن الجسم الرياضي والسليم هو الجسد المعياري للواتي كان مسقط رأس أبائهن المدينة بنسبة 60% أما اللواتي كان مسقط رأس أبائهن البادية فقد شكل الجسد الوظيفي القادر على أداء جميع وظائفه الاجتماعية جسدا نموذجيا.
*جدول رقم 9 توزيع المبحوثات حسب متغير السن واستعمال الماكياج.
السن

استعمال المكياج 25-15 26 فما فوق المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم 4 20 8 40 12 60
لا 2 10 6 30 8 40
المصدر:بحث ميداني ماي 2007
يبدو واضحا التقاطع الحاصل بين متغير السن واستعمال الماكياج. فالفئة العمرية 26 فما فوق من أفراد عينة البحث 40% منها تستعمل الماكياج إلى جانب 20% من اللواتي يتراوح سنهن ما بين 15-25.




*جدول رقم 10 توزيع المبحوثات حسب متغير المستوى الدراسي واستعمال المكياج.
الامية القراءة والكتابة السلك 1
اساسي السلك 2
اساسي ثانوي عالي المجموع
العدد النسبة
% العدد النسبة
% العدد النسبة
% العدد النسبة
% العدد النسبة% العدد النسبة
% العدد النسة
%
نعم - - - - 2 10 - - 6 30 - - 8 40
لا 8 40 - - - - 4 20 - - - - 12 60
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
لا يمكن الحسم في العلاقة المفترضة بين متغير المستوى التعليمي واستعمال المكياج . هناك تقارب واضح في النسب بين مختلف المستويات الدراسية. فاستعمال الماكياج من عدمه لا يمكن الحسم فيه استناد إلى المستوى التعليمي فقط بل قد تتداخل فيه عوامل التنشئة الاجتماعية في تعددها، داخل وسط تغذية القيم الدينية وتوجه فيه السلوك، فغالبية اللواتي لا يستعملن الماكياج كان ذلك إما بدافع ارتدائهن الحجاب أو بسبب الوسط العائلي المحافظ، الذي يتدخل في فرض بعض نماذج السلوك،وتوجيه / تحديد الموقف من الجسد.




*جدول رقم 11 توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الأب وعلاقته باستعمال الماكياج
مهنة الأب

استعمال الماكياج قارة غير قارة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم 2 10 10 50 12 60
لا 4 20 4 20 08 40
المصدر:بحث ميداني، ماي 2007
من خلال معاينة معطيات الجدول رقم (11) المتمحورة حول العلاقة المفترضة بين استعمال الماكياج ومتغير مهنة الأب، لا يمكن التأكيد على العلاقة الوطيدة بين مهن بعينها واستعمال الماكياج. وهو ما يرجح معه فرضية وجود محددات أخرى لاستعمال الماكياج من عدمه% .
*الجدول رقم (12) توزيع المبحوثات حسب متغير مسقط رأس الأب علاقته باستعمال المكياج
مسقط رأس الأب
استعمال
المكياج البادية المدينة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم 2 10 10 50 12 60
لا 2 10 6 30 8 40
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
النظر إلى ما يقدمه الجدول رقم (12) من معطيات إحصائية، بخصوص العلاقة المفترضة بين استعمال الماكياج ومسقط رأس الأب، تتضح جليا هذه العلاقة المفترض، ذلك أن 50% من نسبة المبحوثات اللواتي يستعملن الماكياج كان مسقط رأس أبائهن في المدينة، في حين لم تتجاوز هذه النسبة 10% من اللواتي كان مسقط رأس أبائهن بالبادية
*جدول رقم (13) توزيع المبحوثات حسب متغير السن وممارسة الرياضة
السن

ممارسة الرياضة البادية المدينة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم - - 8 40 8 40
لا 2 10 10 50 12 60
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
واضح من معطيات الجدول رقم 13 التقارب الحاصل بين نسبتي الممارسات الرياضية من دونهن المتراوح سنهن ما بين 26 فما فوق. الأمر الذي يفيد أن ممارسة الرياضة غير رهين بمتغير السن بقدر ما تحدده متغيرات تابعة أخرى من قبيل الوضع السوسيوثقافي للمبحوثات، ومدى استعدادهن النفسي لممارستها. فبعض اللواتي لا يمارسنها كان تعليلهن لذلك بالكسل. أو غياب المحيط المساعد لذلك والمتفهم لأهميتها..

*جدول رقم(14) توزيع المبحوثات حسب متغير المستوى الدراسي وممارسة الرياضة.
الأمية القراءة-الكتابة السلك 1اساسي السلك 2اساسي ثانوي عالي المجموع
العدد النسبة
% العدد النسبة% العدد النسبة
% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم - - - - 2 10 - - 6 30 - - 8 40
لا 8 40 - - - - 4 20 - - - - 12 60
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
يبدو من خلال القراءة الوصفية للجدول أعلاه (رقم 14) أن ممارسة الرياضة لها علاقة بالمستوى التعليمي للمبحوثات. فإذا ما أخذنا بعين الاعتبار نوعية الإعاقة وحجمها، التي في غالب ما تمنع من ممارسة الرياضة (20%) إعدادي، فإن غالبية اللواتي لا يمارسنها يرتبط ذلك عندهن إلى حد كبير بمستواهن الثقافي العام، وبتصورات محددة حول الجسد الأنثوي.






*جدول رقم (15) توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الأب وعلاقتها بممارسة الرياضة.
مهنة لأب

ممارسة
الرياضة قارة غير قارة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم 4 20 10 50 14 70
لا 2 10 4 20 6 30
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
بإمعان النظر في معطيات الجدول رقم (15) والمتصلة بعلاقة ممارسة الرياضة بمتغير مهنة الأب، يتضح غياب علاقة مباشرة ما بينهما. ذلك أن ممارسة الرياضة لا ترتبط إلى حد بعيد بنوعية مهنة الآباء، فنسبة 50% من أفراد عينة البحث اللواتي يمارسن الرياضة مهن أبائهن غير قارة.







*دول رقم (16) توزيع المبحوثات حسب متغير مسقط رأس الأب وممارسة الرياضة عند المبحوثات.
مسقط رأس الأب

ممارسة الرياضة البادية المدينة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم - - 14 70 14 70
لا 6 30 - - 06 30
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
يمكن القول انطلاقا من معطيات الجدول رقم 16 بوجود علاقة بين ممارسة الرياضة كإحالة على بعد تداولي جمالي للجسد وبين متغير مسقط رأس أب المبحوثات. فالمدينة بما تتيحه من فضاءات متعددة لممارسة الرياضة بالنسبة للجنسين معا، لا بد أن ينعكس ذلك على موقف الآباء ومن ممارسة الإناث للرياضة، على عكس ما هو حاصل في البوادي، إذ يلاحظ غياب ثقافة رياضية وان ما وجدت بشكل من الأشكال فهي تظل حكرا على الذكور. بيد انه لا يمكن الحسم في إرجاع ممارسة المبحوثات للرياضة فقط إلى مسقط رأس الأب، إذ ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار أن هؤلاء منخرطات بالجمعية والتي تسعى إلى إدماجهن بالمجتمع. وتغير نظرتهن إلى أجسادهن الخاصة.




*جدول رقم (17) توزيع المبحوثات حسب متغير السن وعلاقة الصلاة بموقف من الجسد.
السن

الصلاة
والموقف من الجسد 15-25 26-فما فوق المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم - - 14 70 14 70
لا 6 30 - - 6 30
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
واضح من الجدول رقم (17) دور الصلاة وما يرتبط بها من قيم دينية في تأطير مواقف الأفراد وسلوكاتهم. ذلك ان نسبة 70% من المبحوثات اللواتي يتراوح سنهن ما بين 26 فما فوق، عبرن وبإلحاح عما للصلاة والإيمان بالقدر من فعالية في تزويدهن بمواقف ايجابية من أجسادهن، وتمكينهن من إستراتيجية لتجاوز القلق والإحساس بالتهميش، من داخل فضاءات وأمكنة هشة، ومعاقة سوسيوثقافيا واقتصاديا. ويمكن اعتبار الصلاة هنا كآلية للإدماج والتكييف الذاتي أمام جسد يذكر بالخطيئة الأولى: هل عقاب الهي أم هي الخطيئة البشرية تلاحق نسلنا؟ كما تساءلت إحداهن.


*جدول رقم (18) توزيع المبحوثات حسب متغير المستوى الدراسي وعلاقة الصلاة بالموقف من الجسد.
الأمية القراءة-الكتابة السلك 1اساسي السلك 2اساسي ثانوي عالي
العدد النسبة
% العدد النسبة% العدد النسبة
% العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم 4 20 - - - - 4 20 6 30 14 70
لا 4 20 - - 2 10 - - - - 6 30
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
يتبين من معطيات الجدول رقم (18) بعض الحقائق التي يمكن التعبير عنها كما يلي:
وجود علاقة وطيدة بين الصلاة والموقف من الجسد. أن لها أهمية بالغة في تقبل حقيقة الجسد كما هي فنوعية تمثل هذه العينة للجسد تمر في جزء منها كما توضحه معطيات الجدول عبر الصلاة بوصفها آلية مسهمة في تشكيل تمثلات الأفراد ووعيهم.
-توزيع النسب عبر المستويات التعليمية المختلفة، يفيد بغياب علاقة سببية مباشرة بين المستوى الدراسي ودور الصلاة في نسج موقف المبحوثات من جسدهن الخاص. ذلك أن التربة الدينية ليس مصدرها الوحيد المدرسة، بل تختلف وتتعدد القنوات الاجتماعية التي تقوم بهذا الدور، كالأسرة، وسائل الأعلام ...الخ.
*جدول رقم (19) توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الأب وعلاقة الصلاة بالموقف من الجسد.
مهنة الأب
الصلاة والموقف
من الجسد قارة غير قارة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم 4 20 10 50 14 70
لا 2 10 4 20 6 30
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
لا تبدو ثمة علاقة وطيدة بين متغير مهنة الأب لدى المبحوثات وعلاقته بدور الصلاة في تحديد الموقف من الجسد، ليس غريبا داخل تشكيل ثقافية، يحتل فيها التفكير الديني وما يرتبط به من ممارسات تقليدية، دورا مركزيا في توجيه سلوك الأفراد.
*جدول رقم (20) توزيع المبحوثات حسب متغير مسقط رأس الأب وعلاقته بالصلاة والموقف من الجسد.
مسقط رأس
الصلاة الاب
والموقف منا الجسد البادية المدينة المجموع
العدد النسبة% العدد النسبة% العدد النسبة%
نعم - - 14 70 14 70
لا 6 30 - - 06 30
المصدر: بحث ميداني ماي 2007
يبدو جليا من الجدول رقم (20) ما للصلاة من أهمية في تحديد طبيعة الموقف من الجسد. فالبرغم مما يقدم به الفهم الديني الجسد في تبعيته للروح وأولويتها عليه. فإن الإيمان بالقدر والصلاة يهم بالأساس تبني موقف الخضوع والاستسلام للأمر الواقع. أي للجسد في صيغة الواقعية. دون التوقف عن كونه معاقا. هذه الإعاقة يقدمها الفهم الديني لدى المبحوثات كاختبار الهي وقدر لا مفر منه. بالرغم من أن غالبية الإعاقات كانت بشرية الأصل أي نتيجة أخطاء طبية. او التقليل من خطورة مرض ما.
II-الجسد المعاق وسؤال الاندماج:
1-لماذا جمعية الكرامة للمعاقين؟
كان دافع العديد منهن للمجيء إلى جمعية الكرامة للمعاقين بالغرب، دافع سيكولوجي، هدفه البحث عن التوازن النفسي المفقود داخل الأسرة والمجتمع، وللتخفيف من ثقل المعاناة مع جسد معاق.هذه المعانات التي يعمق حرقتها المجتمع، عبر نظرات ملؤها الشفقة او الاحتقار " مسكينة ما تستاهل". وعبر عديد مؤسساته " الأسرة" المدرسة، الشارع، الحافلة..." فبمرارة قالت إحدى: المستجوبات " اخطر في الأمر الإعاقة الذهنية للمجتمع," فهروبا من هذه النظرات الحارقة كانت الوجهة الجمعية" بحثا عن دفئ مفقود، أو بحثنا عن تواصل جديد ومن نوع اخر:" جيت باش نتعرف على ناس اخرين، باش نتواصل بشكل اخر". وكذلك للاستفادة من تجارب الآخرين، أي اخذ العبرة " فاش كتشوف حالات كتار منك، كتحمد اله". ومنهن من كان حافزها للمجيء للعمل الجمعوي، تجاربها السابقة بالميدان, ومن منطلق أن " العمل الجمعوي ليس حكرا على الاسوياء". وهناك ما قادها حب استكشاف محض الى الجمعية " جيت غير باش نكتاشف شنو فهذ الجمعيات". وكثيرات منهن قادتهن ظروفهن الاجتماعية المزرية إليها بحثا عن مساعدة ما.
تعدت المقاصد وان توحدت حول" البحث عن آليات الاندماج داخل مجتمع معاق".
2-هل الجمعية حقا فضاء متميز؟
لقد اجمعن على الأهمية القصوى والمركزية لمثل هذه الجمعيات، انطلاقا من تجاربهم الميدانية الممتدة في الزمن (12 سنة...) وانطلاقا من نوعيات تدخلاتها (المعبدة) إذ مكنتهن من التغلب على ثقل الجسد:" فقد أصبحت الإعاقة امرأ طبيعيا بالنسبة لي" ولم اعد أحس بالخجل أو الحرج من إعاقتي . " أحس إني إنسانة عادية، بالرغم من نظرة الآخرين" لم يعد يهمني ما سيقولونه:" لقد ساعدتني الجمعية كثيرا على تخفيف إعاقتي، وان أتفاءل " "ان تكون معاق، ليس معناه انك في مرتبة أدنى من الاخرين" ." مكنتش كنقدر نخرج من الدار،كنت معقدة، كنحس أني مشي. بحال لخرين" مكنتش كنقدر نلبس اللباس لي كيبين يدى, دابا لا ، كلشي تبدل". طريقة لباسها العصرية تؤكد ذلك . فالجمعية كتخلي لواحد نفسيتو مرتاحة، كتساعد لواحد يتعلم بعض الصنعات, سيراميك مثلا، كتخليك تغير الجو، وتقتل شوي الوقت". فعن طريق التأطير تتمكن من " التفكير بشكل منطقي، معقول، ايجابي..." إلى جانب اخذ العبرة من الاخرين". بعض الذين التحقن مؤخرا بالجمعية, اتسمت إجاباتهن بنوع من الغموض، مع نزوعهن إلى الصمت أو إلى ايجابات موجزة :"المهم مزيانة". إحدى السيدات كان لها رأي مخالف، أول مرة تزور فيها الجمعية قالت:" لا أهمية لهذه الجمعيات". وصفتها بـ انتهازيين" ولمحت إلى أن بعض هذه الجمعيات يسترزق على حساب المعاقين، إنهم برأيها: شفارة".
فاش كيجيبو شي مساعدة، حتى كاي خدوما بغاو وعاد كيعطيونا الشايطة", تلح على ضرورة المراقبة.

3-الجمعية والنظرة إلى الجسد:
60% هي نسبة المستوجبات التي استطاعت الجمعية, أن تجعلهن يغيرن نظرتهن إلى جسدهن الخاص، نسبة لها علاقة مباشرة مدة الانتماء إلى الجمعية، وكيفة اشتغالها، والجو السائد فيها.
30% لم تستطع الجمعية أن تغير من تمثلاتهن السابقة بخصوص جسدهن الخاص، وجلهن التحقن مؤخرا إلى الجمعية.
10% من المستجوبات لم يكن لهن رأي . ذلك أنهن لم يقدمن أية إجابة.
وعديدة هي الأمثلة التي ساقتها المستوجبات, كمثال علي تغير نظرتهن إلى جسد هن الخاص:
- طريقة اللباس.
-التواصل مع الآخرين.
-تجاوز الخجل من الجسد.
-الخروج إلى الشارع العام, دون أي إحساس بالنقص.
-الانخراط في جمعيات أخرى.
4-بحثنا عن المفقود :نظرة نقدية:
إن الذي كن يتمنينها داخل الجمعية، ولم يتحقق برأي غالبيتهن، هو: " الشغل" لضمان لكرامتهن, شغل يراعي خصوصياتهن الجسدية. او مشاريع توفر لهن دخلا محترما. وركزت بعضهن على التأطير التربوي في مجال الإعاقة، من طرف مختصين ليتمكن فيما بعد من القيام بنفس الدور، كما ألح بعضهن على أهمية الرياضة وتأمين ما يتعلق بهذا الجانب.
5-مفارقات: ليس من يجيء كمن يبقى.
واضح هو الفرق بين من يأتي إلى الجمعية ومن يظل حبيس جدران البيت ورتابته القاتلة للنفس. "فرق شاسع وكبير اكدن" فلتكسير النطرة السلبية للذات وتجاوز العقد النفسية تصبح الحاجة الماسة الى " التفويج" عن النفس وتقبل واقع الجسد المعاق ذلك ما تساعد الجمعية على تحقيقه برأيهم
6-واجب الدولة إزاء هذه الفئة:
اتفقت جل المستجوبات, فيما يتصل بواجب الدولة نحو هذه الفئة, على جملة نقط اعتبرناها ضرورية لضمان إدماج وتأهيل هذه الفئة.
أول ما اجمعن عليه, مطلب التشغيل المراعي للفر وقات, الحاصلة بين هذه الفئة (نوعية الإعاقة وحدتها) لضمان دخل قار. جاء بعد ذلك, مطلب الرعاية الصحية, وتأمين الأدوية. والكراسي المتحركة. إلى جانب الرعاية النفسية والاجتماعية, كتسهيل الولوجيات بالأماكن العمومية (مدارس- الشارع، طرطوار، سلالم الحافلات). كما وتطرقن إلى ضرورة تمكين الجمعيات العاملة بالميدان, من منح كافية للسهر على مصالح هذه الفئة، مع تفعيل مبدأ المراقبة . إلى جانب ذلك, تحدثت إحداهن عن ضرورة تأهيل طاقات بشرية متخصصة, لرعاية شؤون الشخص المعاق (مساعدين اجتماعيين, نفسانيين...).
هذه الرغبة في المجيء إلى الجمعيات لا تجد دائما من يلبيها" هناك من يموت في صمت طريح فراشه."كين لمكيقدش يجي لوحدو". أي أنهن بحاجة لمساعدة الآخرين لهن, من ذوي الأقارب. وهنا تكمن الصعوبة تقول احدهن "خاص الأسرة تكن واعية" لتستدرك: " لكن بعد المرات وخا كتكون الأسرة واعية مكتقدرش داوم على المجيىء
بسبب من" البعد و مشاكل النقل،" او بسبب من ضيق ذات اليد" الله يكون فالعون. كيف ما كان الحال فلمدينة شوية، المشكلة هي في البادية، فحت واحد مكرة يستافد من خدمات الجمعيات، لكن الله غالب"
7-الأعمال اللائقة لنوعك:
أعمال تراعي طبيعة الإعاقة ونوعيتها، كالخياطة التي جاءت في المرتبة الأولى من اقتراحاتهن، تم ثانيا الإشغال المنزلية، وهنالك من اقترحن الأعمال الإدارية (المكتب) والصناعة التقليدية. بينما ألحت بعض المستجوبات على أن باستطاعتهن القيام بكل الأعمال دون تمييز.
8-تطلعات: في أفق 10 سنوات القادمة.
توزعت الاجابة حول هذا السؤال بينهن إلى تقابلين: فئة أولى أرجأت أمر هذا السؤال إلى الله، فوحده القادر على التحكم في المصائر(الله اعلم). ومنهن من لم تستطعن الرهان على مستقبل راهنه ليس أفضل من ماضيه. فغياب اهتمام الدولة بهذه الفئة قاد برأيهن العديد منهن إلى سحب الثقة من خطاباتها (راه غير هذرة) ومن المستقبل أيضا( شكون عرف).
فئة ثانية: كانت أكثر تفاؤل من سابقتها، فالفرق بين الأمس واليوم واضح، فعلت فيه مؤسسات المجتمع المدني. التي هي بحاجة إلى مزيد من الدعم. فالمستقبل برأيهن سيكون أفضل مما هو عليه واقع الحال. حديث هذه الفئة كان ممزوجا بالكثير من الأمل.



III-تحليل معطيات الميدان:
كيف يمكن خلق تحاور سوسيولوجي بين مجمل ما تم رصده من معطيات ميدانية بأبعادها ودلالاتها النظرية.؟
سؤال سنحاول الاسترشاد به في تحليل وتركيب أهم المضامين والخلاصات في أفق التحقق فيما سبق وان طرح من فرضيات .
1-بحثا عن التمثلات: في مفهوم الجسد
رحلة شاقة ومضنية، خلف البحث عن شيء اسمه الجسد الأنثوي، الموشوم بشيء من علامات التميز ( الإعاقة ) داخل جزء من بنيات الضمير الجمعي، ذو الارتباط الوثيق بالأنساق التحتية بتعددها، التي تحدد الكثير من ملامحه. كيف نفهم إذن، ما جوبه به طالب الحديث عن الجسد الخاص للفتاة المعاقة من صمت مريب؟
تعددت المتغيرات بين المستوى الدراسي، السن، مسقط رأس الأب، مهنته والنتيجة: 80% من عينات البحث لادت بالصمت كمخرج وحيد.
هل نسلم بمقولة دافيد لوبرتون :" ليس هناك من شيء أكثر غموضا، بدون شك، في نظر الإنسان من عمق جسده الخاص. وقد جهد كل مجتمع، بأسلوبه الخاص، لإعطاء جواب عن هذا اللغز الذي ينغرس الإنسان فيه1.أم أن مجابهة موضوع الجسد الأنثوي والكلام عليه أمر خطير، لأنه يدخل في الطابو والمضمر؟
ولعل في كلام " مي جبران " ما يمكن به تفسير هذا الفشل في الخطاب:" إن إنكار الجسد الأنثوي، يؤثر على خطابنا، على قولنا الغائب/ مثل أجسادنا ويصيف
"لا كان " لا توجد إلا امرأة مستبعدة عن الأشياء، بكل بساطة لا يعرفن ماذا يقلن، وهنا يكمن الفرق بين وبينهن".
لعل هذا الصمت في الحديث عن الجسد الخاص عند الفتاة المعاقة، يعبر عن محنه اللغة لما تغذو قاصرة خارج نظامها الرمزي الأبوي السائد:" لا أجد لغة، ولا فكرا خاصين بي، إني اتخبط" ، " وما نقدر انكوليك والوا...".
فاللغة، يكتب بحاج عسو خصوصا الكلام – " لا تطاوع الجنسين بنفس الكيفية والسهولة المطلوبة أثناء استدعاء الكلمات، هاته الأخيرة، أنتجت في ساق ثقافي عرف هيمنة الذكور، ولا تحيل إلى نفس المعنى عند استعمالها من قبل الرجل والمرأة.
فالجسد " الثقافي " للمرأة يقيد اللغة التي تستعملها – خصوصا عندنا- فهي ملزمة بالتوضيح وإلا كان كلامها مثار تأويل مغرض، فكل ما تتفوه به المرأة، أو تكتبه تشتد عليه الرقابة على اعتبار أنها: بضاعة chose تابعة لمملكة الجل.1
ولعل هذا الالتباس يبين الدال والمدلول هو من قاد/ يقود حراس الآداب إلى إباحة دماء العديد من الكتابات النسائية المتمردة، بمنع صدورها، وتوزيعها أو بثها كمنطوق.
فهل إفراد عينة البحث على وعي حاد ومتقد بسطوة منع الكلام / الكتابة، وضرورة الامتثال لما هو منحوت في الجسد الاجتماعي الكلي، من تدابير للإخراس الجسد؟
ترى ماري كاردينال: "إذا كتبت امرأة كلمة حرية وحب، عليها توضيح مرادها من هذه الكلمة، وإذا كانت لا ترغب في أن يلتبس مفهوم الحرية بمفهوم الإباحة " هذا العنف الرمزي الذي يمارسه النظام الاجتماعي العام، عبر آلياته المختلفة على الجسد الأنثوي، يتحول عند الفتاة المعاقة جسديا إلى عنف نحو الذات، يلزمها بتبني وإعادة إنتاج النظرة الدونية نحو الجسد المعاق. بيد أن الوعي باشتغال هذه الآليات ومضمونها " راه المشكلة ماشي فالمعاق ونظرتو لجسده الخاص، راه المشكل في الاعاقة الذهنية للمجتمع. خطوة أساسية نحو الوعي بحقيقة الجسد واتخاذ موقف ايجابي منه، عبر تجاوز النظرة السلبية التي يكرسها المجتمع نحو المعاق بشكل عام.
هذا الوعي تم التدرج فيه من خلال التمرس داخل فضاءات الجمعية وبما تفتحه من أنشطة في وجه الفتاة المعاقة. للتعبير عن ذاتها الإنسانية وهو ما يمنح لمجال ونوعية اشتغال هذه الجمعية جدواها الحقيقي.
2-نحو جسد مندمج
هل يمكن لمؤسسات المجتمع المدني (جمعية الكرامة) أن تسهم في بلورة ايجابي للفتاة المعاقة جسديا عن جسدها الخاص؟
لقد تم التأكيد على الدور الفاعل لهذه الجمعية في تشجيع الفتاة المعاقة على تبني مواقف ايجابية بخصوص جسدها الخاص. وتكسر الصورة السلبية للجسد المعاق التي يدركها المجتمع عبر مؤسساته.
إن الجمعية في هذه الحالة، عامل مساعد على تحقيق الاندماج، عبر تبني مواقف ايجابية من الذات" لم يعد عندي حرج من الإعاقة...، أحس أنني إنسانة عادية، بالرغم من نظرة الآخرين.." ، " أن تكون معاقا ليس معناه انك في مرتبة دنيوية" فالمجهود الذي تقوم به الجمعية عبر أطرها، يجيب على سؤال الاندماج في بعض أبعاده (النفسي – السوسيوثقافي ) من داخل محيط، متسم " بتأخر الوعي الاجتماعي"، من خلال النظرة إلى الفتاة المعاقة عبر ما هو مفقود، وليس من خلال ما هو موجود. حيث أن كثيرا من الممارسات الاجتماعية والمواقف الثقافية حافظت على جوهرها الأول أو ما يسمى بالانطباع الأول: هذا معاق، إذن فهو عاجز.
إن الفتاة المعاقة، وكل شخص معاق، يحمل قدرات متبقية تحتاج، مثلما هو الأمر بالنسبة لأي شخص لا يحمل إعاقة ظاهرة، إلى إتاحة الفرصة للصقل والتطوير، أي إلى ما يسمى بالتأهيل وإعادة التأهيل.
ويمكن القول أن سر كل تأهيل يمكن في الاستغلال الجيد والمحكم للقدرات المتبقية للشخص المعاق وتوجيهها بشكل سليم، يتماشى وأهداف إتاحة فرصة العيش الكريم للشخص المعاق، وحقه في الانخراط في دورة الإنتاج الاجتماعي، وبالتالي تمكينه من المشاركة على قدم المساواة في السيرورة التنموية للمجتمع.
وقد ركزت المبحوثات على ضرورة ايلاء أهمية قصوى لإدماجهن الاجتماعي عبر المحاور التالية:
-الرعاية الصحية والطبية.
-الرعاية النفسية.
-الرعاية وشغل وقت الفراغ.
-التأهيل الاجتماعي كالعلاج بالعمل وبالتدريس على خدمة أنفسهن بأنفسهن ما أمكن.
-التشغيل باعتبار آلية للإدماج الاجتماعي والاقتصادي.
-تفعيل النصوص القانونية الضامنة لحقوقهن.
بيد أن تخويل المعاق، بواسطة تشريعات قوانين خاصة، عددا من الامتيازات أو الفوائد، لا يجب أن يكون وسيلة التميز بين المواطنين في المجتمع الواحد. بمعنى أخر إن التنمية الاجتماعية والاقتصادية الحقيقية، هي التي تجعل الإنسان قطب رحاها، أي منطالقها وغايتها وبالتالي تستلزم تنفيذ هذه السياسة وتفعيل آلياتها، بمعاملة مواطني المجتمع الواحد على قدم المساواة. هذه الحقوق التي لا زالت طي المجهول.
وتجدر الإشارة، في سياق الحديث عن دور المجتمع المدني في الإدماج الاجتماعي للمعاقين إلى مغبة أن تتحول بعض هذه الجمعيات العاملة بالميدان إلى مؤسسات انتهازية، توظف الشخص المعاق بشكل مقيت لتحقيق مآربها، وعرقلة التأسيس لحركة مدنية فاعلة. إن تجربة المجتمع المدني عندنا، يجب أن تراعي وان تهتم بالمعاناة اليومية للمواطنين بشكل عام، لا أن تجعل منه متسولا معترفا به، أي متسول رسمي له بطاقة، ورقم تسلسلي، ينتظر في طابور مع أقرانه هبة أو عطية بالكاد تملأ بطنه ولا تغير وضعه، إن انخراط المجتمع المدني في أعمال من هذا النمط هو ترويض لمؤسساته على العمل " الخيري " وفطم لها عن العمل المدني الذي يعد إستراتيجيته الحقيقة. فالعمل " الخيري " لا يعدو في صيغة الرسمية، في واقع الأمر، غير آلية للتنشئة السياسة، أو بالأحرى للترويض السياسي للمجتمع الزبوني، مجتمع يقوم على روابط غير مدنية ويعيد إنتاجها. بناء ذلك، يعد انخراط الهيئات المدنية فيه أو التبشير به إعاقة ذاتية للمجتمع المدني ليس إلا. فهل بمقدور مؤسسات وهيئات المجتمع المدني المشغلة بنفس القطاع، إنتاج ذاتها أو إعادة إنتاج ذاتها اجتماعيا بموازات ضمان استقلاليتها عن بنى الإعاقة الراسخة في السلوك السياسي ما قبل المدني. سواء كان مصدر هذا السلوك الدولة والأحزاب أو المجتمع؟1
إن ما يكمن التأكيد عليه في سؤال الإدماج المتصل بالفتاة المعاقة جسديا، هو أن ما يخدم صالح الأشخاص المعاقين حاضرا يخدم حاضر ومستقبل المجتمع ككل، وان أي مخطط تنموي شمولي، يلغي من اهتمامه النهوض بأوضاع هذه الفئة مصيره أن يظل مخططا مبتورا. يسهم في تكريس وإعادة إنتاج الإخفاقات.




خاتمة:
يرتكز صلب الفلسفة العامة التي تحتكم إليها مخططات التنمية البشرية، على محورية الذات الإنسانية. سواء كان هذا الإنسان معاق أم لا. ومن منطلق أن لا تنمية بشرية حقيقية، دون أن يكون هذا الإنسان قلبها النابض وهدفها الأول والأخير.
وعليه فالإنصات العميق وبمنطلقات علمية للفاعل الاجتماعي، لا يمكن ألا ان يسهم في تثميل العنصر البشري، وتوجيه مسارات هذه التنمية، بما تقتضيه المصلحة العامة للمجتمع.
فإن تظل فئة واسعة من المواطنين على هامش دينامية التنمية، معناه، أن ذلك سيصبح عائقا أمام أي تقدم اجتماعي منشود.
فالاهتمام بتمثلات الفتاة المعاقة لجسدها الخاص، قاد إلى ضرورة تشجيع المبادرات المستقلة لجمعيات أو هيئات وطنية جادة وصاحبة مشاريع حقيقية، تمتح هويتها من عمق انتظارات هذه الفئة. وعمقّ لدينا في المقابل، الإيمان المطلق بأهمية ونجاعة البحث العلمي في تدبير شؤون الناس، بما يروم مصلحتهم العامة.







بيبليوغرافيا:
1-بن منظور، لسان العرب، إعداد وتصنيف يوسف الخياط، دار لسان العرب بيروت، دون تاريخ النشر، الجزء الأول.
2-أمال قرامي، " المثقف "، السنة الثانية العدد 369 www . almotaqaf . . com
3-بحاج عسو" الجسد بين آليات الضبط والإخضاع، دفاتر سياسية، العدد، 80-81، ابريل – ماي 2006.
4-خليل عمر معن، علم الاجتماع المعاصر، ترجمة نادية النحلي، الشروق 2000.
5-خالدة سعيد، المرأة، التحرر، الإبداع، سلسلة بإشراف: فاطمة المرنيسي. نشر الفكر.
6-الزكي باحسين، الكتابة والجسد، البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع الطبعة الأولى، 2000.
7-عاطف وصفي الانتربولوجية الثقافية، اسيسكو،2003 .
8-عبد النور ادريس، الكتابة النسائية حفرية في الأنساق الدالة: الأنوثة الجسد.. الهوية، مكتبة وراقة سجل ماسة مكناس، الطبعة الأولى،2004 .
9-عبد الكبير الخطبي الاسم العربي الجريح، دار العودة – بيروت – الطبعة الأولى 1980 .
10-عدنان الجزولي الإعاقة في التشريعات العربية المعاصرة، دراسة لبعض التجارب الوطنية بدول العالم الإسلامي، منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة- ايسيسكو -2003.
11-عبد العزيز العبادي، " المعرفة والسلطة عند فوكو من خلال إرادة المعرفة "، العرب والفكر العالمي، العددان 17-18. ربيع 1992.
12-المعجم الفلسفي، الشركة العالمية للكتاب، بيروت 1994 .
13-المعجم الوسيط، مؤلف جماعي المكتبة الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع 1993.
14- الفيروز ابادي، المعجم المحيط، دار الفكر، بيروت 1983.
15-ميشيل فوكو، يجب الدفاع عن المجتمع ترجمة وتقديم، الدكتور زواوي بغورة. دار الطالعة. بيروت.
16-مي جبران، " الشخصية الأنثوية"، مجلة مواقف، العدد، 73-74.
17-الدكتور محمد الشيخ، المغاربة والحداثة، قراءة في ستة مشاريع فكرية مغربية، منشورات رمسيس، السلسلة الشهرية المعرفة للجميع، عدد 34 مارس 2007 .
18-مصطفى حجازي، التخلف الاجتماعي مدخل الى سيكولوجية الانسان المفهور، المركز الثقافي العربي.
19-محمدالغيلاني، محنة المجتمع المدني: مفارقات الوظيفة ورهانات الاستقلالية، دفاتر وجهة نظر، الطبعة الأولى 2004.
20-الهراس المختار، المناهج الكيفية في العلوم الاجتماعية، منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط، سلسلة ندوات ومنظارات رقم 100
21-سعيد بوخليط، فكر ونقد، العدد 51 .
22-دافيد لوبرتون، انتربولوجيا، الجسد والحداثة، ترجمة محمد عرب صاصيلا،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.الطيعة الاولى1993.
23-هشام العلوي، الجسد بين الشرق والغرب: نماذج وتصورات، منشورات الزمن، الطبعة الأولى ،2004 .
24-هشام العلوي، في قبضة الثقافة، نظرة ورؤى حول الجسد، منشورات اتحاد كتاب المغرب، الطبعة الأولى، 2004
25- سمية نعمان جسوس، بلا حشومة ،الجنسانية النسائية بالمغرب. ت . عبد الكبير حزل، المركز الثقافي العربي الطبعة الأولى 2003.
26-عبد الكبير غريب، منهج وتقنيات البحث العلمي، مقاربة ابستيمولوجية منشورات عالم التربية.
27-بالكامل جواد، الأصول الاجتماعية والمرض، حالة مرض السل، دراسة ميدانية بالمستشفى المركزي بالقنيطرة، بحث لنيل الإجازة، السنة الجامعية، 2005/ 2006.
المراجع باللغة الفرنسية
1-P.Chileder, l’image du corps, callimard, Paris, 1968.
2-F.Aait-SabaH, la femme dans l’inconscient musulman, Sycomore, Paris, 1982.
3-A.An Zieu, la femme sans qualités, Paris, 1989.

فهرس الجداول
رقم الجدول العنوان الصفحة
1 توزيع عينة البحث حسب متغير السن وعلاقته بالسؤال عن الجسد. 26
2 توزيع عينة البحث حسب متغير المستوى التعليمي وعلاقته بقدرة الحديث عن الجسد الخاص 27
3 توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الأب وعلاقة الصلاة لتحديد الموقف من الجسد 28
4 توزيع المبحوثات حسب المتغير مسقط رأس الاب وعلاقته بالحديث عن الجسد الخاص 28
5 توزيع المبحوثات حسب متغير السن وعلاقته بالجسد النموذجي 29
6 توزيع المبحوثات حسب المستوى التعليمي وعلاقته بالجسد النموذجي 30
7 توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الاب وعلاقتها بالجسد النموذجي عندهن 31
8 توزيع المبحوثات حسب متغير مسقط رأس الاب والجسد النموذجي عندهن 32
9 توزيع عينة البحث حسب متغير السن وعلاقته باستعمال الماكياج 33
10 توزيع المبحوثات حسب متغير المستوى الدراسي وعلاقته باستعمال الماكياج 34
11 توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الأب وعلاقته باستعمال الماكياج 35
12 توزيع عينة البحث حسب متغير مسقط رأس الاب وعلاقته باستعمال الماكياج 35
13 توزيع عينة البحث حسب متغير السن وعلاقته بممارسة الرياضة 36
14 توزيع المبحوثات حسب متغير المستوى التعلمي وممارسة الرياضة 37
15 توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة الاب وعلاقته بممارسة الرياضة 38
16 توزيع المبحوثات حسب متغير مسقط رأس الاب وممارسة الرياضة عند المبحوثات 39
17 توزيع المبحوثات حسب متغير السن وعلاقة الصلاة بالموقف من الجسد 40
18 توزيع المبحوثات حسب متغير المستوى الدراسي وعلاقة الصلاة بتالموقع من الجسد 41
19 توزيع المبحوثات حسب متغير مهنة وعلاقة الصلاة بالموقف من الجسد 42
20 توزيع المبحوثات حسب متغير مسقط رأس الاب وعلاقته بالصلاة والموقف من الجسد 42




الفهرس
تقديم عام 01
الفصل الأول: التحديد المنهجي للبحث 03
1-إشكالية 04
2-فرضيات الدراسة 04
3-الأداة 04
4-العينة 05
5-التحديد المجالي لعينة البحث 06
الفصل الثاني: الإطار النظري 07
I-التحديد المفاهيمي 08
1-مفهوم التمثل 08
2-الجسد 11
3-الإعاقة 12
II-الدراسات السابقة 16 1 -تمهيد 16
2-مطبخ الجسد 16
3-فقه الجسد 17
4-المؤسسة و الجسد 18
5-الجسد الأنثوي أو الجسد المرصود للألم 19
6-ترويض الجسد 21
7-الجسد الأنثوي وحلم التنمية 23
الفصل الثالث: الدراسة الميدانية 25
I-عرض المعطيات الميدانية 26 1-مدخل 26
2 -مفهوم الجسد: التمثلات 26
II-جسد المعاق وسؤال الاندماج 43 1-لماذا جمعية الكرامة للمعاقين؟ 43
2-هل الجمعية حقا فضاء متميز؟ 44
3-الجمعية والنظرة إلى الجسد 45
4-بحثا عن المفقود: نظرة نقدية 45
5-مفارقات: ليس من يأتي كمن يبقى 46
6-واجب الدولة إزاء هذه الفئة 46
7-الأعمال اللائقة لنوعك 47
8-التطلعات في أفق عشرة نوات القادمة 47
III-تحليل معطيات الميدان 48
1-بحثا عن التمثلات: في المفهوم مفهوم الجسد 48
2-نحو جسد مندمج 50
خاتمة: 53
بيبلوغرافيا 54
الفهرس 57



#شكري_عبدالديم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اللاجئون السودانيون.. مأساة لم ينهها عبور الحدود واللجوء
- الأمم المتحدة تحذر: شبح المجاعة يهدد 40 مليون شخصًا في غرب أ ...
- تظاهرات في تل أبيب مطالبة بصفقة للإفراج عن الأسرى
- الشروق داخل معسكرات النازحين فى السودان.. حكايات الفرار من ا ...
- استشهد زوجتي وإصابتي أفقدتني عيني
- مصدر فلسطيني: عودة النازحين قضية رئيسية في المفاوضات وتوجد ع ...
- دعوات إسرائيلية لمظاهرات تطالب بصفقة تعيد الأسرى
- مندوب فلسطين بالجامعة العربية يدعو لتفعيل الفصل السابع من مي ...
- عبد الرحمن: استقبال عناصر النظام البائد وتسوية أوضاعهم ممن ل ...
- دعوات إسرائيلية لمظاهرات تطالب بصفقة تعيد الأسرى


المزيد.....

- الإعاقة والاتحاد السوفياتي: التقدم والتراجع / كيث روزينثال
- اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة / الأمم المتحدة
- المعوقون في العراق -1- / لطيف الحبيب
- التوافق النفسي الاجتماعي لدى التلاميذ الماعقين جسمياً / مصطفى ساهي
- ثمتلات الجسد عند الفتاة المعاقة جسديا:دراسة استطلاعية للمنتم ... / شكري عبدالديم
- كتاب - تاملاتي الفكرية كانسان معاق / المهدي مالك
- فرص العمل وطاقات التوحدي اليافع / لطيف الحبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - شكري عبدالديم - ثمتلات الجسد عند الفتاة المعاقة جسديا:دراسة استطلاعية للمنتميات لجمعية الكرامة للمعاقين بالقنيطرة.ثحث اشراف الدكثور محمد دحمان