فاطمه قاسم
الحوار المتمدن-العدد: 2161 - 2008 / 1 / 15 - 11:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
على أبواب المؤتمر السادس, الذي وان تجاوز موعده المقرر لبضعة شهور أخرى, فإننا ذاهبون إليه حتما لأسباب ذاتية وموضوعية كثيرة
السبب الأول : أن الإطارات القيادية فالحركة , اللجنة المركزية والمجلس الثوري , فقدت كثيرا من صفتها التمثيلية أولا والشرعية ثانيا , وذلك بسبب تطاول الوقت وتقادمه على المؤتمر الخامس الذي انعقد في العاصمة التونسية في العام 1989 م .
ويكفى للتدليل على خروج هاذين الإطارين من وعاء الزمن , إن المؤتمر الخامس انعقد في زمن النظام الدولي السابق ثنائي القطبية , بينما المؤتمر السادس حتى لو انعقد اليوم سيكون في وعاء زمن جديد , ونظام دولي جديد , غير معظم الخرائط السياسية في العالم , حتى نحن كحركة فقدنا كماننا , فتصوروا كم نحن في حاجة للتجديد .
السبب الثاني : إن الإطارات القيادية التى تشكلت بفعل الانتخابات قد فقدت معظم النصاب , ولم يبقى من نتائج الانتخاب في المجلس الثوري واللجنة المركزية سوى اقل القليل , والتعيينات التى جرت بعد ذلك تمت نتيجة احتياجات طارئة ومجاملات داخلية , وخارجية , وقد أثارت من الخلاف والتشقق أكثر مما خلفته من الفائدة والتجديد .
السبب الثالث : أن المهمات المطلوبة من حركة فتح , وهى حركة عظيمة بلا شك اختلفت في الشكل والمضمون , ويكفى أننا لم نعد نتراشق مع الاحتلال الاسرائيلى عن بعد لا بالصورايخ ولا بالنشاط السياسي , بل أصبحنا نتعارك مع الاحتلال بالايدى , وجه لوجه , في تفاصيل التفاصيل , وتحت تأثير ضغوط من نوع جديد , من بين هذه الضغوط أننا نتحمل المسئولية مباشرة عن شعبنا في الضفة والقطاع والقدس , ولم يعد الاحتلال مسئولا رغم كل تدخلاته العدوانية , وان مهمة حركة فتح الوطني مخلوطة ومتداخلة مع مهمات السلطة والدولة , وان الصراع على قيادة النضال , ( كما في المنفى ) لا يشبه الصراع على السلطة والحكم كما هو جارى ألان , وان مقولة الكفاح المسلح التاريخية ( كل البنادق نحو العدو ) لم تعد قائمة فعليا ألان فكل البنادق مصوبة ألان إلى الصدر الوطني ! بل إن مساجلات المقاومة المسلحة ألان هي جزء من السجال الداخلي او التجاذب الإقليمي حتى وان أطلق عليها اسم مقاومة الاحتلال .
اذا :
نحن ذاهبون إلى المؤتمر السادس حتما , حتى لو انتظرنا بعض الوقت , لان عدم ذهابنا إلى المؤتمر السادس سيفقدنا ماتبقى من شرعية اطارتنا , وسوف يجعلنا عدم الذهاب إلى المؤتمر مجرد هياكل فارغة ولكن دون إعلان
ولمحنة التى تعرضت لها حركة فتح في الخامس والعشرين من يناير 2006 ثم الكارثة التى تعرضنا لها في الرابع عشر من حزيران 2007 , أعطتنا إنذارا لايمكن تجاهله حتى من الموتى أنفسهم , بأن الواقع سيء جدا والأمر خطير جدا وان الذكريات المجيدة وحدها لاتفيدنا بشيء .
ذاهبون إلى المؤتمر السادس:
ولكن كيف , عن اى طريق وبأية صيغة ؟
لقد بدأنا فعلا ممارسة هذا النوع من الديمقراطية الداخلية , انتخابات المناطق والأقاليم , ربما بدأت في غزة قبل الضفة , وربما سارت في الخارج غير الداخل , ولكننا نلاحظ أن المعايير والأنساق لهذه العملية الديمقراطية لم تتغير وظلت على حالها قبل وبعد محنة الانتخابات , وقبل وبعد محنة الانفصال والانقسام , وهذه نفطه سلبية وليست ايجابية , فعندما يحدث زلزالان كبيران في سنة ونصف ولا يحدث تغيير في المعايير والأنساق فهذا معناه إما أن الجسد ميت او أن قدراته على الاستجابة ضعيفة او أن القائمين على حصر الأضرار ليسوا من قلب الحالة بل هم خبرا من الخارج !
لقد لاحظنا مثلا :
إن ألاف مؤلفة من كوادر الحركة وقياداتها وأبنائها القادمين إلى ارض الوطن ظلوا خارج العملية الديمقراطية ولا مكان لهم فيها, فكيف يمكن أن تستمر العملية بلا ذاكرة ولا شهود ؟
ومثال أخر:
إن اللعبة المكررة بخصوص الحرس القديم والحرس الجديد ظل يتم تداولها بالنسبة للأفراد أنفسهم , دون مراعاة أن بعضنا من الحرس القديم لم يعد قادر على الحضور بأية صيغة من الصيغ , وان الحرس الجديد , الشباب , مضى أكثر من عشرين سنة من إطلاق هذا الوصف عليهم , اى أنهم أصبحوا من الحرس القديم عمريا ولابد تفكيك هذه الظاهرة بطريقة جديدة حتى نبدأ من جديد ولكن من سن اليأس !.
والمثال الثالث:
أن هناك دعوات إلى ضغط المؤتمر كثيرا جدا , البعض يطالب بثلاثمائة عضو , والبعض الآخر يطالب بخمسمائة عضو , وبلا شك أن تحديد عدد الأعضاء للمؤتمر السادس على هذا النحو قد يصلح مؤتمر يناقش قضايا الهاى تكنولوجي , قضايا الفضاء الخارجي , ولكن ليس قضية فلسطين وتشعبانها من خلال حركة فتح التى أعلنت عن قيامها في منتصف القرن الماضي ومنتشرة على امتداد الكون , وخاصة أن المؤتمرات المحلية التى تفرز مرشحيها للمؤتمر السادس لايجرى فيها بحث شيء جدي , فليس هناك في تلك المؤتمرات مجال لتوليد الأفكار او الرؤى بل هي عمليات انتخاب ذات بعد واحد ( اى سطحية ) !.
وأرجو أن نأخذ هذه النقطة على وجه التحديد بحث أكثر , وجهد اكبر , واستبطان حقيقي , ذلك أن المؤتمر السادس إذا صار على هذه القاعدة , وهو اختصار حالة التمثيل إلى أدنى مستوى ممكن , كما لو أن المؤتمر هو مؤتمر خبراء وليس مؤتمر مناضلين , فقد تكون النتائج معكوسة تماما , وقد يجد المؤتمر نفسه معزولا عن حراك الحياة نفسها .
ذاهبون إلى المؤتمر السادس:
لكي نتصارح حتى يمكن أن نتصالح, لأنه بدون مصارحة حقيقية, ووضع الأصابع بقسوة على الجراح, وامتلاك شجاعة أن نبحث عن الأفضل والأشجع والأنفع رجالا و قضايا, فقد يتحول المؤتمر السادس إلى حفل تأبين الثالث بعد الانتخابات والانقلاب.
حركة فتح :
كما يعلم الجميع بدون استثناء , فيها عقول كثيرة , وقلوب كبيرة , وسواعد كثيرة , ولا ينقصها شيء لكي تنهض , وتقود , وتنتصر , لا ينقصها شيء سوى هذه الطاقة التى تتولد من قوة المصارحة ومن كيمياء المصالحة , فهل الجهد على هذا المستوى وهل الإرادة جاهزة من اجل التغيير , هذا هو التحدي وهذا هو الأمل .
د.فاطمة قاسم
#فاطمه_قاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟