|
الرحامنة: هل من الحداثة إغراق المنطقة في التخلف باسم الحداثة، والعصرنة، والتقدم؟
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 2160 - 2008 / 1 / 14 - 11:09
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
ونحن نتتبع ما يجرى في منطقة الرحامنة، لفت انتباهنا ما لم يمكن مألوفا، لا من قبل العامة، ولا من قبل الخاصة، أو حتى خاصة الخاصة. فتساءلت:
هل ما يوجد في المنطقة من إدارات، ومن مؤسسات اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، لها اهتمامات خاصة؟
أم إن اهتمامها المركزي، والوحيد، هو تقديم الخدمات لذوي النفوذ المخزني؟
وإذا كان الأمر كذلك: فما ذنب المواطن العادي، والبسيط، الذي ينتظر من الإدارات، ومن المؤسسات أن تعمل على تغيير الواقع الى الأحسن؟ ونحن عندما ما نطرح هذه الأسئلة، وغيرها، ننطلق من الواقع الذي يفرض نفسه على المتتبع. هذا الواقع الذي عرف، ويعرف:
1) تجند جميع أجهزة الإدارة المخزنية، والجماعية، بما تتوفر عليه من وسائل، ومن إمكانيات ضخمة: مادية، وبشرية، وعلى مستوى إقليم قلعة السراغنة، إلى جانب لائحة التراكتور، أثناء الحملة الانتخابية، حتى تحصل على نتيجة كانت معروفة مسبقا.
2) ما حصل في إدارة مكتشف فوسفات ابن جرير مؤخرا، ولمدة ثلاثة أيام، حيث تحولت أبنية الإدارة إلى مقرات لبرلمانيي لائحة التراكتور، من أجل استقبال النسيج الجمعوي المفبرك، من قبل الأجهزة المخزنية، لا من أجل تدارس السبل الكفيلة بالخروج بالمنطقة من التخلف الذي أغرقها فيه مسئولو الإدارة المخزنية، والجماعات المحلية، والبرلمانيون السابقون، بسبب النهب الممنهج للمال العام، الذي تحول بفعل استغلال النفوذ إلى مال خاص، بل من أجل تدبير عملية النهب، ولكن هذه المرة باسم جمعيات المجتمع المدني "التنموية"، التي تعرف جيدا كيف تحول مسئولوها إلى أصحاب ثروات هائلة.
والسؤال الذي يفرض نفسه علينا، بسبب رصدنا لما يحبل به الواقع من ممارسات خارج التاريخ، وخارج منظومة القوانين المخزنية نفسها، هو:
هل يمكن لأي حزب سياسي أن يستغل إدارة الفوسفات، ويعطل العمل بها، ولو لمدة ساعة، على الأقل، كما حصل، ولمدة ثلاثة أيام مع برلمانيي التراكتور، الذين ينتمون إلى الحزب المخزني في طور التشكيل؟
هل تقوم الإدارة المخزنية، وعن طريق آلتها الجهنمية، المتمثلة في ذلك الجيش العرمرم من المقدمين، والشيوخ، بفبركة جمعيات "تنموية" لهذا الحزب، أو ذاك، كما تفعل مع الحزب المخزني في طور التشكيل؟
وإلا، فلماذا يتم التخلي عن حياد الأجهزة الإدارية، والجماعة؟
لماذا يتدخل المقدمون، والشيوخ، وبتوجيه من الإدارة المخزنية نفسها، لإرهاب المواطنين، إن هم فكروا في الارتباط بهذا الحزب، أو ذاك؟
وإذا كان ما يجرى، وبالمكشوف، وتحت إشراف الإدارة المخزنية، وبمباركة منها، رغبة في تحديث الحياة في منطقة الرحامنة، باسم الديمقراطية التي لم تعد صالحة لتسميتها ب "ديمقراطية الواجهة"، نظرا للإغراق والاستغراق في تكريس الاستبداد المخزني، وتحويل سكان منطقة الرحامنة إلى مجرد قطيع.
فهل من الحداثة حرمان المواطنين من الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية؟
هل من الحداثة اعتبار المنطقة منطلقا لإعادة تجديد الممارسة المخزنية على المستوى الوطني، من أجل إعادة إنتاج نفس الهياكل التي عرفتها المؤسسة المخزنية خلال السبعينات من القرن العشرين؟
هل من الحداثة تحويل أبناء المنطقة الى مجرد أناس يحترفون السعاية في مناسبات معينة؟
هل من الحداثة تعطيل مصالح المواطنين، ومصالح العمال بالخصوص، من أجل تمكين برلمانيي الحزب المخزني في طور التشكيل، من تنفيذ خطتهم الرامية إلى تدجين المغاربة، انطلاقا من منطقة الرحامنة؟
هل من الحداثة أن تتجند الإدارات المخزنية والجماعية الى جانب برلمانيي الحزب المخزني في طور التشكيل ؟
إن ما يظهر، ومن خلال الممارسة المخزنية العامة، والخاصة، ومن خلال ممارسة المتمخزنين في جميع منطقة الرحامنة، أن التمسك بالتخلف صار هدفا، وغاية، حتى لا ينطلق المواطن المغربي الذي يعيش في هذه المنطقة في اتجاه:
أولا: تمتعه بحقوقه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.
ثانيا: المطالبة بحقه في الشغل.
ثالثا: العمل على فك العزلة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، عن منطقة الرحامنة.
رابعا: العمل على محاربة المحسوبية، والزبونية، والإرشاء، والارتشاء في كل الإدارات المخزنية، وعلى مدى منطقة الرحامنة.
خامسا: العمل على محاربة الفساد الاجتماعي عن طريق استئصال الأسباب المنتجة له.
سادسا: العمل على محاربة الاتجار في المخدرات، الذي صار يعم جميع منطقة الرحامنة، والذي خلق مجموعة من البارونات، الذين استأسدوا، وصاروا يتمكنون من السيطرة على المنطقة بكل الوسائل.
سابعا: العمل على فرض الاستتباب الأمني، الذي اختل لصالح تحكم المجرمين في كل شيء، كما يحصل في حواضر المنطقة وفي أسواقها.
ثامنا: النضال الدءوب من أجل تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
تاسعا: العمل على تغيير وجه المنطقة، حتى تصير في مستوى فاعلية المناطق المعتبرة من "المغرب النافع".
عاشرا: إثبات أن أبناء المنطقة يتمتعون بقدرات عالية، تجعلهم لا يقلون أهمية عن غيرهم، في خدمة مصالح الشعب المغربي.
واتجاه الانطلاق هذا، الذي تحول دون حدوثه الإدارة المخزنية، وبكافة الوسائل، هو الذي يشكل المدخل الحقيقي للحداثة المطلوبة.
فهل تتخلى الإدارات المخزنية، والجماعية، عن توظيف كل شيء لصالح برلمانيي الحزب المخزني في طور التشكيل؟
وهل تتعامل مع جميع الأحزاب على أساس المساواة فيما بينها؟
وهل توقف آلتها الجهنمية المتمثلة في المقدمين، والشيوخ؟
وهل يوضع حد لتجار المخدرات، الذين افسدوا ناشئة المنطقة؟
وهل تعمل الإدارات المخزنية على وضع حد للانفلات الأمني؟
وهل تعمل على حماية المنطقة من المجرمين الذين يتحركون في مناحيها بكامل الحرية؟
إن إغراق المنطقة في التخلف، بمفهومه العلمي، صار هاجسا لكل المتمخزنين الممارسين للانبطاح، أمام أعتاب من بيده تحقيق بعض تطلعاتهم الطبقية التافهة، التي يضيعون بسببها كرامتهم التي لا تعوض أبدا؛ لأنه في ضياع الكرامة ضياع الإنسان. والإنسان عندما يضيع لا يمكن تعويضه. والإنسان في منطقة الرحامنة، وبسبب مصل التخدير، المتمثل في الحزب المخزني في طور التشكيل، صار معرضا للضياع أكثر من أي وقت مضى. وتلك هي النقطة السوداء في جبين تاريخ المنطقة، منذ حكم العيادي، وتمثيلية كبور، ثم ما أفرزته لائحة التراكتور.
ابن جرير في : 04/01/2008.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصادر ثروات الأثرياء المغاربة
-
انتخابات 7 شتنبر 2007 مجرد وسيلة لإنتاج برلمان على مقاس الاس
...
-
ثقافة الالتقاء / ثقافة الاختلاف.....28
-
ثقافة الالتقاء / ثقافة الاختلاف.....27
-
ثقافة الالتقاء / ثقافة الاختلاف.....26
-
ثقافة الالتقاء / ثقافة الاختلاف.....25
-
ثقافة الالتقاء / ثقافة الاختلاف.....24
-
ثقافة الالتقاء / ثقافة الاختلاف.....23
-
ثقافة الالتقاء / ثقافة الاختلاف.....22
-
ثقافة الالتقاء / ثقافة الاختلاف.....21
-
ثقافة الالتقاء / ثقافة الاختلاف.....20
-
ثقافة الالتقاء / ثقافة الاختلاف.....19
-
ثقافة الالتقاء / ثقافة الاختلاف.....18
-
ثقافة الالتقاء / ثقافة الاختلاف.....17
-
ثقافة الالتقاء / ثقافة الاختلاف.....16
-
ثقافة الالتقاء / ثقافة الاختلاف.....15
-
ثقافة الالتقاء / ثقافة الاختلاف.....14
-
ثقافة الالتقاء / ثقافة الاختلاف.....13
-
مؤدلجو الأمازيغية، أو الدين الإسلامي، وسعار ادعاء حماية الأم
...
-
مؤدلجو الأمازيغية، أو الدين الإسلامي، وسعار ادعاء حماية الأم
...
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|