|
خطة القضاء على حزب العمال الكردستاني.
طارق حمو
الحوار المتمدن-العدد: 2160 - 2008 / 1 / 14 - 09:43
المحور:
القضية الكردية
ظهر رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان على محطات التلفزة وهو يعلن للأمة "قيام القوات المسلحة بالهجوم على معاقل حزب العمال الكردستاني"، وكأنه قائد عسكري يخوض حرباً مصيرية مع جيش عرمرم يزحف على تخوم بلاده. وتناغمت تصريحات اردوغان هذه مع حديث رئيس هيئة اركان الجيش التركي الجنرال يشار بويوكانيت والذي اعرب عن فرحه هو الآخر بقوة وبأس قواته الجوية وشجاعة طياريه الذين قادوا 52 طائرة لغزو معاقل العمال الكردستاني في مناطق قنديل الوعرة. ولم يستطع بويوكانيت ان يخفي غبطته من سماح الولايات المتحدة لتركيا بالقيام بعمل جوي ضد المقاتلين الكرد بعد فتور طويل. وهي "الغبطة" التي وصفها مراد قره يلان القائد الأول في الحزب الكردستاني ب"غبطة التابع الذي انتظر صفح سيده طويلاً".
وجاءت عمليات الجيش التركي هذه، والتي اسفرت عن مقتل عدد من المدنيين الكرد وتدمير اكواخهم ومزارعهم اضافة الى إستشهاد خمسة من مقاتلي الكردستاني، بشكل متواز مع القاء السلطات التركية القبض على نورالدين دمرتاش رئيس حزب المجتمع الديمقراطي فور وصوله مطار اسطنبول قادماً من المانيا منتصف شهر كانون الأول الماضي. وكان دمرتاش قد اطلق تصريحات قوية ضد سياسة حزب العدالة والتنمية ازاء القضية الكردية، وطالب خلال مشاركته في مؤتمر حول القضية الكردية عٌقد في بروكسل بداية كانون الأول، ب"حل القضية الكردية حلاً ديمقراطيا عادلا مع حزب العمال الكردستاني وزعيمه عبدالله اوجلان مباشرة". كما ندد دمرتاش بقانون الندم الذي قدمه اردوغان للبرلمان من اجل استدراج مقاتلي العمال الكردستاني و"انزالهم من الجبال وضمان عودتهم الى منازلهم". وقال دمرتاش "ان هذا القانون محكوم عليه بالفشل مسبقا لأنه يقوم على اسفاف القضية واعتبارها قضية امنية وجنائية". ولم تبذل السلطات التركية جهداً كبيراً في خلق حجة لإعتقال دمرتاش فالصقت به تهمة "التهرب من خدمة العلم" لكي تخفي التهمة ذات الأصل السياسي. وهو الأمر الذي يذكرنا بماجرى للنائبة المحجبة مروة قاوقجي وكيف ان الحكومة وقوى العلمانية المتطرفة استطاعوا اخراجها من البرلمان (17ـ5ـ1999) والتخلص من "الإحراج" الذي شكلته على ميراث مصطفى كمال "اتاتورك"، وذلك بحجة حملها لجنسية دولة اخرى.
والحال ان الحكومة التركية تمضي قدماً في سياساتها المعادية للقضية الكردية والرامية لتصفية حزب العمال الكردستاني وابعاده عن المشهد السياسي في تركيا. وقد استطاع حزب العدالة والتنمية وعبر طرق واساليب كثيرة تسويق مشروعه في ولايات كردستان تركيا وحصد معظم اصوات السكان الكرد هناك، وهم مسلمون سنّة متدينون بفطرتهم، وذلك في الإنتخابات التي جرت في 22 تموز 2007. وكان لتعهد اردوغان بحل القضية الكردية والتجاذبات بينه وبين الجيش، وكره السكان الأكراد لهذا الأخير، اضافة الى عمل الجمعيات الدينية النقشبندية وتقديم القروض الميسرة للفقراء، الأثر الكبير في دفع هؤلاء الى التعاطف مع اردوغان وحزبه والتصويت لهما. ومنذ ذلك الحين والعدالة والتنمية يخطط وبقوة لضرب حزب العمال الكردستاني وتصفيته سياسياً وعسكرياً. ففي عهد العدالة والتنمية اشتدت وتيرة المواجهات وكثفّ الجيش التركي من عملياته العسكرية ضد المقاتلين الكرد داخل وخارج البلاد. وحدثت ما مجموعه 579 مواجهة واشتباك بين الجيش ومقاتلي العمال الكردستاني سقط فيها اكثر من الف قتيل من الجانبين. كما شكلّ الحزب ما يعرف ب"لجنة مكافحة الإرهاب" والتي ترأسها، ومايزال، عبدالله غل، حتى بعد انتخابه رئيساً للبلاد. هذه اللجنة عملت على استصدار قوانين خاصة للحد من نشاط العمال الكردستاني والتضييق على انصاره وكتلته الجماهيرية.
وفي عهد العدالة والتنمية ظهرت قضية تسميم زعيم الحزب الأسير عبدالله اوجلان، والذي قال محاموه انه تعرض للتسميم في السجن. وهو الأمر الذي دعى انصار الحزب في اوروبا لتنظيم تظاهرات كبيرة والضغط على المفوضية الأوروبية للتدخل وارسال لجنة طبية خاص لسجن جزيرة ايمرالي للتحقق من صحة الأمر. وذهبت اللجنة فعلاً وقامت بفحص اوجلان في ايار الماضي، لكنها لم تكشف عن نتائج فحوصها للرأي العام حتى الآن، وهو الأمر الذي زاد في شكوك الجانب الكردي. كما ضاعف العدالة والتنمية من ضغوطه على حزب المجتمع الديمقراطي( الممثل في البرلمان ب 23 نائباً) ففتحت النيابة العامة ضد مسؤولي ونواب الحزب عشرات الدعاوي بحجة "لترويج" لأفكار الكردستاني، كان آخر تلك الدعوات تلك المطالبة بحظر الحزب حظراً تاماً، والمرفوعة حالياً امام المحكمة الدستورية العليا.
وبعد ذلك دخلت الولايات المتحدة على الخط رامية بثقلها خلف اردوغان و"مشروعه" في تصفية العمال الكردستاني وواجهته السياسية حزب المجتمع الديمقراطي. وتجلت سياسة واشنطن هذه بشكل فاضح بعيد لقاء الرئيس الأميركي جورج بوش باردوغان في واشنطن 5ـ11ـ 2007 ووصفه للكردستاني بانه "عدو لواشنطن" الى جانب العراق وتركيا. حيث زار وفد اميركي يضم السيناتور كريستوفر سايش تركيا والمناطق الكردية. والتقى سايش نواب حزب اردوغان الأكراد وبعض القوى الكردية الصغيرة المناوئة للكردستاني. وجاب سايش بعض مناطق المواجهات للإطلاع على الأوضاع على ارض الواقع. وكان المشهد فريداً حينما سأل السيناتور الأميركي قروية كردية قائلا: لماذا انتم هنا في هذه المخيمات؟. فاجابت القروية : لأن قريتنا قد دٌمرت. فقال السيناتور: دمرها مقاتلوا العمال الكردستاني اليس كذلك؟. فردت القروية بحزم: لا..هذا غير صحيح..دمرها جنود الجيش التركي واحرقوا كل بساتينها.
القصف الجوي التركي الأخير اظهر ان الحكومة والجيش متفقان على ضرب وتصفية العمال الكردستاني، وان واشنطن باتت مرنة بالشكل الذي يدفع الأتراك للتحرك عسكرياً ضد الجبل ومضاعفة بطشهم ضد الساسة الكرد في المدن. وهذا القصف ارضى بعضاً من غرور الشارع التركي، واظهرته وسائل الإعلام التركية وكأنه نصر مؤزر حققته انقرة على دولة اقليمية كبرى.
هذا رغم ان "الغارات الكبرى" هذه لم تسفر سوى عن مقتل قرويين وخمسة مقاتلين كرد. بينما قال شهود عيان في بلدة شرناخ انهم شاهدوا الحوامات التركية تنقل العشرات من الجثث والجرحى للمشفى العسكري في المدينة: وهو مايصب في قول العمال الكردستاني: ان قواته قتلت ثمانية جنود اتراك حينما حاولوا التوغل داخل اراضي اقليم كردستان العراق...
#طارق_حمو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فتنتنا، التي ايقظها الأميركان!
-
الشرق الأوسط: استيلاد الديمقراطية من معاناة الأقليات
-
الأقليات الدينية العراقية في الدستور العراقي الجديد
-
الأمة....مغتصبة هذه المرة!!
-
أنقرة وواشنطن: التحالف المٌهين...أخيراً؟.
-
عبدالرزاق عيد: ربما هو القتل الرحيم؟
-
تركيا والكرد: حرب المائة عام تبدأ من كركوك!
-
العراق وحروب الإعلام العربي الخاسرة!
-
أوجلان والرهان على هزيمة العسكر...
-
مؤتمر واشنطن الكردي: بداية الإستقلالية في الفعل السياسي الكر
...
-
العراق قرباناً لدوام ليل الطغاة...
-
مفاخر بعثية: قمع وإستبداد وتفقير عام!
-
ولادة الشرق العظيم..
-
الفيحاء والجميل سيّار...
-
حماس..الكويت..وعشائر كردية أيضاً
-
دستور العراق الجديد وقرف الإعلام العربي...
-
الخبل الديني..!
-
أقباط وإيزيدية (1ـ2) : من يوقف طوفان الإرهاب السلفي؟
-
التوزيع الجديد على النوتة القديمة : هل ستنجح تركيا في هضم كر
...
-
أوجلان : في تركيا هناك ثلاثة قوى متصارعة و إزدواجية صارخة في
...
المزيد.....
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|