الصحافة المستقلة بالمغرب تعيش محنة تذكرنا في جملة من جوانبها بالسنوات الرصاصية سيئة الذكر على لسان المغاربة قاطبة و التي عرفها المغرب بالأمس القريب علما ا، الرأي العام أذانها بشكل واضح لا غبار عليه، لاسيما بعد انكشاف فظاعة الانتهاكات الجسيمة للصفة الإنسانية و لحقوق الإنسان و انفضح الدوس على كرامة الإنسان على امتداد عقود من الزمن.
و الآن هناك جملة من الصحفيين فرض عليهم القبوع وراء الأسوار العالية و خلف القضبان الحديدية السميكة، إما باسم قانون مكافحة الإرهاب أو بتفعيل بطريقة من الطرق الغريبة لقانون الصحافة.
و من ضمن هؤلاء مدير جريدة الحياة المغربية الجهوية الصادرة بمدينة وجدة بشرق المغرب. ففي غضون شهر يوليو 2003 توصلت الضابطة القضائية بأمر قصد البحث في مضمون حوار صحافي أجرته الجريدة المذكورة مع محمد العبادي عضو مجلس الإرشاد لجماعة العدل و الإحسان( التي مرشدها عبد السلام ياسين)، و هو حوار تضمن حسب النيابة العامة مسا بالمقدسات و الاحترام الواجب للملك.
و في هذا الإطار توبع مصطفى مدير الجريدة إضافة لرئيس تحريرها بتهم الإخلال بالاحترام الواجب للملك و المس بالنظام الملكي و التحريض بواسطة مطبوعات على القيام بأعمال من شأنها المس بالسلامة الداخلية للأمن تبعا للفصول 39 و 49 و 67 و 68 من قانون الصحافة.
و قد حضر أكثر من 100 محام لمؤازرة المتهمين، كما حضر الحقوقيون و الصحفيون بكثافة للمحاكمة للتعبير عن سخطهم و استنكارهم للتهم الموجهة إلى الصحفيين المتهمين. إلا أنه في الوقت الذي كان ينتظر فيه الجميع حفظ الملف نطقت المحكمة بحكمها..
ادانت المحكمة الابتدائية بوجدة في بداية نونبر 2003 كل من مصطفى قشنني و محمد العبادي بالسجن لمدة سنتين حبسا نافذا و غرامة مالية قدرها ألف دولار ( 10 آلاف درهم) و على محمد بوطريكي و عبد العزيز جلولي بسنة و نصف و غرامة قدرها 500 دولار (5000 درهم).
و اعتبر الدفاع أن هذا الملف يدخل في إطار التضييق على جماعة العدل و الإحسان، لاسيما و أن الحوار المذكور لا يحتوي على السب أو القذف، اللهم ما اعتبرته النيابة العمة قذفا في حق الملك ( بفتح الميم و كسر اللام أي السلطان) حينما تحدث العبادي عن الملك (بضم الميم و جزم اللام و ليس بفتح الأولى و كسر الثانية) العاص و الجبري، علما أن هذا الوصف متضمنا في أكثر من حديث من الأحاديث النبوية الشريفة المرتبطة بالخلافة و منهاج النبوة.
و قد أكد الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية أن التهم الموجهة لمدير جريدة الحياة المغربية و رفاقه غير محددة و لم تشمل جملا أو كلمات أو فقرات معينة، و إنما كانت من أجل الاستجواب برمته، و قد اعتبر هذا النهج تعسفا بارزا.