|
ما بعد انابوليس..عام جديد .. وخارطة طريق اسرائيلية جديدة
ابراهيم ابو اشرف
الحوار المتمدن-العدد: 2155 - 2008 / 1 / 9 - 11:12
المحور:
القضية الفلسطينية
افتتحت المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ، وكالعادة تكررت لاءات الحكومة الإسرائيلية وزادت مواقفها على الأرض شدة ، فور بدء المفاوضات التي استمر معها الاستيطان وأعلنت عن إقامة 500 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة جبل أبو غنيم "هارحوما" جنوب القدس و 307 وحدة سكنية في شرقها و 240 وحدة سكنية في مستوطنة "معاليه أدوميم" ، مع العلم ان اسرائيل لم تتوقف لحظة واحدة عن النشاطات الاستيطانية منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية وفي الجولان المحتل منذ عام 1967 من خلال بناء المستوطنات أو تسمينها . وفي نهاية المطاف سوف لن يجد المفاوض الفلسطيني ارضا يتم التفاوض عليها . خصومنا من السياسيين والعسكريين الاسرائليين يروجون من خلال الفضائيات ووسائل الاعلام العديدة أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" ضعيف، ولن يستطيع تنفيذ بنود أي اتفاق سلام . ويستخدمون هذا التكتيك للتهرب من استحقاقات التسوية الدائمة التي رسمتها مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ، وما زاد من هذه الاعتقادات الانقسام الفلسطيني الحاصل على الأرض والاقتتال بين حركتي «فتح» و«حماس». أقول لمن يدعي أنه يخشى من أن تمارس إسرائيل والولايات المتحدة ضغوطاً على "أبو مازن" أن يعود إلى الوحدة الوطنية وأن نعيد بناء الوحدة الوطنية فهذا يجعل السلطة أكثر قدرة على الصمود ورفض الاشتراطات الإسرائيلية. وفي الجانب الآخر من الصورة تؤكد ان العملية التفاوضية الجارية بين الجانب الفلسطيني والاسرائيلي هي مفاوضات هشة يمكن ان تتعثر عند اطلاق رصاصة واحدة من الفلسطينين على الاسرائليين في إطار المقاومة المشروعة للإحتلال ، ومقتل الجنديين الاسرائيليين في ضواحي مدينة الخليل "28/12/2007 " من جديد تتذرع اسرائيل بعد نتائج هذه العملية البطولية للمقاومة الفلسطينية وتصر على ما تسميه بمحاربة "الارهاب !!" والفلسطينيون ملزمون بذلك !!وبغير ذلك قد يؤدي الى اخفاق العملية التفاوضية بين الجانبين ، وهى اشتراطات خارطة الطريق الاسرائيلية !!. ولا يمكن ان تستقيم الأمور هكذا الاّ بوقف المفاوضات فوراً منذ إعلان الحكومة الإسرائيلية عن نشاطاتها الاستيطانية ، إلى أن تتوقف بالكامل ، خاصة أن البيان الذي أذاعه الرئيس الأميركي جورج بوش في أنابوليس باسمه وباسم أولمرت وأبو مازن، دعا إلى تنفيذ البند الأول من خريطة الطريق وهذه المرحلة تنص حرفياً على وقف الاستيطان وقفاً كاملاً، وثانياً تفكيك كل البؤر الاستيطانية التي تم بناؤها على ارض الضفة منذ مارس 2001 وصل عددها 127 بؤرة استيطانية ، وتنص المرحلة الأولى أيضا على ضرورة السماح بإعادة فتح كافة المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية. ولكن حكومة أولمرت تتنصل من كل ذلك. ومن جانب آخر تناقلت وسائل الاعلام بما فيها الاسرائيلية عن ان هناك مفاوضات جدية حول حل المشكلة الفلسطينية ، ولكن المفاوضات الحقيقية والجادة لا تدور بين حكومة اؤلمرت والطرف الفلسطيني بل تجريها اسرائيل مع الادارة الأمريكية في واشنطن باللغة الانجليزية وليس بالعربية "صحيفة هآرتس 6/1/ 2008" ويقيناً ان هذه المفاوضات التي تجريها اسرائيل مع "ادارتها" الامريكية ليس حول ايجاد مخرج لحل المشكلة الفلسطينية بل حول مكانة اسرائيل ، التي تطلب موافقة الادارة الامريكية علي فرض قيود على التسوية القادمة لتحدد سيادة الدولة الفلسطينية المنشودة ومن هذه القيود ان تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح وان تكون لاسرائيل حرية التحليق لطيرانها العسكري في المجال الجوي الفلسطيني وان تكون لها رقابة غير مرئية من خلال عناصر الأمن الاسرائيلي "الشاباك" الذين سيجلسون خلف الحواجز الزجاجية أحادية الرؤية على المعابر الحدودية للدولة الفلسطينية وان يتاح لاسرائيل المجال بأن تتحرك بحرية وبدون قيود تكبلها في مناطق الدولة الفلسطينية لمحاربة ما تسميه "الارهاب" . ويمكنني الادعاء انه عندما تأكد لاسرائيل ان الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن اقامة دولتة الوطنية المستقلة والقدس المحتلة عاصمة لها على كامل اراضيه المحتلة عام 1967 وعوده لاجئيه الى ديارهم والذي دفع من أجلها الدم والدموع ، وان المطالب الفلسطينية قد تم استيعابها من طرف اسرائيل ، ناتجة عن واقع جديد الذي اصبح فيه قيام الدولة الفلسطينية أمراً لا مفر منه ، وفي هذا السياق يستدرجني التساؤل التالي : لكن لماذا تجري اسرائيل المفاوضات مع الادارة الامريكية وليس مع الطرف الفلسطيني .. ؟ فالامر يتعلق ببنود لن تطبق من دون الموافقة الفلسطينية . يبدو ان اسرائيل تسعى لترسيخ شروط تتحول الى سياسة دائمة للولايات المتحدة بغض النظر عن هوية الرئيس الامريكي . بهذه الطريقة ان لم يتبنى الفلسطينيون هذه الشروط فسيعتبرون معارضين لسياسة الولايات المتحدة وليس للموقف الاسرائيلي. ومن الناحية الاخرى ان قرر رئيس امريكي جديد في وقت من الاوقات تجاهل هذه المطالب سيعتبر كمن يعارض الموقف الاسرائيلي وليس مؤيداً للفلسطينيين . في نفس الوقت ان نجحت اسرائيل بطرح هذه الامور على جدول أعمال المفاوضات مع الطرف الفلسطيني فستزرع حقل الغام سياسي جديد على صورة قيود متفجرة وهذا سيضاف الى خريطة الطريق التي تعتبر بنفسها طريقاً مليئاً بالعقبات يستحيل اجتيازه . ذلك لأنه اذا كانت اسرائيل تشترط اجراء المفاوضات مع الفلسطينين لتطبيق خريطةالطريق التي تعتبر في جوهرها مكافحة "الارهاب" على يد الفلسطينين ..!! ، فما لها ولطلب حرية الحركة العسكرية لنفسها في المناطق خلال المفاوضات..؟!! ان كانت لا تعتمد على الفلسطينيين في مكافحة "الارهاب " .. !!، فلتلغي تطبيق خريطة الطريقة ولتواصل مكافحة "الارهاب" ..!! بنفسها . لذلك ستتم ازالة حجر عثرة على طريق المفاوضات على الاقل . وان كان من وجهة نظر اسرائيل ان تكون الدولة الفلسطينية المستقبلية منزوعة السلاح تماما ، فكيف ستتمكن الدولة الفلسطينية المنشودة من مكافحة "الارهاب"..؟!! اوليست اسرائيل هي التي سمحت للسلطة الفلسطينية بإدخال عشرات السيارات العسكرية المدرعة بمكافحة ما تسميه "الارهاب"..؟ اوليست هي ايضاً التي اعطت السلاح لقوات الامن التابعة للسلطة الفلسطينية..؟ وما هو معنى وجود المراقبين الاسرائيليين في المعابر من دون ان تكون معايير وجودهم هناك متفقاً عليها..؟ هل سيكون بامكانهم ان يحتجزوا مواطنين فلسطينين للتحقيق معهم؟ وهل سيكون بامكانهم منع اخرين من المرور وحظر دخول الاموال؟ وهل هناك دولة في العالم عموماً تسمح لسلطات دولة اخرى بمراقبة معابرها الحدودية..؟ ومثلما هو الحال في قضية خريطة الطريق ليس من نافل القول ان نسأل ان كانت المفاوضات حول المراقبين الحدودين ستسبق المفاوضات حول القدس او ترسيم الحدود..؟ ان كانت الموافقة على فتح الاجواء الفلسطينية امام الطائرات الاسرائيلية شرطاً مسبقاً للموافقة الاسرائيلية على اخلاء البؤر الاستيطانية ، فالمؤكد ان اسرائيل سوف تقوم بقلب الأوراق التفاوضية مع الجانب الفلسطيني من أجل وضع العقبات أمام المفاوضات للتهرب من استحقاقات التسوية القادمة .
#ابراهيم_ابو_اشرف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انتهت قمة انابوليس ..هل بدأنا الاستعداد لمعركة التفاوض؟!
-
لقاء أنابولس الدولي..واختلاف الرؤى
المزيد.....
-
-رأيت نفسي كجارية جنس-.. CNN تتحدث مع ناجيات من اعتداءات مزع
...
-
أعنف هجوم منذ سقوط الأسد.. قتلى وجرحى بانفجار سيارة مفخخة في
...
-
هل يمكن أن تطبع الجزائر مع إسرائيل؟ - مقابلة مع لوبينيون
-
تحقيق عسكري: فشل خطير في منظومة القبة الحديدية خلال الساعات
...
-
السعودية والإمارات ضمن الخيارات لاستضافة قمة بوتين وترامب
-
أطويلٌ طريقنا أم يطولُ.. نتنياهو يتجنب العبور فوق الدول المم
...
-
مظاهرات ألمانيا الحاشدة ضد اليمين.. أسبابها وخلفياتها!
-
أدلة على فيضان هائل أعاد تشكيل البحر الأبيض المتوسط
-
تأثير غير متوقع لمسكنات ألم شائعة على الذكاء وسرعة التفكير
-
منظومة -غراد- الروسية تستهدف مواقع تمركز القوات الأوكرانية
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|