|
نظرة قانونية في دور المفتش العام و هيئة النزاهة في محاربة الفساد الاداري
محمد كامل الاسدي
الحوار المتمدن-العدد: 2153 - 2008 / 1 / 7 - 11:27
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
هل تقف المادة 136 من قانون العقوبات عائق امام عمل هيئة النزاهة؟ مازال الغموض يشوب دور المفتش العام في محاربة الفساد المالي والاداري في وزارته و كثير ما تتم المطالبة بتفعيل دور المفتش العام وربطه بهيئة النزاهة بدلا من ارتباطه بالوزير مباشرة. رغم انه يتمع بصلاحيات واسعة تجعل دور في منتهى الفاعلية. ان ربط المفتش العام بالوزير و جعله ركنا اساسا من اركان الوزارة ملزم باوقات الداوم الرسمي يجعله على صلة يومية بمجريات الامور في الوزارة و يمكنه من ان يضع يده على الخلل قبل و قوعه من خلال تقديمه طلب للوزير لاصدار وزاري يمنع الصرف لاي سبب كان دون اطلاع و موافقة المفتش العام فالوزير ليس خبيرا بالقوانين المالية والادارية و هو بحاجة الى مشورة قانونية دائمة و يومية للتاكد من سلامة العقود و التجهيزات التي تقوم بها الوزارة. فضلا عن تمكين الوزير من احالة الامور العاجلة الى المفتش العام في الوزارة و طلب رأيه فيها فأذا احتاج الوزير او الوكيل او المدير العام الى مشورة عاجلة يستطيع ان يلجأ مباشرة الى المفتش العام لبيان الرأي . بعكسه عليه توجيه كتاب الى النزاهة او الرقابة المالية و انتظار اسابيع للحصول على اجابة.
ان الصعوبات التي واجهت ديوان الرقابة المالية كونه لا يرتبط بالوزارات مباشرة بل يرسل موظفيه في ايام محددة على امل ان يزودهم احد موظفي الوزارة بمعلومة او يطلعهم على ملف. إن فك ارتباط المفتش العام بالوزارة و ربطه بهيئة النزاهة العامة اي ان يكون موظفا لديها سوف يزيد من صعوبة عمله و يحرمه من اداء دوره لصبح دوره زيارة الوزارة المعنية بدلا من الدوام اليومي فيها على امل ان يزوده احد بمعلومه او يقدم له ملف. و لهذا يشترط قانون المفتشين العموميين ان يكون المفتش العام قانونيا او محاسبا كي يتمكن من اداء عمله و عليه في هذه الحاله اختيار نائب له من الاختصاص الثاني فلو كان قانونيا عليه اختيار محاسب نائب له و العكس صحيح. ان ارتباط المفتش العام بالوزارة لا يمنع النزاهة من احالة قضية اليه بل هي ملزمة بذلك ! فعند قيام النزاهة بالتحقيق في قضية تخص وزارة معنية فهي ملزمة باعلام المفتش العام في هذه الوزارة لتدارك الخلل كما يمكنها احالة القضية الى المحاكم المختصة عندها تصبح النزاهة طرفا في القضية يحظر مندوب عنها جالسات الدعوى كافة كما تقدم طلباتها لهيئة المحكمة و لابد لي اقف عند هذه النقطة لان النزاهة اشتكت كثير من المادة 136 من قانون العقوبات التي تمنع احالة الموظف دون موافقة المرجع الاداري وهذا لبس كبير وقعت فيه النزاهة سببه عدم فهم النزاهة لحقيقة دورها الرقابي . ذلك ان النزاهة تحيل القضية القانونية للمحكمة و لكنها لا تحيل اشخاص بعينهم للمحكمة! فعند قيام النزاهة بجمع الادلة و المستمسكات – و ثبوت الجريمة يمكنها ان تحيل القضية للمحكمة كما يمكنها اعلام المفتش العام بالوزارة لتلافي الخلل. ان هذه المادة 136 اصبحت عائقا امام النزاهة لانها ارادت ان تمارس اختصاصا تنفيذيا اي ان النزاهة ارادت ان تلقي القبض على شخص معين او ان تحبس شخص او ان تستدعي شخص او ان تحيل شخص الى المحكمة و هذا ليس من حقها لانها ليس جهة قضائية فالنزاهة ليست قاضي تحقيق و ليست محكمة و هذا ما نص عليه قانونها القسم الثاني البند ج فقرة 2 ( لا تحتفظ الهئية بصلاحيات ادعائية او تنفيذية في مجال تطبيق القانون و ان تقوم باحالة جميع الادلة عن اعمال الغش و التبذير و اساءة التصرف الى المفتش العام في الوزارة ) فهي لا تستطيع اصدار امر مفاده يحال (س) الوكيل في وزارة معينة الى المحكمة بوجود المادة 136 او عدم وجودها لان النزاهة ليست قاضي تحقيق و ليست محكمة او جهة تتمتع بصلاحيات قضائية او ادعائية كما نص قانونها . ان محققوا النزاهة ليسوا قضاة يتمتعون بصلاحيات سجن او حبس او ....الخ بل ينحصر دورهم بالتحقق من صحة الوقائع المرفوعة او المقدمة لهم عن طريق الوزارات ، او الخط الساخن او اي طريق اخر. كما لابد لها من اعلام المفتش العام في الوزارة المعنية فقد يكون اتخذ اجراء ما او تم معالجة الخلل من قبله. من ناحية اخرى لقد تم تعديل المادة 136 بقانون النزاهة نفسه انظر القسم السادس من قانون مفوضية النزاهة ( يعدل قانون العقوبات 2- باضافة ما يلي الى نهاية المادة 136 اذا كان العمل ينطوي على مخالفة الاحكام المنصوص عليها في الاقسام الفرعية 2 4 أ د من القانون الاساسي الذي تم بموجبه انشاء المفوضية يفقد مرتكب المخالفة فورا وبصورة دائمة اهليته للعمل في وظيفة حكومية او للتعاقد على توفير بضائع و خدمات للحكومة ....) بل تشدد المادة 136 العقوبة على المدان لتجعلها السجن عشرة سنوات او غرامة تصل الى عشرة ملايين دولار او يعادلها بالدنيار العراقي. فالمادة التي تريد النزاهة تعديلها هي في الحقيقة تخدم عملها بل انها عدلت تحديدا لتخدم عمل النزاهة. أن فهم النزاهة لدورها القانوني واستيعابها للنصوص القانونية التي تحدد دورها في محاربة الفساد الاداري و المالي هو حجر الاساس لعملها . و يبدأ ذلك بدراسة القوانين التي تخص عملها بشكل دقيق بدأً من القانون الذي انشاءها: قانون المفوضية العامة للنزاهة، مرورا بقانون العقوبات العراقي، قانون اصول المحاكمات الجزائية – فلايمكن قبول جهل النزاهة لابسط قواعد واسس العمل القانوني بما فيها قانونها- و اصدارها تصريحات بل و اتخاذها اجراءات تتعارض مع ابسط قواعد القانون فكيف يمكن ان يطمئن الناس الى هيئة لا تعرف حتى ما جاء في قانونها.
#محمد_كامل_الاسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفساد قوانين ام تشهير؟!
المزيد.....
-
دول تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو وزعيم أوروبي يدعوه لزيارت
...
-
قيادي بحماس: هكذا تمنع إسرائيل إغاثة غزة
-
مذكرتا اعتقال نتنياهو وغالانت.. إسرائيل تتخبط
-
كيف -أفلت- الأسد من المحكمة الجنائية الدولية؟
-
حماس تدعو للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لجلب نتنياهو و
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي يوقف الاعتقالات الإدارية بحق المستوطن
...
-
133 عقوبة إعدام في شهر.. تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في إيرا
...
-
بعد مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت.. سيناتور جمهوري يوجه تحذي
...
-
قادة من العالم يؤيدون قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الا
...
-
معظم الدول تؤيد قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الاحتلال
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|