أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نزار حيدر - الخلافات المرجعية ... مقترح حل















المزيد.....


الخلافات المرجعية ... مقترح حل


نزار حيدر

الحوار المتمدن-العدد: 666 - 2003 / 11 / 28 - 04:32
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


ليس من مصلحة أحد في العراق ، أن ننكر وجود الخلافات ، وليس من المصلحة أن نسعى لترحيلها إلى أجل غير معلوم ، أو الفرار منها ، وذلك لسببين ؛
أولا ـ ليس المشكلة في أصل الخلاف ، وإنما في طريقة ألتعامل معه ، فالخلاف سنة من سنن الله تعالى ، كما في قوله عز وجل ؛ ـ ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين ، إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ـ ، فلا يمكن للبشر أن يلغي الخلاف أو يضع له حدا أبدا ، لان الحياة لا تتطور من دون الخلاف ، كما أن الناس لا يمكن لهم أن يميزوا الأفضل والأحسن من كل شئ، من دونه .
ثانيا ؛ ـ إن من الخلاف ما إذا رحلته إلى أجل غير معلوم ، ورفضت التعامل معه ، أو حاولت التغاضي عنه وتجاهله ، أو نفيه ، فسوف يتطور إلى الأسوأ ، ولذلك فإن من المهم جدا أن نعرف متى نتعامل مع الخلاف ، وكيف ؟ فلا يكفي أن تبذل جهدك لتشخيص الخلاف ونوعه فحسب ، بل يلزم أن تختار التوقيت الأسلم للتعامل معه  بكل دقة ، ليس قبل أوانه ، ولا بعد فوات الأوان ، حتى لا ينفجر قنبلة مدمرة ، أو يتسع فتفلت الحلول من بين أيدينا ، وأحيانا يستولي عليه المتربصون ، فيفرضوا علينا من الحلول ما قد نعتقده خطرا يهدد الكيان بأكمله .
لقد ورث العراقيون خلافات كثيرة ، سببها النظام الشمولي البائد ، الذي سلبهم إرادة الحوار والنقاش والجدال بالتي هي أحسن ، كما سلبهم فرص الحل في أجواء مفتوحة ، صحية وهادئة ، بعد أن فرض عليهم العمل السري والتفكير السري على كل المستويات ، ولذلك تراكمت بعض الخلافات حتى تضخمت وتحولت إلى قنابل موقوتة ، وتعقدت أخرى ، كاد المعنيون أن لا يجدوا لها طريقا للحوار بالمنطق، لحلها .
إن محاولات نفي الخلاف ، ورفض الحديث عنه ، لا يحل المشاكل ، ولا يلغيها ، قد نهنأ لبعض الوقت ،إلا أن المشكلة تبقى تتربص بنا الدوائر لتنفجر بوجهنا لحظة يشاء الآخرون ، وكل هذا ليس من مصلحة أحد أبدا .
 هذا ، فضلا عن أن الجميع يعرف جيدا حقيقة الخلافات وعمقها وأسبابها ، فلماذا ننكرها ؟ وعلى من نخفيها ؟ والى متى نظل ندور حولها ولا نقتحم غمارها ؟ إما خوفا أو تهربا ؟ .
لماذا لا نتحلى بالشجاعة فنقتحم المناطق المحظورة ونتحدث بصوت مرتفع في مشاكلنا
وخلافاتنا وعن كل ما يمس الشأن العام من قريب أو بعيد ، بحثا عن الحلول المناسبة ؟ .
قد نتصور أن التغطية على الخلاف وإخفائه عن أعين الناس ، يزيدنا رصيدا عند الآخرين ، أو ربما يزيدنا قدسية عند الأتباع ، وهذا خطأ فاضح لا يرتكبه العقلاء عادة ، بل على العكس ، فان القدرة على تشخيص الخلاف وأسبابه ، وتحديد الحلول المناسبة ، والتحدث فيه إلى الناس ، هو الذي يكبرنا في عيونهم ،  لان إثبات الوجود والقدرة على الإدارة والنجاح بامتياز في القيادة، تحققه لنا شجاعتنا في الحديث عن الخلاف ، وجرأتنا في تشخيص الحل وممارسته للوصول إلى نتائج أفضل ، وليس في فن الإخفاء .
لقد ظلت ساحتنا الحزبية والاجتماعية تعيش ظاهرة الانشقاقات بدرجة امتياز ، بالتزامن مع حديث القادة عن الوحدة ونفي الخلافات الداخلية ، فماذا يعني ذلك ؟ ، وإذا كانت العلاقات الداخلية سمن على عسل دائما ، كما يدعي المعنيون ، فلماذا ، يا ترى ، أصبنا بهذا المرض العضال ، الذي هدد صدقيتنا بالصميم ، وأفقدنا تأييد الناس وإيمانهم بما نقول وندعي ، وكفرهم بمشاريعنا ، و ... شخوصنا في أغلب الاحيان ؟ .
ومن وحي التجربة ، أود هنا أن أنقل تجربتي الشخصية مع الخلاف الكردي ـ الكردي ، الذي تفجر معارك دامية بين فصائل التيار الكردي في التسعينيات خاصة ، والذي كان لي وقتها شرف المساهمة في إنهائه ، عندما ساهمت في لجنة فك الاشتباك مرة ، وفي لجنة تبادل أسرى الفصائل المتقاتلة ، مرة أخرى .
 بدءا ، حاول زعماء الكرد إنكار وجود أي خلاف فيما بينهم ، وكلما كان يتفجر معارك دامية ، كانوا ينأون بأنفسهم عنها ، ويلومون الآخرين ، كما كانوا يسارعون للرد على وسائل الإعلام التي كانوا يتهمونها بالتعمد في تضخيم المشاكل والتقول والكذب ، ولذلك كانت المعارك تتكرر بين الفرقاء من دون حل أو نتيجة .
ولم تنته تلك المعارك، إلا عندما صمم عقلاء القوم على الاعتراف أولا بوجود الخلاف وأسبابه الحقيقية ، والسعي ، من ثم ، إلى الخوض فيه، بشفافية وواقعية ،  لتحديده بدقة وعدم تجاهله أو الالتفاف عليه ، ثم البدء بالتعامل معه كأمر واقع ، والانتقال أخيرا ، إلى البحث في الخطوات العملية لإنهائه أو على الأقل لتخفيف آثاره السلبية ، من خلال وضع آليات للتعايش الايجابي مع كل خلاف قائم بين الفرقاء .
إنها تجربة تستحق أن نتوقف عندها ، فهي تعلم كل ذي بصيرة كيف يتعامل مع الخلاف ، من دون التوسل بمحاولات إنكاره أو التغطية عليه ، أو ترحيله إلى أجل غير معلوم ، أو الفرار منه ، أو حتى التوسل بالكذب لخداع أنصاره ومريديه الذين تراهم في أكثر الأحيان ، يعرفون عن خفايا الخلافات أكثر مما يعرفه المعنيون ، وإذا رأيناهم يسكتون أو يتغابون بعض الوقت ، أو لا يواجهون رؤساءهم بخلافاتهم ومخاطر الاسترسال معها ، فلأنهم يحترمون ويقدرون الموقف ، ولذلك يمنحونهم الفرصة تلو الفرصة بانتظار أن يبادروا إلى التحدث عنها بشفافية ومكاشفة صريحة ، وبالتالي لحلها بالتي هي أحسن ، قبل أن تنفجر بوجه الجميع ، في الوقت الذي يكون فيه الخطيب العبقري مشغولا بالحديث عن الوحدة وأهميتها ، متفلسفا بذكر مقوماتها ونماذجها التاريخية ، باذلا كل جهوده اللغوية وبراعته الأدبية في نفي الخلاف والتهجم على من يقول به ، وسب واتهام من يتحدث عنه ويخوض في أموره .
إذا حذرته من مخاطر الخلاف ، والتهرب من الخوض فيه ، أجابك بالقول ، سحابة صيف عن قريب تقشع ، وإذا انفجر ليصيب الناس في مقاتلهم ، أجابك بقوله ، اتسع الخرق على الراقع .
 إنها بالتأكيد طريقة سيئة في التعامل مع عقول الناس ، أليس كذلك ؟ إنه الاستخفاف بالعقل وبالإنسان خليفة الله في أرضه .
واحدة من الخلافات الموجودة اليوم في العراق ، هي الخلافات بين المرجعيات الدينية ، وأخص  بالذكر، الشيعية منها ، وليس في ذلك ضير أو عيب لان ـ اختلاف أمتي رحمة ـ كما ورد عن رسول الله ـ ص ـ ، ولولاه لما تمكنت المرجعية الدينية الشيعية أن تحافظ على قوتها الذاتية بالرغم من قساوة الضربات التي تلقتها من النظام الشمولي البائد ، إنها الاجتهاد بعينه الذي حافظ على العطاء المتواصل للمرجعية ، إنما العيب كل العيب ، عندما تحاول هذه المرجعيات أو بطانتها ، التستر على الخلاف ، وعدم الحديث عنه ،أو فيه ، والفرار منه ، بانتظار أن ينفجر ، وتصوير العلاقة فيما بينها وكأنها في شهر عسل طوال أيام السنة ، وهي التي لم تلتق لتتحدث في شؤونها وقضايا الأمة ، إلا صدفة ، عندما يجمعهم مجلس فاتحة مثلا ، وهذا ما يقلل من شأنها عند الناس ، خاصة عندما تتفجر بعض خلافاتها على شكل صدام مسلح أو فتوى دينية أو ما أشبه ، فترى الناس حيارى لا يعرفون  من يصدقون،أحديث النفي؟ أم منظر الدم المسفوك ظلما وعدوانا ؟ .
إلى متى تريد المرجعيات أن تتلفع بالسكوت عن خلافاتها ، وتستمر في القطيعة فيما بينها إلا بمقدار المجاملة ، ولا تبادر للبحث بصورة جدية وحاسمة ، في آلية للاجتماع واللقاء والتشاور ، من أجل إيجاد آليات حقيقية أكثر واقعية للتعامل مع خلافاتها ؟ .
أليس من الأسلم للمرجعية الدينية ولمقلديها وأنصارها ، ومن مصلحة الدين وأهله ، أن يجري الحديث عن هذا النوع من الخلافات ، وبصوت مرتفع ، وترك أسلوب التغطية والإنكار والتعمية ، فإلى متى ؟ و، ثم ماذا ؟ ، هل يريدون أن ينتظر الناس حتى تتفجر هذه الخلافات فتاوى دينية تحلل ذبح الآخر وقتل الخصم ؟ .
أقولها، وبصراحة ، فلقد عانت الأمة كثيرا من الخلافات المرجعية ، وعلى مر التاريخ ، بسبب رفض المرجعية التداول في شؤون خلافاتها بروح رياضية وبشفافية وبصراحة ، من دون خوف أو وجل ، والفرار منها في كل مرة، لتقع في الأخطر منها والأسوأ ، وتقاعسها في إيجاد الوسائل المناسبة للتعامل أو التعايش معها ، ولذلك تضخمت في كل مرة ، ولم تنته إلا بأسوأ وأقبح النتائج ،وبضحايا كثيرون ، بين قتلى ومرتدين عن الدين أو عن التقليد .
 والمشكلة ، هي أن الخلاف المرجعي اخطر من أي خلاف آخر، لأنه يتلفع بالدين ويمارس باسم الله وباسم رسوله ، ولذلك فان الاسترسال معه ، ومحاولة تجاوزه بالموقف السلبي ، أو السعي لإنكاره،وترحيله وتركه حتى يتسع ويتضخم،أمر خطير،لا اعتقد أن الله تعالى يقبل به أبدا .
 والغريب في الأمر ، والضريف في آن واحد ، هو أننا مستعدون للحديث عن الخلافات التاريخية والماضية على مدار الساعة ، ولكننا نهرب من الخوض في خلافاتنا الحاضرة حتى لحظة واحدة ، إلا اللهم عن طريق الفتوى وعبر وسائل الإعلام ، لماذا ؟ أليس ذلك هو التهرب من المسؤولية والواقع والحقيقة بعينه ؟ .
يلزم أن لا نتعامل مع الخلاف كتهمة فنخطط للهرب منها ، بل يلزم أن نتعامل معه كطبيعة بشرية وكحالة صحية ما لم يطفح كيله ويتحول إلى مشكلة أو صراع ، وذلك يتطلب منا أن نلغي صفة القدسية عن كل البشر ، مرجعا كان أم مقلدا حتى  نمارس حقنا في الحوار والسؤال والاستفسار و ...المساءلة ، كما يجب أن نتذكر  دائما حقيقة لا يجوز أن نغفل عنها ، وهي أن كل خلاف اليوم، هو خلاف سياسي في حقيقة أمره وليس دينيا صرفا ، إذ لا علاقة بالدين في جل هذا النوع من الخلافات،وإنما تحكمها المصالح ، التي عادة ما تكون هي السبب وهي المنطلق والمعتمد ، وان حاول المتورطون فيه تلبيسه زي الدين أو إضفاء طابع القدسية عليه .
 إذا أخذنا بنظر الاعتبار هذه البديهيات الثلاث بنظر الاعتبار ، فسنبدأ بالتفكير والتعامل مع أي خلاف ومنه المرجعي بشكل سليم وبطريقة صحيحة وطبيعية.
إن من المشاكل ما لا يمكن حلها بسياسة تبويس اللحى ، وان منها ما يحتاج إلى شجاعة كافية لمواجهة الواقع ، لحلها ، أو على الأقل للتعايش معها بما يحافظ على ضبطها في إطارها ، فلقد حاول مثلا حزب الله وحركة أمل في لبنان في الثمانينيات من القرن الماضي، أن تجربا مثل هذه الحلول ففشلتا فشلا ذريعا ، عندما حاولتا تجاهل خلافاتهما، الحقيقية والواقعية ، فتطورت إلى  درجة أنها تفجرت صراعا دمويا مؤلما ومخجلا في نفس الوقت ، راح ضحيته المواطن اللبناني الذي كان يقتل بصواريخ وقذائف احد الطرفين خطأ في أغلب الأحيان ، عندما كان يطلق مرتزقة الطرفين صواريخهم بشكل عشوائي ،ومن دون تحديد الهدف ، الغائب في الأصل .
وكلنا يتذكر محاولات توسط الإيرانيين وقتها ، لحل خلافات الطرفين بالمخادعة ، من دون المس بأصل أسباب الخلاف ، ولذلك كانت تتفجر اقتتالا دمويا بعيد كل اجتماع مصالحة يعقده الوسيط الإيراني بحضور مندوبي الطرفين،حتى قبل أن يستقل طائرته، أو وهو في الجو، عائدا إلى طهران ، ليؤمر بالعودة ثانية من حيث أتى ليعيد الكرة مرة ثانية وثالثة ، وهكذا دواليك من دون نتيجة ملموسة.
 ولا زالت ذاكرتي تحتفظ بصورة تلك العائلة اللبنانية المسكينة التي أصيبت بصاروخ أطلقه حزب الله على منزلها في الضاحية الجنوبية فقتل جميع أفرادها السبعة ، وأتذكر جيدا أن العنصر الحزبي لم ينس وقتها أن يصرخ بشعار ـ يا مهدي ـ قبل أن يضغط على زناد القاذفة، ربما ليتقرب أكثر إلى الله زلفى في قتل الأبرياء .
لقد آن الأوان لنتحدث عن كل خلافاتنا وبصوت مرتفع وبروح المسؤولية والحرص وبوعي واقعي بعيدا عن الفلسفة والتنظير ، لان الظرف الذي يمر به العراق اليوم ، يتطلب منا جميعا أن نتصرف ونتحدث بحكمة وعقلانية ونتعامل بمسؤولية مع الواقع ، وعدم بذل الجهد لتجاوزه أو إنكاره بأي شكل من الأشكال ، فالمراوغة لا تجدي نفعا ، وان التستر على الخلاف لا يفيد إلا أعداء العراق ، وان التعامل معه كما تتعامل النعامة مع الخطر الذي يداهمها لا يلغيه أو يطرد شبحه المخيف والمرعب أبدا .
 وان المرجعية تتحمل المسؤولية الأكبر من بين الجميع ، لأنها تصدت لأخطر المسؤوليات وتبوأت أعظم المواقع ، يلزمها أن تثبت جدارتها وقدرتها وكفاءتها لما تصدت إليه ، فلا يجوز لها أن تتهاون في حل خلافاتها أو ترحيلها ، ما يعني بشكل أو بآخر التهرب منها وتأجيل المشكلة وليس حلها ، ربما إلى وقت سوف لا تجد فيه الفرصة مناسبة للتعامل معها .
 وبهذا الشأن بالذات ، أود أن أقدم المقترح التالي كآلية أراها مناسبة لاستيعاب الخلافات المرجعية من جانب ، ولتفعيل انسجام وتفاعل ودور المرجعية الدينية من جانب آخر ، وذلك من خلال تشكيل ما كان يطلق عليه المجدد الثاني الإمام الراحل السيد محمد الشيرازي ـ قدس سره ـ اسم، مجلس شورى الفقهاء، كمرجع أعلى لإدارة شؤون المرجعية ، يمكن من خلاله استيعاب الخلافات وصهرها ، وصولا إلى حلها بالتي هي أحسن .
إن إستفراد أية مرجعية بشؤون الأمة يعرض الاثنين للخطر ، كما أن الاستحواذ والاستبداد بالرأي ، هو الآخر يعرض الجميع للخطر ، إذ لا أحد بإمكانه أن يدعي إمتلاك الحقيقة أو الشرعية أو الحق والحقيقة بالمطلق ، ولا أحد بإمكانه الادعاء بأنه يمتلك كل الشارع ورأيه وناصيته ، والذي ينقسم في الموقف والولاء،كما هو معروف، بشكل لا يقبل الجدل .
 أعتقد أن من المناسب الآن أن تبادر المرجعية الدينية إلى تشكيل وتأسيس ، مجلس شورى الفقهاء ، يكون المرجع الأعلى للقضايا الاستراتيجية والحساسة والمصيرية ، خاصة تلك المختلف عليها والتي تخص الشأن العام ، وأقترح هنا تشكيل المجلس ، بادئ ذي بدء ، من المرجعيات الدينية التالية ، وهي ؛
 السيد علي السيستاني
السيد صادق الشيرازي
 السيد محمد سعيد الحكيم
السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر
على أن يسعى المجلس ، لاستيعاب بقية المرجعيات الدينية ، الشيعية منها والسنية ، في وقت لاحق ، مع تأجيل ضم المرجعيات الحزبية الصغيرة إلى هذا المجلس ، لكونها تتمحور حول نفسها وذاتها وأحزابها ، أكثر من تمحورها حول العراق ، كقضية وكشعب .
 إن  المقترح ينطلق من الحقائق الواقعية التالية ؛
أولا ؛ ـ لما تتمتع به هذه المرجعيات من استقلالية في التفكير والقرار ، فقد عرف عنها ، عدم خضوعها للهيمنة والإشراف من أي طرف أو قوة أو جهة ، داخلية كانت أم خارجية ، ما يمكنها من أداء دورها بشكل صحيح .
 كذلك ، ما تتمتع به من علم وتواضع وحكمة واعتدال وسعة صدر وحرص على الصالح العام وروح وطنية تؤمن وتميل إلى التعددية والشورى واحترام الرأي الآخر .
 ثانيا ؛ ـ إن كل واحدة من هذه المرجعيات يمثل تيارا مهما في الأمة ، لا يمكن تجاوزه ، ولذلك ، فان ضم المجلس لهذه المرجعيات الأربع ، سيستوعب الأغلبية الساحقة من الساحة ، بتياراتها المستقلة إلى جانب ما تمثله من توجهات سياسية وفكرية واجتماعية واسعة .
 ثالثا ؛ ـ لا يأخذ الاقتراح بنظر الاعتبار حجم التقليد الذي تتمتع به كل مرجعية فحسب، لان الدور المطلوب من المرجعية الدينية اليوم ، لا ينحصر في فتاوى التقليد ، وإنما يتسع ليشمل مساحة كل القضايا وعلى مختلف الأصعدة ، ما يعني قدرة كل واحدة من هذه المرجعيات ، على الإدلاء برأيها في كل قضية قابلة للنقاش والبحث ، قبل اتخاذ أحسن المواقف والقرارات وأسلمها ، من خلال توظيف التجربة والخبرة والدراية والحنكة السياسية التي تمتلكها وتتمتع بها كل واحدة من هذه المرجعيات الأربع .
إنه يأخذ بنظر الاعتبار ما تمثل كل مرجعية من واقع اجتماعي وسياسي في الساحة ، وبما تمثل من تيار فكري وثقافي في العراق ، يمكن أن تكون باجتماعها إلى بعضها ، مرجعا فريدا من نوعه في الساحة ، يكمل بعضها ما يفتقر إليه البعض الآخر ، فإذا كان بين اثنين منهما خلافا أو اختلافا مستعصيا،فيمكن لثالثتهما أن تكون بيضة ألقبان لحلها .
 بعبارة أخرى ، فان لكل من هذه المرجعيات الأربع ، خصوصية تساعد في تكامل المشروع ، تفتقر إليها الأخرى ، وبذلك نكون قد ضمنا تحقيق الحد الأدنى من تكاملية المشروع ، والذي سيوفر بهذه الحالة ، عقلانية وتوازنا في العلاقة ، لا يمكن بدونها نجاح أي مشروع يستهدف التوحيد والجمع والتنسيق والتشاور وأخيرا، البحث في الخلاف .
رابعا ؛ ـ بالنسبة إلى المرجعية الرابعة ، التي غيبت عن الساحة باغتيال رمزها الشهيد الصدر الثاني عام 1999 ، اقترح أن يمثلها في المجلس ، آية الله الشيخ محمد اليعقوبي ، المعروف عنه بقربه من الشهيد الصدر الثاني أيام حياته الشريفة ، فقد كان من حوارييه الذين يعتمد عليهم ويثق بهم ، فضلا عن كونه يتمتع بالكفاءة العلمية والفقهية التي تشهد له بذلك الحوزة العلمية وعلماءها وفقهاءها في النجف الاشرف ،  بالإضافة إلى ما يتميز به من أخلاق فاضلة وحكمة نادرة وبيانا واضحا وعلاقات حسنة مع مختلف الأطراف المؤثرة ، سواء في صفوف الحوزة العلمية ، أو في الساحة السياسية .
كذلك ، فانه يتمتع بعلاقات طيبة مع السيد مقتدى الصدر المتصدي حاليا لقيادة ارث والده ، الشهيد الصدر الثاني ، الذي يطلق عليه اسم ـ تيار الصدر الثاني ـ والذي كان قد زار الشيخ في منزله بعيد سقوط نظام الطاغية المعزول صدام حسين ، يستجيزه في التصرف بأموال الحقوق التي تركها والده بعد استشهاده ، كما زاره قبل أيام لاستشارته في قضايا أخرى تهم العمل الإسلامي في العراق .
 إن ذلك وغيره الكثير ، يؤهل الشيخ اليعقوبي ـ بنظري ـ إلى أن يشارك في المشروع المقترح كممثل لمرجعية الشهيد الصدر الثاني ، والتي تتمتع ، كما هو معروف ، بحضور واسع ومؤثر في الساحة العراقية .
أتمنى على المرجعيات ، ومن يهمه الأمر والمعنيين كافة ، أن يدرسوا هذا المقترح بأقرب فرصة ممكنة ، للأخذ به بعد تطويره ، من دون تشنج أو أحكام مسبقة أو مواقف تاريخية سلبية ، أو اعتزاز بالنفس ، أو غرور أو تكبر، وذلك قبل فوات الأوان ، فالعراقيون، المشدودة عيونهم صوب المرجعية الدينية ، مقبلون على تطورات معقدة ، تستدعي من المرجعية الدينية على وجه الخصوص ، التعاون على حمل الأمانة والمسؤولية ، من خلال الاتفاق على الحد الأدنى في الرأي والموقف ، عبر التزاور والتشاور والانسجام واجتماع عقولها وإمكانياتها وخبراتها إلى بعضها ، ليأتي أداءها في الساحة الأول والأفضل والأحسن دائما ، لان ـ من شاور الرجال ، شاركها عقولها ـ كما يقول الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ الذي يقول كذلك ـ من استبد برأيه هلك ـ .



#نزار_حيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إذا عاد الزمن العراقي إلى الوراء
- ألإمام علي ... نهج الديمقراطية
- شكرا ... مقتدى الصدر
- حوار عبر الأثير
- دفاعا عن الديمقراطية
- بعض المثلث ... اسود
- ليس قبل استقرار حكومة دستورية منتخبة ... يتم انتقال السلطة ف ...
- مـن هنـا نبدأ
- بيت العرب ... بيت العنكبوت
- العراق... بين مخاطر الماضي وتحديات الحاضر وآفاق المستقبل
- دستور جديد .. لعراق جديد
- مع التحية ... الى مجلس الحكم


المزيد.....




- بوتين يكشف عن معلومات جديدة بخصوص الصاروخ -أوريشنيك-
- هجوم روسي على سومي يسفر عن مقتل شخصين وإصابة 12 آخرين
- طالب نرويجي خلف القضبان بتهمة التجسس على أمريكا لصالح روسيا ...
- -حزب الله-: اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية مع ال ...
- لبنان.. مقتل مدير مستشفى -دار الأمل- الجامعي وعدد من الأشخاص ...
- بعد 4 أشهر من الفضيحة.. وزيرة الخارجية الألمانية تعلن طلاقها ...
- مدفيديف حول استخدام الأسلحة النووية: لا يوجد أشخاص مجانين في ...
- -نيويورك تايمز- عن مسؤولين: شروط وقف إطلاق النار المقترح بين ...
- بايدن وماكرون يبحثان جهود وقف إطلاق النار في لبنان
- الكويت.. الداخلية تنفي شائعات بشأن الجنسية


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نزار حيدر - الخلافات المرجعية ... مقترح حل